ظواهر2
بقلم/ جمال شيبان
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين
الأربعاء 24 سبتمبر-أيلول 2014 09:59 ص
الطائفية.. لعبٌ بالنار..!!
لم يكن للصحابة والخلفاء الراشدين- رضي الله عنهم- من مذهبٍ سوى الإسلام.. فلم يكن مذهب الخليفة أبو بكر سنياً مالكياً، ولم يكن عمر بن الخطاب شافعياً، ولا عثمان بن عفان حنفياً أو حنبلياً، ولا الإمام علي بن أبي طالب شيعياً جعفرياً. لقد كان الإسلام مذهبهم جميعاً وبدون أي قيدٍ آخر..
 كلام في منتهى الرقي نشره أحد الأصدقاء في صفحته على الفيس بوك، وقد استوقفتني العبارة وعدت لقراءتها أكثر من مرة. في تقديري أنها وصفة سحرية لكل هذا التيه الذي نعيشه- نحن المسلمون- وصفة لهذا الغرق والإغراق والاستغراق في الماضي الذي نندفع ويدفعوننا إليه.. وملخص هذه العبارة : "إن الدين عند الله الإسلام".. والدين مرتبط بالجزء الروحي والمعنوي في الإنسان ويستحق منا أن نهتم ونفكر فيه ونعيش به ومن أجله. أليس ما كل أعمالنا نقصد بها رضى الله سبحانه وتعالى؛ إذاً فمن الواجب قبل الإتيان بها أن نضعها في ميزان العقل والتفكير من باب هل هذا العمل يرضي ربنا؟!! وإذا كان كذلك فإنه بمنتهى التأكيد سوف يرضي عباده الذين استخلفهم على الأرض وأمرهم بتعميرها والمشي في مناكبها..!
ومن هنا سأسحب هذه الاستهلالة على موضوع المقال الرئيس وهو من الخطورة بمكان، حيث بدأ يظهر على السطح في بلدنا والكثير من البلدان العربية في الفترة الأخيرة، وأزداد بعد أحداث الربيع العربي، ألا وهو "الطائفية" وتصنيف الناس حسب معتقداتهم ومذاهبهم. قد يقول قائل: " أن هذا الموضوع قديم" ، نعم وقديم جداً! لكنه كان يظهر على استحياء، أو من بعض ما أُصطلح على تسميتهم بـ "المتطرفين" من هذا الفريق أو ذاك، وكانت لغة العقل وتصدي العقلاء تخمد شرارات هذا الخطر قبل أن تندلع.. لكن الملاحظ حالياً أن ذلك السلوك لم يعد مقتصراً على من ذكروا؛ والأدهى والأمر أن العديد بدأوا يوقظون هذه النيران الوحشية، وقد أصبح مجالاً خصباً للتراشق بين الغالبية على اختلاف مستوياتهم.!!
ويظهر جلياً أيضاً أن الانتماءات السياسية أو الآراء الفكرية هي الأخرى بدأت تطغى على تعاملاتنا مع بعضنا، وأصبح التعصب الأعمى هو المنطق السائد، وكل ذلك لماذا؟ أمن أجل السياسة وسدة القرار؟! لا أظن أن هناك مبرراً آخر!.
أيها العقلاء تنبهوا وتداركوا الموضوع قبل فوات الأوان؛ فالفتن الطائفية إن اشتعلت نيرانها فعلى البلد السلام.
أعرف أن هناك قلوباً موجوعة لأي أسباب كانت- فالسنوات الأخيرة حبلى بالمواجع والفواجع معاً- وأن هناك خلافات عميقة، وأن الطرق لتجاوز ذلك ربما قد سُدت، ولكن لماذا لا نفكر بعقلانية وقلوب مفتوحة ونعود للمنطق وإلى جادة الصواب ومقتضاه- أن الدنيا بكلها وكمالها لا تساوي عند الله جناح بعوضة- وأن هدم الكعبة- قبلة الإسلام وبيت الله الحرام- أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم..
ولمن يبحث عن أسانيد لأفعاله؛ هذه دعوة لإعمال العقل والعودة إلى صحيح الدين، ففيه ما يسر الناظرين ويضمد جروح الموجوعين، لماذا لا تكون العودة إليه إلا لتدعيم آراء أو معتقدات البعض في التفريق والقتل- فالدين أسمى وأرفع، وحاشاه أن يكون دالاً أو دليلاً على هذه الفضائع التي تُرتكب باسمه- لماذا لا تعودون إلى صحيح الدين للبحث عن ما يلم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم؛ فعلى هذا النهج النبوي العظيم سار خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بعده والتابعين ، وقد عبر عن ذلك جلياً أحدهم وهو الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) بقوله لبني هاشم وغيرهم عندما ظهرت بوادر الصراع على الخلافة: " شقُّوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرّجوا عن طرق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة..." وبقوله: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين.." نعم هؤلاء هم صحابة رسول الله ومن تعلموا على يديه به وبهم نقتدي وعلى نهجهم نسير، فقد كان نعم المعلم القدوة وهم نعم الصحابة.
 وأخيراً إني أدق ناقوس الخطر راجياً أن لا يظن البعض أني استعجلت في طرح الموضوع؛ فأن نحتاط ونتجنب البلاء قبل حدوثه هو أفضل بكثيرٍ من محاولة علاجه بعد أن يتوغل وينتشر، وهم إن تفكروا في ما يحدث ملياً فانا على ثقة أنهم سيراجعون أنفسهم وسيقفون إلى جانبي للمطالبة بذلك، وعلى كلٍ الوقاية خير من العلاج.
اللهم احفظ اليمن وأهله، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.
* كاتب وباحث إعلامي