آخر الاخبار
الشيخ حميد الأحمر: لم يعد أمام اليمنيين متسع للصبر
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 23 يوماً
الإثنين 30 أغسطس-آب 2010 02:29 م

مأرب برس – الشارع - حوار: نائف حسان ومحمد عايش

 أجرت صحيفة الشارع حواراً مطولاً مع الشيخ حميد الأحمر أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وعضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح، ناقش فيه قضايا الحوار مع السلطة، والحراك، والحوثيين، والوضع العام في البلد.

يحضر الشيخ حميد الأحمر بقوة في المشهد السياسي. فإلى الثقل القبلي؛ يستند الرجل على تُقل مالي أكسب حركته السياسية مرونة كبيرة. وخلال السنوات الماضية؛ فرض نفسه كلاعب سياسي مهم. الأربعاء قبل الماضي؛ ناقشت معه "الشارع" جملة من القضايا، تجدونها في هذا الحوار.

 * نبدأ من تفجر الأزمة الأخيرة بينكم وبين المؤتمر بشأن لجنة الانتخابات، رغم مضيكم في عملية الحوار مع المؤتمر، بعد اتفاق 17 يوليو، الذي تم بموجبه تشكيل لجنة للحوار مكونة من 100 شخص للمؤتمر وحلفائه، وذات العدد لـ"المشترك" وشركائه.. وتم، بعد ذلك، اختيار لجنة مصغرة، مكونة من 30 شخصاً، بالمناصفة أيضاً.. كيف تطور الخلاف الحالي مع الحزب الحاكم حول لجنة الانتخابات؟ وإلى أين وصل؟

- نحن تفاجأنا؛ عندما سمعنا، كما سمع غيرنا، بأن اللجنة العليا للانتخابات تُعد جداول زمنية [وتُرتب] لبعض الخطوات.. في الحقيقة؛ نحن تفاجأنا بذلك؛ لأن تشكيل هذه اللجنة يجب أن يكون بشكل مشترك؛ تنفيذا لاتفاق فبراير، الذي من مستوجبات احترامه ألا يتم الاستمرار في الأخطاء السابقة، وهي السير المنفرد في إدارة العملية الانتخابية، بشكل أحادي، يفقدها معناها ومصداقيتها.. وهو الأمر الذي أحدث الانسدادات السياسية بعد عام 2006، وهدد بانتهاء أهم مظهر من مظاهر الديمقراطية، وهو الممارسة الديمقراطية الانتخابية، من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة.

كان السير في انتخابات عام 2009، دون الإعداد الحقيقي لانتخابات حرة ونزيهة، يُنذر بأن الانتخابات ستكون مفرغة من معناها، وسيترتب عليها نتاج غير شرعي يُدخل البلد في فراغ دستوري حقيقي، وهو ما دفع بالأطراف السياسية إلى أن تتوافق على تأجيل الانتخابات لعامين. ما الذي يعنيه تأجيل الانتخابات لعامين؟ بالنسبة للمعارضة؛ قبلت أن يُمدد للحاكم عامين. الحاكم لديه أغلبية بنحو 240 أو 230 مقعداً في البرلمان؛ لهذا فالتمديد لم يتم للمعارضة، بل للسلطة. ما هو الشيء الذي كانت ترجوه المعارضة من وراء هذه الموافقة على التمديد؟ كانت محاولة صادقة وجادة لأن تقوم السلطة بإعادة الروح للعملية الديمقراطية، من خلال احترام متطلبات العملية الانتخابية؛ من نزاهة، ومن حيادية في الإدارة، وإزالة الشوائب، التي كانت واضحة في العمليات الانتخابية السابقة.. كان هذا هو الأصل في اتفاق فبراير، مع المضامين الأخرى التي تضمنها الاتفاق، والتي كانت تُلامس الواقع. اليمن يواجه اليوم مشكلات كبيرة تحتاج إلى أن يجتمع أبناؤه في حوار جاد وصادق لتداول أوضاعه بصدق، وبقرارات تكون قادرة على أن تتجاوز البلاد مشكلاتها.. فأن تقوم السلطة بذلك الإعلان، بشأن اللجنة العليا للانتخابات، فهذا تكريس للإشكال نفسه: إدارة أحادية، غير نزيهة وغير كفؤة، للعملية الانتخابية، تجعل منها مسرحية ممجوجة لا يُمكن أن تُلبي طموحات أبناء اليمن، ولا يُمكن أن تقبل منظومة المعارضة في البلاد المشاركة في هذه المسرحية، التي لا معنى لها ولا اعتبار لنتائجها، وتتناقض مع اتفاق فبراير، الذي تم بموجبه تأجيل الانتخابات. لا اعتبار لأية خطوة انتخابية إلا بالتوافق بين أطرافها، ولجنة الانتخابات الحالية هي لجنة تتبع المؤتمر.

  

* الأسبوع الماضي؛ تصاعد هذا الخلاف؛ إذ هاجمت وسائل إعلام الحزب الحاكم الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، رئيس المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك.. وقد رددتم أنتم على ذلك، وبدا الأمر كما لو أن هناك حالة من التصعيد المتبادل بينكم وبين المؤتمر.. إلى أي مدى سيُؤثر هذا التصعيد على مسار الحوار..؟ وإلى أين وصل الحوار؟

- نحن أعلنا، في الثاني من يونيو، في اللقاء السنوي للجنة التحضيرية للحوار الممثلة للمشترك وحلفائه، أننا سنمضي في العملية الحوارية لمحاولة إحداث إجماع وطني يُحاول أن يُلبي طموحات أبناء المجتمع في تغيير واقعهم إلى ما هو أفضل، وقلنا إننا سنبذل كل ما نستطيعه من الجهود لتكون السلطة ضمن هذا الإجماع الوطني، [وكي] تدخل مع الجميع في حوار وطني جاد وصادق وشامل. وبالتالي؛ باركت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، وساندت، التوقيع الذي تم بين "المشترك"، ممثلاً لنفسه وشركائه، وبين المؤتمر وحلفائه. كان ذلك في بدء العملية الحوارية، التي تأتي أيضاً كتنفيذ لاتفاق فبراير، الذي وُقع بين الجانبين. تنفيذ هذا الحوار يعتمد على مدى الجدية والحرص الذي تُبديه أطراف الحوار. نحن لم ندخل في هذا الحوار لحل مشكلة أحزاب المعارضة أو مشكلة السلطة، بل لحل مشاكل اليمن. ومشاكل اليمن لن تُحل إلا بإعادة الأمور إلى نصابها، وبأن نحترم نضالات أبناء اليمن، وفي مقدمة ذلك ثورتا سبتمبر وأكتوبر ووحدة 22 مايو المباركة، التي أسست لنظام ديمقراطي تعددي حر ونزيه ومتكافئ، وتداول حقيقي للسلطة، ومواطنة متساوية، وحرية فكرية.. وهو ما تم السير على خلافه، واستمرار مثل هذا النهج من قبل الإخوة في السلطة سيُعيق أية عملية حوارية معها..

* [مقاطعاً] أنت قلت الآن كلاماً عاماً يسمعه اليمنيون بشكل دائم.. نحن نسألكم: ما هي مطالب المعارضة من طاولة الحوار؟ ما الذي تريد المعارضة تحقيقه من الحوار؟ الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية، والمواطنة المتساوية.. هذه أمور جيدة، لكن ما هي الخطوات الإجرائية والفعلية لتحقيق ذلك..؟ هل بالإمكان أن نسمع منك نقاطاً محددة وواضحة حول هذا الأمر؟

- أنا أُحيلك في هذا الأمر إلى رؤية الإنقاذ الوطني الصادرة عن اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، والتي شخصت الأوضاع في اليمن تشخيصاً دقيقاً وصادقاً لم يستطع أحد أن يفنده أو يقول عنه إنه تشخيص غير سليم؛ بعيداً عن التهجمات المعتادة من قبل السلطة على أي جهد وطني. هذا التشخيص كان واضحاً: أننا نُعاني في اليمن من شخصنة الدولة، وأننا بحاجة إلى خطوات حقيقية لإعادة مؤسسيتها، وأننا بسبب هذا الأداء المشخصن للدولة خُلقت أمامنا مجموعة من الأزمات، في مقدمتها، وعلى رأسها، التداعيات المرتبطة بالقضية الجنوبية، والحروب المتكررة في صعدة، والأوضاع الاقتصادية الخانقة، والأزمة السياسية التي أوصلت الأداء السياسي إلى حالة انسداد كبير.. نحتاج، جميعاً، أن نخرج من هذه الأزمات..

* [مقاطعاً] ما هي مقترحاتكم...

- [مقاطعاً] الحوار.. سيجتمع فيه كل الفرقاء ليقولوا: الوطن مقدم علينا جميعاً. أنت يا أخي الذي تتحارب مع السلطة في منطقة من المناطق؛ ضع وجهة نظرك على أبناء اليمن، والسلطة تضع وجهة نظرها.. ونرى ما هي الأسباب التي أدت إلى أن يُسفك الدم اليمني بهذا الشكل، بالتالي نرى كيف يُمكن معالجة ذلك. أنت يا من خرجت تُنادي بفك الارتباط بعد أن قاتلت من أجل الوحدة؛ ما الذي جعلك تكفر بما آمنت به؟ ما هي المعالجات التي يجب أن نتخذها كي نعيد اللحمة الحقيقية، وهي وحدة المشاعر بين أبناء اليمن؟ لماذا وصل الاقتصاد اليمني إلى مثل هذا التردي؟ يا أخي يُلقى اللوم أحياناً، خلال الحديث عن تردٍّ اقتصادي أو أمني، بالقول بأن هناك انتخابات أنتجت برلمانات لا أغلبية فيها لأحد، تستطيع أن تحسم في اتخاذ القرار، وبالتالي المنظومة السياسية لا يوجد فيها من يمتلك القدرة على اتخاذ القرار، وهنا يُنادي بعض أطرافها بأننا بحاجة إلى أن نعيد انتخابات..!

نحن هنا في اليمن، منذ أن قرر المؤتمر إقصاء غيره، بطريقة غير صحيحة.. منذ 97، وحتى اليوم، يمتلك المؤتمر الشعبي العام مقاليد الأمور منفرداً، ويستطيع أن يتخذ القرارات التي يرى أنها صحيحة لتنمية اليمن، وإصلاح أوضاعها، ومع هذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه. نحن لسنا بلداً فقيراً، وواقعنا الاقتصادي المتردي ليس حتمياً، بل نتاج تلك السياسات السيئة.

الانتخابات، التي يُغني من أجلها المؤتمر، هي مطلب أساسي لنا، ومن أجلها أعطيناه عامين [تمديداً] بدون انتخابات حتى نُصلح الآلية الانتخابية. إصلاح الآلية الانتخابية؛ لو كان قد تم من وقت مبكر، واستطاع الناس أن يُمارسوا حقهم الانتخابي بشكل سليم، لكان اختلف أداء الحاكم، ولتحسنت الأمور، وانتهى الفساد، ولانتهت الشخصنة وظهرت مؤسسية الدولة الغائبة.. لو تم ذلك لن تظهر تلك المظاهر البشعة للأزمة الوطنية في صعدة، أو تلك المطالب التي نسمع عنها، ونعيشها جميعاً، في بعض مناطق جنوب البلاد. الانتخابات كانت كفيلة [بعدم السماح بظهور هذه المظاهر]، لكن الانتخابات الحرة والنزيهة. أما اليوم، ومع بقاء أهمية الانتخابات، نحن نحتاج، إلى جانبها، إصلاحاً حقيقياً للعمل السياسي والعملية الانتخابية، إلى لملمة الجراح وإعادة الثقة لدى الجميع بأن هناك مشروعاً وطنياً يتسعنا جميعاً.

ما نستطيع أن نؤكده للناس هو أن أي لقاء مع السلطة سنُحاول أن يكون لقاءً من أجل حل مشاكل اليمن، وليس من أجل حل مشاكل السلطة

* إلى أين وصل الحوار مع المؤتمر..؟ هل هناك تواصل، هل عُقد اجتماع، هل اتفقتم على أجندة حوار..؟ إلى أين وصلتم؟

- حتى الآن لم يتم اجتماع. قد يُعقد اجتماع في وقت قريب. طبعاً ما حصل، بذلك الإعلان المرتبط بلجنة الانتخابات التابعة للمؤتمر، خطوة غير موفقة.. أربك الأمور قليلاً، ولكننا سنظل نُحاول..

* [مقاطعاً] هل هناك تواصل حالياً بينكم وبين المؤتمر..؟

- نعم هناك تواصل. أولاً اللجنة، التي تم تشكيلها من 200 شخص بالمناصفة، كان الحديث عنها من قبل عدة شهور. أنا أرجو من الإخوة في الصحافة أن يتساءلوا: لماذا لم يُنفذ اتفاق فبراير منذ تم التوقيع عليه؟ من كان السبب في تأخير تنفيذه وإعاقته؟ من الذي أعاد الأمور إلى هذه المرحلة من اشتداد الأزمات، وإلى هذا الوقت الضيق..

* [مقاطعاً] لماذا قبلت المعارضة بتوقيع اتفاق 17 يوليو مع أنه لم يبقَ للانتخابات غير 8 أشهر؟ هذه الأشهر الـ8 هل ستُستغرق في الحوار، أم في عمل لجنة الحوار، أم في الإعداد للانتخابات..

- [مقاطعاً] لا يوجد لدى المعارضة، وقد أُعلن هذا في مطلع 2008، إلا الحوار الوطني الشامل؛ العودة إلى الشعب. وهذا خط سرنا فيه، وقطعنا شوطاً، وأعلنا مراراً أن تكون السلطة ضمن حوار وطني جاد وشامل، فهذا مكسب، وبالتالي لم نتردد عندما وافقوا هم على أن تبدأ هذه الخطوات بشأن الحوار. نحن نقيس الأمور من منظور الاحتياج الوطني، وليس من منظور الشهر أو الشهرين. السلطة تتحمل مسؤولية إعاقة أو تأخير تنفيذ اتفاق فبراير حتى الآن..

* [مقاطعاً] ما هو رد فعل "المشترك"..؟ هل يكفي فقط تحميل السلطة المسؤولية..؟

- [مقاطعاً] نحن لن نُحمل السلطة المسؤولية فقط. نحن نسعى إلى أن يحملها المسؤولية أبناء اليمن جميعاً، ويتخذوا الإجراء اللازم إزاءها. لكننا نعتبر أن الاقتراب من بدء عملية الحوار الوطني المشترك هو خطوة جيدة. شوفوا يا إخوة؛ أنا أعتقد أن الخطوة التي تم التوقيع عليها في يوليو؛ إذا أُعطيت حقها من الجدية، والصدق، وتغليب المصلحة الوطنية، فهي أمر مهم لليمن.

 

على كل صاحب جهد أن يعين الأطراف على الاستمرار في المضي لما فيه مصلحة اليمن. نحن في المعارضة، وفي اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، ما نستطيع أن نؤكده للناس هو أن أي لقاء مع السلطة سنُحاول أن يكون لقاءً من أجل حل مشاكل اليمن، وليس من أجل حل مشاكل السلطة..

* [مقاطعاً] هل تُراهنون على الحوار لحل مشاكل البلاد؟..

- [مقاطعاً] إذا رفضت السلطة السير في برنامج وطني للحوار.. إذا رفضت السلطة أن يكون هذا الحوار صادقاً وجاداً وشاملاً، سنُعلن للناس هذا في حينه. بإمكاننا اليوم أن نجمع الصحافة ونتحدث ضد السلطة بشكل قاسٍ، ونُوجد ردات فعل توقف عملية اللقاء والحوار، لكن هذه ليست أولويتنا. أولويتنا اليوم أن نستمر في إعانة أصحاب الجهد الطيب داخل المؤتمر الشعبي العام، لإحداث اللقاء الوطني، الذي يُمكن أن يُخرج اليمن مما هي فيه. لكننا نؤكد أننا لا نلتقي مع السلطة من أجل حل مشاكلها.

* عندما قرأنا أسماء المائة شخص، التي تضمنتها قائمة المؤتمر، لم نشعر بالتفاؤل. أولاً؛ المؤتمر ما زال يتحرك بذهنيته القديمة ذاتها. لقد تضمنت قائمته أدواته القديمة، بما فيها الأحزاب المفرخة. وهذا يعكس، ببساطة، عدم جديته في الحوار. بالنسبة لك أنت، كشخص، هل تشعر بتفاؤل، وهل تعتقد أن الحوار يُمكن أن يخرج بنتائج جيدة؟

- لا يجب أن نيأس، ولا نستطيع أن نُفرط في التفاؤل. المؤشرات السلبية موجودة بشكل كبير، وهناك نوايا صادقة عند البعض؛ في الجانب الذي يُمثل السلطة. أعتقد أن علينا أن نعين هؤلاء كي تسير السلطة مع الإجماع الوطني. إذا لم تسر السلطة مع الإجماع الوطني، فهذا لا يعني أن الإجماع سيتوقف، والحوار الوطني مستمر. هذا ما أستطيع أن أقوله لكم الآن.

معارضة الخارج وخيارات معارضة الداخل

* إذا لم ينجح الحوار؛ ما هي البدائل المطروحة لديكم؛ كمعارضة؟

- بدائلنا هي أن نسير في توحيد الصفوف، وفي توضيح الحقائق، وتعبئة أبناء اليمن لكي يقوموا بالخطوة السليمة التي تحمي مستقبلهم، وتحمي وطنهم من الانهيار. هذا الأمر لن يتوقف. واللجنة الوطنية للحوار، الممثلة لـ"المشترك" وحلفائه، انتدبت 100 من أعضائها ليكونوا ضمن اللجنة المشتركة، وأعلنت في برنامجها أنها ستواصل كل أعمالها. نحن اليوم مستمرون بالتواصل مع الإخوة الموجودين في الخارج، والاتفاق [اتفاق 17 يوليو] أحدث عندهم بعض الإرباك، والبعض اعتقد أن قضية الانتخابات هي الهم المشترك بين أحزاب اللقاء المشترك والسلطة. وهذا غير صحيح. الانتخابات ليست الهم الوحيد لأحزاب المشترك. الهم الأساسي لدينا هو أن يخرج اليمن مما هو فيه. إذا كانت انتخابات حرة ونزيهة وصادقة وشفافة فهي كفيلة بأن تُخرج اليمن مما هو فيه. لكن اليوم حتى السلطة تقول إن اليمن ليست بحاجة فقط إلى انتخابات، بل بحاجة إلى تعديلات دستورية تُعيد النظر في هيكلية الدولة. السلطة نفسها أقرت أن العقد الاجتماعي، الذي يُسمى الدستور، بحاجة إلى إعادة نظر. وهنا تكمن أهمية أن يلتقي أبناء اليمن كي يقرروا كيف يمكن أن يحصل التعديل في العقد الاجتماعي، وستكون العملية الانتخابية، في الأخير، هي الآلية التي ستُنفذ، بشكل صحيح وسليم، البرامج المختلفة لفرقاء العمل السياسي.

  

* لكن يبدو أن خيارات المعارضة غير فاعلة. بمعنى؛ تبدو خيارات السلطة واضحة وفاعلة؛ فإذا فشلت عملية الحوار ستذهب السلطة، بشكل منفرد، إلى الانتخابات، ولديها تأييد من أمريكا والاتحاد الأوروبي، بالمضي في ذلك. في المقابل لا تبدو خياراتكم في المعارضة فاعلة..

- ما الذي أنتجته الخيارات الفاعلة للسلطة؟ عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين في محافظة صعدة. ما الذي أوجدته الخيارات الفاعلة التي تتحدث عنها؛ مع كل احترامي؟ أن تفقد اليمن أمنها واستقرارها، وتصبح متداولة في وسائل الإعلام العالمية كبؤرة صراعات داخلية. ما الذي أنتجته هذه الخيارات؟ أنتجت شروخاً في الجسد اليمني، وأصواتاً تُنادي بفك الارتباط..

* [مقاطعاً] لا أعني بـ"الخيارات الفاعلة"، أنها خيارات وطنية، وأعرف أنها خيارات ضاعفت وتُضاعف الأزمة. لا يوجد ما يؤشر أن لدى السلطة جدية في إحداث محاولة تغيير [وطنية] في البلاد. كنت أقصد أن السلطة لديها خيار بديل ممكن؛ وهو المضي في الانتخابات، بشكل منفرد. هذا خيار واضح، يُمكن للسلطة أن تقوم به، لأنها لو لم تقم به، في حال فشل الحوار، ستفقد شرعيتها الدستورية؛ على المستويين: البرلمان، ورئاسة الدولة..

- [مقاطعاً] لا تستطيع أن تُسميها، في هذه الحالة، انتخابات..

* [مقاطعاً] وإذا ذهبت السلطة للانتخابات، بشكل منفرد..

- [مقاطعاً] لا تستطيع أن تُسميها انتخابات؛ لأن الانتخابات من شروطها التنافس، وإتاحة الفرصة للناس للتعبير عن آرائهم، واختيار من يرون أنه أصلح لإدارة شأنهم. العملية الانتخابية؛ عندما تُصادر مسبقاً، من خلال مصادرة اللجنة العليا للانتخابات، وتكييف ووضع القوانين، بما يُلائم طرفاً من أطراف المعادلة السياسية، والاستخدام والاستحواذ الكامل على مقدرات الدولة لمصلحة جهة معينة، لا يُمكن أن تكون انتخابات، أو أن ينتج عنها شيء معترف به. ما سيتم في هذه الحالة هي خيارات خاصة بالسلطة، وستُنهي ما تبقى من شرعية التعامل معها. في الحقيقة؛ هذا الأمر سيكون رعونة تُضاف إلى سجل السلطة السابق.

أنا، مع ترحيبي بهذا اللقاء، ونحن في مثل هذا الوقت [الحساس]؛ حريص ألا يصدر شيء يُفهم منه أننا لا نُحاول أن نخلق جواً للتقارب.

* هناك نقاط ضعف؛ في ما يتعلق بمطالب المعارضة، أو ما تتوقعه المعارضة من الحوار. نقاط ضعف قد تُساعد الحاكم في الذهاب إلى خياراته التي تحدثنا عنها. مثلاً؛ أنتم تُطالبون الآن بتعديل النظام الانتخابي إلى القائمة النسبية. القائمة النسبية تحتاج إلى استفتاء. هل يعني هذا أنكم ستُطالبون، وستضغطون، من أجل إجراء استفتاء قبل الانتخابات، بحيث تجري الانتخابات القادمة، المؤجلة أصلاً، طبقاً للقائمة النسبية؟

- ما قدمنا من أجله التنازل بالتمديد لمدة عامين هي مطالب أساسية لا يُمكن أن نتراجع عنها. الانتخابات ليست من أجل أن يحصل أحد على منصب. والله إن أسهل ما يُمكن اليوم هو أن تحصل على مناصب من هذه السلطة، وقد أعلنت السلطة استعدادها لحكومة وحدة وطنية، ولو كان الناس يريدون المناصب فقط لسعوا في حكومة وحدة وطنية، واستطاعوا أن يصلوا مع السلطة إلى تفاهمات في أي انتخابات تُعيد فرز الواقع بطريقة أو بأخرى، ولما احتاج الناس كل هذا الجهد. اليمن اليوم بحاجة إلى أكثر من هذا الأمر. اليمن بحاجة اليوم إلى صدق. اليمن اليوم بحاجة أن نُقدمها على أنفسنا وعلى أحزابنا. اليمن اليوم بحاجة إلى أن نعرف مصدر الداء ونُحاول أن نتجاوزه.

  

* إذن؛ هل نستطيع أن نقول إن الشيخ حميد الأحمر يقول، في هذه النقطة: لا انتخابات برلمانية بدون قائمة نسبية..

- [مقاطعاً] لا لانتخابات لا تتوفر لها ما تحتاجه من شفافية، وتكافؤ في الفرص، ونزاهة كاملة. ولا لانتخابات تتم من أجل أن يُجدد لفلان، أو أن يتبوأ هذا الحزب، أو تلك الجهة، منصباً، أو أن يكون لهذا أو لذاك حصة.. الانتخابات يجب أن تُمارس في أجواء سليمة وصحيحة تُعطي اليمنيين الحق في أن يختاروا من يُمثلهم في المؤسسات الدستورية الفاعلة. الانتخابات مهمة، ولكن الأهم منها هو أن تتم في ظل أوضاع طبيعية، وفي ظل وحدة وطنية تُمكن أبناء اليمن من ممارسة حقهم الطبيعي. أنا أستغرب عندما يظهر بعض إخواننا في السلطة ويقولون: "والله المعارضة لا تريد، أساساً، الانتخابات لأنها تخشى من الفشل..". ما هي السلعة التي تعتمد عليها أنت في هذا التباهي؟! الوضع الطبيعي هو أنك فشلت في إدارة البلاد.. إذا تحدثنا فقط عن الاقتصاد؛ فأنت فشلت في إدارته، والاقتصاد يُسقط، اليوم، الحكومات في جميع أنحاء العالم. الوضع الطبيعي هو أنك لا تتحدث، لأنه لو كانت اليوم انتخابات شبه نزيهة فلا يمكن أن تبقى في السلطة أبداً. البلاد تُعاني من وضع اقتصادي مزرٍ، ومن إدارة حكومية فاشلة، باعتراف الداخل والخارج، وبكل التقييمات الإقليمية والدولية. البلاد تُعاني من فساد لم تتمكن هذه الحكومات المتعاقبة أن توقفه، بل كانت هي التي أوجدت له البيئة كي يزداد. نحن نُعاني من وضع أمني لم يشهد اليمنيون مثله، وبتناحر وبتقاتل غير مفهوم الأسباب. ما الذي يجعلك تتباهى بهذا الشكل، إلا أنك تفهم أن الانتخابات أصبحت مصادرة لديك تستطيع أن تتحكم في نتائجها؟! أنت؛ الذي تتكلم وتزايد بالانتخابات، تدرك أنه لا يوجد انتخابات، وأنها مجرد عملية ديكورية تتحكم بها أنت. أما إذا كان هناك انتخابات حقيقية فلن تتباهى بهذا الشكل. نحن نطالب بانتخابات حرة ونزيهة. نحن ندرك أن الشعب لو توفرت له الإمكانية أن يُمارس حقوقه الانتخابية بشكل صحيح، فإنه سيعيد الأمور إلى نصابها. نحن يا أخي لا نتسابق على منصب؛ لا رئيس حكومة ولا رئيس دولة، ولا غيرهما.. واليمن اليوم بحاجة إلى أكثر من هذا..

* [مقاطعاً] نقطة الضعف التالية هي أنه إذا وافقت السلطة على إجراء استفتاء من أجل القائمة النسبية.. وفي حال تم التوافق على إقرارها؛ هل لديكم ضمانات بأن المؤتمر سيلتزم بذلك، أم أن الحاكم سيذهب إلى الاستفتاء وستصوت جماهيره بـ لا للقائمة النسبية؟ نحن عندما نتحدث عن ضعف المعارضة فهذا ليس تشكيكاً فيها. المسألة خوف من انعدام الحيلة لديها، خاصة وأنها لا تمتلك آليات للضغط على السلطة لتنفيذ حتى ما سيتم التوافق عليه.

- من الذي يُنتج السلطة أو المعارضة؟ الشعب. نحن لا نؤمن بأن الشعب اليمني ضعيف إلى الحد الذي لا يتمكن معه من أن يتحرك في الاتجاه السليم. اليوم؛ أصبح الضرر حقيقياً لامس الجميع. الأداء، خلال السنوات الماضية، هو الذي يعطينا مؤشراً إيجابياً بأن أبناء اليمن لن يكونوا ضعفاء في الانحياز إلى الخيارات التي تُمثل مصلحتهم الحقيقية. إذا حاولت السلطة أن تتقوى بواقع أنها مسيطرة على مكامن القوة، وعلى مفاصل الدولة؛ فبرنامجنا واضح: سنعود إلى صاحب الحق، وهو الشعب. والشعب لا يحتاج من يوعيه بمستوى الضرر الواقع عليه. أبناء محافظات كاملة مشردون من مناطقهم، محافظات أخرى تعيش حالات فوضى.. وصلنا إلى مرحلة غير مسبوقة..

  

* [مقاطعاً] هذه نقطة الضعف الثالثة؛ المتعلقة بصعدة والجنوب. الجميع يتحدث عن أن اللقاء المشترك معزول عن الحراك الجنوبي، ومعزول عن صعدة، وبالتالي كيف يُمكن للسلطة أن تقبل التحاور معكم حول الأوضاع في الجنوب أو في صعدة، وهي لا تراكم جزءاً من مشكلة الجنوب أو صعدة؟ هذا يعني أنكم لستم جزءاً من الحل.

- الذي يفهم الواقع في اليمن، يفهم أن هذا التحليل ليس دقيقاً. صحيح أننا لم نُنتج تلك المشاكل، بل أنتجتها السلطة. وبعض هذه الإشكالات لا زالت السلطة مسيطرة على مفاصلها، وبالعوامل التي تثيرها؛ خاصة في صعدة. لكننا استطعنا، في قضية صعدة مثلاً، أن نُحدث اختراقاً في التوافق مع جماعة الحوثي. قلنا لهم: نحن مشروع وطني ندعوكم أن تكونوا ضمنه، وأن هذا المشروع الوطني يقوم على الدستور والقانون، ويقوم على أن المجتمع يستطيع أن يحمي نفسه، ويستطيع أن يحمي أفراده.

أعلنت جماعة الحوثي موافقتها على هذا المشروع، وبالتالي يُمكن أن تدخل ضمن الحوار الوطني على هذه الأسس. نحن سنكون حريصين على قناعتهم بأن يكونوا جزءاً من المشروع الوطني. في الأخير، نحن نملك اليوم شيئاً بعيداً عن الاقتتال، بينما غيرنا لا يملك غير التهديد بالسلاح. نحن نملك مشروعاً يقول: أبناء اليمن لا يحتاجون إلى سلاح. وغيرنا يقول: أنا عندي جيش وأمن أستطيع أن أُحركه متى ما شئت لفرض الإرادة التي أريدها! والله نحن حريصون على الجيش والأمن، ولا أعتقد أن أياً من أبناء اليمن المخلصين يُمكن أن يرضى لنفسه أن يقف في مواجهة جندي الأمن أو الجيش، وكلهم أبناء وطن واحد. السؤال: لماذا نصل إلى مرحلة المواجهة؟ هل انعدمت الحلول؟ ما الذي سبّب هذه المشاكل؟ هذا هو الحوار الذي نريده. الحوار الذي نريده أن نعرف ما الذي أوصل أحوالنا في اليمن إلى هذا الحد، وبالتالي حل المشاكل من جذورها.

لماذا لم تستطع كل الوساطات أن تُوقف الحروب التي في صعدة؟ لانعدام الثقة. بين من ومن؟ بين السلطة والحوثي، وليس بيننا وبين الحوثي.

التعديلات وقضية التمديد للرئيس

* قبل الانتقال إلى الجنوب وصعدة؛ دعنا ننهي محور قضيتي الحوار والانتخابات. مؤخراً؛ السلطة شعرت أن "المشترك" يجرها نحو فراغ دستوري في ما يتعلق بالبرلمان أو برئاسة الدولة، لأن الفترة الثانية للرئيس ستنتهي عام 2013، وليس هناك خيار إلا أن يبحث اليمنيون عن رئيس، أو تُجري السلطة تعديلاً دستورياً يمنح الرئيس دورة جديدة. ويبدو أن مطالب المعارضة، خاصة القائمة النسبية، لا يُمكن أن تتم إلا ضمن تعديل دستوري يمنح الرئيس فترتين رئاسيتين جديدتين. هل ناقشتم هذا الأمر؟

- لا يوجد ارتباط بين الأمرين يا أخي. وهذه التعديلات الدستورية لن تُفضي بالضرورة إلى إعطاء رئيس الجمهورية فرصة أن يترشح لمرات أخرى. لا أدري من أين أتى هذا الفهم؟! قد تكون هذه رغبة السلطة، أو محاولات منها، لكنها ليست سليمة وليست صحيحة.

نحن في المعارضة؛ كنا قد وضعنا خياراً حوارياً لأبناء اليمن ضمن رؤيتنا؛ أننا نعتقد أن النظام البرلماني وليس الرئاسي هو أفضل لليمن. والنظام البرلماني لن يكون فيه رئيس بنفس السلطات الموجودة الآن. والقضية ليست قضية الرئيس، أو التمديد وعدم التمديد للرئيس. القضية قضية ما الذي تحتاجه اليمن اليوم.

* صحيح أن "القضية ليست قضية الرئيس"، لكن عملياً الحديث قائم الآن حول هذه القضية؛ سواءً في وسائل الإعلام أو قطاعات مختلفة في المجتمع. هناك الآن رئيس ستنتهي دورته الثانية والأخيرة عام 2013، وليس أمامه، وأمامنا، غير خيارين: تعديل دستوري يحصل بموجبه على دورتين انتخابيتين جديدتين، أو يأتي رئيس جديد للبلاد. الخيار الثاني غير وارد؛ بالنظر إلى طبيعة البلاد، وتطورها السياسي والاجتماعي. المتوقع هو أن يتم تعديل يمنح الرئيس دورتين انتخابيتين جديدتين، وهناك مؤشرات لذلك. كيف ستتعاملون مع هذه المسألة؟

- إذا كان أبناء اليمن، في ظل وضع طبيعي وصحيح، سيختارون الإبقاء على شكل الدولة الحالي في ما يتعلق بشكل بالنظام السياسي، وسيختارون أن تُعطى فرصة إضافية للرئيس أن يترشح [مرة أخرى]، فهذا أمر لا يستطيع أي شخص منا أن يمنع الشعب منه.. المهم أن نصل إلى الآلية الحرة والنزيهة التي تُمكن الناس من الاختيار.

هل سيُمدد [الرئيس] لنفسه أم سيُمدد له الشعب؟ إذا كان سيُمدد له الشعب فليس عندنا مشكلة. إذا توافقنا على الآلية فكل ينزل بما عنده، وكل يطرح مبرراته لأبناء اليمن، وأبناء اليمن يختارون. نحن ما نريده من أية عملية استفتاء، أو أية عملية انتخابية، هو أن تتم في وضع صحيح وسليم؛ في سجل انتخابي محترم، ليس مثل السجل الحالي الذي فيه أكثر من الثلث أسماء وهمية ومزورة، وفي ظل أوضاع طبيعية يستطيع الناس أن يُمارسوا خياراتهم فيها بحرية.

* نحن افترضنا عدم وصول الحوار إلى اتفاق، وسير المؤتمر إلى الانتخابات؛ بشكل منفرد، وأنت قلت إنكم ستستمرون للترتيب للحوار الوطني، وستلجؤون إلى الشعب؛ لكن يبدو أن الخيار العملي أمام المعارضة هو أن تُقاطع الانتخابات بشكل فاعل، غير أن آلية هذا الخيار، خيار المقاطعة، ليس ممكناً؛ بالنظر إلى أسباب عدة أهمها أن كثيراً من أعضاء المعارضة، سواءً كانوا في البرلمان الحالي أو غيرهم، لن يُقاطعوا الانتخابات..

- هذا ليس صحيحاً. أعضاء المعارضة مرتبطون بتنظيماتهم، وعندما قررت هذه التنظيمات أن يقاطعوا جلسات مجلس النواب، قاطعوها لأشهر. القضية أنه إذا سارت السلطة في خياراتها الخاصة، وليس الخيارات الوطنية، فلن يكون هناك انتخابات في الأساس. ما سيتم؛ سيكون هناك صراع لن يعطي المؤتمر أية شرعية. وأعتقد أن السلطة تتحمل المسؤولية القانونية والتاريخية عن الفترة التي مضت من التمديد لعامين للبرلمان الحالي، كونها عطلت، خلال الفترة التي مضت، تنفيذ المقاصد الفعلية للتمديد. السلطة تتحمل أيضاً كل العواقب الخاصة بهذا الأمر. والتوقيع الأخير هو فرصة للسلطة وليس للمعارضة، وعلينا جميعاً أن نُساعد السلطة كي تسير مع أبناء اليمن نحو هدف واحد.

مشكلة السلطة واضحة؛ تُريد أن تظل تحكم. هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لأبناء اليمن، لأن السلطة غير قادرة على تلبية احتياجات الناس. كان الناس، في الفترات السابقة، يوازنون بين هذه الرغبة الجامحة [للحكم] وبين الواقع وبين الأضرار، ويقولون: فلنصبر، فليكن.. لكن أعتقد أنه لم يعد اليوم أمام اليمنيين متسع حتى يصبروا على هذه المساوئ الموجودة. هذه حياتنا جميعاً.

السلطة تقول: هي كرسي! كرسي بالنسبة لك، لكن بالنسبة لي أنا، كمواطن، هي حياة أحياها بأمن، بعدل، باستقرار، بكرامة، باقتصاد جيد. مثلما أنت تُطالب بالكرسي أنا أُطالب بالحياة. لو أنت أخذت الكرسي، وأعطيتني حياة مستقرة وكريمة، كان يمكن أن أتغاضى، وأقول: سهل يشل هذا الكرسي مدى الحياة. لكن أن يكون الكرسي حقك على حساب حياتي الشخصية، [فهذا أمر غير منطقي وغير مقبول]. اليوم الناس مسّهم السوء، مسّهم الضرر. نحن نأمل أن يكون هناك فعلاً إصلاح حقيقي للأوضاع في اليمن، ولندخل، بعدها، في انتخابات أو في استفتاءات، أو في غيرها، ويُعطى كل واحد فرصة في أن يُقيم الآخر.

* في مسألة القائمة النسبية؛ هناك معلومات تقول إن المؤتمر يطرح أو سيطرح نسبة معينة من المقاعد النيابية تُنتخب بالقائمة النسبية، وأخرى بالانتخاب المباشر.. هل لديكم تصور واضح حول هذا الأمر؟

- نترك هذا الأمر حتى نصل إليه. هذه القضية هي قضية جزئية، إذا ما سارت الأمور كلها بشكل جيد. القائمة النسبية، وكيف تكون خطوة واحدة، أو خطوتين، هل قائمة نسبية كاملة، أم نظام مزدوج.. هذه المسألة يُمكن أن تُناقش بأريحية بين الناس، المهم أن تعترف السلطة أولاً أن اليمن تمر بأزمة خانقة هي المتسبب الأساسي فيها، وأنه لا زال هناك منظومة سياسية مستعدة أن تُشاركها في الحل، وليس فقط في أن تجعلها هي الغريم.

وأؤكد أنه إذا أصرت السلطة على أن تبقى بعيدة عن الإجماع الوطني فهي تُصر على أن تضع نفسها في وضع خصومة مع أبناء اليمن، وضع خصومة مع كل المنظومة السياسية والاجتماعية.

نحن لا نحمل خصومة شخصية مع النظام

* في اللقاء الذي جمعكم في المركز الثقافي، بعد اتفاق 17 يوليو، اعتبر كثيرون حضور حميد الأحمر ذاك اللقاء مفاجأة. يتفق هذا الأمر مع موقف لدى كثيرين يرون أن اتفاق أحزاب المشترك مع المؤتمر كان على حساب لجنة الحوار الوطني، التي يعتقد كثيرون أنك حاولت أن تجعلها بديلاً لأحزاب المشترك.. ما تعليقك؟

- اللجنة التحضيرية للحوار الوطني لم أؤسسها أنا، ولم أطلق الدعوة لتشكيلها أنا، بل أحزاب اللقاء المشترك، وأنا كُلفت أن أكون على رأس لجنة التشاور الوطني المنبثقة عن المشترك في حينه من قبل تنظيمي [حزب] الإصلاح، وقمت بهذا العمل بهذا الاعتبار، بالإضافة إلى قناعتي الشخصية، ووصلنا إلى تشكيل اللجنة التحضيرية، التي فيها شراكة بين "المشترك" وبين تلك الشخصيات والهامات الوطنية، واعتبرت دوري الأساسي فيها أن أعزز هذه الشراكة بين "المشترك" وبين المكونات الاجتماعية الأخرى، وأرجو أن أكون قد وفقت في هذا الأمر. وفي الحقيقة يجب أن نسجل هنا شكراً وتقديراً لأحزاب اللقاء المشترك؛ أولا على الخطوة الهامة جداً التي اتخذت في بداية العقد الماضي بين قيادات أحزاب المشترك بتشكيلها "اللقاء المتشرك"، وهي خطوة جبارة على مستوى الحياة السياسية؛ أن يلتقي فرقاء العمل السياسي ذوو الأيديولوجيات التي ظلت تتصارع مع بعضها لسنوات طويلة، وخلقت مآسي في الصف الواحد، وذلك من أجل الوطن، ولا يمكن أن يجتمعوا إلا بمشروع وطني كبير، وأن يستمر هذا التحالف ويتقوى ويتغلب على كل المحاولات التي بذلت من قبل السلطة بغرض تفكيكه، وهذا أمر طيب جدا، وأن يتخذ قرارا لتعزيز شراكته في ما بينه البين بشراكة مجتمعية، أمر أيضا في غاية الإدراك لما تحتاجه اليمن في هذه الفترة.

وأنا أؤكد لكم أن التوقيع الذي تم مع المؤتمر وحلفائه لا يحمل أي معنى للالتفاف على الشراكة الوطنية التي شكلت في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، وأنا أدعو كل مهتم أن يتابع خطابات رئيس اللجنة الأستاذ محمد باسندوة وخطاباتي كأمين عام للجنة في يوم 2 يونيو بأننا سنبذل جهدا للتقارب مع السلطة، كما أشرنا أننا سنواصل لقاءاتنا مع القيادات السياسية التي في الخارج ومع الحوثي، وسنواصل توسيع الشراكة على مستوى الساحة الوطنية سواء مع "الحراك" أو مع غيره؛ سنبذل جهدنا من أجل أن تكون السلطة ضمن حوار وطني جاد وصادق، ولو لاحظت أن اللجنة التي اتفق على تشكيلها مع المؤتمر سميت بـ"اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة" حتى لا يحدث لبس في التسمية بينها وبين اللجنة التحضيرية، أسماء المائة شخص الممثلين للمشترك وشركائه جاؤوا في قائمة ترويستها "أسماء المائة شخص الممثلين للجنة التحضيرية للحوار الوطني" وبين قوسين "المشترك وشركاؤه"، ووقعها الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس اللجنة التحضيرية، أسماء الـ15 شخصا من ضمن المائة الذين هم في إطار اللجنة المصغرة المشتركة، موقع عليهم من قبل أمين عام اللجنة التحضيرية، وأيضا تحمل نفس التسمية.

 

الأمر بالنسبة لي؛ أنا ضمن تنظيم وضمن لجنة تحضيرية للحوار، وهذا عمل مؤسسي، وأنا أرتضي لنفسي أي قرارات مؤسسية، وأنا أعتقد أن هذه الخطوة خطوة جيدة، نحن لا نحمل خصومة شخصية مع النظام، الخصومة هي وفقا لمنظور سياسي واعٍ لا أحمله منفردا بل يحمله كثيرون بمن فيهم اللقاء المشترك كتكوينات حزبية بما فيها حزبي الذي أنا ملتزم بقراراته بغض النظر عن كوني من قياداته الذين يمكن لي إسهام بشكل أو آخر في اتخاذ هذه القرارات، وهو جزء من أداء وطني لتاريخ طويل لهذه الأحزاب، فالأمر ليس أمرا شخصيا، ولا يمكن أن أضع نفسي في موقف الذي يتخذ قرارات من أجل اعتبارات شخصية. نحن نمارس عملا لاعتبارات وطنية، وهذا ما جندنا أنفسنا له. والعمل الوطني لا يقوم على فرد، ومن الخير لأبناء اليمن أن هناك منظومة سياسية بهذا الاتساع مستعدة ومعدة نفسها، وقد قطعت شوطا كبيرا، لتحمل مشروعا وطنيا واحداً، وتفتح قلبها وذراعيها لتوسيع هذه الشراكة مع كل من يريد من أبناء اليمن.

* في هذا السياق؛ يُطرح أن الشيخ حميد لديه إمكانية للضغط على السلطة بعيدا عن إمكانيات الأحزاب و"المشترك".. لديه إمكانية أن يقود معارضة من داخل البنية التي يعتمد عليها النظام في حكمه، وهي "القبيلة"، أي أنك لا تحتاج إلى لجنة تحضيرية أو أحزاب، ومثلما راهنت يوما أن القبيلة ستحميك، تستطيع أن تراهن عليها أيضا لمعارضة الحكم من داخله؟

- بعد كل النضالات التي خاضها كل أبناء الوطن حتى وصلوا إلى وحدة 22 مايو، وفي ظل وجود منظومة سياسية مستعدة أن تخوض عملا وطنيا من أجل أن تحمل مشروعا وطنيا واعيا؛ لن يكون من الصواب أن تترك هذه المنظومة لتذهب إلى خطوة سابقة لها. اليوم المنظومة السياسية مستعدة وتمضي في هذا الاتجاه، وإن كان لي من قدرة على شيء فواجبي أن أحدثه من خلال هذه المنظومة، وأن أكون رافدا لها ومساندا لها. قناعاتنا في المجتمع المدني وبالدولة المؤسسية ودولة النظام والقانون، وإن نالت منا بعض الأقلام هنا وهناك، هي قناعة راسخة، حتى أبناء القبيلة والله إنهم يدفعون، بالإضافة إلى ما يدفعونه كسائر الشعب من معاناة اقتصادية ومعيشية، هم يدفعون ثمنا آخر من دمائهم عندما تتعسفهم الدولة بإخراج الحملات العسكرية من دون وجود سبب أحيانا، وتفرض عليهم أحيانا الحصار وتدفعهم للمواجهة، فيدفع (القبيلي) حياته لغياب القانون. إذا كان غيره ممن هم في المدينة أو غيرها ممكن أن يحرم من الوظيفة؛ فإن هذا يدفع حياته. اليوم لا يوجد أحد يقف أمام دولة المؤسسات، الدولة المدنية الحديثة الملتزمة بإرادة الله أولا وبإرادة الشعب اليمني وحاجته؛ لا يوجد من يقف أمامها إلا من يرغب أن تبقى اليمن ملكا خاصا له.

ليست "حاشد" هي التي تحمي السلطة

* في ما يتعلق بدورك كشيخ لحاشد وشخصية مالية واجتماعية نافذة؛ قلت، في حوار أخير لك، إنك لست "مسؤولا في الدولة" وإنما أنت "فاعل خير"، ما الذي أنتجه فعلك للخير داخل قبيلة حاشد، التي مشكلتها مثل مشكلة القبيلة اليمنية المتمثلة في انعدام "التحديث"، تحديث القبيلة على كل المستويات؛ كم عدد الأطباء في "حاشد"؟ كم عدد حملة الشهادات العليا فيها؟ وانعدام هذا التحديث يجعل من "حاشد" جاهزة دوماً لتكون سندا لنظام الرئيس صالح باستمرار.

- الحديث عن القبيلة قد يحتاج له إلى جلسات خاصة به، لكن لا يجب أن نسير خلافا للواقع؛ القبيلة اليوم ليست 5 أو 10 آلاف شخص تابعين لك، القبيلة اليوم كمعنى موجودة على امتداد الساحة اليمنية، وهي مكون من المكونات الاجتماعية، والذي يحكمها هو الذي يحكمني، وهي الدولة والسلطة التي تدير هذه الدولة وفقا للأطر المؤسسية التي ارتضيناها جميعا، المعني بتنميتها التنمية العامة ليس الفرد ولكن المجموع الذي هو ممثل بالسلطة.

 

أنا أفخر بانتمائي لحاشد، وأفخر بتاريخ حاشد [في الوقوف] مع حقوق أبناء اليمن، وهو ليس بعيدا عن وقوف كثير من القبائل الأخرى، ولكن ربما هُيئ لحاشد أن يكون قرارها موحدا، وارتبط بالشيخ عبدالله لسنوات طويلة، وذلك استطاع أن يبرز هذا الدور، بينما ممكن القبل الأخرى عدم وجود من يوحد قرارها مثلما كان يفعل الشيخ عبدالله، أدى إلى عدم بروز أدوارها، وإلا الجميع من أبناء اليمن ساهم في مراحل كثيرة. كما أنه اليوم ليست حاشد هي التي تحمي السلطة هذه، وليست حاشد هي التي ترتكز عليها. السلطة اليوم استطاعت أن تفرغ كل شيء من معناه، وبنت لها أجهزة أمن ومنظومة معينة داخل هيكلية الدولة هي التي تمكنها من إعادة إنتاج نفسها والإمساك بزمام الأمور ومصادرة حقوق الغير.

واجبي في إطار من أنا قريب منهم كأبناء منطقتي، هو واجب شخصي ليس بالضرورة أن أتحدث عنه، ولو كان رفيق الحريري موجودا في اليمن كان اختار أن يكون دعمه الأساسي للنضال السلمي لإخراج بلاده من الأوضاع الصعبة، ولو كان وضعنا في اليمن مثل وضع لبنان في ما يتعلق بالمرحلة التي تفرغ فيها رفيق الحريري لدعم بعض أبناء لبنان، كان يمكن أن يكون هذا هو همنا، لكن اليوم أمام اليمن هموم، وهذا لا يعني أننا لا نقدم، بل نقدم ما نستطيعه.

اليوم اليمن بحاجتنا، ليست فقط القبيلة بل اليمن بكلها، وعلينا أن نقدمها على غيرها، وأرجو من النخبة المثقفة ألا يظلوا بعدائية تجاه القبيلة اليمنية، فهي أحد المكونات، وإذا كانت تعيش حالة من نقص الوعي فالمسؤول عن ذلك الدولة التي تحكمهم من 50 سنة.

* بل حاشد أيضا تبدو كضحية لسوء استخدام السلطة لها، واسمح لي أن أقول إنه على عكس الإخلاص الذي تبديه لقبيلة حاشد، فإنك سمحت أن يتم الزج بها، مثلا في حرب صعدة، وهي حرب تقول أنت إنها صراع داخل النظام الحاكم نفسه.

- من قال إننا سمحنا؟ لو كان الشيخ عبدالله، رحمه الله، أو أبناؤه سايروا السلطة وأدخلوا "حاشد"، بمعنى "حاشد"، في الحرب، لكان الأمر مختلفا..

* [مقاطعاً] كيف كان سيكون مختلفاً؟ هل كان سيتم القضاء على الحوثي مثلا؟

- ليست القضية ذلك، بل لكنا دخلنا في خصومة معهم، لكن حاشد لم تدخل في خصومة نيابة عن السلطة، بل كانت السلطة تحاول زج حاشد للدخول في الحرب، وهذا لا يعني أن أبناء حاشد ليسوا من أبناء اليمن وعندهم فقر وحاجة، وبعضهم أساسا في الجيش، ووجود الحاجة والفقر أحيانا تدفع الناس ليذهبوا مع السلطة، أيضا لا تنسَ أن حاشد كانت لها أدوار طيبة، كغيرها كما أشرت، مع النظام الجمهوري، وعندما تأتي السلطة اليوم وتقول النظام الجمهوري في خطر وهناك من يحاول أن يعيد الأمور إلى الوراء، ونحتاج من أبناء اليمن أن يقاتلوا، فقد تكون استجابتها (حاشد) أكثر من غيرها.

ويمكن أن أقول مثلا إن إخواننا في قبيلة الحداء كان لهم وجود مباشر (في الحرب) باسم قبيلة الحداء أكثر من حاشد عندما ذهبوا مع اللواء محمد عبدالله القوسي إلى صعدة في واحدة من الجبهات المفتوحة، وهذا أكثر من كون حاشد قامت مباشرة بخوض القتال. وأيضا حاشد ليست محصورة في مكان واحد، هناك مشائخ كثيرون فيها يمكن أن يأخذ بعضا من أصحابه ويذهب يقاتل، وهذا شأنه، نحن لم ندعُ، وعدم دعوتنا ليس لأنا لا نريد أن نقوم بواجب وطني، ولكن لأن الأمور في صعدة ملتبسة ولم تكن واضحة.

الشيخ عبدالله رحمة الله عليه، خاطب الأخ الرئيس أكثر من مرة في بداية الحرب، يحاول أن ينصحه بعدم الحاجة لخوض الحرب، بل إني أتذكر إحدى نصائحه في بداية الحرب الأولى: قال (للرئيس) اكتفِ بحصار المنطقة التي يتواجد فيها هؤلاء الإخوة (الحوثيون) دون الحاجة لقتال، وإذا كانت لهم مطالب فالحصار نفسه سيدفعهم أن يأتوا ويفاوضوا على هذه المطالب، فينظر في مدى عقلانيتها، ولا حاجة لحرب.

الحرب في صعدة ألغاز، وأيضا هي تحتاج إلى أن يقوم الجميع، إذا كان هناك حاجة فعلية اليوم، بسبر أغوارها، وكيف بدأت وكيف أديرت الحروب، ولماذا وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وما هو الواقع بشأنها. فالخصومة ليست بين حاشد أو بكيل مع الحوثي أو غيره، بل الحرب كان يتخذ قرارها من دار الرئاسة، وتتوقف من دار الرئاسة، والصلح يتم بأمر الأخ الرئيس، والحرب بأمر الأخ الرئيس.

* دائما المشترك يطرح مسألة إعلام الدولة الذي يستخدمه الحزب الحاكم في الانتخابات، مع أنه إعلام للناس كلهم، فلماذا لا تطرحون هذه المشكلة ضمن مطالبكم الدائمة لضمان انتخابات حرة ونزيهة؟

- من قال إننا لا نطرح ذلك؟ يا أخي العزيز هذا المحضر الموقع مؤخرا كان قد تم التوافق عليه منذ مدة، في أبريل كما أعتقد، بين الدكتور عبدالوهاب محمود والدكتور الإرياني، وفي نفس الليلة رد الإرياني بأنه سيعرض على الأخ الرئيس، مع أن "الصحوة نت" كان قد أنزل خبراً بأنه سيتم توقيع المحضر، وأن الأخ الرئيس معترض على نقطتين: الأولى إطلاق سراح المعتقلين، والثانية مطالب المشترك بتحييد الإعلام الرسمي عن الاستخدام الفج القائم الآن. فقضية الإعلام موجودة دائما، وحتى في أطر هذا الاتفاق قضية تحييد الإعلام واحدة من النقاط الأساسية، فالمعاناة التي يعانيها أبناء اليمن من احتكار وسائل إعلام الدولة هي أمر مزعج، وهي واحدة من المخالفات الدستورية الواضحة على السلطة. وهناك ما هو أكثر من هذا، فبالإضافة إلى الصحف الرسمية هناك خزينة الدولة التي تدار بشكل شخصي، بالإضافة إلى الإدارة الفردية والشخصية للإذاعات والقنوات الرسمية، هناك تعبئة ذات طابع شخصي وحزبي تتم على مستوى التوجيه المعنوي داخل الأمن والجيش، تعبئ أفراد الجيش ضد جهة معنية أو شخص معين بتعبئة لا تتسق مع الدستور والقانون. بل أقول لك إن هناك آلاف المجندين من المخابرات موجودون في أوساط الناس في القرى والحارات، عملهم فقط الدعاية ونشرها بما يخدم برنامج الحاكم. ونحن نعلم، في ما يتعلق بالشيخ حميد الأحمر أو أبناء الشيخ عبدالله، أن حملات شعواء تشن علينا، غير التي على مستوى الصحافة، تشكك في مواقفنا، وتلصق بنا الكثير من التهم. وهذا واقع نحن نعرفه، وهي واحدة من الثلمات التي أنتجها غياب الدولة المؤسسية عندما تتحول الدولة إلى دولة شخص يدير الأمور وفقا لبرنامجه.

الدولة اليمنية كلها أصبحت دولة فردية

* ومثل الإعلام أيضا، أنتم تتحدثون عن تعديل النظام الانتخابي للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة، لكن مهما كان التعديل الذي ستفرضونه أو تصلون إليه، فإن الواضح أن الآليات التي تتحكم بالانتخابات هي أصلا آليات من خارج الآلية الانتخابية، مثل الإعلام الحكومي والمال العام، والنقطة الأهم استخدام الجيش والأمن. لماذا لا تتحدثون وتضغطون من أجل تصحيح، أولا، أوضاع المؤسسة العسكرية بهدف الوصول إلى تحييدها؟

- لا تخلو بياناتنا من وقت لآخر من التطرق لهذا الأمر، نتحدث دائما بأنه لا يجوز الزج بالمؤسسة الأمنية والعسكرية في تصفية الخلافات السياسية أو المصلحة الشخصية، وتحدثنا عن أهمية تدوير المناصب، وعن البناء السليم والوطني للجيش والآمن..

* أنتم لا تصدر منكم مواقف واضحة ضد ظاهرة تعيين الأقارب في المؤسسة العسكرية، تصدر باستمرار تعيينات من هذا النوع، ولا يلاحظ أحد موقفا منها من قبلكم.

- من قال ذلك؟ نحن تحدثنا عن هذه الأمر باختصار بأن الدولة أصبحت دولة شخص، هذا له معناه، ليس فقط الجيش والأمن مع أهمية حياديتهما.

قد تكون أنت محقاً بأن البنود الدستورية تتحدث عن أهمية بناء الجيش والأمن بناء مؤسسياً وطنياً بعيداً عن الشخصنة والأسرية والعائلية والمناطقية، وهذا بالفعل واحد من الأمور التي لا تزال المخالفة الدستورية فيها واضحة ومرتبطة مباشرة برأس الدولة.

 

الدولة اليمنية كلها أصبحت دولة فردية، هناك غياب لمعنى الدولة، وهو أهم ما نحاول الوصول إلى استعادته من خلال الحوار الوطني الجاد، لأنه إذا ظلت الدولة دولة شخص فكل الاتفاقيات اقرأ عليها السلام مسبقا، إذا ظل الناس يستجدون حقوقهم بالقطارة لا يأخذونها ولا ينتزعونها، فلا معنى لأي اتفاقات تتم، فالحوار الوطني الذي يمكن أن ينتج عن هذا التلاقي، إذا توفرت النوايا الصادقة من قبل السلطة، فإن واحداً من أساسياته أن نفهم أن الوطن وطن، ليس شخصا وليس مجموعة أشخاص، وليس حزبا، وأن الحفاظ على معانيه وعلى احتياجاته لدولة مؤسسة مقدم على أي أمر آخر، ومن دون إنجاز هذا الأمر لا معنى لكل أمر آخر، وأي حلول ترقيعية أو انتخابات مجتزأة في ظل بقاء هذا المعنى غير السليم، هي عبارة عن مهدئات قد تؤدي إلى زيادة ضراوة الأزمات التي يعيشها اليمن.

* أثار اتفاق 17 يوليو بين المؤتمر و"المشترك" موجهة سخط من قبل القيادات الجنوبية في الخارج، وحتى من قبل محمد سالم باسندوة، رئيس اللجنة التحضيرية للحوار، وقد أعلن باسندوة أنه سيقاطع الحوار.. هل ما زال باسندوة على موقفه؟ وإلى أين وصل حواركم مع معارضة الخارج حول ما ظهر أنه افتراق بينكم وبينهم؟

- إعلام السلطة عندما تم التوقيع في 17/7 حاول أن يصور أن هذا التوقيع هو من أجل بعض القضايا الخاصة بالسلطة، وبالتالي حاول إظهار هذا التوقيع بأنه تخلٍّ من المشترك وشركائه عن بعض القضايا الأساسية، وهذا اللبس أوجد قلقا عند البعض، ومنهم الاستاذ محمد سالم باسندوة، وهو يمثل رمزية أساسية للجنة التحضيرية للحوار الوطني، وأوجد نوعا من التململ والتساؤل من قبل بعض شركائنا في العمل الوطني في خارج الوطن من القوى الوطنية، وبموجب ذلك كما أعتقد حاول الأستاذ محمد أن يوصل رسالة التطمين الأساسية، بأن اللجنة التحضيرية لا يمكن أن تتخلى، وبالتالي هذا الاتفاق إذا لم يحقق البرنامج الوطني الذي نحن ماضون فيه، فأنا كرئيس للجنة التحضيرية لست معنيا به. ونحن جميعا إذا لم يكن هذا الاتفاق محققا لتطلعات أبناء اليمن لسنا معنيين به. نحن معنيون بحوار وطني جاد لحلحلة مشاكل أبناء اليمن، ولو نقرأ المحضر الموقع قراءة سليمة فهو لا ينص على إجراء حوار الآن، بل "التهيئة للحوار الوطني"، يعني الحوار يأتي كنتيجة للتهيئة.

* هل نفهم من كلامك أن باسندوة سيشارك في أعمال التهيئة هذه؟

- الأستاذ باسندوة قال إن سارت الأمور بشكل صحيح وسليم يلبي الحاجة الوطنية ولا ينقص من اتفاقات اللجنة التحضيرية للحوار الوطني مع الشركاء الآخرين، فإنه سيساهم وسيشارك، وهذا أمر كافٍ من جانبه، فهو شخصية وهامة وطنية كبيرة وشخص شجاع انحاز لاحتياج الوطن بشكل واضح وصريح، وله مكانته ويحترم رأيه، وإن شاء الله إن الأمور تسير بما يعطي إشارات واضحة للناس بشأن هذه الخطوة، وما إذا كان المشترك وشركاؤه لهم هموم بسيطة خاصة بمناصب أو انتخابات لا تلبي حاجة اليمنيين، أو أن المشترك لديه برنامج وطني واضح جدا يقوم على الشراكة الوطنية، وأن اليمن بحاجة جذرية تخرجه من هذه الأزمات، وليس حلولا ترقيعية.

 

علي ناصر و"الحراك"

* بعد اتفاق 17 يوليو؛ ذهبت، أنت وباسندوة، إلى دمشق للقاء الرئيس علي ناصر محمد وبعض القيادات الجنوبية في الخارج، لتوضيح اللبس الذي أثير بعد توقيع الاتفاق.. إلى ماذا توصلتم مع علي ناصر..؟

- شوف، الجميع معتاد أن السلطة لا تقترب إلا عندما تكون بحاجة لأن تقترب، وعندما تنتهي حاجتها لا تأبه بأحد ولا بأي اتفاقات. هذه القناعة التي عززتها المواقف السابقة تجعل الناس يتخوفون من أي اقتراب مع السلطة أيا كان، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يزيل التوجس عند الناس، إلا إذا ثبت في ما بعد أن هذا التوجس غير صحيح، أنا فعلا ذهبت وتم لقاء بحضور الأستاذ محمد سالم باسندوة، في دمشق، وبحثنا خلاله مع الرئيس علي ناصر محمد وبعض القيادات الوطنية التي كانت موجودة هناك، معنى هذا الاتفاق، وأكدنا لهم أن ما تم التوقيع عليه أو ما تم الاتفاق عليه من برامج نضالية مشتركة تضع القضية الجنوبية في مقدمة القضايا التي تحتاج إلى إدراك واعٍ، ومعالجتها المعالجة العادلة والسليمة التي تحافظ على وحدة أبناء اليمن، وتعيد الأمور إلى نصابها، وهذا الأمر برنامج نضالي لا يمكن التخلي عنه.

* وما كان ردهم؟

- الردود ترتبط في الأخير بما الذي سينتج في الميدان؟ عندما تبدأ الخطوات ويدرك شركاؤك أن ما أبلغتهم به صحيح، لا شك أن الشراكة هذه مقدرة من الجميع ولم يدخلوها إلا لحاجة وطنية واعية، فبإذن الله يثبت لكل شركائنا أن برنامجنا النضالي الذي سرنا عليه لا يمكن أن نتنازل عنه.

* لماذا غاب عن قائمة المشترك ممثلو "الحراك"؟ هل المسألة تعتقدون أنه بالإمكان الوصول إلى حلول للقضية الجنوبية في ظل غياب ممثلين لـ"الحراك"؟

- ما يحصل في الجنوب أمر ليس سهلا، ولا يمكن التعامل معه بخفة. الحقيقة أن ميلاد الجمهورية اليمنية حدث بارز في حياة اليمنيين وتاريخهم، وما يحصل اليوم ابتعاد كبير عن المعاني التي قامت من أجلها الوحدة، وهذا لا يعني أن الوحدة محملة عبء الممارسات الخاطئة المخالفة لروح اتفاقية الوحدة، ولكن يعني أن علينا أن نعي أن الوضع اليوم ليس سليما، وقد أفرز بعض التداعيات التي تحتاج إلى معالجة.

وبالتالي ليست القضية أن يأتي فلان من الحراك ليكون معي وغدا يخرج في الإعلام ليصرح ضدي. نحن أصحاب مشروع واضح، من دخل ضمن هذا المشروع يدخل على أسس سليمة وصحيحة، البعض قد يتوافق معك ولكنه يريد أن يرى منك خطوات في الميدان متقدمة.

الحوثيون و"حاشد"

* في ما يخص قضية صعدة، تمكن الحوثيون من السيطرة على حرف سفيان، وهناك من يقول إنه لم يعد أمام الحوثي غير حاشد، وهناك من يقول إنه أصبح لديه أنصار داخل هذه القبيلة. ألا تستشعرون خطورة من هذا النوع؟

- إذا كان هناك خطورة كما تشير، فقد لا تكون الخطورة على حاشد بقدر ما هي خطورة على الوضع في البلاد بشكل عام، وبالتالي هذا يدفعنا إلى أن نطالب بشكل أكبر بمعرفة ما يجري في صعدة، وفي وضع الآليات التي تحقق إيقافا حقيقيا للمواجهات بين أبناء اليمن.

في ما يتعلق بالفكر؛ نحن نعيش في ظل دستور يعطي الحق في الحرية الفكرية في الأطر الشرعية والقانونية المتوافق عليها، طالما لديك فكر لا يختلف مع هذا الأمر، فلك الحق في عرضه على من تريد، ومن اقتنع به اقتنع، والاقتناع بفكر لا يعني أن الناس يتقاتلون من أجله أبدا.

 

من وجهة نظري أن اليمن التي حملت راية الإسلام من خلال أبنائها الذين كانوا في طليعة الفتح الإسلامي هم من أقرب أبناء الإسلام إلى معاني الإسلام الحقيقية، ومخزونهم التاريخي في التنوع الفكري في الإطار الشرعي والفقهي مخزون غني وقادر على تلبية حاجاتهم، هم حملوا الإسلام إلى كثير من المناطق، ولا يمكن اليوم أن يستوردوه من أية جهة من الجهات.

وإذا كانت العملية عملية فكر فلا تتم مواجهتها إلا بفكر، وكلٌّ يبشر بما يريده طالما لا تمس أصول الدين، وما يتوافق الناس على أن يكون إطارا للوطن لا يمكن أن يمسه.

* صحيح أن المشكلة ستكون مشكلة وطنية، لكن "حاشد" الآن في مواجهة مباشرة مع الحوثيين..

- [مقاطعاً] دعونا لا نضخم الأمور. أعتقد أنه ليس من المصلحة أن نحاول أن نظهر أن المشروع الحوثي مشروع مواجه للقبيلة في اليمن في صعدة أو في غيرها، لأنه في هذه الحالة يفهم (الحوثي) أن العبء الذي سيكون عليه كبير جدا. ما نفهمه اليوم أن القتال بين الحوثي والسلطة كما يقول الحوثيون هو دفاع عن أنفسهم ضد هجمات السلطة عليهم، ونفهم ويفهم غيرنا أن السلطة أدارت الحرب بطريقة غير شفافة، وعندما دفعت ببعض الأشخاص في مناطق معينة لمواجهة الحوثيين، تركتهم عندما بدأ الحوثي يواجههم، وهذا ما حصل في حرف سفيان، وهذه ثلمة من ثلمات السلطة في إدارتها للحرب.

إذا كان المعنى الذي يفهمه بعض الصحفيين حقيقياً، فالأمر يستوجب من مشائخ اليمن أن يقولوا إنه لم يعد هناك دولة، وعلينا القيام بحماية المنظومة القبلية ضد المد الذي يستهدف نفوذنا، وهنا المعادلة خاسرة للدولة أولا ولأية جماعة تعتقد أنها قادرة (على مواجهة القبيلة)، لأن الشيخ في أية منطقة ليس معينا من قبل جهة ما، بل هو مختار من قبل أبناء المنطقة أنفسهم، وإذا أردت أن تغيره فعليك أن تقنع الناس بتغييره وسيغيرونه، أما إذا أردت أن تقهر إرادتهم وإظهار أنك ستتجاوزه، فإنك إذا كانت موازين القوى لمصلحتك في وقت معين فيمكن الناس يرضخون لك لكنهم سينقلبون عليك، وقد شاهدنا هذا في مناطق أخرى قامت ضد المشائخ وأخرجتهم، وفي ما بعد رجع الشيخ أو حفيده واستقبله الناس بمواكب مهيبة، لأن (إخراجهم) قهر لإرادة هؤلاء الناس أنفسهم، فالسلطة داخل القبيلة هي تعبير عن رغبة أبناء هذه القبيلة نفسها، وبالتالي علينا أن ننظر للأمر بمنظارين، لا أعتقد أن هناك اليوم في قضية صعدة حاجة أكبر من حاجة الناس أن يعرفوا ما يجري بشكل شفاف، وأن تتوقف السلطة عن استخدام هذه القضية لمصالح آنية أو شخصية، وأن يتوقف الاقتتال في كل المناطق سواء بين السلطة والحوثي أو جماعة الحوثي مع القبائل.

أما إذا لزم الأمر وأصبحت القضية أن الحوثي ضد المنظومة القبلية، فهنا سيكون مشائخ اليمن مدعوين لمعالجة هذا الأمر، لأنه إذا جرى هذا الأمر في حاشد فإنه سيكون في غيرها أسهل.

* أنت، بصفتك الشيخ حميد الأحمر، والإصلاح كحزب، بعيداً عن "المشترك"؛ تتصدرون المعارضة، تقدمون أنفسكم كبديل لعلي عبدالله صالح، ولعائلة الحكم، لكن المعادلات التي تخضعون لها في أدائكم السياسي هي نفس المعادلات التي يخضع لها الرئيس في حكمه. هل يستطيع الشيخ حميد الأحمر، وحزب الإصلاح، مثلاً، الخروج على المعادلة التي تتمثل في تحالف الشيخ حميد وحزب الإصلاح مع القبيلة؟ هل تستطيعون أن تتحرروا من العلاقة القائمة بين اليمن والسعودية؟ وهل تستطيعون أن تخرجوا من معادلات التحالف مع مراكز نفوذ عسكرية، مثل علي محسن الأحمر، الذي كنت طرحت اسمه كاسم مقترح للترشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية الماضية؟ وهل تستطيعون الخروج من معادلة التحالف مع السلفيين والجماعات السلفية؟ ما الذي لدى الشيخ حميد، وحزب الإصلاح، من تصور لأسس حكم ينطلق من منطلقات غير هذه المنطلقات السائدة التي أنتجت هذا النظام؟

- التجمع اليمني للإصلاح حزب وطني ذو تاريخ ناصع ولله الحمد، يمثل فكراً أصيلاً لأبناء اليمن، وتاريخه يزخر بقيادات قامت بأدوار، في أوقات مختلفة من تاريخ اليمن المعاصر، وظلت تراكم هذه النضالات بشكل سليم، ولها مواقف صادقة من أجل الوطن. انحاز الإصلاح، كحزب وحركة، إلى ما فيه خدمة الوطن في كل مراحله. بنى تحالفات من أجل اليمن، وخاض خصومات من أجل اليمن، وفقاً لمنهج وسطي سليم وواضح أثبت قدرة كبيرة على فهم الواقع، وعلى الانفتاح لما فيه مصلحة الوطن والدين بشكل سليم. تحالف مع غيره بوعي، وكان هو العمود في هذا التحالف الذي يسمى "المشترك"، دون الإنقاص من أهمية الغير، فكل واحد منهم جزء مهم في هذا التآلف الكبير لأيديولوجيات سياسية عريقة ارتضت أن توحد جهودها في مشروع وطني عملاق. لذا من الظلم أن تقول إن الإصلاح يمكن أن يبني أي تحالفات من أجل قضية نفعية. وإذا افترضنا أن هناك تحالفات مع قبيلة أو مع جهة ما لغرض نفعي، فإنه كان من الأولى للإصلاح أن يبقى تحالفه مع من في يده المصلحة، وهو الأخ الرئيس، لكن الإصلاح لم يفعل ذلك، واختار أن يقود المعارضة، مشاركة مع غيره، ويعزز ويؤسس للنضال السلمي من أجل نيل المطالب، ويبقى في هذا الخط، وفي هذا النهج، بثبات طيلة السنوات التي سار فيها، وهي مرحلة تدل على أن الإصلاح ليس انتهازياً، ولا يضع برامجه من أجل أن يكون هو الذي يحكم أو الذي لا يحكم، بل إعطاء الفرصة الكاملة لأن تسير الأمور بالاتجاه السليم، وأن يضع نفسه رافداً لمن في السلطة إذا سارت الأمور بشكل سليم، وإذا لزم الأمر يخرج ويعارض مثلما هو حاصل الآن. اليوم الإصلاح بناء مؤسسي بمن فيه: مثقف أو قبيلي أو رجل أعمال أو صاحب فكر كلهم ضمن إطار مؤسسات، لا يوجد حلف مع جهة أو أخرى، بل يوجد فكر يتحول إلى مؤسسة، ويتخذ قراراته بشكل مؤسسي، فيحمل هذا الفكر ابن القبيلة، أو ابن المدينة، أو غيرهما، ليس لأن هذا الشخص في المحافظة الفلانية، يمثل القبيلة، وآخر يمثل التنظيم، أبداً ليس هكذا. اليوم الجميع دخلنا الإصلاح كأفراد، وكل منا يحمل ما معه من خلفية يمكن أن يرفد بها هذا العمل النضالي في هذا الإطار السياسي. هذا هو الإصلاح من باب التوضيح.