إيران من الباب الخلفي لليمن !! ( 2 – 3 )
بقلم/ علي العقيلي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 7 أيام
الجمعة 15 فبراير-شباط 2013 09:46 م

تناولنا في الجزء الأول من الموضوع مظاهر التدخل الإيراني في اليمن، وهنا نحاول أن نتطرق العوامل المساعدة للتدخل الإيراني، والتي بفضلها تسهّل دخول إيران اليمن من الباب الخلفي.

وفي مقدّمة تلك العوامل: دعم رئيس اليمن علي صالح (المخلوع حالياً) الحوثي على تأسيس حزب وتشكيل تكتل سياسي، لأغراض سياسية استفاد منها صالح آنذاك.

- توافق مذهب زعيم حركة الشباب المؤمن مع المذهب الإيراني الشيعي، وتوافقت الرؤى، مما جعل الحوثي يرتمي في أحضان الإيرانيين يلتمس الدعم السياسي والمادي، وبذلك زادت أطماع إيران في دخول اليمن.

- دعم صالح الحوثي بالسلاح والعتاد من خلال تسليم معسكرات بأكملها، وتسهيل وصول الدعم الإيراني، لأغراض أمنية وعسكرية داخلية وخارجية يرنو إليها صالح، كاستفزاز الجوار وجلب الدعم منهم، وتصفية حسابات شخصية في الداخل.

- اعتراف صالح بالحوثي كطرف سياسي، وكجهة رسمية لها قضية مشروعة من خلال الحوارات المبادرات في الخارج، والشروط التي وضعت على النظام الحاكم آنذاك، والتي توحي بالاعتراف بالحوثي كصاحب حق وليس عصابة إرهابية متمردة على النظام والقانون، مما سمح للحوثي المشاركة في الحوارات الوطنية والفعاليات الشعبية على الرغم من تمسكه بسلاحه، واحتلاله لمساحات شاسعة من التراب اليمني أخرجها عن نطاق الجمهورية اليمنية، وبهذا الاعتراف الرسمي استطاعت إيران الوصول إلى قاعات المؤتمرات الوطنية والساحات الشعبية وتوصيل الدعم الكامل لتلك القيادات العميلة وأتباعها في الساحات.

ومن العوامل التي ساعدت على تسهيل دخول إيران من الباب الخلفي لليمن قيام بعض العناصر الجنوبية المتزمتة للقضية الجنوبية بالبحث عن الدعم المادي الذي يرونه المقوّم الأساسي لإنجاح قضيتهم، والذي من خلاله يقوون على الصمود حتى استعادة حقوقهم وتحقيق أهدافهم المنشودة، فلم يجدوا ملاذا مرحّباً غير طهران التي أبعدتهم عن قضيتهم المنشودة وسخّرتهم جنوداً مجنّدة لتحقيق أهدافها ولتنفيذ أجندتها في اليمن، بعد أن أغدقت عليهم بالمال الذي أنساهم قضيتهم أو تناسوها، وبهذا استطاعت طهران الولوج ثانية اليمن من الباب الخلفي عن طريق باعة الضمير والهوية، خائني الوطن.

- وبسبب الوضع الاقتصادي للبلاد، وتردي الوضع المعيشي ومستوى دخل الفرد، استطاع وكلاء أو بالأصح عملاء إيران في الداخل اليمني من تجنيد العشرات من ضعفاء النفوس، وضمّهم إلى معسكرات طهران في اليمن سواء مع الحوثي المسلّح في الشمال، أو الحراك المسلّح في الجنوب، أو إلى شبكات تجسس في المؤسستين العسكرية والأمنية أو الدوائر الحكومية.

كل هذه العوامل وغيرها ساعدت وتساعد إيران في لوج اليمن من الباب الخلفي .. ولكن لماذا وما الدافع وما الضرورة التي جعلت من إيران تسقط من مكانتها وقيمتها بين الدول بمزاولتها الأعمال الحقيرة، وتعاملها مع العصابات والعناصر الإرهابية ذات المشاريع الصغيرة، والتي لا توجد لديها أي رؤية سياسية مستقبلية غير ما تقتات عليه يومها، ولا يليق بدولة مثل إيران أن تتمترس وراء تلك العصابات وتغذيها بطرق غير شرعية.

لو تساءلنا ماذا تريد إيران من اليمن؟ وما هي المشاريع التي تسعى إلى إقامتها؟؟ السؤال موجّه لنا .. ولكن الإجابة ليست منّا .. لندع الواقع اليمني الناتج عن الدعم الإيراني يجيب على ذلك:

منذ تأسيس حركة الحوثي المسلّحة في الشمال وإيران تزوّده بأنواع الأسلحة، ولم يحرر فلسطين ولا جولان!! غير قتل المئات من اليمنيين من مدنيين وعسكريين، وتشريد عشرات الأسر من منازلها وتدمير الاقتصاد اليمني.

منذ دعم إيران للحراك بقطع السلاح والأوراق النقدية، لم يستعيد من حقوقه شيء غير ما أقترف من قتل بحق رجال الأمن والجيش والمدنيين في الجنوب، وإخلال الأمن وتضييع القضية الجنوبية وتمييعها.

منذ دعم إيران للحوثي والحراك لم نرى جمعيات خيرية تدعم الأسر الفقيرة، بدلاً من تشريدها في الجبال والوديان، ولم نرى منظمات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان في العيش الكريم وتوفير المسكن والملبس والصحة والتعليم بدلاً من صناعة الموت له وسلب حقوقه بقوة السلاح.

فهذه هي مشاريع إيران التنموية في اليمن!! وهذا ما تسعى إليه من تحويل الأخوة إلى أعداء، والأجساد إلى أشلاء .. ولا خير يُرجى ممن يلج البيوت من الخلف مستتراً بظلام الليل.

للمقال بقية بجزئه الثالث والأخير نتناول فيه أسباب التدخل الإيراني في اليمن، وأضراره على البيت والمجتمع اليمني.