نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية #لا_لتطييف_التعليم.. حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تكشف عبث الحوثي بالمناهج وقطاع التعليم حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها
بكل بساطة هناك انتهاكات ضد حقوق الإنسان في أماكن الصراع في العالم، وفي بلداننا العربية التي ضربتها موجات الحروب الأهلية الأخيرة بشكل خاص.
هذا ليس الموضوع. الموضوع هنا هو كيف يتم «تسييس الحقوقي» من قبل دول ومنظمات بعينها، لجعل الحقوقي ممتزجاً بأجندة سياسية، وبشكل لا يقل بشاعة عن توظيف الأديان لخدمة السياسات.
يتجسد «تسييس الحقوقي» في الانتقائية التي تميز السلوك الانتهازي، ليس للدول وحسب، ولكن لمنظمات حقوقية لا تخلو تقاريرها من محتوى وأهداف سياسية.
في تقريره السنوي الصادر الخميس الماضي، الذي من المفترض أن يقدمه إلى مجلس الأمن الدولي لاحقاً، عن «الأطفال والصراع المسلح»، الذي يغطي عام 2015، وضع بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية في الحرب في اليمن ضمن «قائمة العار» الخاصة بانتهاكات حقوق الأطفال في اليمن.
خطوة هللت لها منظمات حقوقية في اليمن وخارجه، ونشرتها على نطاق واسع وسائل إعلام عربية موالية لإيران، التي للمفارقة العجيبة، أنها تأتي دائماً ضمن قائمة الدول الأسوأ في مجال حقوق الإنسان. وبالمقابل ثارت ضجة في دول التحالف العربي، وداخل الحكومة اليمنية، التي استنكرت عدم حيادية الأمم المتحدة، مع أن التقرير ذاته وضع الحوثيين – كذلك – ضمن قائمة العار نفسها، وللأسباب ذاتها. بعد ذلك، وفي يوم الاثنين الماضي، يتم اجتماع بين ممثل لأمين عام الأمم المتحدة ودبلوماسيين خليجيين، نجم عنه رفع اسم التحالف العربي من «قائمة العار»، وإن بشكل مؤقت لتتم مراجعة التقرير، قبل تقديمه إلى مجلس الأمن.
وبغض النظر عن وجود انتهاكات، وحجم هذه الانتهاكات، فإن وضع اسم التحالف ورفع الاسم من القائمة المذكورة يضع علامات استفهام كبيرة حول «آليات وضع الأسماء وحذفها من هذه التقارير». هل أصابت الأمم المتحدة في وضع اسم التحالف ضمن القائمة، أم أصابت في رفعه منها؟
علامات الاستفهام المثارة ليست على آليات رفع التقارير الحقوقية، وجمع المعلومات الميدانية، وحسب، ولكن على حقيقة الأهداف الكامنة وراء رفع هذه التقارير، ومدى تداخل السياسي بالحقوقي لدى المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية. لاشك أن الأمين العام، برفعه اسم التحالف من قوائم العار تراجع خطوات، مما يضفي مزيداً من الشكوك حول طبيعة عمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وفيما يخص المسألة اليمنية يمكن أن تعاد صياغة علامات الاستفهام على الشكل التالي: أين مكمن الخطأ؟ هل هو عند بان كي مون؟ أم عند جورج أبوالزلف، أم عند المنظمات الحقوقية المعنية؟
أسئلة يجب أن تثار عند التعرض لعمل المنظمات الحقوقية، خاصة تلك العاملة في اليمن، في ظل نوع من التكتم الشديد الذي يفرضه القائمون على هذه المنظمات، فيما يخص طبيعة العمل، وآليات جمع المادة، وتأهيل العاملين، ناهيك عن مصادر التمويل التي يمكن أن يكون لها تأثير قوي على طبيعة تقارير هذا المنظمات التي لم يعد يخفى على المتابع أن هناك نوعاً من التداخل الواضح بين السياسي والحقوقي في تقاريرها ذات العلاقة.
وعودة إلى تقرير بان كي مون المذكور، فإنه من اللافت أنه في يوم صدور التقرير كانت الطائرات الروسية تقتل 76 سورياً في حلب، وتقتل 23 آخرين في دير الوزر، لكن الغريب أن التقرير لم يدرج اسم روسيا، ولا التحالف الدولي للحرب على الإرهاب ضمن هذه القوائم، مع وجود تقارير حقوقية تثبت مقتل آلاف المدنيين – بينهم أطفال – في الغارات الجوية في العراق وسوريا.
هناك انتهاكات لحقوق الإنسان – وحقوق الأطفال بشكل خاص – في مناطق الصراع بلا شك، لكن الانتقائية الواضحة في صياغة هذه التقارير هي ما تحتاج إلى مراجعات، ليكون التقرير الحقوقي أكثر مصداقية، وأبعد ما يكون عن تسييسه لمصالح دول، أو للضغط على دول أخرى.
المثير للسخرية في شأن تقرير بان كي مون أنه أكد على أن طائرات أمريكية أطلسية قصفت مشفى تابعاً لمنظمة «أطباء بلا حدود» في مدينة «قندوز» في أفغانستان، ما أدى إلى قتل 19 شخصا من طاقم المشفى، ومن المرضى، يوم 3 أكتوبر 2015، وقد أبلغ مسؤولو المشفى القائد العسكري للأطلسي في كابل، بعد الضربة الاولى، إلا ان القصف استمر لمدة ساعة بعد ذلك، وقد اعترف حلف الأطلسي، واعترف وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بذلك، في حينه، ووعد بتشكيل لجنة للتحقيق.
ومرة أخرى يفشل بان كي مون، الذي ذكر الحادثة في تقريره، في وضع اسم الولايات المتحدة أو حلف الأطلسي «ضمن قوائم العار». ومع كل ما ذكر، يجب بداهة الاعتراف بصعوبة فصل العمل الحقوقي عن أبعاده السياسية، خاصة في بلدان العالم الثالث، حيث تمول سفارات لدول كبرى منظمات حقوقية محلية، تراعي أن يكون المال المدفوع لتلك المنظمات الحقوقية «مالاً سياسياً»، يؤثر على صياغة التقارير التي يفترض أنها حقوقية إنسانية. لم أعد أتذكر من هو القائل إن السياسي والحقوقي ممتزجان امتزاج الملح والماء في مياه البحر، ولا بد لفصلهما عن بعضهما من عمليات مركبة وصعبة للحصول على الماء العذب، الذي يعني تقريراً حقوقياً خالصاً من أملاح السياسة وشوائبها.
أخيراً: إذا كان التقرير الحقوقي الخالي من الشوائب السياسية «فكرة مثالية»، فإن الحد من «تسييس الحقوقي»، وتقليص التداخل يجب أن يكون هدف المنظمات ذات العلاقة.