حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء
من ثمرة الربيع العربي في نسخته اليمنية مفردات سياسية أهمها التئام ألوان الطيف السياسي على طاولة واحدة وهذا بحد ذاته ما يميز التجربة اليمنية ... وفي رصد ومتابعة سير فعاليات الحوار الوطني الذي انطلق منذ شهور مضت حيث اقترب من نهايته المفترضة بعد بضعة أسابيع ، إلا إننا على ارض الواقع لا نرى نتائج ملموسة في إتفاق النُخب المتحاورة على أهم القضايا ولاسيما التشريعات الدستورية ومفهوم شكل الدولة لصالح تراجع الدور المركزي للدولة والبحث عن توافقات لأنماط اللامركزية بأي شكل يُتفق عليها ، مع اخذ في الاعتبار فشل تجارب مماثلة في هذا السياق كالعراق الذي مضى في الفدرالية حسب دستوره الذي ينُصُ أن لكل محافظة او أكثر تشكيل إقليم ورغم ذلك فالمشاكل تتزايد بين الأقاليم وحكومة المركز لدرجة تهديد الأكراد بالاستقلال وكذا التوتر المتزايد مع إخوانهم العرب السنة منذ بضعة شهور ، وهو الأمر نفسه في السودان الذي فضل جنوبه الإنفصال ورغم ذلك دخل السودان مع الدولة الوليدة في مسلسل من التوتر لدرجة قطع مصالح اقتصادية والتهديد بالحرب !
قضية اليمن ليست في شكل الحكم والدولة او شكل النظام ، إنها باختصار إيجاد دولة المؤسسات والقانون والمواطنة المتساوية فالعدل أساس الحكم ، ولعل من بعض إشكالات الحكم في اليمن التي استوجبت الوقوف عندها تكمن في اللامركزية ولكن ليس بالضرورة الهرولة لأي صيغة فدرالية إلا بعد دراسة نتائجها من جهة أخرى فأن إشكالات اليمن تكمن في عدم وجود دولة النظام القانون ومنح الحريات والعدالة والمواطنة المتساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وليس مجرد نصوص على الورق.
لقد غدا بالفعل الرأي العام اليمني يسئم من حالات التجاذبات السياسية المقرونة بمعاناة مفردات الحياة القاسية من نقص في الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي ونحو ذلك ولهذا فيدهُ على قلبهِ ، لأن اليمن على مفترق طرق ويبدو أن الفترة المتبقية سواء للحوار او للمرحلة الانتقالية نفسها تكاد تنحشر فيها كل آمال اليمنيين الذين يعولون لجني ثمار ثورتهم والحال ان الضبابية والمماحاكات السياسية تفرض نفسها متجاهلة دور الحركة الشبابية التي كانت وقود الثورة وطبيعة المرحلة التواقة لوجوه ودما جديدة .
لقد كان من ضمن اهتمامات عدد من البلدان التي خرجت من عباءة الاحتلال في منتصف القرن الماضي إلى جانب الاهتمامات التنموية هو حل الإشكال السياسي وبلورة مفهوم الدولة ، وقد نجح بعضها في تحقيق بعض منها ، ورغم أن اليمن شهد أربع ثورات منذ نحو مئة عام مضت بدأت بالثورة على الأتراك وانتهت بثورة التغيير وما بينهما ثورتين الشمال والجنوب ، وكل تلك الثورات تحمل قيم ومفاهيم ورؤى ألا أنها لا ترقى في ارض الواقع تطبيقا مستمراً فالنخب الاجتماعية والمثقفة تحديداً لم تكن في غالبه بموقع القرار السياسي وهى بهذا لم تشارك فعليا في وضع رؤى افتراضية وبهذا فقد تعقدت إشكالية العبور إلى الدولة المدنية من فترة لأخرى ولعل تبعات ثورة التغيير قبل نحو عامين والتي تمخضت لاستحقاقات سياسية تجرى بعض مفرداتها على طاولة الحوار الوطني فأنها بداهة أمام جملة من العقبات التي أثقل بها المجتمع اليمني حيناً من الدهر.
وسعت السلطات منذ مطلع الستينيات لاحتواء المؤسسة القبلية ضمان ولاءها بأي شكل لخدمة الولاء لتلك الأنظمة ، ورغم ذلك كانت المؤسسة القبلية ليست بهذه القوة الاقتصادية والسياسية عما هو عليه اليوم حتى في العهد الملكي لم يكن للمشايخ هذه الهالة التي أصبحوا يتمتعون بها فكان الفاقة والعوز ملازمهم والولاء والطاعة تجبرهم ، ولم يكن الارتهان للخارج يراودهم ، إضافة إلى أنهم كانوا مقيدين بما عرف بنظام الرهائن حيث يحتجز الإمام أطفال بعض المشايخ الذي يشك في احتمال التمرد والخروج عليه ، فكان يحجزهم أشبه بإقامة جبرية في احد قصوره المجاورة ويغدق عليهم بل ويدرسهم.!
ستضل الحركة الوطنية على مدى أجيال تتذكر وبإعجاب محاولات الدولة في منتصف سبعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي الذي حاول سحب البساط من تحت أقدام المؤسسة القبلية ويحسب له بأنه حاول في خلال فترة قصيرة من 1974م إلى 1977م التأسيس للمجتمع المدني والتحرر من سلطة القبيلة، التي كانت تبسط نفوذها من أقصى الشمال في قبائل حاشد وبكيل، مرورا بقبائل مذحج ومراد، وصولا إلى القبائل التي تقطن قريبا من الربع الخالي، لكنهم أيضا يدركون جيدا كيف انتهت هذه المحاولة مع سقوط الرئيس إبراهيم الحمدي شهيدا ثمن لتلك الطموحات، مخلفا وراءه تجربة نظام حكم ناجح أطاحت به سلطة القبيلة.لقد عمدت القبيلة في اليمن إلى عقد تحالفات خارج إطار مؤسسة الدولة العسكرية والمدنية بغرض ممارسة الضغوط على الدولة وبهدف الإبقاء على مصالحها ونفوذها وهذا ما حصل للأسف في العقود الثلاثة الماضية ، وهانحن نجني ثمار ذلك التخبط والعلاقة بين الحاكم والمحكوم.
اعتمدت الحكومات المتعاقبة خلال أكثر من نصف قرن على أساليب ومفاهيم تقليدية ولم يكن لها مشروعا نهضوياً طموحاً يحاكي تجارب بلدان تزامنت في نضالها الوطني مع اليمن ومقاربه لها جغرافيا واجتماعياً ، إلا ما ندر وذلك في منتصف السبعينيات ، ومفهوم الولاء الوطني وبناء الدولة ليس فقط سن قوانين ويصعب تنفيذها بناء على قاعدة مؤسسات هشة ولكنه بنا متكامل يبدأ من التعليم ومناهج المدرسة إلى الإعلام دور المؤسسة الدينية الموحدة ، ولكن الذي حدث العكس هو تقوية دور المؤسسة العسكرية على البناء المؤسسي المدني للدولة وتمجيد دور القبيلة طغى على دور الولاء الوطني ودور النخب المثقفة ، واللعب على التناقضات الاجتماعية المذهبية دون دور علماء الدين الذين يحضون بإجماع وقبول وكان همّ النُخبّ الحاكِمة هي ديمومة حكمها بعيدا عن من ينافسها دون الاهتمام بتبعات أخطائها.