ياسر العواضي في النهدين .. شاهد أم مجني عليه
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 09 مايو 2012 05:03 م

بادئ ذي بدء أشكر الأخ ياسر على جرأته في الإدلاء بشهادته ــــ وإن كانت قد تأخرت كثيراً ــــ وأرجو من الإخوة في إدارة تحرير موقع (مأرب برس) أن يتخذوا كافة التدابير اللازمة لتأمين الرابط الذي تحمّل عليه الموضوع حتى لا تطاله يد العبث والتخريب التي تتعرض لها كثير من المواقع الإلكترونية ، كما أرجو منهم الاحتفاظ بالموضوع في علبة البريد الوارد حتى يظل محفوظاً بأصله ومن بريد كاتبه مباشرة ، لأن تقلبات الزمان تؤثر في أخلاقيات كثير من الناس.

هذا في الشكل أما في الموضوع فإن الشهادة غالباً ما تكون أمام المحققين خلال فترة البحث والتحري أو أمام القضاة أثناء المحاكمة ، وبما أن الشهادة قد أتت عبر وسيلة إعلامية فإن السادة القراء هم المحققون والقضاة ، وعلى هذا الأساس استسمح الأخ الشاهد في مناقشة هذه الشهادة وطرح ما لدينا حول مضمونها وما يتصل بها من ملاحظات واستفسارات .

ومن أهم ما يلفت النظر ويدعو للدهشة والاستغراب أن يكون الشاهد هو أول من يخرج من باب الجامع في حين أنه مصاب بكسور في رجله ويستخدم قطعة من الخشب يتوكأ عليها !! تخيّلوا شخص في وسط الصف الأول ومكسور ويخرج أول واحد من الباب ، مع أن المعتاد أن من يسبق على أبواب الخروج هم المصلون الواقفون بالقرب منها ، وليس هذا فحسب .. بل أن الشاهد رتّب خروج المصابين فكان هو الأول ويليه عبدالعزيز عبدالغني (رحمه الله) ويليه علي مجور ويليه رشاد العليمي ثم المخلوع علي عبدالله صالح ، وهذا ترتيب عجيب وغريب أن يخرج هذا العدد من المسئولين المصابين قبل أن يخرج واحد من الناجين من الإصابات .. وهذا يدعونا إلى طرح تساؤل مهم .. هل لا زالت الناس تتمسك بالمراسم الرئاسية في عدم استخدام باب الرئيس حتى في تلك المحنة ، وإذا كان هذا الافتراض وارد فلماذا خرج عدد من المسئولين قبل رئيسهم المصاب ولم يحترموا تلك المراسم ، وفي كل الحالات ستظل عملية الخروج التي رتبها الشاهد مثار جدل وتساؤل كوننا لا نعلم من هو الأقرب إلى الباب وهل الصف الأول ممتلئ بالمصلين حتى جدار الجامع الذي فيه الباب وهل كانت عليه حراسة أثناء الخطبة وهل كانت تلك الحراسة في الداخل أم في الخارج أم في كليهما ؟؟ والسؤال الأهم هو هل صحيح أن الشاهد لا يعرف (اسم) إمام الجامع ((الشاب الثلاثيني)) وهو يرتاد الجامع منذ فترة ويصلي معه كل جمعة تقريباً.

الشاهد المبجل ينقل لنا عن سمعه المباشر أن المخلوع كان يوجه بعدم الضرب لأنه بخير ، كما ينقل كذلك عن طبيبه أنه كان يعالجه والمستشفى يهتز من آثار القصف العنيف على منطقة حدة ، فأين صارت توجيهات المخلوع بعدم الضرب ، مع أن ما ذهب إليه الشاهد مبني على اعتقاد أن الحادث كان ضربة بصاروخ وقد تبين من شهادته أنه بدل هذا الاعتقاد وتيقن أن الحادث بسبب انفجار من داخل الجامع وعلى فرضية أن الحادث كان بصاروخ كانت فرضية توجيهات المخلوع بعدم الضرب مبنية على علم بأن هناك من يجب ضربهم باعتبارهم فاعلين ، أما وقد تأكد أنه انفجار من الداخل فما مبرر القصف العنيف الذي حدث في منطقة حدة بعد الحادث بوقت قصير .. وهذا التساؤل يلزم الإجابة عليه عند ما يصبح الشاهد مجني عليه.

يذكر الشاهد أنه رأى قوات التدخل السريع تحمل المخلوع من أطرافه وذكر أنهم باشروا بسرعة التدخل لإسعافه في حين كان المخلوع خامس شخص مصاب يخرج من الجامع ، والغريب أن الشاهد ذكر أن رشاد العليمي ــــ وهو رابع مصاب يخرج قبل المخلوع ــــ كان يتدحرج على ظهره حتى خرج من الباب ، فكيف لمن يمشي على ظهره أن يسبق أولئك النفر المخصصين للتدخل السريع ولإسعاف رأس الهرم الذي رباهم على تلك المهام السريعة ، وهنا نطرح سؤال لحضرة الشاهد .. أين كان تواجد قوة التدخل السريع قبل الحادث وكيف ميّزهم الشاهد عن غيرهم ممن كانوا في الجامع ، وكيف تعرف عليهم في حين أنه لا يعرف إمام الجامع الذي يقعد على مقربة منه باعتباره من رواد الصف الأول.

الشاهد ذكر كذلك سماع صوت انفجار وقع جنوب الجامع عند خزانات الغاز والوقود التي يقول الشاهد أنها سميكة جداً وأنها لو انفجرت لكانت قضت على من في دار الرئاسة ، وذكر كذلك سماع إطلاق رصاص في السائلة ، أثناء مرور موكب الرئيس المخلوع ، وهذا القول من الشاهد يعني أن هناك من له صلة وعلاقة وثيقة بمعلومات أماكن الرئاسة ولديه دراسة تامة عن مكامن الخطر ورصد التحركات بدقة عالية ... الخ. وكل ما كره الشاهد من معلومات توحي بأن العملية كبيرة واستغرقت وقتاً طويلاً ومراحل متعددة لتخطيط تنفيذها وهذا ما تؤكده الوقائع التي سردها الشاهد ومن أهمها تأكيده على وجود سيارات الضيوف في أماكن بعيدة عن موقع الجامع الأمر الذي يجعل من المستحيل الوصول إلى الجامع على حين غفلة من أهله والمقربين منه وفي لحظات عابرة ، لأنه طالما كانت الاحتياطات الأمنية بهذه الصورة وتطال جميع مسؤلي الدولة بدون استثناء ، فما بالنا بغيرهم من الناس ، وما دام وصول سيارات المسئولين المقربين من الرئيس غير ممكن في ظل تلك الظروف الأمنية الشديدة التي يذكرها الشاهد ، فإنه من باب أولى أن غيرهم لا يستطيع الوصول حتى إلى الحرم الخارجي للرئاسة ، أما في داخلها فإن هناك عدة حلقات ودوائر أمنية وأسوار وموانع مترادفة لا يمكن تجاوزها حتى لسيارات كبار موظفي الدولة فضلاً عن غيرهم .. وهذا يضع علامة استفهام كبيرة وخطيرة في نفس الوقت حول من ينبغي أن تتجه إليه أصابع الاتهام ، وبناءً على ما تقدم فإنه جدير بالأخ ياسر العواضي أن يتنحى عن شهادته وأن يتحوّل إلى مجني عليه حتى يطالب بحقه في القصاص باعتباره متضرر بدرجة كبيرة من هذا العمل الإجرامي الشنيع.

وخلاصة القول فإن الأمر المشكوك فيه أن تكون قد صدرت توجيهات المخلوع بعدم الضرب خصوصاً وهو يعاني سكرات الموت من شدة الألم ، والغيض والحقد يغلي بداخله ضد أبناء الشعب الذين خرجوا في تظاهرات سلمية وينادونه بالرحيل وليس هذا فحسب ، ولكن سبقت منه أعمال إجرامية بارزة وهو آمن في قصره وبيته ومنها مجزرة جمعة الكرامة ومحرقة تعز وسكود الحصبة ونهم وأرحب وغيرها ، فكيف يدخل العقل أن يحلم المخلوع في تلك اللحظات الهائجة وقد غضب قبلها وعبر عن حقده وغضبه بتلك الأعمال الإجرامية السابقة والتي صدق عليها بالقصف العنيف على مدينة حدة بعد حادث جامع النهدين مباشرة خلافاً لما ذكره الشاهد من توجيهات مزعومة بعدم الضرب.

وعلى هذا الأساس فقد تقرر لدي بطلان هذه الشهادة لعدة اعتبارات من أهمها:

 أن المجني عليه لا يصلح شاهداً في القضية.

 أن الشهادة لم تقم على تعيين متهم بعينه.

 منافاة الشهادة لبعض وقائع الحال.

 مخالفة الشاهد لبعض آداب صلاة الجمعة ومنها تخطي رقاب المصلين والقفز إلى الصف الأول أثناء الخطبة ، والانشغال بالحديث الجانبي ومسابقة الإمام في الركوع.