الحروب لفرض مشاريع الحكم
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 11 سنة و شهر
الإثنين 25 فبراير-شباط 2013 11:41 ص

·مرت اليمن بثورات وانتفاضات وتمردات وأحداث رافقتها حروب كثيرة في كل مرحلة ومنعطف فمنذ عشرينات القرن العشرين الماضي عقب رحيل الأتراك إلى اليوم واليمن تخرج من حرب لتدخل في الأخرى وكل حرب تلد أختها دون الإستفادة من نتائج الحروب الكثيرة التي أصبحت مطاحن لرؤوس قيادات وكوادر يمنية وأحرقت الحرث والنسل والمفارقة العجيبة أن اليمنيين يتحاربون بشراسة ثم يعلنون ندمهم لكنهم مع ذلك يصبحون بعد كل حرب غير قادرين على التنازل لبعضهم البعض فثمة أعاصير غير مرئية تجتاحهم ليتوزعون إلى مراكز قوى في السلطة والمعارضة تنظم في خارطة الصراع الإقليمي والدولي لينتقمون من بعضهم البعض بحرب جديدة يقودهم في ذلك عنادهم ليعودوا بعد أن يدمروا بلادهم ويثخنوها بالجراح إلى الندم من جديد في تكرار مقيت ومتوالية سخيفة ومن يعود لتسلسل التاريخ وأحداثه سيرى أن اليمن من أكثر الدول التي يتغير فيها الحكم بسرعة وبحروب متوالية وتنقسم إلى دويلات متعددة متطاحنة ولم يستقر فيها الحكم لفترة تسمح بالبناء والتعمير.

·فقد دارت حروب كثيرة شرسة في اليمن جزت الرؤوس والأمثلة صارخة ففي ثورات 48 و 55 و26سبتمبر62و14أكتوبر63وحروب الثمان سنوات من 62- 68م في الشمال وحروب الجبهتين\\\" القومية والتحرير\\\" في الجنوب منتصف ستينات القرن الماضي وأحداث أغسطس 68في صنعاء وحروب الشطرين 72 و78 في المناطق الحدودية والوسطى ثم حرب 13 يناير89م في عدن ثم حرب صيف 94م وكل الحروب السابقة كانت تدار بسبب فرض مشاريع الحكم أو أعاقة تنفيذ مشاريع حكم أخرى والأقطاب الفعليون في الحروب اليمنية منذ ثورة 48 حتى ثورة الشباب السلمية 2011م بارعون في سعيهم لإجهاض ثورات التغيير بوسائل مختلفة ومتعددة وبحسب ظروف الزمان والمكان ونوعية قواه وتحالفاته وصراعاته الإقليمية أما بحوارات ومؤتمرات وخداع ومشاريع تغيير مكتوبة أو بالحروب \\\" ثورة 48م فشلت وكفر ثوارها وجزت رؤوسهم وثورة 26 سبتمبر62م تم إفراغها من مضمونها بعد حربها ثمان سنوات وتسويات ومؤتمرات انتهت بحروب وحصار صنعاء سبعين يوماً ثم مصالحة وحرب أحداث أغسطس 68م وفرض مشروع سياسي مخفف جمد تنفيذ أهداف الثورة لأنها كانت تسعى إلى تغيير أساس الحكم الاجتماعي ليس في اليمن وإنما في الجزيرة العربية ونقل السلطة من مراكز قوى تقليدية قديمة إلى مراكز قوى جديدة شبابية تمتلك فكراً مغايراً ومن يتتبع حروب اليمن الكثيرة شمالا وجنوباً فكلها منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر حتى اليوم تدار إما لفرض مشاريع حكم أو إعاقة تنفيذ مشاريع أخرى وكل شيء مدون ومكتوب ومنشور.

·ما يهمنا اليوم بعد الثورة الشبابية2011م أن نفس مراكز القوى التي حاربت التغيير ووقفت ضده في مختلف المراحل تتوالد وتتواصل عبر الأجيال وتمارس نفس الأساليب مع التجديد بحسب نوع المرحلة وقواها محلياً وإقليمياً والمؤسف أكثر أن قوى التغيير لم تستفيد من الأخطاء فدائما تعطي القوى القديمة/ الجديدة الفرصة لصناعة المبررات وممارسة العنف وحسم قضايا الخلاف بالقوة وهذه القوى لديها خبرة واسعة في حسم قضايا الخلاف مع خصومها بالحديد والنار أو تمارس التضييق عليهم وتدفعهم إلى زاوية حرجة فتستغل ردود الأفعال لإستخدام العنف والقوة باعتبارها الأقوى من حيث العتاد العسكري والمليشياتي والسلاح والمال لفرض أمر واقع هروبا من استحقاقات تغيير هي غير قادرة على تنفيذها لتناقضها مع ثقافتها وطريقة تفكيرها وعقدة التملك التي تسيطر على عقليتها ووعيها وسلوكها في الواقع الاجتماعي ولهذا نراها على مدار التاريخ وأحداثه تمارس أفعال تتناقض مع الأقوال وتعتمد في حسمها لخلافاتها مع الخصوم على القوة والسلاح والمال.

·وما يجعل الأمر يزداد سوءاً في اليمن في هذه المرحلة الحساسة اقتحام المشهد من قبل اللاعبين في الخارطة الإقليمية والدولية \\\" أمريكا والغرب والخليج من جهة وروسيا والصين وإيران من جهة أخرى\\\" وما يسمح بهكذا إقتحام هو مراهقات أقطاب السياسة في الحكم والمعارضة معاً فكل طرف يركن إلى إسناد إقليمي ودولي فتبدأ أعاصير ملعونة من العنف والوحشية والتطرف والدموية والصراع بكل أشكاله الديني والمذهبي والجهوي والطائفي ودعوات الإنفصال والتفكك بالسيطرة على المشهد لتفرض الحروب القادمة وشكلها ونوعيتها وما يرافقها من تهم بحسب ظروف الزمان والمكان \\\"دستوريين ملاحدة وكفار- جمهوريين وملكيين- معتدلين وشيوعيين- مخربين شيوعيين وإسلاميين مجاهدين- انفصاليين ووحدويين - حوثيين انفصاليين وقاعدة ووحدويين \\\" ولكل مرحلة تهمها الجاهزة ويبدو اليوم المشهد واضحاً لشكل الحروب القادمة وأطرافها فهناك من يتسلل الى سواحلنا وكياننا الاجتماعي ويدير صراعاتنا البينية ويضخ المال والسلاح والحقد والكراهية لنصبح وكلاء للصراعات والحسابات والأطراف الإقليمية الحالية \\\" إيران وحلفائها عالمياً والخليج وحلفائه دولياً \\\" ويتم تجهيز الشباب اليمني ليصبح متفجرات وأحزمة ناسفة وحقد دفين وصراع لا أخلاق له ولا ضمير ولا إنسانية ومع الأسف البعض منا يريد أن نصبح أدوات رخيصة تعمل بشكل لا إرادي آلات موجهة ضد هذا الطرف أو ذاك فالجميع يتسابقون لاستثمارنا وقوداً لصراعهم ونحن نستجيب لتصفيات حساباتهم.

·وأخيراً : لقد ضعينا الحكمة التي اشتهر بها أجدادنا الأوائل وإلا كنا جعلنا الجميع يتسابقون على الاستثمارات الاقتصادية وتدفق رؤوس الأموال الكبيرة إلى بلادنا لكن للأسف يتوتر قادتنا وسياسيونا ومفكرينا لتنتج أدمغتهم مفردات الرفض والعناد والتعصب لوجهات النظر والإصرار عليها فتبدأ بعد ذلك عمليات التخوين والإقصاء والحشد بهدف تنفيذ حرب تدمير وإقصاء نهائي من الحياة.أيها اليمنيون أينما كنتم ألا يوجد فيكم رجلاً رشيداً واحداً يوقف مطحنة الرؤوس المستمرة منذ قرن من الزمان؟؟!!