لجنة تثبيت حكم الحوثي!!
بقلم/ د. محمد علي جبران
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 03 أغسطس-آب 2010 05:44 م

لقد كنت محقاً عندما قدمت استقالتي قبل شهرين من لجنة الحوار الوطني لأني حينها أحسست بأن أحزاب الحوثيين سيطرت على مفاصل لجنة الحوار وعندما شاهدت الكشوف المقدمة من أعضاء أحزاب اللقاء المشترك وكذلك من حزب المؤتمر الشعبي العام وجدت أن المستفيدين من تكوين هذه اللجنة هم الحوثيون، فقد استطاعوا أن يحصلوا على عدد من الأعضاء في كلا الكشفين ولهذا فإن هذه المجموعة سوف تسعى إلى شرعنة تصرفات الحوثي رغم أنها في نظر المجتمع مخالفة للقانون والدستور وإن الجرائم التي يرتكبونها تعد من جرائم الجسيمة التي ينكرها الدين والقانون مع أن الرئيس علي عبدالله صالح كان قد أعفى أحزاب المشترك من الارتباط بهذه الأحزاب عندما رفض التوقيع معهم واشترط توقيع الاتفاق مع الأحزاب الممثلة في مجلس النواب فقط وهذه الأحزاب ليس لها تمثيل شعبي.

إن عدد الأسماء التي تؤيد الحوثي في تصرفاته من الطرفين تؤهل الحوثيين بأن يكونوا أكبر قوة سياسية داخل لجنة الحوار ليس لأن حجمهم كبير وإنما لأن المؤتمر وأعوانه يرغبون في سحب البساط من المعارضة في استرضاء الحوثي بينما المعارضة كانت ساذجة حينما دخلت بأسماء متساوية لكل حزب وبما أن أحزاب الحوثية أصبحت ثلاثة بضم أعضاء من الحوثيين إلى قوام لجنة الحوار لأحزاب المعارضة وبما أنهم يكملون بعضهم البعض فاللغلبة لهم عند اتخاذ القرارات وسوف يخطب ودهم الجميع وهكذا فالسلطة والمعارضة الوطنية ترتكب الأخطاء المميتة التي سوف تقود البلاد إلى متاهات لا يعلمها إلا الله.

ليس هذا الشبل من ذاك الأسد

لقد ترك رحيل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمة الله عليه فراغا كبيرا بعد رحيله كما أن أولاده أثبتوا أنهم غير مؤهلين وغير قادرين على سد الفراغ الذي تركه هذا الرجل العظيم الذي حافظ على الثوابت رغم الصعاب التي كان يلاقيها ورغم المصالح التي كانت تضيع منه، لكن أولاده أضاعوا هذه المكانة لأنهم قدموا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة ومهما أنفقوا من أموال أو قالوا إنهم مع الوطن والمواطن فهو كلام للاستهلاك الشعبي لأن الوقائع على الأرض لا يدل على أن نهجهم مثل نهج أبيهم.

توسع الحوثيين ودعمهم

تنتقد المعارضة الحكومة والرئيس صالح على أنهم من سمح للحوثيين بالتمدد على الأرض وتوسيع رقعة حكمهم نتيجة للأخطاء التي ترتكب من قبلها ويستفيد منها الحوثيين، وتتناسى المعارضة أنها كذلك سمحت للحوثيين بالتوسع السياسي والإعلامي من خلال أحزاب الحوثية المنضوية في اللقاء المشترك، فالإصلاح بالذات سخر وسائل الإعلام المتعددة التي يملكها لصالح القادة السياسيين للحوثية ليقولوا ما يريدون ويدافعوا عن الحوثي وتصرفاته بكل وسيلة، بل وصل في بعض الأحيان إلى الدعم المادي إذ يتداول الوسط الإعلامي والسياسي معلومات عن تلقي هؤلاء القيادات رواتب مغرية من بعض أولاد الشيخ!!

علاقة حميد الأحمر بالحوثيين

يستغرب كثير من الناس من احتفاء الشيخ حميد الأحمر بأحزاب الحوثية رغم أن تقريبهم منه وتنفيذ مطالبهم قد جعل الشيخ حميد يضحي بكثير من أنصاره وأعضاء حزبه من أجل المحافظة على علاقته بهذه الجماعة رغم أنهم يكرهونه ويبطنون له الشر، فهذه آراؤهم عن الشيخ حميد: انتقد المكتب الإعلامي للحوثيين كلام حميد الأحمر في قناة الجزيرة وقالوا إن كل حديثه عن المظالم الأخرى ليس من أجل الوصول إلى حل وإنما لحسابات وغايات أخرى على حساب آهات وأنين الشعب «كما تعودنا منهم وتعود الشعب اليمني المظلوم عبر تاريخهم»، وقالوا في حقهم ما هو أشد وأسوا مما انتقدت به الأخت توكل كرمان، فلماذا سمح الشيخ حميد للحوثيين وقربهم وتنازل لهم ورفض حتى الاستماع لرأي زميلته في الإصلاح؟ ما هو السر في ذلك؟ ولماذا يخطط حميد؟ هل يُتوقع أن ينفصل الشيخ حميد من حزب الإصلاح وينضم إلى الحوثين إذا كانت الغلبة لهم!؟ أسئلة تحتاج إلى إجابة من الشيخ!!

القبيلة اليمنية تلقت أكبر إهانة فـي تاريخها لم يخبرنا التاريخ أن جماعة مسلحة في اليمن هدمت بيت أحد مشايخ القبائل، وتعايشت تلك القبائل على مر العصور على أعراف وعادات وثوابت لا يمكن تجاوزها من أية قبيلة أو جماعة مهما كانت قوتها، فالتاريخ يشهد أن القبائل اليمنية عندما يحصل ظلم أو اعتداء على أحد فإنها تهب للوساطة ولا تسمح لأي طرف أن يهدم البيوت مهما كانت قوته لأنه يعتبر غير شرعي وغير عرفي ومنكرا ونكيرا، مصداقا للآية (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، وما حدث الأسبوع الماضي عندما قام الحوثيون بنسف بيت ابن عزيز يعد هذا منكرا ونكيرا لا تقره الشرائع السماوية أو الأعراف القبلية ويجب على قبائل اليمن أن تتجمع وتلزم الحوثي بالتوقف عن هذه التصرفات وتقديم المتورطين من أتباعه للعدالة والقصاص منهم جميعا طبقا للأسلاف القبلية اليمنية ما لم فإنهم سوف يكونون من ضحاياه في المستقبل!!

الدولة تنهار والنخبة تتصارع

تزامن تشكيل هيئة الحوار مع انهيار العملة الوطنية بصورة لم نشهدها في العقود الماضية وبدلا من عقد اجتماع مشترك للمعارضة والسلطة للتدارك الموقف والخروج بحل يوقف النزيف للاحتياطي النقدي من العملات الصعبة وتوقف انهيار القوة الشرائية للريال اليمني نتيجة لم يحدثه من أضرار على المواطنين في حياتهم المعيشية ويزيد من حجم البطالة والفقر.. إلخ. كان الجميع مشغولا بترتيب أسماء لجنة الحوار وكأن الحياة المعيشية لا تهم هذه النخب مع أنهم يسعون لحكم هذا الشعب، وإن عدم اهتمام النخب السياسية في السلطة والمعارضة بهذا الموضوع الذي يهم جميع أفراد الشغب يدل دلالة واضحة أن هذه النخب غير مهتمة باحتياجات المواطن الذي تتصارع من أجل حكمه، كما أنه يدل أنها فقدت شرعيتها وثبت أنها غير مؤهلة للحكم فالجميع ليس لديهم حلول أو لأنهم مشغولون بمصالحهم.

وثانيا إنهم يمارسون سياسة واحدة: التنكر للكوادر الوطنية في أحزابهم أو من المستقلين، وقائمة الأسماء تدل دلالة واضحة على تجاهل أهم مشكلة تواجه اليمن وهي المشكلة الاقتصادية ولم تتجاوز نسبة الخبراء والاختصاصين في المجال الاقتصادي 1%، أما خبراء المال والنقد فلا يوجد عضو واحد ومعظم الأسماء أما سياسيون أغلبهم مهرجلون دمروا البلاد بعويلهم وصراعهم على السلطة أو «مزوملون» لا يستطيعون تقديم شي في هذا الحوار، أو وزراء ومسؤولون قدماء وجدد لم يستطيعوا توفير دبة الغاز للمواطن فما بالك أن يخرجوا اليمن من محنتها؟ وبعضهم تلطخت يداه بالفساد –على حد تعبير الأخ الرئيس في خطابه الأخير ولم تستطع المعارضة أن تضع فارقا أخلاقيا بين اختياراتها واختيارات السلطة.

الاختيار والتعيين

وعندما تطلع على الأسماء التي قدمتها أحزاب اللقاء المشترك تراها تدل دلالة واضحة أن الشيخ حميد الأحمر يلعب دور كبيراً في تحديد الأسماء ولكن أثبت بهذه الأسماء أنه لا يوجد فرق بينه وبين المؤتمر الشعبي فالذين تقاعدوا أو عزلوا من المؤتمر الشعبي أو من الحكومة بدون سبب ليس لأنهم انتقدوا السلطة أو الفساد المستشري فيها وإنما لأغراض شخصية وجدوا مكانة على حساب أحزاب اللقاء المشترك وبالذات حزب الإصلاح، فماذا تتوقعون أن يقدم الوزراء الذين ثبت فشلهم في أعمالهم السابقة في الحوار الوطني أو للشعب إذا ما تم تشكيل حكومة وحدة وطنية!؟ إذاً، لا فرق بين المعارضة والسلطة في التصرف وتعيين الأعضاء. لقد سلموا حكم البلاد للحوثي أن لم يكن جميع المحافظات اليمنية فعلى الأقل المحافظات (صعدة ، الجوف، عمران، حجة). والله غالب على أمره..

ترقبوا -أيها اليمنيون- المصائب القادمة عندما يمنع الحوثيون الناس من الصلوات في الجوامع ويهدمون البيوت على رؤؤس ساكنيها.

Dr_jubran@yahoo.com

*عن الأهالي