«هوس» الفتى لا توقفه الدماء
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 14 يوماً
الأربعاء 10 سبتمبر-أيلول 2014 12:21 م

أكتب مقالي هذا والرصاص أسمعه على مقربة مني وسط العاصمة صنعاء, وهو ماكنا نحذّر منه منذ شهور عديدة ونقلق لأجله, مررت في طريقي لمكتب إحدى القنوات الفضائية العربية من شارع العدل وقد صار ممنوعاً المرور منه والمليشيات المسلحة تنتشر فيه, والرصاص يلعلع بجوار مجلس الوزراء والدماء اليمنية تسيل, لأن «مراهق مران» أراد وحرّض على ذلك. 

أعجز عن تخيل حجم الكارثة التي يقودنا إليها هذا المراهق المهووس بالدم والمال والكرسي, هذا المراهق الذي يعمل وفق أجندة خارجية بصورة واضحة, وفي الليلة السابقة «مساء الإثنين» كان «يهرف» على شاشة قناته كممثل لشعب يدفع به إلى المحرقة ولا يرى غيره شعباً, ولا يجد لنفسه شريكاً في الوطن إلا هو ومن يسير على خطاه كـ«سيد» ويريد أن يكون «مرجعية عليا» على غرار حسن نصر الله في لبنان، تمهيداً للوصول إلى ولاية الفقيه كما هو قائم في إيران.

ففيما يعلن عن مطالب إلغاء قرار رفع أسعار المشتقات النفطية وتغيير الحكومية, لم يتوقف عن مقايضاته وطرح المطالب من تحت الطاولة بشأن مايعتبره الشراكة في صنع القرار ووصل حد الرغبة أن يكون هو من يدير كل مؤسسات الدولة تحت مبرر الأجهزة الرقابية والمخابراتية, والنيابة العامة, وتجاوز ذلك إلى طرح ميناء ميدي وحجة والجوف ليكتمل «إقليمه المفصل» أو أنه سيستولي على الحديدة كمنفذ له ومعبر لولي نعمته في طهران.

كتبت في هذه الصحيفة بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني واشتداد المعارك في حاشد والجوف وأرحب عن الإقليم المفصل الذي يسعى الحوثي إلى الاستئثار به ضمن الدولة اليمنية في الطريق إلى السيطرة على بقية شمال الشمال أو الانفصال به عنها, بعد مشاركتي في نقاش على شاشة قناة العالم الإيرانية حينها, واليوم هاهو يحوله إلى مطلب من تحت الطاولة بالتزامن مع حصار صنعاء والدماء التي تسيل فيها وفي محافظة الجوف.

نحن لا نعوِّل على الخارج رغم مواقفه الأخيرة الواضحة المنددة بتصرفات واعتداءات وأكاذيب هذا المراهق والتي تبدو ساعية لتفجير الموقف في العاصمة صنعاء والمحاولات البائسة لجر البلاد إلى مستنقع حرب، نيرانها ستحرقه قبل غيره, لكننا نعول على الشعب الذي يرفض الحروب ويجنح للسلم ويتمنى الأمن والاستقرار، وهو ذات الشعب الذي يتحدث باسمه الحوثي كوصي عليه, ولا يرى فيه إلا تابعاً له.

حتى أولئك المخدوعين الذين يتم التغرير بهم ودفعهم للمحرقة، يعتصرني الألم لأجلهم, فهم ضحايا لهذا الهوس السلطوي وهستيريا التميز العرقي, وقد كان مثلهم مخدوعين وأنصاراً للأئمة واعتدوا على صنعاء ونهبوها عشرات المرات, وصعدة المدينة ذاتها أُعتدي عليها من قبل الأئمة الأجداد أكثر من 40 مرة ونهبت، وكان القبائل الأنصار مجرد أتباع ويحصدون الفتات والأرواح فيما بينهم.

لا نرى فيمن يتحدثون من قيادات هذه الجماعة من يمكن أن نعول عليه الحكمة والرشد والعقل, فالحكماء العقلاء أمثال الدكتور أحمد شرف الدين والدكتور عبدالكريم جدبان – رحمة الله عليهما - تمت تصفيتهما بصورة غريبة أو استبعادهم من المشهد بطريقة أو بأخرى, ليخلو الجو لهؤلاء المهووسين بالقتل والدم وفرض رغباتهم بقوة السلاح و«جماجم» المخدوعين والمغرر بهم. 

أقاموا مخيماتهم على مداخل وشوارع وأحياء العاصمة صنعاء وأظهرتهم قناتهم الفضائية مدججين بالسلاح وظلوا ثلاثة أسابيع يستفزون الدولة ومؤسساتها وبقية فئات وشرائح المجتمع اليمني بخطاب تعبوي يحرض على العنف والكراهية والطائفية, وتجولت مسيراتهم في شوارع العاصمة صنعاء الرئيسية, ورغم ذلك لم يمسسهم أو يعترضهم أحد من الدولة أو غيرها.

لكنهم أرادوا إلا التصعيد والاعتداء على مؤسسات الدولة وقطع الطرقات وإغلاق الوزارات بقوة السلاح, وكلما خطب الفتى المراهق, أقدموا على اعتداءات جديدة وخطوات تصعيدية, الدم هو الذي سيكون سيولاً فيها, ولا يهتمون هم لمن يسقطون قتلى وجرحى من بين المخدوعين والمغرر بهم, فهم في كهوفهم بصعدة أو حصونهم بصنعاء, وشعارهم: «الحجرة من القاع والدم من رأس القبيلي».

ياقومنا .... يا إخواننا ... يا شركاءنا في الوطن: تعالوا إلى كلمة سواء ... تعالوا لنتعايش ونتشارك في بناء دولة اليمن وفق معايير مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي شاركتم في صياغتها.. أنتم ونحن أبناء هذا البلد ولا ننتمي لغيره, ويجب أن نعمل لأجله وليس لأجندة خارج حدوده، سواء كانت في طهران أو واشنطن أو غيرهما. 

 نقلا عن الجمهورية