خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
فذاك الرقص برائحته التي تُزكم الأنوف ليس من المنكر في شيء وهذا الرقص المبخر بالعود والطيب والمزين بالمشاقر حرام ومنكر ينبغي التصدي له ولكل المظاهر المشابهة من خلال هيئة مستنسخة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي توقيت مثير للجدل سواء لجهة الحرب على الإرهاب أم لجهة تنامي الصراع الخفي والجلي داخل السلطة .
تابعتُ -كما غيري- اللغط الذي احتدم مؤخراً بشأن تأسيس هيئة تدعى "هيئة حماية الفضيلة والتصدي للمنكرات" وهي بمجرد التأمل فيها من جهة الشكل فقط دون المضمون "مسخ" وأما من جهة المضمون بما يكتنف من بُعد أيدلوجي وسياسي فهي مسخ و"بقرون" أيضاً .
وللإفادة في جانب من هذا الموضوع فإنه يحسُن الإشارة أولاً إلى أن الهدف من خلق الإنسان -من وجهة النظر الإسلامية- هو أن يتكامل بواسطة أفعاله الاختيارية لتصح خلافته في الأرض وصولاً إلى هدف نهائي هو التقرب إلى الله أو التوحد به ، ولله سبحانه سنن مطلقة لتقريب الناس إلى ذلك الهدف ، وأهم هذه السنن وأكثرها أصالة سنتان : سنة الهداية بواسطة الأنبياء والأخرى سنة الاختبار والامتحان . وقد كان بعث وإرسال الأنبياء سنة هداية لهم ولكنها سنة اجتماعية وليست فردية بمعنى أن الرسول والنبي مهمته هداية المجتمع الذي أرسل إليه وليس هداية كل فرد في المجتمع وإلا لكان كل الأنبياء والرسل فاشلون في مهمتهم بما فيهم نبي الرحمة المهداة للعالمين وخاتم النبيين (ص) فهناك من كفر به وبرسالته وهناك من صدّق وآمن بها يقيناً وهناك من ارتضى النفاق واعتمده طريقة ومنهجاً وما أكثرهم حتى يومنا هذا . وسُنة الهداية على النحو الذي أسلفت ينسجم تماماً مع المعطى القرآني فقد هدى الله جميع الموجودات ابتداء لقوله تعالى ?ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى?(طه50) ، هذا على صعيد عام وبوصفه ميزة اجتماعية وأما على صعيد خاص وبوصفه ميزة فردية فقد منح المولى عز وجل كل فرد من الأفراد عقلاً ليدرك به الحقائق ويميز به الحسن من القبيح ؟وهديناه النجدين؟ البلد10) ، وحتى إن كان المقصود من كلا المعنيين هو الهداية بواسطة الأنبياء فإنها على كل حال هداية ذات صبغة اجتماعية لا فردية كما أسلفت .
وتتحقق الهداية من قبل الأنبياء بالطرق العادية والمتيسرة وبوسائل الاحتجاج والعقل والبرهان والحوار والإقناع والكلمة الطيبة وما إلى ذلك حيث ?لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي?(البقرة256) ?وجادلهم بالتي هي أحسن?(النحل125).
ومن الطبيعي أن يبقى أفراد أو مجموعات محرومة من الهداية لجملة من الأسباب الذاتية والموضوعية ، وهنا يُطرح سؤال في غاية الأهمية وهو هل أن إرسال الرسل والأنبياء كان معلولاً لأفعال الناس وسلوكهم ؟! والدليل على عدم صحة ذلك هو أن أول إنسان خلق هو آدم عليه السلام وقد كان بنفسه نبياً . وصحيح أن القرآن يُخبرنا أن كل أمة قد أرسل إليها نبي ?ولكل أمة رسول?(يونس47) و ?وإن من أمة إلا خلا فيها نذير?(فاطر24) ولكن الأمة مصطلح واسع وغير موضح المعالم ولا يستفاد منه أن كل قرية مثلاً قد وصلها نبي وهذا ما يؤكده النص القرآني ?ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا?(الفرقان51) ، وفي هذا المضمار بحث يطول ولكن المراد الاستفادة منه في معرض الحديث عن "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" هو أن يتعظ هؤلاء ويدركوا أن الأنبياء والرسل وهم مبعوثون من خالق الكون لم يؤمروا ولم يضطلعوا وليس شأنهم هداية كل فرد في المجتمع وأن تؤسس هيئة للقيام بهذا الدور الخطير فهو المنكر بعينه ، فلم يخلُ المجتمع الإسلامي على امتداد تاريخه من الحانات ومن ذوات الرايات الحمر ومن الملاهي ولم تكن بمجهولة فالناس يعرفون طريقها تماماً كما يعرفون طريق المسجد وحلقة الدرس والوعظ وكل فرد وما هداه عقله . وهذا يقودنا مباشرة إلى السنة الأخرى للهداية وهي سنة الاختبار والامتحان والابتلاء ففيها كلام كثير نذكر منه أنه لو لم يكن ثمة ملهى ليلي ومرقص وفندق خمس نجوم يقدم مالذ وطاب من الخمور ولو لم يكن ثمة مراكز للدعارة السرية كتلك الموجودة في صنعاء منذ زمن طويل قبل أن تعهدها عدن والحديدة فعلى ماذا سيختبر المولى عز وجل عبده المحكوم بسوق القات والجامع وبينهما هيئة الفضية والتصدي للمنكرات ؟ هل سيختبره على تفضيله شراء ربطة قات والعودة إلى المقيل على الذهاب إلى حلقة وعظ عند وعاظ السلاطين أم على امتناعه من التمتع بالوجوه النيرة واللحى المرسلة والقمصان القصيرة التي يزخر بها وعاظ "الأمر بالمصروف والذود عن العسكر"؟!.
الأمر بـ"المعروف" وماهو المعروف لغةً ؟! والنهي عن "المنكر" وماهو المنكر لغةً ونحن نفهم القرآن الكريم على أنه إعجاز لغوي في المقام الأول ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَـوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? (آل عمرن104) ، وهل يصح لغةً أن نعقد موازاة أو مرادفة بين الفضيلة والمعروف وبين الرذيلة والمنكر بحيث يمكن إحلال كلمة الفضيلة محل المعروف وكلمة الرذيلة محل المنكر هذا تساؤل برسم أهلة اللغة إن بقي لها أهل في ظل عالم محكوم بالقطيعة والتتقطع وعدم التقاطع في شيء سوى الرغبات والأمزجة السياسية حيث بات الدين بكافة مقولاته مادة لأهواء اللاعبين في هذا الميدان.
كما أن القرآن الكريم يتضمن عشرات الآيات التي تقرر حرية العقيدة بصفة مطلقة والجميع مردها إلى الفرد نفسه ولا دخل فيها للنظام وولي الأمر ووعاظه ?فَمَنْ اهْتَدَي فَإِنَّمَا يهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يضِلُّ عَلَيهَا وَمَا أَنَا عَلَيكُمْ بِوَكِيلٍ? ، ?أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يكُونُوا مُؤْمِنِينَ?. وما أكثر الآيات في هذا الباب وكلها تؤكد الصبغة الاجتماعية للدعوة والهداية والإيمان وعدم إمكانية فرضها على كل فرد. ووفقاً للتحليل الشرعي الاجتماعي الذي أسلفت توضيحه فإنه من الأهمية بمكان التذكير بأن الدور الإرشادي والتهذيبي الذي ينبغي أن يضطلع به أئمة وخطباء الجوامع كافياً ومحققاً للغرض الذي يدّعي وعاظ السلاطين أنهم يريدون القيام به من خلال هيئة الفضيلة والتصدي للمنكرات المزعومة فنحن في مجتمع بطبيعته متدين ومواظب عموماً على حضور خطب الجمعة ويُسمح في بلادنا بنقل خطب الجمعة عبر مكبرات الصوت بحيث يسمعها الحاضر والغائب وتُنقل عبر وسائل الإعلام أيضاً ، وبإمكان هؤلاء إن هم تركوا السياسة والتغريد في سرب السلطان والجندرما/ العسكر جانباً والتزموا بالدور الوظيفي التهذيبي والإرشادي والوعظي الحقيقي لمنبر الجامع أن يحققوا الغرض الشرعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا حاجة لنا بهيئة تزايد على الأمة بهذا المبدأ الإسلامي الفضفاض استدعاء ممجوجاً لهيئة كارثية جُربت في السعودية فتحولت إلى شعار إرهابي وعرف العالم كله تبعاتها والتي لا يزال حصادها المر تتوالى فصوله تباعاً ، ويا ليته استدعاء معتزلي فقد جعل المعتزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد أصول الدين الخمسة عندهم لكنهم كانوا يقدسون العقل ويقدمونه على النقل وعندما تورطوا في السياسة واستطاع السلطان/المأمون العباسي أن يدجنهم فقدوا الاثنين معاً ، من هنا لا ينبغي أن نغفل الوجه السياسي لهذه الهيئة المزعومة ومما يشار إليه في هذا المضمار أن الرقص على رؤوس الثعابين الذي يعده الزنداني والذارحي وسواهما من الوعاظ حلالاً محضاً وليس فعلاً منكراً يشمل بالضرورة استخدام الدين وتوظيفه لتحقيق مصالح سياسية ضيقة ونتنة وفي حرب صيف 94م النكرة والمُنكرة والتي باركها الوعاظ ووصل الأمر إلى تكفير شعب بأكمله واستباحة أرضه وثرواته وكرامته دليل فاضح ومنكر واضح رقص على وقعه ثعابين السلطة السياسية والدينية وكان عنوان الهيئة الحقيقي يومذاك الأمر بالمصروف/الفيد ، والذود عن العسكر/ "الفاتحون الجدد" ، وينبغي أن لا نتجاهل حقيقة من بين عدة حقائق تقف وراء إبادة شعبنا في صعدة منذ صيف العام 2004م وهي تصدير الوهابية والسلفية من السعودية إلى منطقة زيدية تُعد الجذر التاريخي والجغرافي والعلمي للزيود عبر التاريخ ثم قيام السلطة بعد 11 سبتمبر 2001م وبطريقة الرقص على رؤوس الثعابين المعتمدة كنهج وطريقة حياة للحاكم بتكثيف الدعم للحوثيين في وقت نشطت فيه السعودية لدفن (مخلفاتها) في بلادنا ومن بينها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيئة الصيت والتي مارست أكثر مما مارسته محاكم التفتيش في أوروبا القروسطية ، ولابد أن تؤكد القوى الحية في بلادنا مجتمعة وبصوت عال بأننا لن نستحضر نظرية "التجاوز" الهيجلي ونترك لهم الميدان ليأخذوا دورتهم فتؤول إلينا أو لغيرنا بعد فشلهم الذريع ويجب ألا تبقى بلادنا حقل تجارب للداخل والخارج كما لا يجب القبول بتجريب المجرب ويكفي اليمن ويلات كارثية ومسرحيات سياسية باسم الدين . وعليهم إن أرادوا ممارسة الوعظ بحماية الفضيلة والتصدي للمنكرات أن يسألوا عمن يحتكر استيراد الخمور في اليمن ومن يحتكر جلب الداعرات من الخارج ومن يحتكر تهيئة داعرات محليات ومن كافة المناطق وينهونه عن منكراته . فالإنسان هو الغاية والدين ليس إلا وسيلة ياحضرات الوعاظ .
ويبقى من المفيد التنبيه أن هاجس بناء دولة كل يوم تكشف الأيام بأنه غائب تماماً عن عقل وتفكير السلطة في اليمن فتأسيس هيئات بين الحين والآخر وفقاً لسياسة تخديرية بعناوين براقة يثبت الفشل والتخبط وقد أدى ذلك إلى تداخل واختلاط في اختصاصات الكثير من المؤسسات الحكومية وسبب في فشلها جميعاً وهذا الاختلاط والتداخل والتشابك العشوائي سيتجسد مجدداً بين كل من هيئة حماية الفضيلة والتصدي للمنكرات المزعومة وبين مؤسسات حكومية أخرى على مستوى وزارات الإعلام والثقافة والسياحة ، ووزارة الأوقاف والإرشاد أيضاً ، كما أنها لن تتداخل فقط مع وزارة حقوق الإنسان بل سيكون الرئيس مخيراً بين إلغاء هذه الهيئة أو إلغاء وزارة حقوق الإنسان وعلى الأميركي أن يقرر رأيه وقتئذ ، وقد يكون من ضمن الخيارات أن يجري تسليم الشيخين الذارحي والزنداني للأميركان أو يُكتفى بتسليم الأخير استجابة للطلب السابق والذي لم يستجب له في حينه لضرورة فنية وليس حباً في الشيخ أو كرهاً للأمريكان !.
كما أن صراع مراكز القوى المحتدم منذ فترة في بلادنا ليس مستبعداً حضوره بوجه من الوجوه في معمعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فثمة مصادر مطلعة تتحدث عن أن اللواء/ علي محسن الأحمر وهو محسوب على الإسلاميين رفض أن يتبناها مع أنه كان من دعاتها في ثمانينات القرن الماضي قبل أن يتجه الوعاظ إلى الرئيس أو يتجه الرئيس إليهم !لا ندري! ، ولعل ذلك قد جرى أثناء عزم علي محسن تأسيس مؤسسة "منارات" لتجمع إسلاميين وقوميين وليبراليين ويساريين في محاولة واضحة إلى التوجه - حتى وإن كان شكلياً- نحو فك الارتباط بالإسلاميين المتشددين تصحيحاً لمسلك قديم كان قد تورط فيه ولكنه ربما يحاول اجتيازه بطريقة الاتعاظ من دروس التاريخ . أخيراً .. لا يُنكر أحد أن أزمة أخلاقية تهيمن اليوم على مجريات الحياة في بلادنا ولكنها أزمة النظام وصنيعته الذي يرعى "حُمران العيون" على حساب الشعب والوطن وهي معلولة لممارساته على مدى ثلاثة عقود فهو علتها إذاً .. وفي المنطق إذا انتفت العلة ينتفي المعلول .
eskandarsh@yahoo.com
عن صحيفة "الوسط"