سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات
* حميدة شحرة
يبدو أن الكثير من قيادات المعارضة تعيش على أمل واحد وهو أن ينهار النظام من تلقاء نفسه وأن ينتهي قضاء وقدرا أو بسبب الشيخوخة.
شخصيا منذ وعيت العمل السياسي كل من أعرف من الزملاء والأخوة والرفاق في أحزاب المعارضة يتحدثون عن قرب انهيار النظام ويستشهدون بتقارير دولية وتحليلات محلية ويراهنون على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وتراجع الموارد وتزايد النفقات وانقطاع القروض والمساعدات التي ستقود الجماهير الجائعة إلى الشارع تطالب برحيل الحكام المسئولين عن الانهيار.
أكثر المعارضين تشاؤما يقول لك لم يتبق غير سنوات معدودة وينهار النظام وأظن أن المتفائلين ينتظرون انهيار النظام بين ساعة وأخرى.
والحقيقة أن التقارير الدولية منذ مطلع الثمانينات وهي تحذر من انهيار وشيك للاقتصاد اليمني بناء على معاييرها الدولية التي لا تمت إلى المعايير اليمنية بصلة. فاليمنيون منذ قرون يعانون من انهيار اقتصادي لم يشهد تحسنا حقيقيا وجوهريا في أي مرحلة من المراحل ولذلك استمرت التحذيرات من انهيار اقتصادي غير ملحوظ لأنه مزمن ولا يتحمل مسئوليته رئيس واحد أو مرحلة واحدة.
حظ الرئيس علي عبدالله صالح السيئ أنه حكم اليمن فترة طويلة شهد العالم فيها ثورة تكنولوجية جعلت الدول قرى متجاورة ومصالحها متداخلة بحيث اتجهت الأنظار إلى اليمن لأنه مهدود ومجعجع ومتدهور وفيه الفساد وقح وقليل حياء لا يستحي من أحد ولا يردعه وازع من ضمير أو قانون.
ومشكلة الرئيس صالح ليس في كونه حاكما مستبدا أو عاجزا فهو رجل موهوب في أشياء كثيرة لكن ليس من بينها التفكير الاستراتيجي بعيد المدى.ولذلك كانت فترة حكمه السابقة كلها عبارة عن سلسلة منفصلة متصلة من الخطط التكتيكية التي ساعدته على الاستمرار في الحكم رغم تلاطم الأمواج والفتن والحروب في عهده.هذه الخطط أيضا كان لها الفضل في ترحيل المشكلات والأزمات أو التخفيف من حدتها. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الأقدار تخدم هذا الرجل في مسيرته الرئاسية. إنه شخص محظوظ ولا أدل على ذلك من طوق النجاة الذي ترميه الأقدار إليه كلما أوشك على الغرق.
بحسب خبير اقتصادي تلقت اليمن (الشمالية آنذاك) مطلع الثمانينات تحذيرات دولية من حدوث انهيار اقتصادي بسبب عدم كفاية الموارد لسد نفقات الحكومة بعد تراجع المساعدات الخليجية لليمن عقب المصالحة مع الشطرالجنوبي (آنذاك). (كانت تشكل 60% من الموازنة) وتراجع توريدات المغتربين في الخليج أيضا والتي كانت تعد موردا رئيسيا لتنشيط العمل والإنفاق داخل البلد.
لكن الأقدار تتدخل مع بدء الشعور بالأزمة الاقتصادية ويتم اكتشاف النفط الذي أنعش الموازنة وغطى جزءا من حاجتها قبل أن تبدأ المؤشرات وتظهر تراجع إنتاج النفط ومحدوديته، ويبدأ الخبراء الدوليون يحذرون مرة أخرى من انهيار اقتصادي في اليمن بسبب كمية النفط المحدودة وندرة المساعدات الخليجية وتراجع التحويلات اليمنية في الغربة.
في هذا الوقت جاءت الوحدة كانتصار سياسي غطى معالم التدهور الاقتصادي الذي واصل هجمته مع الفوضى الكبرى في المرحلة الانتقالية التى كانت طوق نجاة ثان خففت من الضغط الاقتصادي مع عودة المغتربين ,محدودية انتاج النفط ,انقطاع المساعدات العربية والدولية أيضا.
كانت فورة الديمقراطية والتعبير عن النفس أكبر عامل للتنفيس عن شعب محتقن سياسيا ومأزوم اقتصاديا.
خدمت الأقدار وحدها الرئيس صالح مرة أخرى بالتخلص من الحزب الاشتراكي اليمني وفرض سيطرته على مناطق شريكه المهزوم وهي مناطق حبلى بالثروات لعبت دورا كبيرا في منحه ثقة كبيرة بحظه الحسن فيما بعد وجعلته لا يصغي كثيرا للتحذيرات الدولية من وقوع انهيار اقتصادي وشيك مع أن المؤشرات كانت تقول أن عائدات النفط التي تشكل معظم الموازنة في تناقص وتراجع إلا أن المفاجأة بدأت مع ارتفاع متسارع في سعر النفط جعل الرئيس ومعاونيه يتنفسون الصعداء.
حظوظ ومفاجآت في حياة الرجل تساعده في اللعب على رؤوس الثعابين وممارسة السياسة التي يعرفها ويجيدها باعتبارها تكتيكاً متواصلاً لا يقود إلا إلى تكتيك جديد.
بالنسبة للمعارضة فهي لا تجيد التكتيك ولكنها ذاقت منه الأمرين حتى وصلت إلى قناعة بأنه لا فائدة من استمرار العمل السياسي بنفس الطريقة التكتيكية الصالحية. ولذلك نراها اليوم متصلبة وذات موقف حازم في مطالبها. لم يعد أي طرف من الأطراف في المشترك مستعداً للاتفاق مع الرئيس اتفاقا تكتيكيا عابرا.
ولكن أيضا المعارضة لا تملك قدرة على التفكير الاستراتيجي ونحن على الأقل حتى الآن لا نعرف ماذا سيكون موقفها لو رفض مطالبها ومضى الحاكم في خطته الانتخابية.
ويبدو أن الهدف الاستراتيجي للرئيس هو البقاء في السلطة بإجماع الكل ومبايعة الجميع.ومشاهدة قيادات المعارضة وهي تموت واحدا إثر آخر بمرض الزهايمر كما قال ذات مرة.
ويبدو أيضا أن الهدف الاسترتيجي للمعارضة هو البقاء في موقع المعارضة العاقلة والمؤدبة, ومشاهدة النظام ينهار ذات يوم بالزهايمر أيضا. وهذا ما لن يحصل مطلقا من واقع التجربة والتاريخ, إن الذي انهار وينهار يوميا هو المواطن البسيط الذي سدت بوجهه سبل الحياة ومصادر الرزق الشريف.وهو لن يثور من الجوع ولكن سيستسلم للفساد ويصبح حاميا له ومدافعا عنه.ونصيحتي لزملائي وإخواني ورفاقي هو البحث عن قضية أخرى غير انتظار انهيار النظام الذي يسرق كل يوم أنضج الكوادر في أحزاب المعارضة لاستخدامها في خدمته فترة من الزمن قبل أن يحيلها إلى التقاعد. النظام قادر أن يمد في عمره لأنه يملك المال والقوة والإعلام الذي يحيل القبح جمالا والضعف قوة والانتكاسات إنجازات.
ماذا لدى المعارضة غير انتظار انهيار النظام وهي تشاهد شعبا ينهار ؟
ليتهم يملكون الإجابة العملية على هذا السؤال قبل أن يصبحوا كمعارضة على حافة الانهيار