متطلبات الأمن القومي اليمني
بقلم/ اللواء الركن / محمد علي محسن
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 9 أيام
السبت 12 يناير-كانون الثاني 2013 11:03 ص

الحمد لله القائل : (وأعدوا لهم ما استطعتم) والقائل: (يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم).

يقابل ذلك قوله عز وجل (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) .

إعداد ويقظة وعزم وحزم ولكن بعد التبين والتثبت.

والصلاة والسلام على سيدنا وقائدنا محمد القائل: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك - أي التغيير بالقلب فقط - أضعف الإيمان ). أمر نبوي موجه وملزم لكل فرد من أفراد المجتمع. على مثل هذه الأسس والمبادئ وما ينبغي أن يبنى عليها ويتفرع منها من قوانين ولوائح منظمة وسلوكيات مطبقة ، وباعتبارها أهم مرتكزات عمل الأجهزة الأمنية المكلفة بالعمل في هذا المجال بأنواعه القومية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الخ، يمكننا القول :

إن المفهوم العام للأمن القومي ودوره الهام في الحفاظ على أمن واستقرار الأمم والشعوب ، والذي نعرف بداهة أنه ليس مقصورا أو متوجبا فقط على منتسبي الأجهزة الأمنية المختصة، بل إن كل فرد في المجتمع عليه دور في الحفاظ على أمن قومه وأمته ، كما يحافظ على أمن نفسه وأسرته ، كل من موقعه وحسب استطاعته ، واجب عليه لا تطوعاَ منه ، ولو لم يكن له على ذلك مقابل ، مما يعني أن من كان مكلفا بذلك وهو من اختصاصه ، فإن الواجب عليه أعظم ، والتقصير فيه أو الإساءة في تنفيذ خطواته - عمداَ أو جهلاَ - أشد ظلما ؛ مما يعني ضرورة حسن اختيار وتأهيل وتوعية العناصر المكلفة بالعمل في هذا المجال ، من حيث المستوى العلمي والعملي عموما، وكذا المعرفة والالتزام بالقوانين والأخلاقيات والمبادئ المرتبطة بهذه المهمة خصوصا، حيث يترتب عليها أمن واستقرار أو خوف واضطراب أمة بأكملها إيجاباً أو سلباً، تبعا لحسن أو سوء أداء هذه الأجهزة

كذلك فإن الأمن القومي لم يعد مرتبطا بمجال الحرب أو السلم العسكري فقط، بل كل المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية وغيرها من مجالات الحياة؛ أصبحت ذات ارتباط وتأثير مباشر أو غير مباشر على سلامة الأمن القومي لكل دولة وبلد ، مما يفرض على الجميع كل في مجاله ومن موقعه ، أن يكون فطنا ويقظا لما يهدد أو يمس أمن بلده في أي مجال من هذه المجالات ، فيقوم بواجبه في منعه والتصدي له بكل ما يمكن ( أنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين إلى الإسلام من قبلك). خطاب بضمير مفرد «أنت» يعني كل فرد في المجتمع .

أما المتطلبات بصورة عامة سواء النظم واللوائح القانونية أو الكفاءات البشرية والإمكانات المادية ، وبما يلائم الظروف الراهنة داخليا وخارجيا - وكوجهة نظر - فأعتقد أنها تتلخص - على سبيل المثال لا الحصر - فيما يلي :

1- المواكبة المستمرة لما وصل إليه العلم والعالم من وسائل ونظم التكنولوجيا والتواصل والمراقبة والتوثيق الحديثة، وما طبقوه منها في هذا المجال .

2- سن وتطبيق القوانين واللوائح المنظمة لها مع التوعية الإعلامية والثقافية اللازمة حتى تعم ثقافتها كل أبناء المجتمع محليين وحتى الأجانب ، مع توضيح الرابط الوثيق بينها وبين ما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف الذي أمرنا بها ودعانا إليها قبل غيره.

3- حسن اختيار وتأهيل وتدريب منتسبي الأجهزة المختصة ودعمهم بكل الوسائل اللازمة لتنفيذ وتسهيل ودقة مهامهم، مع فرض القوانين المحددة والمنظمة لما لهم وما عليهم .

4- تعريف وتوضيح كافة المجالات التي تهدد أو تمس الأمن القومي محليا أو إقليميا أو عالميا في مختلف المجالات (اجتماعيا / إقتصاديا / سياسيا / ثقافيا / عسكريا / أمنيا / بيئيا ..... ألخ ).

5- على النطاق المحلي ، تحقيق التنسيق والتعاون والتكامل البناء بين الأجهزة المختصة والمؤسسات العاملة في هذه المجالات - التشريعية والقضائية والتنفيذية والرقابية ، سواء منها الحكومية أو منظمات المجتمع المدني ، كل من موقعه .

6- كذلك على النطاق الإقليمي والعربي والدولي ، يجب تحقيق التنسيق والتعاون الذكي والبناء بين أجهزتنا ومؤسساتنا المحلية ، ومثيلاتها الإقليمية والدولية .

ونعلم أنه بفضل وسائل تكنولوجيا التواصل والتوثيق الحديثة، أصبح الأمر أيسر من ذي قبل؛ متى حسنت النوايا وصدقت العزائم وبذلت الجهود.

7- لكل ما سبق ذكره، يجب أن يتولى كل مجال أَهلُهُ من ذوي الأمانة والخبرة والكفاءة، تشريعا وتنظيما وإدارة وتنفيذا ورقابة، ثم عيون حارسة أمينة من أبناء الشعب صاحب المصلحة الأولى من النتائج المترتبة على أمن واستقرار أو خوف واضطراب بلدانهم .

ختاما نشكر القائمين على الصحيفة، سائلين الله لهم ومعهم الكثير من أبناء الأمة علماء وقادة وأساتذة ومفكرين، التوفيق والنجاح، في تحقيق ما نطمح ويطمح إليه كل منتسبي القوات المسلحة والأمن خاصة، وأبناء شعوبنا وأمتنا عامة، من بناء صرح معرفي ومعلوماتي يواكب العصر وينطلق من الواقع الراهن إلى المستقبل الأفضل، متسلحاً بالعلم ملتزماً بالمبادئ متحلياً بالأخلاق، مستغلاً كل طاقاته العلمية والإبداعية والفكرية والمادية على بصيرة وعزم، وإرادة وحزم، تسهل أمامها الصعاب وتذلل العقبات، حتى يصلوا - بهدىً وعون من الله - بأمتهم وشعوبهم إلى المكانة اللائقة بهم بين الأمم «خير أمة أخرجت للناس» في شتى مجالات الحياة ، هو الهادي لذلك والقادر عليه.. ولكن متى ذلك ؟!

متى التزمنا المبادئ واتبعنا السنن ، وبذلنا الجهود واستغلينا الطاقات في أنفسنا أولا ، وفي الكون المسخر من حولنا ثانيا ، كما فعل ويفعل غيرنا قديما وحديثا ، عندئذ «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» وعندئذ نرجوا الله برحمته أن يدخلنا تحت موعود قوله تعالى:

«والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين» . صدق الله العظيم

والله نسأله الهداية والعون والتوفيق لما فيه خير وعزة وأمن واستقرار شعبنا وأمتنا جمعاء.

*المصدر: صحيفة 26 سبتمبر