آخر الاخبار
الخبير الاقتصادي محمد الصبري
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 8 أيام
الثلاثاء 14 إبريل-نيسان 2009 07:31 م

أجرى الحوار فهمي العليمي – الصحوة نت

أنت صاحب نظرية "إذا ما فيه إصلاحات اقتصادية جذرية لن تكون هناك موارد مالية كافية لدفع المرتبات" في الآونه الاخيرة ومن فحوى رسالة الرئيس للحكومة.. هناك من يسرب بأن الحكومة قد وصلت إلى مثل هذه التنبئوات؟

انا فعلاً تعاطيت مع مثل هذه الإطروحات منذ عام 2002 عبر رسائل خاصة وعامة منذ كنت في البنك الدولي حيث كنت أدعو بأن الفرصة مواتية للحكومة لإستغلال الفوائض المالية في الموازنة وفي ميزان المدفوعات لإجراء إصلاحات اقتصادية جذرية تحد من النفقات الجارية لصالح تنامي النفقات الاستثمارية والتي بدورها ستعزز من فرص توسيع القاعدة الضريبة مع إجراء إصلاحات ضريبية وجمركية لتنامي الايرادات العامة للدولة.. ومع ذلك لا اعتقد بأن المالية العامة في الوقت الحاضر قد وصلت إلى مثل هذه الحالة لكنها قد تصل إلى مثل هذا المأزق في قادم الايام فيما لو أستمر الحال عليه وما لم تتخذ إجراءات صارمة تجاه الغش الضريبي والجمركي والتهرب الضريبي والتهريب الجمركي، والذي ينبغي ان يترافق مع رفع كفاءة وفعالية الانفاق الحكومي بما فيها تحرير اسعار المشتقات النفطية وإعطائها للقطاع الخاص ليتولى عملية الاستيراد والتسويق لمثل هذه السلع مثلها مثل المواد الغذائية وهذا للآسف شر لا بد منه،

هل رسالة الرئيس تعتبر أعتراف ضمني من وجهة نظرك بأن الحكومة لم تتخذ اي إصلاحات اقتصادية؟

في تقديري الشخصي بان لإجراءات الحكومية الأخيرة الداعية الى خفض النفقات وزيادة تحصيل الايرادات كانت موفقة جدا لكن ما مدى صدقية تطبيقها وتنفيذها على ارض الواقع ولهذا كما أتمنى لو تتعاطي المعارضة والقطاع الخاص مع الإجراءت الحكومية بإيجابية وتدعم الحكومة بكل الوسائل وتراقبها وتتجرد من مصالحها الاقتصادية والسياسية لصالح الإصلاحات الاقتصادية فنحن جميعا سنغرق ومن العيب على المعارضة ان تزايد على الحكومة في مثل هذه الظروف المالية القاتله وعلينا ان نقتدي بكثير من الدول التي يتناسى فيها الفرقاء السياسي خلافاتهم عندما يأتون إلى القرارات المصيرية والاقتصادية،

لكن من يتحمل وزر ما وصلت الية اولاضاع الاقتصادية؟

من الواضح بأن حكومة المؤتمر الشعبي العام منذ عام 1997 تتحمل جزء كبير من وزر الإخفاقات إن لم يكن كله لكن هذا لا يعني بأن على المعارضة أن تتشفى من الحكومة وتساهم في عرقلة مسيرة الاصلاحات في قادم الايام، فعلى الطرفين نسيان الماضي والبدء يصفحة جديدة وخاصة أن الرئيس قد تراجع وأثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة للمؤتمر وبالتالي فالذي مضى ما يعود حيث ضاعت علينا فرصة كبيرة جدا في عملية الاصلاحات واستغلال فوائض الموارد المالية التي من الله بها على اليمن جراء ارتفاع اسعار المشتقات النفطية، لكن ما يجب على المعارضة ان تتغنى ليل نهار بمثل هذه الاخفاقات ولهذا أنا أدعوها أن تكون صادقة مع نفسها ومع الشعب وتضع نفسها في موضع الحكومة حيث تتجرد من مصالحها السياسية الضيقة وتسعى نحو الحكم من خلال مواصلة الضغط على الحكومة بإجراء إصلاحات سياسية صارمة تجاه المنظومة الانتخابية لكنها في نفس الوقت تدعم الحكومة بكل الوسائل والسبل لإجراء إصلاحات إدارية واقتصادية وسعرية خلال العامين القادمين بحيث تحسن من البيئة الاستثمارية وتعزز من فرص النمو الاقتصادي وتحد من الاختلالات المالية والادارية بحيث لو استلمت الحكم في قادم الايام تكون البيئة الاقتصادية مواتية للنمو،

  إذاً ان تقر بأن حكومة المؤتمر اخفقت في إجراء إصلاحات إدارية واقتصادية؟

لكني ايضا أقر بأن المعارضة تتحمل جزء من وزر الإخفاقات فبسبب مزايدتها وإستغلالها السياسي للظروف الاقتصادية حيث أحبطت كثير من الإصلاحات الاقتصادية فعلى سبيل المثال وليس الحصر، للمعارضة دور كبير في تسييس إلغاء دعم المشتقات النفطية، وتسييس قانون ضريبة المبيعات، وتسييس إستراتيجية تحديث الخدمة المدنية والوظائف العامة، ولو كانت هناك نظرة مجردة لمثل هذه القضايا الاقتصادية والمالية والادارية لم تم تسييسها أنظر كيف تستغل تنفيذ استراتيجية الاجور سياسيا من قبل المعارضة وانظر كيف تسيس الوظيفة التربوية من قبل النقابة بل من المضحك المبكي بأن إستراتيجية تحديث الخدمة المدنية كانت تستهدف خفض الموظفين بمقدار 64 ألف ما بين 2000-2008 لكن الذي حصل العكس تماما زاد عدد موظفي الخدمة المدنية من 351 الف في عام 2000 إلى أكثر من 500 ألف في عام 2008 وكذلك دعم المشتقات النفطية حيث كانت متواضعة في عام 2000 في حوالي 11$ مليون دولار ومن ثم تزايدات حتى اصبحت أكثر من 2$ مليار دولار في عام 2008 وهكذا استسلمت الحكومة للضغوطات الاجتماعية والسياسية التي مارستها المعارضة ولو كان هناك دعم من المعارضة ونظرة متوازنة لخدمة الوطن لما وصلنا إلى ما وصلنا الية فالمعارضة يجب ان تكون الوجه الاخر للسلطة وليس المحبط الاخر للسلطة، 

  لكن المعارضة سبقت وان حذرت الحكومة من تلك المخاطر، وهي لا تطالب بأكثر من إلتزام الحكومة بوعودها وبرامجها وخططها؟

نعم هناك بعض أصوات من المعارضة تطالب الحكومة بتنفيذ البرامج والخطط التي أعدتها الحكومة لكن ذلك من باب تبرأة للذمة ومن باب إسقاط واجب وهذا في تقديري لا يكفي حيث المطلوب من المعارضة إذا كانت متفقة مع الحكومة في خططها وبرامجها فعليها أن تساعدها للتنفيذ وتراقبها وتنصحها في حال الإعوجاج أما أنها فقط تترصدها من أجل التشوية فهذا ليس بعمل وطني، المعارضة مثل الحكومة في كثير من القضايا غارقة في العموميات ولا تمتلك أي برامج محددة لكل قضية من القضايا الاقتصادية والإدارية القابلة للتطبيق حيث ينبغي على المعارضة أن تشد المئزر وتعد برامج إجرائية محددة مطالبها للحكومة بتنفيذها فمثلما هي تمتلك إجراءات محددة لإصلاح المنظومة السياسية عليها أن تعد مثل تلك الإجراءات للمنظومة الاقتصادية لكن الان كلما تمتلكه المعارضة هو الاعتقاد بأن الإصلاحات السياسية هي المدخل للإصلاحات الاقتصادية والإدارية وبالتالي مركزة جل جهدها في المناورات السياسية تاركين الهموم الاقتصادية للمستقبل السياسي.. سيقول قائل بأن المشترك يمتلك ما يسمى ببرنامج الاصلاح الشامل وهذا صحيح ومحمود عليه لكنه في تقديري لا يرقى إلى مستوى خطة عمل وبرنامج إجرائي فهو عبارة عن خطوط عريضة بجمل إنشائية سياسية .

لهذا كم نتمنى لو تشكل منظومة أحزاب المشترك لجان لعملية إعداد إجراءات تنفيذية لبرنامجهم الشامل بمعنى خطة عمل لإصلاح كل قضية من القضايا الاقتصادية والادارية.. فمثلاً ما هي الإجراءات التي سيتخذها المشترك فيما لو نجح في الانتخابات وشكل الحكومة لحل قضية من القضايا المالية مثلاً "تعزيز عملية تحصيل الإيرادات وترشيد النفقات" هذه جملة إنشائية سياسية موجودة في برنامج الرئيس الانتخابي وشبيهها في برنامج المشترك الانتخابي لكن لو نأتي إلى عملية تنفيذها تتطلب مجلدات من القوانين واللوائح والإجراءات التنظيمية بل تتطلب ثورة على أوكار الفساد فالمؤسسات الايرادية والانفاقية مصدر الفساد المالي والإدراي وبالتالي لماذا لم تتبني المعارضة بمثل هذه القضايا وتجعلها محور حوارها مع الحكومة والمؤتمر، 

  انتقادات الرئيس للحكومة وفي هذا التوقيت بالذات اعتبرها سياسيون مقدمة لجرعة جديدة ومبررا لإقالة حكومة د. علي مجور أو إجراء تعديل وزاري واسع عليها، هل باعتقادك أن التعديل الوزاري أو إقالة الحكومة سينجح في معالجة تلك الإختلالات التي تحدث عنها الرئيس؟

ملاحظتي حول التشكيلات أو التعديلات الوزارية منذ عام 2003 بأنها ترتيبات سياسية أكثر منها إحتياجات إدارية وبرغم أنه لا ضير في مراعاة البعد السياسي إلا أنه ينبغي مراعاة البعد المهني فهناك بعض من الوزارات تستحمل البعد السياسي لكن البعض الأخر لا تستحمل سوى المهنية والكفأة والمؤهلات وبالتالي ليس من الواضح بماهية المعايير التي سيستند عليها في إعادة تشكيل أو إعادة تعديل الحكومة الحالية .

أما فيما يتعلق بمدى نجاح أي حكومة لمعالجة الاختلالات فهذا في تقديري يعتمد على مدى الإنسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمجالس المحلية في عملية تسنين وتشريع اللوائح والقوانين ومن ثم عملية تنفيذها من قبل السلطة التنفيذية على المستوى المركزي والمجالس المحلية والمكاتب التنفيذية على المستوى المحلي.. خذ على سبيل المثال قضية المياه..تشريعيا هناك قانون للمياه (نسبيا جيد) لكن ما مدى تنفيذه على مستوى كل شبر من أرض اليمن ليس فقط بعملية تنظيم حفر الابار لكن ايضا بمراقبة عملية استخدام المياه وتحديد ما هية الأولية الاستخدام لهذه السلعة النفسية في حياة الامم والشعوب هل استخدامة للزراعة أولى من استخدامها للاغراض المنزلية أم افضل للصناعة فضلاً عن مراقبة الاستخدام بحيث لا يؤدي إلى أضرار بيئية على منطقة البئر والمناطق المجاورة لها مثلما حدث في منطقة الحيمة في تعز او ما يحدث الان في حوض صنعاء وفي حوض حضرموت من قبل شركات البترول، هل تستطيع السلطة التنفيذية من دون مساعدة أعضاء مجلس النواب وتعاون المجالس المحلية للحد من الحفر العشوائي والحد من تبذير استخدام المياه في الزراعة بدلا من إدخارة للاستخدامات المنزلية، هل تستطيع الحكومة تنفيذ استراتيجية المياه من دون تعاون ابناء المجتمع للالتزام باللوائح والانظمة بحيث تتحقق الفائدة للجميع.. خذ مثل أخر الكهرباء فهذه تحتاج دولة حازمة، ونظام إداري حكيم، وأمانة واخلاق من قبل موظفي الكهرباء ومستهلكين الكهرباء، فالقضية الحالية للكهرباء بأنها ليست فقط غير كافية بل ايضا رديئة وتعيش في دوامة أزمة مالية، السبب ان كثير من المتنفذين ما يدفعوا الفواتير، وجزء كبير من التيار يسرق من خلال الربط غير القانوني، وغش في استخدام المشتقات النفطية، فالكهرباء برغم محدوديتها ثروة منهوبة من قبل المواطن والمسئولين

من هذا المنطلق نجاح وفشل أي حكومة يعتمد على مدى نجاحها وفشلها في إشراك الجميع في عملية التنفيذ وإحداث ثورة إخلاقية لمحاربة الغش والخداغ والكذب في عملية استخدام الموارد العامة وصدق الشاعر عندما قال" إنما الأمم الاخلاق..فإن ذهبت اخلاقهم ذهبوا" واليمن تعيش ازمة اخلاق وضمير مما يجعل التاجر يتهرب من دفع الضراب والمواطن يتقاعس من دفع الزكاة وعضو مجلس النواب يتخوف من قول الحق حتى لا يتضرر انتخابيا والمعارضة تزايد لمكاسب سياسية تافه، 

ما دام وانت تحدثت عن الأخلاق والحكمة وأهميتها في التنمية .. هل يعني بأن على الرئيس أن يضيف بعد ثالث عند تعيين الوزراء وهو البعد الاخلاقي؟  

القصص النبوي علمنا بأن البعد الاخلاقي هو الاساس في التعيين وقصتي يوسف وموسى عليهما السلام خير دليل مصداقا لقوله تعالي على لسان بنت شعيب لأبيها "أستأجرة يا أبتي إن خير من استأجرت القوي الأمين" يقول المفسرون بأن القوي يعني الكفؤ والمؤهل في عملة أما الأمين فهو الانسان المحافظ على العهد والأمانة الذي اؤتمن عليها حيث وكما قال أحد خطباء المساجد بأن الأمانة من الأخلاق الفاضلة وهي أصل من أصول الديانات ، وعملة نادرة في هذه الأزمنة ، وهي ضرورة للمجتمع الإنساني ، لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم ، وصانع وتاجر ، وعامل وزارع ، ولا بين غني وفقير ، ولا كبير وصغير ، ولا معلم وتلميذ ، فهي شرف للجميع ، ورأس مال الإنسان ، وسر نجاحه ، ومفتاح كل تقدم ، وسبب لكل سعادة ، وليست الأمانة محصورة في مكانها الضيق الذي يعتقده كثير من الناس بأنها أداء الودائع التي تؤمن عند الناس ولا عجب أن تجد دولة مثل أمريكا تتحلي في كثير من أعمالها الداخلية بهذه الصفات أما نحن في اليمن فالجميع يمارس السياسة الطالب في مدرسته والتاجر في متجرة والمسئول في مكتبه لكن للاسف ممارسة السياسة بمعناها الضيق "الكذب على بعضنا البعض بدلوماسية" حيث طغى الكذب على كل شئ في حياتنا بينما الله سبحانه وتعالي يقول ""وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غادقا" اين الاستقامة في العمل الحكومي والمعارضة وفي العمل الصحفي هناك معادلة إلهية أخرى تقول "وقلت استغفروا ربكم أنه كان غفار يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعلكم جنات ويجعلكم أنهار" ولهذا كم سيكون مفيد لو شعب الحكمة يتعامل بالحكمة في جميع شئون حياتنا السياسية والاقتصادية، هل لو كان هناك خوف من الله ستحدث أحداث صعدة بل هل لو كان هناك عداله وأمانه واخلاق سيحدث ما بيحدث في ابين الآن، إننا بحاجة حكومة وشعب للرجوع إلى اخلاقنا الاسلامية وليس المزايدة على مدارس تحفيظ القران والمساجد، 

•  تقارير دولية حديثة أخرها تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصادية البريطانية، حمل السلطة مسؤولية المخاطر المحدقة بحياة اليمنيين ووطنهم ووحدتهم، بسبب ما اعتبرته تداعيات الأزمة المالية العالمية كيف تقيمون ذلك .

أي تقييم خارجي غالبا ما يكون محايد وقليل ما توظف الجوانب السياسية للإبتزاز السياسي ووحدة الاستخبارات الاقتصادية البريطانية من تلك الوحدات الدولية المشهود لها بالكفأة التي تعمل بمهنية تجاه القضايا الاقتصادية والسياسية وانا متابع لتقاريرهم منذ بداية الثمانينات وطريقة عملهم يغلب عليه الطابع المهني بحيث يقوموا برصد كل ما يجري في الوطن بغض النظر عن المصدر ومن ثم إعداد قاعدة بيانات اقتصادية وسياسية حيث والوحدة تمتلك قاعدة بيانات لليمن تعود إلى بداية السبعينات ومن وقت إلى اخر يقوموا بعمل مسوحات او استبيان ومن ثم الخروج بنتائج تخرج على شكل تقارير، أما من حيث تحميلهم للسلطة بمخاطر الإنزلاق فهذه من البديهيات فالسلطة هي المسئولة فإذا حققت اي نجاحات فالفضل يعود لها وأي اخفقات ستعود لها وانا شخصيا في مقال منشور في صحيفة الناس تحت عنوان "مستقبل وطن في حضرة الرئيس والمنشور ايضا في مواقع الصحوة نت والتغيير ومارب برس حملت حتى فخامة الرئيس وليس فقط السلطة مخاطر الإنزلاق إلى الهاوية إذا يحكم العقل في القضايا السياسية والاقتصادية،

•  كخبير اقتصادي كيف تفسر عدم قدرة الأجهزة الحكومية على استيعاب المنح المقدمة لليمن وفي مقدمتها تلك المبالغ المقدمة في مؤتمر المانحين المنعقد في لندن؟

مشكلة عدم استيعاب المنح والقروض في اوقاتها المحددة هي ليست جديدة وإنما هي قديمة تعود إلى منتصف السبيعنات حيث والحكومة تعودت على ان يأتي المانحون لعمل تقييم بماهية المشاريع المطلوبة للتنمية ومن ثم إعداد وثائق للمشاريع والتي تتضمن كيفية التنفيذ ومن بعد ذلك تسويقها على الممولين بعد إعداد وثيقة القرض او المنحة ومن ثم الإشراف على تنفيذها وكان هناك ثلاث وسائل للتنفيذ فالأولى هو أن يقوم المانحين بإعداد وثائق المشاريع وتنفيذها مثلما كان حاصل بالنسبة لمكتب دولة الكويت والمشاريع الهولندية في ذمار ومشروع دعم التنمية الزراعية من قبل امريكا، اما الوسيلة الثانية فهي توظيف الاجهزة الحكومية لعملية التنفيذ كما كان حاصل بالنسبة لمشاريع البنك الدولي، اما الوسيلة الثالثة وهو اعطاء المنحة او القرض للحكومة مباشرة وتتصرف الحكومة بطرقتها الخاصة..مشكلة هذه الوسائل بشكل عام بأنه عندما تتنقل هذه المشاريع لإدارتها وتشغيلها من قبل أجهزة الحكومة تتدهور حالتها وتندثر وأكبر مثل على ذلك هو المشاريع الهولندية في ذمار والمشاريع الزراعية في تهامة وبالتالي عندما تأسس مكتب البنك الدولي في صنعاء في عام 1997 فكر في تحاشي مثل هذه الإخفاقات فتم إنشاء وحدات تنفيذية للمشاريع الممولة من البنك الدولي بهدف تدريب الكوادر اليمنية للتنفيذ بحيث عندما تتنقل تكون هناك خبرة مكتسبة ومن هذه الأمثلة الحية هو الصندوق الاجتماعي ومشروع الاشغال العامة وأثبتت نجاحهها واستيعابها وديمومتها لكن هناك كثير من الاخفقات في بعض وحدات التنفيذ مثل مشروع الخدمة المدنية ومشروع تنمية المناطق الجنوبية وبالتالي بدأ البنك الدولي يراجع مثل هذه الأليات ويبتكر وسائل جديدة للتنفيذ ..إثناء مؤتمر لندن عبر عدد من المانحين عن تخوفهم من سوء استخدام الموارد المالية فيما لو أعطيت تلك الاموال للحكومة مباشرة لتنفيذها عبر الموازنة وبالتالي الزمت الحكومة في استحداث وحدات تنفيذية للمشاريع كون كفاءة الاجهزة الحكومية غير قادرة بل زاد الرئيس على ذلك بعرض على المانحين بأن يتولوا بأنفسهم عملية تنفيذ المشاريع لكن هناك عدد من المانحين طالبوا بإستحداث وحدات تنفيذية ولعل ما يحصل الآن من تأخير قد يعود إلى التأخير في إنشاء وحدات تنفيذية حيث وبعض الوزارات تعتبر إنشاء وحدات تنفيذية وسيلة لسلب صلاحيات الوزارات .

إذا الحكومة اخفقت في تهيئة البيئة الادارية والاقتصادية لجذب الاستثمارات واخفقت ايضا في التنفيذ؟

لا ينبغي تحميل الحكومة كل الوزر فكيفما تكونوا يولى عليكم فثقافتنا السياسية والاقتصادية والإدراية هي التي اوصلتنا إلى ما نحن فيه فالقطاع الخاص ينظر إلى الحكومة للآسترزاق والشعب ينظر إلى الحكومة للتوظيف والمسئولين ينظرون للحكومة كفرصة للاستكساب، والمعارضة تنظر للحكومة للمزايدة، وبالتالي نحن جميعا نشترك في هذه الأزمة والسبب يعود بأننا لا نمتلك ثقافة تنفيذ القوانين واللوائح والأنظمة فالتفريخ ليس فقط في الصحف والاحزاب وإنما ايضا في المؤسسات وإلا لو كان هناك عمل مؤسسى ما يحتاج لوحدات للتنفيذ وإلا ما معنى أكثر من مليون موظف لإقتصاد لا يتجاوز 25$ مليار دولار ولديا مقارنة بسيطة بولاية من ولايات امريكا وهي ارزونا حيث

1.  عدد سكان الولاية 5 مليون نسمة مقابل 25 مليون نسمة تقريبا في اليمن،

2.  الناتج المحلي للولاية 250$ مليار دولار مقابل تقريبا 25$ مليار دولار في اليمن،

3.  لكن موازنات الحكومة متساوية تقريبا 10$ مليار دولار، لكن الايرادات الضريبية تمثل 95% من إيرادات ولاية ارزونا بينما تمثل فقط 21% من الموازنة في اليمن، 

4.  عدد موظفي حكومة الولاية بما فيها الامن حوالي 75 الف موظف بينما يزيد عدد موظفي الدولة في اليمن عن 1,000,000 موظف بما فيها الجيش والامن،

5.  الولاية محدودة الموارد فهي صحراوية لكنها تصدر كهرباء لولاية كالفورنيا منتج من الغاز والنووي والفحم، اليمن لا تمتلك كهرباء حتى على مستوى العاصمة،

6.  موازنة الـ 10$ مليار دولار تدير منظومة تعليمية وصحية وخدماتيه وبنية تحتية لا وجه للمقارنة،

7.  تمتلك الولاية عدد من الانهار مستغلة استغلال كامل لكنها في نفس الوقت محافظة على موارد المياة الجوفية لأكثر من 200 سنة قادمة حيث والمواطنين يطالبون الحكومة بالمحافظة على المياه الجوفية كونه مورد صالح للشرب مباشرة من دون معالجات بينما اليمن والتي تطل على أكثر من 2000 كيلو متر من السواحل لكنها مهددة بجفاف المياة الجوفية بل وتسئ إلى إستخدام مواردها المائية وكأنها على ظفاف نهر المسسبي بل تهدره في زراعة القات والمحاصيل النقدية عديمة الفائدة فالمواطنين يريدون ماء للشرب وليس موز وعنب

من هذه المنطلق نحن نمتلك المؤسسات والقوانين واللوائح لكن التنفيذ يتم خارج المؤسسة وبعيد عن القوانين واللوائح وبالتالي يحصل الفشل الذي يتحمل وزرة الجميع،

اليست مثل هذه المقارنات تمثل مرايا لإخفاقات حكومة المؤتمر؟

  أبدا هذه قضايا وطنية مجتمعية ينبغي على جميع قوى ألوان الطيف السياسي أن تتعامل معها بإيجابية وبحيادية فتدهور التعليم و الأمن والأمان والخدمات الحكومية سببه الصراعات السياسة، فمثلا قضية التعليم الاساسي على مستوى القرية لا تستطيع اي حكومة حلها إذا لم يكن هناك تعاون مجتمعي من أصحاب الشأن بعيدا عن الخزعبلات السياسية فنحن نريد مدارس وجامعات بدون سياسة لكن للأسف الوظيفة والمنهج والإدارة التربوية تسيس فنخسر جميعا أنظر كيف سيست النقابات المهنية واصبحت بؤر صراع لا لزوم له،

في ظل هذه النظرة السوداوية للاقتصاد هل هناك أمل لإحداث تنمية مجتمعية واقتصادية تحد من البطالة وترفع من المستوى المعيشي للمواطن؟

الأمل موجود والظروف مواتية والأمر بيد القيادة السياسية لإجراء حوار اقتصادي وسياسي مع جميع قوى الوان الطيف السياسي بحيث لو حددت المشاكل السياسية والاقتصادية والادارية على المستوى الكلي والجزئي وتم إقتراح الحلول ومناقشتها بحيادية وموضوعية مع قوى الوان الطيف السياسي لتمكنت اليمن من تجاوز معظم مشاكلها بأقل التكاليف. فعلى مستوى المشاكل السياسية الآمور واضحة فيما يتعلق بالمنظومة الانتخابية وبالتالي ما على الجميع ألا الوصول الى حلول توافقية تخدم الجميع بدون اقصاء، قضية الحرب في صعدة واضحة اسبابها ومعالجتها ليست صعبة على الإطلاق لو احسنت النية من الطرفين لتمكن الجميع في عيش وسلام، وكذلك بالنسبة لقضية بعض القوى السياسية في الجنوب فالشعب كامل يعاني من نفس التحديات، أما على المستوى الاقتصادي والإداري فهناك استراتيجيات وخطط قد اسهبت في التشخيص للتحديات والمشاكل بل واقتراح الحلول، وبالتالي ما على الحكومة إلا أن تحدد ما تريد ان تقوم بتنفيذه خلال المرحلة القادمة وتقدمها لفخامة الرئيس ليتولى شخصيا إجراء حوار مع القوى السياسية الفاعلة لمساعدة الحكومة في إتخاذ مثل تلك الإجراءات التي سيكون لها تأثيرات سلبية على المدى القصير فعلى سبيل المثال :

1.  قضية النفقات العامة للدولة وكيفية ترشيدها وتحقيق فعاليتها وكفائتها (المعارضة يجب ان تكون طرف وشريك اساسي من دون مزايدة سياسية وإنما عبر ممثليها الاقتصاديين والماليين في اتخاذ القرارات والاجراءات وخاصة فيما يتعلق بالدعم وممثلي المعارضة في البرلمان عليهم تقديم رؤيتهم بموضوعية فيما يتعلق بالنفقات الجارية والمرتبات )

2.  قضية الايرادات العامة وكيفية زيادة تحصيلها والحد من التهرب والتهريب (القطاع الخاص يجب ان يكون طرف وشريك اساسي في الحوار وان يراعوا مصلحتهم من خلال نظرة عادلة لمصلحة البلد ككل ويتعاملوا فيما يتعلق بالضرائب والجمارك كما يتعامل القطاع الخاص في الدول الاخرى الاردن مثلا التي تمثل الضرائب اكثر من 50% من الموازنة ...)

3.  قضية التعليم (المشكلة ليست ازمة موارد لكنها ازمة ضمير ولهذا ينبغي عدم تسييس مهنة التعليم) ولهذا على السلطات المحلية مع التربية والتعليم والتعليم العالي في إيجاد وسائل لحل المشاكل الإدراية التي بتسبب كل المشاكل، وهكذا تنظر كل قضية من جميع جوانبها المجتمعية والسياسية والادارية وحفظ الله اليمن وشعب الايمان من كل سوء ومكروه .