الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية ملتقى الموظفين النازحين يتجه لمقاضاة الحكومة في حال عدم إستجابتها لمطالبهم ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟ خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها
مأرب برس ـ ميدل ايست اونلاين ـ عادل عبده بشر
في أواسط الاربعينيات من القرن الماضي شهدت بلاد اليمن كغيرها من البلدان موجة مغادرات جماعية ومنتظمة لغالبية أبناء الطائفة اليهودية عرفت حينها بعملية "بساط الريح" التي قلَّصت أعداد أبناء هذه الطائفة لينحسروا وينحصروا في تجمعات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة وبضعة من الآلاف.
وتلا ذلك مغادرات انفرادية قلصت من عددهم أكثر فأكثر حتى صارت البقية الباقية بضع مئات محصورين في تجمع سكاني في مديريتي ريدة وخارف من محافظة عمران (70 كم شمال صنعاء) ولا يفصل بين التجمعين سوى مسافة لا تتعدى الكيلومتر الواحد.
كيف يعيش أبناء هذه الطائفة؟ ما هي طقوسهم الحياتية والدينية والاجتماعية؟ لماذا تجمعوا في مكان واحد؟ ما صحة عودة بعض المهاجرين م نهم إلى البلاد؟ وسؤال آخر هو: ما سر السفريات المستمرة لابنائهم بين سن 12–24 إلى واشنطن ولندن على وجه الخصوص ومن كلا الجنسين؟ وسؤال ملح يقول: هل ثمة ارتباطات بينهم وبين أقاربهم في تل ابيب؟ وماهي اوجه تلك الارتباطات وكيف يتم التواصل فيما بينهم؟
هل صحيح بأنهم يقتاتون من تلك المهن التي يمارسونها مثل النجارة والحدادة والاسكافية وغيرها؟ من اين لهم تلك السيارات الفارهة؟ كيف يتسنى لهم القيام بأكثر من سفرية إلى اوروبا واميركا في العام الواحد؟ ترى ما حكايات حمامات الساونا الحديثة؟
وللضرورة ايضاً سؤال دائم البحث عن الاجابة فحواه: هل صحيح انهم يرتبطون بمنظمات الصهيونية العالمية داخل وخارج تل ابيب بما فيها "الايباك–تلمودا يترمي ترارد-باي برين" (الصندوق اليهودي الموحد) وغيرها من المنظمات اليهودية؟
في قلب مدينة ريدة بيوت سكنية عادية لا تختلف عن بقية المنازل في المدينة من حيث الشكل والطراز المعماري، وبعض من ابناء الطائفة يتجولون في حارتهم، حينها بدأنا بتنفيذ اول هدف رسمناه وكان المدرسة العبرية في المدينة التي كانت ضمن تلك الحارة وفي أحد بيوتها.
في المدرسة 'التلمودية' في ريدة
دخلنا منزلاً شعبياً له فناء وفي فنائه توجد ثلاث غرف متلاصقة في الطرف الشرقي للفناء تقابلها في الطرف الغربي غرفة توازي الثلاث وتساويهما بالنسبة للجناح الشرقي المكون من الحجرات الثلاث التي دخلناها.
حجرة وجدناها هي المدرسة وفصولها، وبالنسبة للجناح الغربي فان تلك الحجرة هي الحمام "الساونا" وبتفصيل أكثر هاكم القصة: دخلنا الحجرة الأولى ووجدنا مجموعة من الاطفال الدارسين مرتدين زياً شعبيا يمنيا مألوفا مكوناً من "ثوب- كوت" وعلى رؤوسهم "كوافي" وتتدلى "زنانيرهم" على وجوههم من الجانبين وهي خصلات من الشعر اعتاد ابناء الطائفة اليهودية على اطالتها منذ زمن مضى، الهدف منها التفريق بينهم وبين المسلمين.
كان اولئك الاطفال يدرسون في الكتب التي بدت جديدة ولم يكن في ذلك الفصل معلما، وعندما خرجنا من تلك الحجرة قاصدين الاخرى التقينا فيها "بالعيلوم" فايز الجرادي (المدرس) الذي كان في شجار مع والده سرعان ما هدأ الاثنان عند رؤيتنا ورحبا بنا وقدمنا لهما انفسنا، وبعدها ابلغنا "العيلوم" ان اليوم هو بداية العام الدارسي بعد عطلة دامت شهر وقد لاحظنا ذلك من خلال توزيع الكتب الجديدة على الطلاب وهي كتب مجلدة باهية المنظر كلها باللغة العبرية.
العيلوم فايز قدم لنا اعتذاره عن اجراء حوار، وعلل ذلك بأنه مشغول وقال: كما ترون فنحن في بداية العام .
بعدها خرجنا من تلك الحجرة لنجد والده في الفناء مع مجموعة من الاطفال، سألناهم عن اسمائهم فقال أحدهم: باروك "مبروك" والآخر"لاوي"، وعندما هممنا بالخروج قام والد العيلوم "فايز" وعرض علينا احضار صبوح (افطار) وقهوة إلا اننا لا زاد لنا سوى الخروج منه ببعض المعلومات وذلك بعد شكره على عزومته، فتحدث الينا قائلاً: "كما ترون هذا منزلي وهذه المدرسة ضمنه ويدرس فيها ولدي واثنان آخران وكما ترون فاننا بحاجة ماسة لمدرسة ولأثاث مدرسي".
وخرجت من الدار زوجته التي كانت ترتدي زياً شعبياً يمنياً وتحمل طفلا على كاهلها ودخلت معنا في الحديث قائلة "نحن نريد من الحكومة مدرسة وكراسي كما نريد مدرسين يعلمون ابناءنا اللغة العربية لأن ابناءنا محتاجون لذلك.
وحينها غادرنا، وابلغنا ذلك الصديق بان هذه المرأة قدمت من الولايات المتحدة الأميركية قبل اسبوعين ومن الواضح ان اسلوبها في الحديث يكشف عن اكثر من ذلك.
نساء يهوديات
غادرنا المدرسة باتجاه أحد المنازل حيث التقينا بأرملة يهودية تدعى "لوزة" ودخلنا إلى فناء المنزل وحدثتنا بانها ارملة منذ عشر سنوات ولها ولدان مسافران في اميركا منذ بضع سنوات هما "ماشا" و "موشي" وابنتان هما "ملكا" و "نعمة".
قالت لوزة بان لها من التواصل بابنائها عامين تقريبا، وانهما سافرا بطلب من عمهما المقيم في نيويورك منذ قرابة ثلاثة عقود، وقالت انها تجهل عملهم هناك وتحدثت بحرقة ومرارة عن ابنتها الكبرى "ملكا" التي هربت من المنزل بصحبة أحد ابناء شيوخ المنطقة وشكت بانها قد اخذت مالها عند هروبها واردفت قائلة "اذا كانت ابنتي قد اسلمت وتزوجت من ابن الشيخ (...) ابوها الدنيا، لكني اطالب بعودة مالي منها ومن الذي هربت معه".
وفي ذات الوقت سألناها عن ابنتها الاخرى "نعمة" فقامت ودعتها الينا ووصلت "نعمة" وهي فتاة تبلغ من العمر 13 ربيعا حسب كلامها وكلام والدتها.
نعمة يوسف ملثمة ترتدي زيا شعبيا وكانت خجولة في البداية إلا ان والدتها شجعتها على الحديث معنا.
بداية قالت نعمة لنا انها تدرس في المدرسة العبرية طوال الاسبوع عدا الجمعة والسبت وعلى يد ملماذات (مدرسات) من بنات الطائفة ذاتها درسن في اميركا، وحول المواد التي تدرسها قالت انها تدرس التوارة واللغة العبرية واللغة الانجليزية، وقالت بان اهم طقس يمارس في المدرسة هو طقس الصلاة وقراءة التلمود وان الملماذات يحرصن اشد الحرص على ذلك وعندما طلبنا منها بعض كتب المنهج قالت "انه لا يسمح لنا بأخذها إلى المنزل".
وسألناها عن تدريس مناهج تخص الجغرافيا والتاريخ اليمني والتربية الوطنية وبقية المواد العلمية فأجابت بالنفي.
وعندما سألناها عن العطل والمناسبات قالت السبت والاعياد ولم تستطع حصرها فتدخلت والدتها لوزة وقالت "الاعياد سبعة، منها: نيسان، قاقر، العوشة والخضرة".
المدرسة التلمودية الثانية 'الكرسعة'
بعد ذلك اتجهنا إلى التجمع السكاني الثاني في السوق الجديد في مديرية خارف والذي لا يبعد عن الأول كثيراً، وهناك التقينا بأطفال الطائفة اليهودية وهم مغادرون في باب المدرسة ووجدنا عيلوم المدرسة سليمان يعقوب الذي استقبلنا هو الآخر بحفاوة ورحابة صدر ويبدوا ان الرجل مثقف ومنفتح وكان يرتدي هو الآخر لباسا شعبيا عاديا وكغيره من اليهود لا يحمل الجنبية.
بدأ العيلوم سليمان حديثه معنا بأنه يتم التركيز على التعليم الديني اليهودي واللغة العبرية واللغة الانجليزية التي يدرسها مع الملماذات اللواتي درسنها في نيويورك باميركا.
وقال ان الفتيات قد ذهبن إلى اميركا بغرض الدراسة وعدن إلى اليمن للتدريس كون التعليم في اليمن لا يتسنى لهن، وانهن يعانين من عدم اكتمال التعليم.
ولفت الى ان الدراسة لدى ابناء الطائفة غير مختلطة حتى في اميركا، وفي حالة عدم وجود مدرسات اناث فان رجال الدين هم من يقومون بذلك. وحتى في اميركا فان المتدينين من اليهود لا يختلطون بالمسيحيين، وكان ذلك رداً على سؤال لماذا لا يدرسون ابناءهم في المعاهد الأميركية باليمن بدلاً من السفر إلى نيويورك.
وعندما سألناه عن الكتب الدينية التي يدرسونها اجاب "التوارة"، وسألناه عن مزامير داوود فقال "نعم ندرسها" وحول الكتب فقد اشار إلى أن منظمات يهودية عالمية واناساً خيرين يدعمونهم دون تحديد اسماء.
وحول اجورهم للتدريس اجاب نحن ندرس نظير مرتب، فسألناه من اين؟ فأجاب "من الدولة اليمنية بالاضافة إلى رواتب اخرى من منظمات عالمية تصلنا عبر وزارة التربية والتعليم في اليمن".
وحول هوية المنظمات التي تقدم لهم الدعم قال انها منظمات دعم اليهود السفارديم (اليهود الشرقيين) واكد على عدم ممانعته من تدريس اولاد اليهود في المدارس الحكومية اليمنية، ولكنه قال "نحن نتحرى تعليم ديانتنا حتى تكون صافية"، لأنها اساس العلم الذي لا ينتهي ولذلك فانه من الواجب على كل يهودي ان يجوَّد التوارة المكونة من 52 جزءاً" حسب قوله.
صلاة اليهود وحجهم ودفن موتاهم
يقول العيلوم سليمان بن يعقوب ان الصلاة واجبة على كل يهودي ولا تتم الا في جماعة، والجماعة لا تكتمل إلا بعشرة اشخاص، وعدد فروض الصلاة ثلاثة هي الصبح والمغرب والعشاء وما يميز هذه الفروض عن بعضها زيادة الركعات والدعاء لا سيما في الصبح، ونحن ننحني فيها انحناءً بسيطاً ولا نصل إلى الارض.
وبالنسبة للحج يقول بن يعقوب "نعتبر الحج فريضة يجب اداؤها إلى بيت المقدس اذا توفرت الاستطاعة وتيسرت الطريق".
وعن امواتهم قال العيلوم سليمان "اننا نغسل الميت وندفنه ونصلي عليه ونصنع له لحداً كما يفعل المسلمون، إلا اننا نصلي عليه مرتين: الأولى في بيته أو في المعبد (الكنيس) والثانية فوق قبره، وندعوا له بعد الدفن". ونفى ما يشاع بان اليهود يدفنون مع موتاهم عصا ومجموعة من الارغفة.
اليهود والنساء والذبح والزواج
واسترسل العيلوم بن يعقوب الحديث عن مكانة المرأة لدى اليهود فسألناه عن اعتزال اليهود لنسائهم في المحيض، فقال "ان اعتزال النساء في الدين اليهودي فرض، فلا يجوز الاكل معها اطلاقا ولا الشرب وتعزل لمدة اسبوع اثناء المحيض واسبوع بعده، وهي محرمة على زوجها حتى في الاسبوع الذي يلي المحيض:.
كذلك تحدث عن كيفية الذبح بين اوساط الطائفة اليهودية قائلاً "إن الذبح لا يتم الا بواسطة عيلوم يكون قد تعلم كيفية الذبح وشروطه.. وهنا في منطقة ريدة وخارف، يوجد عيلومان فقط للذبح.. وللذبح شروط اهمها رقة حد السكين مثل الموس ولا يوجد فيها أي ثلم ولا يجوز الذبح بغير ذلك".
وأضاف "كما توجه الذبيحة نحو بيت المقدس ويقال عند الذبح وجهت وجهي لله".
ووصلنا معه في الحديث إلى العادات والتقاليد بالنسبة للزواج فاجاب العيلوم سليمان بن يعقوب بان العادات والتقاليد واحدة عند اليهود والمسلمين لأننا جميعاً يمنيون.
وسألناه عن الطقوس الخاصة فقال "يعقد والد البنت للخطيب بحضور شاهدين ليسا من اقارب الخطيب أو الخطيبة ويجوز للخطيب ان يراها وتراه من اجل التعرف والاقتناع لأن هذا من تعاليم التوارة.. ويكتب العقد في ورقة ولا يجوز للمرأة إلا المهر بحسب تعاليم التوارة، والشخص الفقير يتزوج ولو بحلقة فضة (خاتم) أو كما تقولون انتم المسلمين بالفاتحة".
وعندما طرحنا عليه ان اليهود يأخذون مبالغ كبيرة عند تزويج بناتهم مقابل شرط لأبيها ولأمها ولخالها، اجاب "عاداتنا وعادات المسلمين واحدة كقبائل متجاورة وقد ارتفع المهر ليصل إلى 400 الف للأب والبنت و 30 الف للخال و 30 للعمة.. كما اننا ندفع حق المزمار وحق المزينة ويستمر الفرح لمدة اربعة ايام متواصلة، ولا يوجد فيه اختلاط لأن التوارة تحرم ذلك".
تراث ونفي
وعن اضمحلال الفن اليهودي وغياب جميع الآلات الموسيقية التي كانت تستخدم قديما في حفلات المجتمع اليهودي، قال انها "انحسرت لاضمحلال اعداد ابناء الطائفة، وانهم يلجأون إلى استقدام مطربين من القبائل المجاورة لاحياء المزاينة (الاعراس)".
ونفى العيلوم بن يعقوب أن يكون اليهود قد تركوا اعمالهم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول وانهم ما زالوا يمارسون الحرف اليدوية، كما كذب ما تناقلته بعض الصحف العربية واليمنية وحتى الأميركية من ان اليهود يعودون حالياً لشراء واسترجاع ما باعوه في المناطق اليمنية قبل عملية "بساط الريح".
اليهود والسفارة الأميركية وحُب اليمن
وتحدث العيلوم سليمان عن الولايات المتحدة قائلاً "إنها الدولة الوحيدة في العالم المتعاطفة مع اليهود، وإن سفارتها تقدم لهم كل التسهيلات وأن هناك جماعات وجمعيات دينية يهودية في اميركا ترحب باليهود القادمين لا سيما القادمين للدارسة طوال فترتها وحتى بعد الانتهاء من الدراسة".
وتحدث انه سافر إلى اميركا مرة واحدة وانه كانت تربطه علاقة قوية مع السفارة الأميركية بصنعاء كغيره من ابناء الطائفة اليهودية، وكانوا يقابلون المسؤولين فيها بكل يسر وسهولة.
إلا انه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول تغير الوضع نوعاً ما. وفي هذا السياق اوضح انه مقتنع بالعيش في اليمن لأنه يحبها برغم الحياة المتطورة التي يعيشها اليهود في اميركا، وأوضح انه أحس بضيق نفس عندما كان في اميركا، وبمجرد ان عاد إلى اليمن شعر بالراحة النفسية وبحسب قوله ان هذا الشعور يشترك فيه مجموعة من اليهود الذين سافروا إلى الخارج وعادوا وقال "حب الوطن يقع غالي.. مسقط الرأس غالي".
جولة في 'الكرسعة' الحي اليهودي بخارف
حي الكرسعة بالسوق الجديد الحي الثاني لأبناء الطائفة اليهودية يتميز بأنه أكثر تطوراً، وهنالك التقينا بمجموعة من اليهود، كان أحدهم رجلاً في الخمسينات من عمره متجعد الوجه استقبلنا امام منزله بترحاب.. كما يصنع رجال القبائل اليمنيين في المنطقة لولا سابق علمنا بأنه يهودي لعدم ارتدائه الجنبية ولظهور زنانيره وهو يحيى بن يعقوب.
ويمارس شقيق العيلوم سليمان مهنة الحدادة داخل منزله وله بنت متزوجة وابن في اميركا وامام منزل آخر في نفس الحي وجدنا في بوابة أحد المنازل الحديثة كتابة بالخط العبري ترجمها العيلوم بانها عبارات ترحيب بالضيف، وعلى بوابة منزل آخر في نفس الحي لاحظنا كتابة عبرية ترجمتها تقول "إننا لا نعتمد إلا على الله في كل شيء".
عودة إلى الحي الأول في ريدة
أصبح الوقت ظهراً. عدنا إلى مدينة ريدة الحي الأول لليهود. وهناك زرنا مجموعة من البيوت اليهودية والتقينا بعدد من اليهود الشباب وأجرينا معهم لقاءات عابرة تلمسنا من خلالها مدى حرص أبناء الطائفة على التعليم وعرفنا بأن معظم الشباب يسافرون إلى الولايات المتحدة على وجه الخصوص بل إن بعضهم يسافرون وهم أطفال، حيث أبلغنا أحد كهول اليهود بان ابنه سافر إلى الولايات المتحدة في سن الثامنة ولم يره حتى اليوم وقال إنه يبلغ الآن العشرين من عمره. وعرَّفنا بأن الشباب تنظم سفريات سنوية وتختلف مدة إقامتهم في الخارج.
الشاب موسى إسرائيل
كان موسى مع مجموعة من الشباب اليهود كلهم في العشرينات يرتدي جميعهم البنطلونات والقمصان والكوافي السوداء الصغيرة التي يرتديها اليهود عادة، شباب معظمهم يلبسون نظارات طبية تبدو أشكالها أنيقة.
عرفنا بأن معظمهم قد سافر أكثر من مرة إلى أميركا وأن مجموعة منهم عادت قبل فترة وجيزة، وكان من بينهم الشاب موسى إسرائيل الذي تحدث إلينا وقال إنه يسهم في التدريس كونه قد تلقى علوماً عدة وسافر إلى الولايات المتحدة ثماني مرات.
وبرغم سفره المتعدد قال موسى إنه يحبذ العيش في اليمن بسبب ارتباطه الروحي بها. وعندما سألناه عن رعاية السفارة اليمنية لهم في أميركا، قال إن السفارة لم تهتم به ولا بزملائه طوال فترة إقامتهم ولم تحاول الالتقاء بهم بصفتهم مواطنين يمنيين كما نفى لقاءاتهم بمسؤولين إسرائيليين، إلا أنه قال إن شخصيات إسرائيلية تلتقي بهم وتدعمهم وتوجه لهم دعوات لزيارة إسرائيل ومعظم هذه الشخصيات من المتدينين.
يقول موسى إسرائيل إن السفر إلى أميركا يتم على حساب جمعيات يهودية وكذلك الدراسة، وإن من الجمعيات التي دعمته وزملاءه في سفرهم ودراستهم في نيويورك هي جمعية تلمودا تيري.
ويضيف بأن دعم هذه الجمعيات لا يقتصر على فترة الدراسة فقط وإنما يستمر بعد الدراسة ويذكر أنه يتسلم راتبا مقابل تدريسه في المدارس العبرية من جمعيات في خارج اليمن، وهذه الجمعيات تتعامل مع بعض البنوك اليمنية في إيصال الرواتب. وألقى كغيره من اليهود على نفسه اللوم بأنه لا يتابع الجهات المختصة بالنسبة للمشاريع والوظائف.
اليهود والسياسة والديمقراطية
شكر كل من قابلناه من اليهود الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لاتخاذ الديمقراطية سلوكاً ونصا حياتياً في اليمن، إذ قال العيلوم سليمان "برغم اننا أقلية، إلا أننا نعيش في ظل الديمقراطية مع القبائل دون تمييز ونتمتع بكامل حقوق المواطنة". وكذلك كان رأي البقية.
وأكد اليهود أنهم يشاركون في الانتخابات رجالاً ونساءً ويمارسون حقوقهم الدستورية بكل حرية.
معظم اليهود كان لديهم تحفظ في الحديث عن الدولة العبرية ومنهم موسى إسرائيل الذي رد بأن هذه سياسة دول "لا أستطيع أن أتدخل فيها، ومن الأحسن أن الواحد يجب عليه ألا يطلع على الأشياء الكبيرة وهذه كلمة لنفسي أولاً".
ووجه موسى ايضا كلمة إلى اليهود اليمنيين المهاجرين "اليمن مفتوحة أبوابها لمن أراد أن يعود" وأعقبها بتوجيه الشكر للرئيس علي عبدالله صالح وقال أقولها من قلبي وبكل صدق لأنه "أقام لنا حرية الحياة".
من جانبه أكد سليمان بن يعقوب بان صلتهم طيبة بالحكومة اليمنية. وقال ان الحكومة أرسلت لجنة لمسح الأسر في ريدة لإدراج الأسر الفقيرة في شبكة الضمان الاجتماعي.
يهود اليمن والتبرع للانتفاضة الفلسطينية والدعوة للسلام
تحدث اليهود بحذر شديد مما يجري على أرض فلسطين فقد قال العيلوم سليمان بأنهم قد تبرعوا بدماء وأموال لصالح الانتفاضة الفلسطينية لأن ذلك واجب عليهم كمواطنين يهود يمنيين تلبية لدعوة الحكومة اليمنية ووفق استطاعتهم.
وحول ما يجري في فلسطين قال إن اغتصاب حقوق الآخرين والتدخل في شؤونهم ظلم وجرح للقلوب يخلق الكراهية والحقد، وتمنى أن يعيش الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بسلام.
وأكد على عدم علمه بما يقال أن اتجاه اليهود إلى بيت المقدس يوحي بعودة المسيح لأن ذلك كما قال "في علم ال"، إلا أنه أشار الى أن اليهود في توراتهم موجودون في بيت المقدس. وذكر بهجرة بني إسرائيل من مصر أثناء حكم فرعون وبرغم ذلك ينصح الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي التعايش بسلام.
محمد وموسى وسمير وسليمان
قال محمد الغولي وهو مواطن يمني من أبناء منطقة ريدة يعيش إلى جوار أحد أبناء الطائفة اليهودية موسى إسرائيل ان جاره موسى يختلط بهم ويتزاورون ويتبادلون بعض الأكلات، ولم يذكر مرة أنه اختلف معهم.
كما افاد موسى بأن محمداً جار طيب ولم يحدث بينهم أي شجار إطلاقاً، وأن كلاً منهم لا يتدخل في شؤون الآخر.
أما سمير يحيى مطر، فهو أحد أبناء مدينة ريدة وهو يرتبط بعلاقات صداقة حميمة مع معظم الشباب من أبناء الطائفة اليهودية ومنهم سليمان وقال بأنهم أصدقاء يتبادلون الزيارات والعزومات والأكلات ماعدا اللحوم.
ومن جانبه، أكد سليمان بأن سمير من أقرب أصدقائه وأنه صديق وفي.
يهود وشعوذة
لاحظنا وجود أكثر من سيارة جاءت من خارج ريدة إلى بيت أحد اليهود، وعندما سألنا عن السبب قيل لنا إن ذلك اليهودي يحترف الشعوذة، وأن البعض يأتي إليه للعلاج والبعض الآخر يأتي إليه بغرض عمل أسحار.
ويعتقد كثير من المواطنين الذين يؤمنون بعقائد الدجل والسحر والشعوذة بأن اليهود لهم علم كبير في هذا المجال.
انتصار الحب القادم من تل أبيب
وصلتنا قصة حصلت منذ عامين بين اليهود.. حيث قدم يهودي إسرائيلي من أصل يمني إلى منطقة ريدة يدعى ماشا ليرتبط بإحدى بنات الطائفة.. وهي بوسغة سالم الحداد حيث كانا التقيا في نيويورك عندما كانت بوسغة تدرس في إحدى الكنائس اليهودية هناك.
ورفضت بوسغة أن ترتبط به وتذهب إلى إسرائيل دون إذن أهلها، إلا أنه أصر على الزواج منها ودفع نظير ذلك مبلغ خمسة آلاف دولار، وحينها أشتكاه أبناء الطائفة اليهودية إلى وكيل محافظة عمران لأن أبناء الطائفة أعربوا عن رفضهم لزواج بناتهم في الخارج، وكذا لابتداع المذكور مغالاة المهور، إلا أن والدها أصر على الزواج لينتصر الحب القادم من تل أبيب.