الأطراف المعنية والتهدئة المطلوبة
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 3 أيام
الخميس 18 أكتوبر-تشرين الأول 2012 05:00 م

"الأطراف المعنية" مصطلح وتسمية أوردها الشهيد محمد أحمد نعمان في كتابه الشهير "الأطراف المعنية في اليمن" والنعمان الأبن الذي كان يسميه القاضي الإرياني " الغوبة" للتذكير فقط تم اغتياله بكاتم صوت في بيروت في 28 يونيو 1974م وهو داعية الدولة المدنية والحكم المدني والحوار والسلام وما جاء في هذا الكتاب الهام يمكن الرجوع إليه فكثير منه لازال صالحاً ويمكن الاستفادة منه في هذه المرحلة والتهدئة المطلوبة والإنفراج المستحب في هذه المرحلة الهامة والحرجة والحساسة هو الذي يخفف الإحتقان بين "الأطراف المعنية"، عقلاءها ومجانينها شمالاً وجنوباً وفي الوسط والغرب والشرق وهو احتقان متراكم بين "الأطراف المعنية" جزء منه مستور و مسكوت عنه والجزء الآخر منظور وبارز للعيان والاحتقان بنوعيه هو ما يسود الدول والمجتمعات قبيل التفكك فعلينا وضع الدواء والبلسم الناجع للقضاء على الاحتقان بنوعيه وهذا الدواء موجود الآن في المبادرة الخليجية وآيتها التنفيذية كتسوية سياسية مدعومة إقليميا ودولياً ولأول مرة نرى هذا الدعم لليمن سياسياً واقتصادياً لكنه ليس حباً في اليمن وإنما خدمة للمصالح الدولية والإقليمية باعتبار أن جوار اليمن أهم منطقة وقود وطاقة للعالم وما على " الأطراف المعنية" عقلاءها ومجانينها سوى استغلال الدعم الإقليمي والدولي من خلال التنفيذ الخلاق للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والسير في طريق تنفيذها وتفسيرها التفسير الإيجابي باعتبارها تسوية لمشاكل اليمن العالقة وقد ضمنت هذه التسوية مطالب وأهداف كل "الأطراف المعنية".

وأول لوازم ضمان التنفيذ الناجح للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التهدئة والانفراج وهما أمران مطلوبان بالضرورة في بلد تم حكمه منذ عقود بالتراضي والمهادنات والترضيات وغض الطرف عن أقوياء " الأطراف المعنية" عقلاء ومجانين ويحدثنا التاريخ اليمني أنه في فترات سابقة مرت اليمن باضطرابات وأزمات وتقلبات وانتكاسات وانقلابات واغتيالات وعاشت فترات طويلة غير مستقرة وكانت فترات الاستقرار والتوحد والاتحاد قليلة وإذا ما قرأنا التاريخ بتمعن سنجد أن الفترات الذهبية هي تلك التي سادت فيها دول وحكومات انتهجت مبدأ اللامركزية الواسع أو ما يسمى اليوم بالفيدرالية، فمنذ حمير وسبأ وذو ريدان وقتبان وأوسان ويمنات والفيدرالية أو المخاليف هي نمط الحكم في اليمن وارتبطت التهدئة والانفراج والانتعاش الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في اليمن بجعل "الأطراف المعنية" تحكم ويكون لها اليد الطولى في مربعات تواجدها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية سواء قبل الإسلام أو بعده وعند الرجوع إلى تاريخ اليمن القديم والحديث المعاصر سنجد أن فترات الازدهار ارتبطت بالتهدئة والانفراج بين مكونات اليمن السياسية والجغرافية والدينية والمذهبية.

والتهدئة والانفراج ليس معناها ترك " الحبل على الغارب "وغلبة الانفلات والفوضى أو كما يقال غلبة القوة بمنح " الأطراف المعنية" الصلاحيات الكاملة يعمل مجانينها ما يحلو لهم يبطشون ويحبسون وينهبون ويذيقون الرعية ويلات الظلم كما كان حاصل خلال فترة حكم الأئمة أو حكم المشائخ ومراكز القوى والمتنفذين بل لابد من فهم التهدئة والانفراج أنها منح صلاحيات لمكونات الشعب اليمني السياسية والجغرافية والتنوع الطائفي والمذهبي والخصوصيات في اختيار من يحكمها على المستويات المحلية أولاً وعدم فرض قيود أو حكام بأي شكل من الأشكال فالوحدة الوطنية تفترض وجود اعتراف كامل بمكونات هذه الوحدة وإعطاء حرية حركة وصلاحيات لهذه المكونات بكل أنواعها وأشكالها وخصوصياتها الجغرافية والبيئة والثقافية والشعبية وكل الخصوصيات ابتداء بالملبس ومروراً بشكل ونوع التدين وانتهاءً بشكل البناء ونوع الاقتصاد وطريقة الحكم وتسيير شئون الناس بدون شمولية واحتكار لطريقة الحكم والتفكير ونوعية الاختيارات للناس هذا في تصوري هو مفهوم التهدئة والانفراج المطلوب في اليمن. ففي شمال الشمال وفي الوسط وفي الجنوب وفي الغرب وفي الشرق هناك خصوصيات حياة ومميزات جغرافية وبيئية وطرائق عيش ونمط حكم وتدين وتسيير شئون الناس تختلف من مكان إلى آخر، وإذا أردنا النجاح في بناء يمن جديد علينا احترام التنوع وتنميته ليخدم الناس في مربعات سكنهم وعيشهم وعدم استفزاز هذا التنوع بأي شكل من الأشكال كما حصل خلال فترة حكم الرئيس السابق " صالح" وفي مراحل تاريخية سابقة باعتراف من كانوا في الحكم أنفسهم.

والتهدئة والانفراج يتطلبان سرعة إدارك "الأطراف المعنية"، عقلاءها والمجانين للحظة التاريخية التي تعيشها اليمن والتي منحت لها من قبل المجتمعين الاقليمي والدولي لظروف موضوعية وذاتية تتلخص بإيقاف زحف "الثورة والتغيير " من اليمن إلى المناطق المجاورة باعتبارها خزان وقود العالم ومحطة مرور التجارة الدولية وهنا يتطلب من " الأطراف المعنية "عقلاءها والمجانين إدراك أن العالم اختار لليمن طريق تسوية دعمها بقرارات دولية وهذه التسوية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تراعي كثيراً " الأطراف المعنية " بعقلائها ومجانينها ونحن الآن في المرحلة الثانية لتنفيذ المبادرة الخليجية وفيها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي من المفترض فيه أن يناقش ويبحث ويقر شكل نظام الحكم ويصيغ دستوراً جديداً للبلاد وهذا يتطلب من جميع "الأطراف المعنية"، عقلاءها والمجانين المشاركة في مؤتمر الحوار والجميع يطرح رؤيته لشكل نظام الحكم والدستور الجديد ولا خطوط حمراء على أي طرف بما فيهم المجانين ونقصد بمجانين \"الأطراف المعنية\" من يحملون السلاح ويعتبرونه وسيلة حسم للقضايا العالقة ومن يرفضون دولة النظام والقانون الدولة المدنية الحديثة.

وأخيراً كما نعلم جميعاً أن مجانين" الأطراف المعنية في اليمن "عندما يتمكنون تسود الفوضى والعبثية والاقتتال وتبرز النعرات المناطقية والجهوية والطائفية ولن ولم يروضهم غير الاحتكام للنظام والقانون وبسط هيبة الدولة وهذه تحتاج لقيادة قوية صارمة تتخذ القرارات الجريئة في الوقت المناسب وتجيد التقاط اللحظات التاريخية وإلا فمنطق الثورة الذي هو منطق بات وحاسم ومنطق تغيير جذري لا يهادن فمن لم يروضه النظام والقانون سيروضه منطق الثورة الذي يبدو حتى الآن أنه الأفضل لترويض مجانين "الأطراف المعنية في البلاد".