عن تحذيرات قادة الحراك من التحركات الإيرانية المشبوهة في الجنوب
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 24 يوماً
الجمعة 30 مارس - آذار 2012 11:09 ص

كتبت مؤخرا عن إعجابي بالخطاب الناضج الأمين العام للمجلس الأعلى للحراك الجنوبي السلمي العميد الأستاذ عبد الله الناخبي والذي قرأته من خلال تصريحاته وحواراته وأحاديثه في الفعاليات والأنشطة المختلفة التي يحضرها ويشارك فيها واللقاءات التلفزيونية التي أجريت معه وفي هذا المقال سنتطرق لتحذيرات بعض قادة الحراك الجنوبي وفي مقدمتهم الأستاذ عبد الله الناخبي من التحركات الإيرانية المشبوهة والتي تهدف لزعزعة أمن واستقرار اليمن وإحداث الفوضى والقلاقل والاضطرابات فيه بغية تعطيل قيام دولة قوية تنزع أسلحة حلفائها الحوثيين وغيرها من الأهداف التي سنفصلها في مقال قادم ...

التحركات الإيرانية ستشوه القضية الجنوبية :

يدرك الأستاذ الناخبي الخطر التخريبي الإيراني المحدق باليمن وهو ما بدأ يحذر منه كما في آخر تصريح له لصحيفة " أخبار اليوم " حيث دعا الأستاذ الناخبي جميع قواعد الحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية والمديريات وخاصة في عدن والمكلا إلى أن يكونوا يقظين من أساليب وعمل بقايا النظام من استغلال بعض الشباب الفقراء في الحراك الجنوبي وحاجتهم للمال، ويتم الدفع بهم إلى أعمال لا تليق بأي شخص، ومنها رفع أعلام دول أخرى مثل دولة إيران على أسطح المنازل وفي الشوارع.. وكذا أعلام دول أخرى في المكلا وعدن..

معتبرا مثل هذه الممارسات والمخططات محاولات تعمل على تشويه النضال السلمي والقضية الجنوبية العادلة، والتي سيكون حلها من خلال حوار وطني مع إخواننا في الشمال، نخرج بحل مرضي يرتضيه كل الجنوبيين مشيراً إلى أن رفع علم إيران أو أي دولة أخرى لن يحل القضية الجنوبية أو يحقق مطالب الجنوبيين..

كما كشف الأستاذ الناخبي عن معلومات مؤكدة تفيد بأن هناك مخططاً ترسمه بقايا النظام للسيطرة على ميناء عدن وتسلميه لإتباع إيران..

رسالة الناخبي لمسئولي طهران :

وخاطب الناخبي المسئولين في نظام طهران بأن يتركوا للشعب اليمني شأنه، كون اليمنيين لا يناصبونهم الشر ولا يتوقعون منهم أي عداء، لافتاً إلى أنه لا يوجد بين الشعب اليمني وإيران ما يمكن أن يجعلها تقوم بما نسمع به من تحركات إيرانية ومحاولات التدخل في شمال اليمن وجنوبه، وهو الدور الذي كان اليمنيون يستبعدونه منذ فترة من الزمن ـ حد قوله، مستدركاً بأن ملامح المساعي الإيرانية بدأت تظهر في الشمال والجنوب، غير أن عزيمة اليمنيين حيال ذلك قوية جداً.

مطلوب دور خليجي مضاد:

ودعا أمين عام الحراك الأستاذ عبد الله الناخبي دول الجوار وخاصة المملكة العربية السعودية ودول الخليج إلى الأخذ بالاعتبار ما تقوم به إيران من مساعي لخلخلة المواقف الإيجابية التي قام بها الخليجيون في تقديم المبادرة الخليجية وذلك بعد أن أدركت إيران تباشير نجاح المبادرة الخليجية في تشكيل حكومة الوفاق الوطني وخروج الرئيس صالح، تريد زرع الأشواك في طريق الانتخابات الرئاسية.

وفيما راهن الناخبي على حكمة الشعب اليمني في إفشال المؤامرات التي تحاك ضده ـ خاطب الخليجيين والأخوان في الجزيرة العربية بأنهم، هم أقرب للشعب اليمني من أن تأتي المعونات والمشورات والتدخلات الإيرانية في الشعب اليمني، لافتاً إلى أن تحركات إيران لا تستهدف اليمنيين فحسب، بقدر استهداف دول الخليج التي يتطلب منها فتح صفحة جديدة للتعامل من حيث الثقة باليمنيين الذين لن يكونوا مصدر أذى للجوار الإقليمي "دول الجزيرة العربية".

المؤامرات الإيرانية ضد الثورة :

وأكد أن المؤامرات الإيرانية ضد الثورة الشبابية الشعبية السلمية في اليمن ستتحطم بحكمة اليمنيين بالتعاون مع دول الجزيرة العربية، مشيراً إلى تواجد اليمنيين في السعودية والكويت ودول الخليج بشكل عام، الأمر الذي يتطلب التضامن مع الخليج.

ونوه إلى أن لا خوف لدى اليمنيين من تأثير إيران داخل اليمن عدا أنها ـ أي إيران ـ تسعى لتشويه العلاقة بين اليمن ودول الخليج فيما بعد ارتياح الشعب اليمني لموقف الخليج من إخراج الرئيس صالح من اليمن، مؤكداً أنه ليس سهلاً إجهاض الثروات، وثورة الشعب اليمني سلاحها السلم ومنطقها الحق.

ودعا الناخبي من بدأوا بالتفاعل مع دعوات إيران، أن يكونوا على مستوى عالٍ من المسؤولية حتى لا ينساقوا مع تلك الدعوات، كون لا مصالح تربط اليمنيين مع إيران، عدا روابط دينية، وأنه لا ينبغي أن تكون إيران سبباً في عرقلة الثورة السلمية.

واعتبر أي قوة خارجية تسعى لإجهاض الثورة بأنها تعيش وهماً لا أكثر، كون الشعب اليمني لديه أسرار في قدرته على إحباط المؤامرات والتحركات المعادية له ولثورته، مشيراً إلى التحام الشعب اليمني من أجل أن يناضل ضد الاستقلال والاستبداد والظلم والقهر والحرمان وانتصر في ذلك، مستبعداً أن تأتي قوة أقوى من قوة نظام صالح في عدائها للشعب اليمني سواء كانت تلك القوة داخلية أو خارجية..

دور علي سالم البيض في التحركات الإيرانية

ولم يستبعد الناخبي أن يكون لتواجد علي سالم البيض في بيروت علاقة بالتحركات الإيرانية ويعزز رواية التقدير الاستخباراتي عن ذلك، وقال: إننا كجنوبيين ندعو البيض بالا يكرر المأساة حيث وقف الرئيس صالح ونائبه البيض حينها مع نظام صدام وبارك النظام اليمني التدخل العراقي في الكويتـ وهو الموقف الذي أثر على اليمنيين المتواجدين في السعودية والخليج، مناشداً البيض ألا يكرر نفس الخطأ بأن يمد حباله إلى إيران، كما دعا دول الجوار ألا تعامل اليمنيين في ضوء تصرفات البيض بمد العلاقة مع إيران، ونوه إلى أن التدخل الإيراني لا يمكن أن ينجح في سورياً طالما كان ضد الشعب في سبيل بقاء الديكتاتور، مؤكداً أن انتصار الثورة السورية قادم وأن مصير الأسد آيل إلى ذات مسير أمثاله الدكتاتوريين، داعياً ثوار سورياً إلى التسلح بالنضال السلمي وعدم الانجرار إلى ما تريده سلطة الأسد.

وطالب الأستاذ الناخبي الرئيس السابق علي سالم البيض ألا يكرر ذات الخطأ الذي ارتكبه هو وعلي صالح في الوقوف مع نظام صدام حسين ومباركتهم للتدخل العراقي في دولة الكويت الشقيقة إبان حكم صدام، وحذر البيض من خطورة مد حبال العلاقة مع إيران.

كيف نفشل التحركات الإيرانية المشبوهة

ولإفشال هذه المخططات الإيرانية دعا الناخبي كل أبناء الجنوب إلى إفشال ذلك المخطط في التعاون مع أجهزة الأمن في عدن والمكلا والمحافظات الجنوبية بأن يتعاونوا مع الجيش وان يتحلوا باليقظة التامة لإفشال تلك المخططات الفاشلة، فعدن هي قلعة المناضلين والثوار المخلصين القادرين على الدفاع عنها، وجعلها مقبرة للغزاة على مر التاريخ..

 

تحذيرات العميد النوبة من التحركات الإيرانية:

 كما أن العميد/ ناصر النوبة أحد القياديين المؤسسيين للحراك الجنوبي السلمي كان قد حذر في وقت سابق من هذه المخططات الإيرانية التي تستهدف أمن اليمن واستقراره وأكد أن التنسيق بين طهران وقوى الحراك الجنوبي بدأ منذ فترة طويلة واتهم النوبة علي سالم البيض بشق عصى الحراك الجنوبي بأموال إيرانية، حيث تحدث عن بدء هذا التعاون، خصوصاً عندما بدأت قيادات الحزب الاشتراكي اليمني في الخارج تشق الحراك الجنوبي من خلال الدعم المالي والتنسيق مع بعض قوى الحراك الموالية لهم والمؤمنة بالتبعية الفردية، قائلاً "منتصف العام الماضي استدعت طهران عدداً من الشباب لتدريبهم، وتم ترحيلهم إلى دولة عربية وسيطة ومن ثم إلى طهران دون تأشيرات دخول وخروج من وإلى إيران".

 دلالات تحذيرات قادة الحراك من التحركات الإيرانية:

ويرى بعض المحللين السياسيين والتقارير التي تتناول الوضع اليمني والتدخلات إيران وأنشطتها التخريبية فيه أن إيران لم تكتف بالموالين لها طائفياً، وإنما حاولت مد جسور التواصل مع فعاليات وأطر يمنية خارج الإطار الزيدي، مثل محاولاتها التواصل مع قيادات في الحراك الجنوبي، وبعض القيادات الثورية في محافظة تعز، وما انتقال الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض إلى بيروت إلا خيطاً من الخيوط، على اعتبار أنه أصبح يمثل رأس حربة إيرانية لفصل جنوب اليمن عن شماله وهو الأمر الذي يصادف هوى حوثيا لغرض التخلص من الأجزاء التي لا تمثل حدود ما يعتبرونه تركة أسلافهم التاريخية في شمال اليمن.

ولذا فإن قيادات الحراك التي أدانت هذا التوجه و نأت بنفسها عنه، معلنة أن جنوب البلاد لن يكون موطئ قدم لإيران، كموقف الأستاذ عبد الله الناخبي وكذلك كان موقف مؤسس الحراك الجنوبي العميد ناصر النوبة واضحا في هذا الأمر حيث أتهم العميد ناصر النوبة وبكل صراحة الرئيس الأسبق علي سالم البيض - الذي يقود تيار الحراك المطالب بالانفصال - بمحاولة شق عصا الحراك الجنوبي بأموال إيرانية.

وبحسب بعض التقارير والدراسات فإن محاولات إيران التغلغل داخل جنوب اليمن تمثل تكتيكاً إيرانياً بعيداً عن شبهة الدعم الطائفي، تماشياً مع سياسة الإيرانيين بأن يأتوا لكل بما يحب فالزيدي يأتون له من باب التشيع، والهاشمي يأتون له من باب بني هاشم وآل البيت، والثوري يحدثونه عن «الثورة الإسلامية في إيران» ومن هنا أكل الإيرانيون كتف علي سالم البيض، وعبد الملك الحوثي وبعض الثوريين الذين يهددون بالزحف على المقرات الحكومية.

وتأتي هذه التحذيرات من شخصيات قيادية هامة في الحراك الجنوبي السلمي كدليل على إدراك كبير لحجم المخاطر والتداعيات السلبية للنشاط التخريبي للتيار الإيراني في اليمن والذي قوى من وتيرة تعاونه وتنسيقه مع عائلة صالح الإجرامية وبقايا النظام والحوثيين وغلاة الحراك الجنوبي المسلح والفاسدين والذين صاروا يعملون كغرفة عمليات واحدة لإحداث القلاقل والاضطرابات والفوضى والمشاكل الأمنية لمنع عبور اليمن إلى بر الأمان وشاطئ النجاة ..

ولا شك أن انزلاق بعض فصائل الحراك ووقوعها في الفخ الإيراني سيستفيد منه أعداء اليمن وأصحاب المشاريع الصغيرة كالحوثي ولكنها في المقابل ستعمل على ضرب القضية الجنوبية وتشويهها بعد سفر كبير من النضالات السلمية الرائعة التي سيسطرها التأريخ في انصع صفحاته وسبقت الثورات العربية ومهدت للربيع العربي وألهمت كل الثوار والأحرار في العالم العربي..