وقفة عتاب ثائر على مشارف النصر
بقلم/ محمد على قائد
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 25 يوماً
الخميس 26 يناير-كانون الثاني 2012 04:23 م

نعم يتم سقوطه ونظامه بالتدريج وهذا بدء نتاجٍ ممتاز لحصيلة النضال الصامد والتضحيات العظيمة ، لحظات فرح صغرى مستحقة ستتسع كل يوم حتى تصل للفرحة الكبرى لكن على الثوار أن يبتسموا وأعينهم شاخصة عين جفنها يحتضن الهدف وعين رموشها كالحراب يقظة ترقب أي عقبات وليدة أو مخططات مضادة .

لا ينبغي أن نفقد اليقظة الواعية التي تمنحنا الشعور بأننا قادرون على إتمام الإنجاز وتحقيق الأهداف على أفضل وجه ممكن ، إيماننا بأننا ننتصر كل يوم وبشكل نكون فيه مسيطرين على الأوضاع من الانزلاق لما لا نرضاه ليمننا الحبيبة أمر يجب التركيز عليه دوماً ، لن نأمن مكر صالح وأزلامه ولا مكر أباليسنا إن فروا من سجوننا ويجب علينا كثوار أن نعرف أن زوال الداء أوجع من لحظه الإصابة به والعناء منه ويحضرني الآن المثل اليمني المعروف (خرجة البرد أشد من دخلته) .

قد يكون صالح سبباً في أغلب مشاكل اليمن الجوهرية بكل تأكيد ولكنه لم يكن السبب الوحيد فقد كان له شركاء كثر منهم الشعب أحياناً ولو بنسب قد نختلف على تحديدها أساساً ، سيرحل صالح لا محالة تاركاً خلفه تركة ثقيلة من المشاكل الكبيرة العالقة وقيم سلبية لازال الكثير منها سائداً وكثير من سخطه وإنتقامه ، لا يعتريني أي خوف على الإطلاق من قدرة اليمنيين على حل مشاكلهم مهما عظمت كالقضية الجنوبية وصعدة وأبين وطرق الحكم وتنظيم الثروة وأسلوب الحياة و..... فهم شعب طيب ومحب وأهل حكمة ومتطلعين للحياة الكريمة لكن ما أخافه هو أن تتغلغل روح صالح وأزلامه الإنتقامية في دواخلنا ونمارس الحكم على طريقته في مشوارنا وإن لم يعد حاكمنا ، لست متشائماً أبداً فبشائر القادم الأجمل بين أظهرنا وإنما واعياً لما قد تؤول إليه الأمور إن فقدنا وعي وروح الثورة في التغيير الأمثل وإيجاد الحلول كيمنيين من أجل اليمن .

من المعيب على أي ثائر سواء كان مستقلاً أو متعصباً لأي إنتماء أن ينشغل عن الثورة وقيمها وأهدافها وفرصتها في أهم منعرجاتها بقضايا جانبية وهامشية تبعث الكراهية والشتات والإحباط وضيق الأفق وعدم الاحترام للنفس والثورة واليمن في آن .

لا أدري كيف ألفت الانتباه لمن لازال داخل الفعل ولكنه خارج نطاق اللحظة وعياً و ومبدئاً ومسئولية ، أجد البعض حاضراً على هيئة غائب سيء التأثير شَغَله عن الحاضر رحلات جلب حقائب الماضي إلى المستقبل ، يستعصي عليه مجرد التفكير في مايقول أو يفعل ناهيك عن إدراك مداه ، تشده اليمن للأعلى ويشدها للأسفل ، يجاهد وبشراسة للإنتصار لأمر ما على حساب اليمن .

كم هو محزن أن يتحول البعض من ثائر إلى صياد همجي يجعل من النقد البناء للأخطاء طعماً لتصيد زلات رفاق نضاله أشخاصاً وقوى ، يلذعهم بالسياط من على مقعد عربة هم خيولها ، هذا إن لم يكن هو طعماً ساذجاً لصيادين لئام تفوح منهم رائحة عفنه ألوان ملابسهم لا تراها في علم اليمن .

عقبات من بين أظهرنا تواجه بناء اليمن الجديد كهدف عام للثورة بعد تقدمنا في رحلة إسقاط النظام يظهر فيها البائد صالح كقاسم مشترك ، تتشكل كخليط من (الجهل - الغباء - القلق - التعصب - الغضب - الكسل - الطمع - الترصد - الثأر - الكيد - الكبر ) وإن إفترضنا جدلاً غياب فعل الإنتقام من بقايا النظام فستكفي هذه العقبات ليكون مشوار تحقيق الهدف صعباً وطويلاً يستنزف طاقات هائلة نخسرها في الهدم على حساب البناء واليأس على حساب الأمل .

الرهان القادم عليكم يا ثوار اليمن فكونوا في مستوى عظمة الحدث ولاتمنحوا أعداء اليمن على مشارف نصركم فرجة من خلالكم ، جددوا عزائمكم ونواياكم وصفاء سريرتكم وركزوا على هدفكم دون سواه وترفعوا لأجل اليمن عن كل ما يكدر صفوها وقادمها الأجمل بكل تأكيد ، ثقوا بالنصر أيها الثوار وامنحوا اليمن واليمنيين الآن بشائر مستقبلها الأروع بالقول والفعل والنوايا ، أسسوا اليمن الجديد بالحب والعدل والاحترام ، دعوا الفرصة النادرة تمر على غربال وعيكم ويقظتكم وتلاحمكم المبتسم ، ضمدوا جروح اليمن بعد أن أوقفتم نزيفها وتهيأوا لترفعوا رؤوسكم لتستمتعوا بوقوفها بين الأمم في أبهى حلة وأعظم تاج .