حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء
ربما قد أكون متأخرا بعض الشيء في تعليقي على ما تضمنه تحليل الصحفي المصري المخضرم محمد حسنيين هيكل حول الثورة اليمنية واليمن في إحدى مقابلاته مع قناة الجزيرة .
يبدو أن هيكل مازال يعيش أفكار ورواء الخمسينات والستينات، وقد يتفق الكثيرون معي على أن هيكل مازال كذلك. ويكون هيكل بذلك قد ارتكب خطاء فادحا في إعمال هذا الأرشيف لتحليل قضايا معاصرة لم تعد تنتمي لتلك الحقبة. هيكل والعديد من المفكرين والمثقفين العرب إن لم يكن الكل لا يسعون إلى تنمية أفكارهم وتطوير تصورهم لمحيطهم الآخذ في التغير المستمر في ضوء ثورة المعلوماتية والتطور التقني الذي دون شك أسهم إلى حد كبير في تشكيل فهم جديد لدى الشباب العربي يستند إلى معطيات حديثة غير تلك الكلاسيكية التي تشبه المخزون الفكري لمفكر كهيكل. ليس مقبولا من هيكل وغيره من المفكرين أو المثقفين أن يفسروا لنا ربيع هذه الثورات العربية بما يخالف ما قالته هذه الثورات عن نفسها.
فهذه الملايين من الشباب العربي التي رأيناها تخطط لهذه الثورات وتحسن التخطيط وتقود فتحسن القيادة وتنجح في وقت قياسي للإطاحة بعروش طواغيت استبدوا بشعوبهم لفترة من الزمن ليست بالقصيرة .هذه الملايين هي التي كتبت أفكار هذا الربيع المشرق في الميادين وليس حبرا على ورق والعالم كله قد قراء هذه الأفكار وأيدها بقوة.
كما أن هذه الثورات جميعها بما فيها الثورة المصرية حتى، لم تعتمد على أرشيف المفكر هيكل ولم ترجع إليه البتة. فهذه الثورات ناضلت لأجل الحرية وحسب وهذه لم تكن في يوم من الأيام من مفردات قاموس هيكل الفكري، وعليه فان تناوله لهذه المفردة الجديدة على قاموسه هو عمل وجهد في غير محله، وبالتالي لن يكون منصفا في ما يصل إليه من نتائج كون قراءته كانت محكومة مسبقا بمنهج القومية الراديكالية (على سبيل المثال: انتقاد هيكل للرئيس السادات في العديد من كتاباته كان ليس لأن السادات كان مستبدا وقامعا للحريات، بل لأنه خالف نهج عبد الناصر وهذا الأخير استبد بالحريات أيضا أيما استبداد).
الغريب فيما يقوله أو يكتبه بعض المفكرين والمثقفين العرب هو عزوفهم عن إتباع المنهجية في التحليل والتقييم للقضايا المختلفة وميلهم الشديد إلى الإغراق في الذاتية وإعمال ما يرونه ويتصورونه وكأنه نتائج محققة لا تحتمل المخالفة أو التصويب.
هكذا نتاج يمثل مادة هشة لا تستند إلى منهج، ربما قد تقنع البعض بما ترمي إليه، إلا أنها لا تنصف القضية أو الموضوع قيد البحث والدراسة. ما أريد التوصل إليه هنا هو أن قضية الثورات والتغيير في أي مجتمع تعد من القضايا المتصلة بالمنهج الإنساني والذي تتميز نتائجه بالاحتمالية أو النسبية فليس هناك شيء مطلق في هذا المنهج، حيث أن العنصر البشري متغير السلوك ومن غير الممكن التحكم بسلوكه حتى نضمن الصحة المطلقة لاحتمال ما دون الأخر، وما اعنيه تحديدا هو أنه كان بإمكان هيكل أن ينصف منهج البحث وينصف ثورة اليمن وينصف نفسه أيضاء كأن يقول: احتمال وارد أن يكون للقبيلة في اليمن دور ما في رسم مرحلة ما بعد الثورة بالإضافة للمكونات الأخرى للثورة. آما أن يجزم في حكمه ويصف ما يجري ألان في اليمن بأنه فقط السعي باتجاه دولة القبيلة فهذا مجرد هراء يفتقر للمنهجية. أخيرا فأني اخلص إلى الخمس النقاط الآتية:
1. تصور هيكل أن اليمنيون مازالوا قريبون جدا من المشهد الذي خبره هو في الماضي (ثورة 1960) ولذلك توقع أن القبيلة هي القائد الفعلي للثورة الحالية وهي تستخدم الشباب في مشروعها الذي هو \\\"تحول الدولة إلى دولة القبيلة\\\" وهذا غير صحيح، القبيلة انضمت مؤخرا للثورة ولم تكن هي صاحبة المبادرة فالشباب هم المبادرون والمؤسسون الأوائل ثم وصلت القبيلة وقوى المعارضة.
2. كان رأي هيكل هذا مخالفا لروية العالم بأسره بالنسبة لثورة اليمن حيث رأى جيش من المثقفين العرب وغير العرب والأغلبية من المنظمات العالمية الرسمية وغير الرسمية ، وشخصيات سياسية بارزة ، وجهات حكومية عالمية رفيعة الشأن وفاعلة القرار عكس ما ظن هذا الهيكل، كل هذه الجهات منحت الثورة اليمنية رقما عاليا في السلمية والمدنية مقارنة بشقيقاتها.
3. ما يؤكد صحة الفقرة رقم 2 السالفة هو منح الناشطة اليمنية توكل كرمان جائزة نوبل للسـلام وهي قائدة بارزة في هذه الثورة ومن أوائل مشعلي شرارتها الأولى لتكون أول سيدة عربية تنتزع هذا الاستحقاق وبجدارة وهي لم تتجاوز 32 ربيعا، وما أظن محاولة التشكيك في جائزة دولية كنوبل إلا سخافة أو كمن يحاول إخفاء الشمس براحة يده. فهكذا فضاء يكون الكذب فيه مكشوف وعار تماما.
4. هل كان مطلوبا من الشباب في ساحات وميادين الاعتصام في اليمن وفقا لتصور هيكل أن يقولوا لأبناء القبائل الذين تركوا أسلحتهم جانبا واتوا إلى تلك الساحات والميادين يقولوا لهم عودوا من حيث أتيتم لا مكان لكم بيننا لم نؤمن بعد أنكم مدنيون أو أنكم من الممكن يوما ما ستقبلون الدولة المدنية المتحضرة.
5. ربما وجد هيكل أن ربيع الثورات العربية قد سلبه حقا ما وهو القومي الثابت الصامد، والسبب ربما قد يكون أنه وجد أن هذه الثورات انطلقت من فكر جديد ورؤية جديدة تستند أساسا على الممارسة لا التنظير. وكذلك استخدمت تقنية جديدة هي شبكة التواصل الاجتماعي التي تمكن ملاين الشباب خلال ساعات فقط من طرح العديد من الآراء والأفكار والتنسيق معا واتخاذ خطوة ما أو قرار ما . ربما لم يعثر هيكل على اي شي في هذه الثورات مقتبس من أرشيفه الفكري والسياسي ليجد نفسه هو وبنات أفكاره التي ظل ردحا من الزمن يناضل لأجلها خارج المشهد ، فأصابته خيبة أمل ما ، و ظن بالتالي انه يتوجب عليه أن يثار لتاريخه وأفكاره التي أصبحت في ليلة وضحاها نسيا منسيا ، فاختار اليمن التي ربما بدت له وكأنها الخيار الأفضل فسولت له نفسه الإساءة لليمن واليمنيين وما كنت أتمنى أن أرى فكر هيكل وقد فارق الروح والحياة وأصبح هيكل.
*أستاذ المناهج وطرق التدريس- جامعــة تعــز، كلية التربية