مَنْ يُعرقل الحسم في تعز؟!
بقلم/ حبيب العزي
نشر منذ: 8 سنوات و 6 أشهر و 29 يوماً
الجمعة 28 أغسطس-آب 2015 03:46 م
لماذا احتفلت تعـز بانتصارها على المليشيا؟ مع أن الحرب فيها لا تزال سِجالاً حتى اليوم، ولم تُحسَم بعد؟! سؤال طبيعي ومنطقي، قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين، خصوصاً وأنَّ وتيرة الاشتباكات قد ازدادت بعد الاحتفالات بذاك النصر.
والحقيقة بتقديري هي، أن تلك الاحتفالات إنما كانت قد انسابت بذاتها، بتلقائية وعفوية، ودون إرادة مُسبقة أو تخطيط من أحد، أكان في قيادة المقاومة أو غيرها، كما لم يكن منطقياً كبْحُ جماح فرحة عارمة، سرت كالهشيم بين أوساط الناس، في المدن والأرياف، كما في السهول والجبال، وانطلقت كماردٍ ضخمٍ يصعب السيطرة عليه أو احتواءه، بعد سماع الناس لأخبار تلك الانتصارات المتلاحقة، التي حققتها المقاومة على الأرض، بالسيطرة على العديد من المواقع الحيوية والهامة مطلع الأسبوع الفائت.
من جانب آخر، لربما أرادت المقاومة بتلك الاحتفالات، توجيه رسالة إلى الرئيس هادي وقوى التحالف، مفادها أننا قادرون على حسم معركتنا مع العدو بدونكم، في حال اقتضت الضرورة ذلك، وكأن ذاك الاحتفال كان رداً عملياً على تباطؤهم في الوفاء بوعودهم، حيال تقديم الدعم اللازم لها، من عتاد عسكري ودعم لوجستي، وكل ما يلزم لحسم المعركة.
باعتقادي أن ذاك التباطؤ الواضح من طرف التحالف في دعم معركة الحسم بتعـز، مردُّه إلى توجُّس لدى السعودية من حزب الإصلاح، المصنَّف على أنه يمثل "إخوان اليمن"، والذي يقود المقاومة عملياً على الأرض، فهي تريد أن يكون ولاء الطرف المنتصر على الأرض خالصاً لها في مرحلة ما بعد الحرب، والإصلاح ربما لن يكون كذلك حسب تصورها، أضف لذلك أن القيادة اليمنية المتواجدة في الرياض، وعلى رأسها الرئيس هادي ذاته، تلعب دوراً مهماً في تعزيز ذاك التوجس، ليُصبح تخوفاً حقيقياً.
لعلَّ الصِّبغة الوطنية التي يتمتع بها حزب الإصلاح، هي التي تجعل كل مَن لهم أجندات ومصالح مباشرة مع اليمن، ينظُرون إليه كمعضلة، أو كعقبة كأداء في طريقهم، سواء كانت السعودية والرئيس هادي وحاشيته، في مثل حالتنا هذه التي نتحدث عنها، أو كانوا أطرافاً أخرى، لهم مصالح مع اليمن بشكل أو بآخر، على الرغم من أن المتابع العادي لمسيرة هذا الحزب، يرى غير ذلك، فحزب الإصلاح عُرِفَ بتمتعه ببرجماتية عالية، طوال مسيرته السياسية منذ تأسيسه مطلع التسعينيات، ويمكن التعاطي والحوار معه بكل سهولة وأريحية، وتجربة اللقاء المشترك خير مثال على ذلك.
السعودية اليوم لها أجندتها الواضحة في اليمن، وهي حماية أمنها القومي ومصالحها الحيوية والاستراتيجية، وهي عندما قرّرت خوض غمار هذه الحرب، لم تفعل ذلك إلاّ لأجل حماية تلك المصالح، وذلك لن يتأتى –وفق تصورها- إلا من خلال وجود نظاماً سياسياً موالياً -بل وتابعاً- لها، بتعبير أكثر دِقّة، كما أن الرئيس هادي وحاشيته لهم مصالحهم المعلومة أيضاً، وكُلهم يُدرك أن وجود حزب كالإصلاح على صدارة المشهد في مرحلة ما بعد الحرب، ربما يُشكل عائقاً لهم، أمام أي تسويات سياسية، من شأنها رسم خارطة طريق لمستقبل اليمن، تكون على حساب الانتقاص من سيادته واستباحة أرضه مثلاً. 
بالمحصلة .. ما يُعرقل حسم المعركة في تعز-من وجهة نظري- هو الإشكالية التي تواجه السعودية والرئيس هادي، في التعاطي مع حزب الإصلاح، فهي تريد الاستفادة منه في حسم المعركة لصالحها، باعتباره واقعاً لا يمكن تجاوزه، ولا تستطيع حسم المعركة بدونه، وبذات الوقت تتخوف من أن يساهم دعمها في تقويته واشتداد عُوده، ومن ثمَّ تصدره للمشهد السياسي لمرحلة ما بعد الحرب، ولذلك هي تُهدر كل هذا الوقت، في محاولة للبحث عن صيغة ما، لحل هذا الإشكال، لكنها بنهاية المطاف، لن تجد بُداً من التعاطي معه كأمر واقع، بسبب غياب البديل على الساحة، الذي يمكن الاعتماد عليه في حسم المعركة عملياً على الأرض.