اليمن والقاعدة والأرهاب
بقلم/ جين نوفاك
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 15 يوماً
الإثنين 09 إبريل-نيسان 2007 05:09 م

مأرب برس - خاص - ترجمة : حميد يحيى القطابري

يعمل اليمن بشكل كبير كداعم للإرهاب الدولي تحت مظلة الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على الإرهاب ؛ حيث ركز كل من المسؤولين اليمنيين والأمريكيين على هذه الشراكة علنيا.

سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في صنعاء وصفت هروب عناصر القاعدة الثلاثة والعشرين في فبراير من العام 2006 من سجن الأمن السياسي مُبررًا بطريقة ما ، معتبرةً الفساد المستشري في اليمن وضعف المؤسسات وعدم أهلية الحكومة. ( الهاربون يتضمنون عددا من مفجري المدمرة الأمريكية كول وأمريكيا مرتبطا بخلية اللاك أوانا الإرهابية في نيويورك)

كما وصف المساعد الرئاسي الأمريكي فرانسيس تاونسند النظام اليمني بأنه شريك غير منسجم في الحرب على الإرهاب . ومن جهتها اليمن لا زالت مستمرة إلى حد بعيد في التعاون وتقديم التسهيلات للقاعدة وللمجموعات الجهادية ، وكنتيجة لذلك لعبت دورا هاما في عدم استقرار العراق .

 الجهاديون اليمنيون موجودون في الصومال والشيشان وأفغانستان ولبنان ، كما يشكلون واحدًا من أكبر تجمعات المقاتلين الأجانب في العراق ، ووفقا لصحيفة التجمع الأسبوعية اليمنيه فقد ذهب حوالي 1289 يمنيا إلى العراق حتى قبل منتصف العام 2006 قُتل منهم 153. وكما تشير تقارير أخرى أن عددهم وصل إلى 1800 معظمهم من المراهقين الذين ذهبوا العراق خلال العام 2006 معطين بذلك مؤشرا لزيادة تدفق الجهاديين اليمنيين إلى العراق . وكما أفاد مصدر رسمي أمريكي أن اليمنيين والشمال أفريقيين هم الذين يقومون بمعظم التفجيرات الانتحارية في العراق.

اليمنيان خلدون الحكيمي وصالح مانع هربا من سجن بعدن في العام 2003 بعد أن ثبتت علاقتهما بتفجير المدمرة الأمريكية يو. إس. إس. كول ، وبعدها ثبت أنهما قاما بهجوم انتحاري في بغداد في شهر يوليو من العام 2005 . كما اعتُقِد بتورط يمني آخر في قتل دبلوماسيين روسيين في العراق وتم اعتقاله في عدن بمساعدة الاستخبارات الروسية. كذلك قام أعضاء في الجيش اليمني بتسهيل عمليات التدريب والتأهيل لعديد من الإرهابيين الذين وجدوا طريقهم فيما بعد إلى العراق.

التواطؤ بين الجيش اليمني والسلفيين الجهاديين في اليمن موثق جيدا، فالرئيس صالح استخدم الجهاديين من العرب الأفغان كقوة مساندة للجيش في الحرب الأهلية عام 1994 ضد القوى الاشتراكية في اليمن الجنوبي – سابقا، وهو اليوم يقوم بتجنيد السلفيين الجهاديين الذين يضمون في أوساطهم أعضاء من جيش عدن- أبين الإسلامي ضد مجموعة من المتمردين الشيعة في محافظة صعدة شمال اليمن. وفي فبراير من العام 2007 قامت وزارة الدفاع اليمنية بتعميم فتوى دينية تجعل من قتل المتمردين ومؤيديهم واجبا إسلاميا.

إنه شارع ولكن بطريقين ، فالإرهابيون اليمنيون يقاتلون بدلا عن الجيش والجيش يقوم بتدريبهم . وقد ذكرت بعض من أسر الانتحاريين في تقارير لصحيفة التجمع الأسبوعي اليمنية أن أبناءهم وأخوانهم دُرِّبوا بمعرفة مسؤولي الأمن ودعم لوجستي من أشخاص ذوي مراتب عالية في الجيش اليمني. مصادر أخرى ذكرت أن عددا من المنازل الآمنة أُعِدَّت في العاصمة صنعاء لتسكين الجهاديين الجدد حتى يتم استكمال الإجراءات اللازمة لسفرهم إلى العراق ، وعادةً ما تتضمن تلك الإجراءات تزوير وثائق سفر وتأمين السفر عن طريق الجو إلى سوريا.

 

وفي مايو 2005 صرّح مسؤول حكومي يمني بأن عناصر من الاستخبارات اليمنية قد أسّست معسكرات تدريب للبعثيين العراقيين اللاجئين في اليمن والراغبين في قتال قوات الولايات المتحدة الأمريكية في العراق. وقد ذكرت عدد من المصادر أن اليمن استخدمت غاز الكلور المحظور دوليا ضد المتمردين الشيعة في صعده عام 2005 ، ويأتي ذلك قبل تبني المقاتلين الأجانب في العراق لنفس التكتيك بسنة كاملة.

وفي يوليو 2006 أثناء الحملة الإعلامية لوقف تدفق المقاتلين إلى العراق قام النظام اليمني بإصدار قانون يمنع الرجال تحت سن الخامسة والثلاثين من السفر جوا إلى سوريا والأردن بدون تصريح ، ولكن بعد تطبيق هذا القانون نشر موقع نيوز يمن الإخباري أن اليمني عبد الباسط على أحمد با شعيبه سافر إلى الموصل وقام بتفجير نفسه في هجوم انتحاري بسيارة، كما أشار الموقع إلى أنه يذكر أن اليمنيين في المقاومة العراقية مدعومون من قوى ذوي نفوذ في اليمن، وتلك القوى تعمل على تجهيز هؤلاء الشباب من خلال تدريبهم على العمليات القتالية واستخدام المتفجرات وقيادة السيارات.

المحاكم اليمنية لها باع طويل أيضا في التعاون مع الجهاديين ؛ حيث أن محكمة يمنية في شهر يوليو الماضي لم تُجَرِّم القتال مع القوى الإرهابية في العراق و حكمت بالبراءة لتسعة عشر متهما بالارتباط بخلية الزرقاوي المرتبطة بالقاعدة ستة منهم متهمون بتزوير وثائق رسمية، هذا بالرغم من اعتراف محاميي الدفاع بأن المتهمين قاتلوا مع المقاومة العراقية وبالرغم من ذلك فإن المحكمة اعتبرت أن الانضمام إلى التمرد في العراق لا يتعارض مع القانون اليمني الذي يسمح بالقتال ضد المحتلين كما في الشريعة الإسلامية- حسب تعبير المحكمة. وذكرت صحيفة محلية أنه تم اعتقال مسؤول من جمعية الحكمة اليمانية الخيرية لضلوعه في تسهيل سفر الجهاديين إلى العراق ، لكنه تم إطلاق صراحه بعد تدخل قادة أمنيين كبار.

مفهوم الجهاديين يظهر في أماكن عدة وطرق مختلفة، وعلى المستوى الأوسع لدى القيادات العامة -ومن ضمنها الرئيس صالح - التي تقوم بتشجيع الثقافة التي تجيز الأنشطة الإرهابية خارج اليمن، إذ يقوم صالح بتشجيع ومدح المقاومة ضد الاحتلال علنيا. وفي سياق الحرب الراهنة في صعدة تقوم السلطة اليمنية بإعطاء التعليمات للخطباء السلفيين لزيادة خطابهم الطائفي ضد الشيعة. أفلام القتل المرعبة تباع في الأسواق حاملة بعض العناوين كـ " ذبح الجنود الأمريكان في العراق"، و" انتصارات القاعدة في الفلوجة" ، و" قتل الخونة في أفغانستان" ، وغيرها. 

داعمو الإرهاب لهم الحرية الكاملة للتحدث مع الشباب اليمني حيث تحدث الشيخ المنفي حارث الضاري رئيس جمعية علماء المسلمين السنة في العراق عن فضائل ومآثر المقاومة العراقية في جامعة صنعاء وذلك أثناء ندوة أقامتها اللجنة اليمنية العامة لدعم المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وبرعاية وتمويل يحيى محمد عبد الله صالح ابن أخي الرئيس اليمني صالح ورئيس اللجنة ورئيس قوى الأمن المركزي اليمني ورئيس وحدات مكافحة الإرهاب الذي أثنى على المقاومة العراقية وقدرتها على تسديد الضربات ضد قوات الاحتلال.

وما هو أبعد من الدعم المادي والنفسي هو إيواء اليمن لعدد من الإرهابيين المطلوبين للعدالة ؛ حيث قوات التمرد العراقي لديها قاعدة عملياتية في اليمن ، ويقدر عدد العراقيين الموجودين في اليمن منذ عام 2003 بـ 26000 عراقي ، ومنهم عزت الدوري نائب الرئيس العراقي السابق . وفي يناير ، قال الرئيس العراقي جلال طالباني إن الاستخبارات العسكرية العراقية قد بدأت بمتابعة الدوري في اليمن. وفي نوفمبر 2005 طالب مسؤولون عراقيون اليمن من خلال الانتربول الدولي بتسليم عمر سبعاوي إبراهيم حسن التكريتي ابن أخت صدام حسين وذلك بعد اتهامه بإدارة وتمويل منظمات إرهابية تعمل في شمال العراق لكن النظام اليمني لم يحدد مكان التكريتي. وفي فبراير 2007 طلبت الحكومة العراقية من اليمن تسليم المتبقين من النظام البعثي في اليمن مهددة النظام اليمني بالمطالبة بالديون التي عليه للعراق أثناء حكم صدام في حالة رفضه تسليمهم.

لقد كان واضحا للعيان مدى تبعية النظام في اليمن للعقلية الجهادية وذلك في أكتوبر 2000 ؛ إذ تم تفجير المدمرة الأمريكية يو. إس. إس. كول في ميناء عدن وذلك بمساعدة مسؤولين يمنيين على مستوى عالٍ ، وقد منعت الحكومة اليمنية ممثلي الإف بي آي من التحقيق في ذلك ، ولكن النظام اليمني بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وقَّع على مضض اتفاقية مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة الأمريكية ، غير أن عددا من العناصر المعتقد تورطها في تفجير المدمرة كول تم إطلاق صراحهم أو حكم عليهم بأحكام مخففة أو استطاعوا الهروب مرات متعددة. وبينما اليمن على حافة الانهيار ومع ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية على اليمن من أجل عملية الإصلاح الإداري القليل جداً وربما المتأخر جداً يتم تعيين ما يشبه عصابة المافيا من أصحاب المطامع الشخصية.

النظام اليمني بارع في إنتاج إشاعات وأكاذيب صممت للاستهلاك الغربي ، فالرئيس صالح يُفهَم غالبا من خلال محاولته إدخال مليشية متطرفة إلى النظام السياسي لكي يخفف من حدة ميولهم الراديكالية، ولكن علاقة النظام الودية والمستمرة مع تنظيم القاعدة واضحة ؛ إذ أن تدفق الجهاديين اليمنيين إلى العراق يعطينا استفهاما عن مدى توغل المتطرفين في الإدارة اليمنية ، وهذا يعني سيطرتهم على أدوات الدولة اليمنية . بينما المؤسسات السياسية الرسمية في اليمن تنحدر بسرعة يبدو أن اليمن ربما قد أصبح دولة تحت سيطرة القاعدة.

* كاتبة ومحللة سياسية أمريكية

خبيرة في شؤون اليمن

مصدر المقال /

http://www.weeklystandard.com/Content/Public/Articles/000/000/013/491klfax.asp?pg=1