من هنا يمر اليمن الجديد
بقلم/ د. أحمد الدبعي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 3 أيام
الثلاثاء 18 أكتوبر-تشرين الأول 2011 12:36 م

بات واضحاً أن صالح يراهن على زج اليمن في بوتقة حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ليكمل مشوار انتقامه من الجميع..هذا المشوار الذي بدأه في ٢٠٠٦. على ثوارنا بكل مكوناتهم الحذر من ألاعيب النظام التي صارت مفضوحة ومملة...على جيش الثورة الشروع بإنتهاج أساليب أفضل لحماية جماهير الشعب من نيران النظام الهالك..

المشكلة تكمن في التعامل مع نظام تسلل للحكم بطريقة دموية على حساب دماء قادة بوزن إبراهيم الحمدي, ومن الصعوبة بمكان أن يفهم هذا النظام أن المظاهرات السلمية وحدها كفيلة بتغييره..شعبنا العظيم تألق بثورته, وصموده الأسطوري يكفي لتغيير أنظمة قارة بكاملها, لكننا أمام نظام متبلد الإحساس, لا كرامة له ولا خلق !!!

لم أستطع الإجابة على سؤال أحد أصدقائي البريطانيين..عندما سألني ماذا يريد علي صالح من اليمن ؟ وما تعني اليمن لصالح ؟؟

تحاورت مع ثلة من الأكاديميين والأصدقاء..وكان أبرز ما خلصنا إليه..أن العرب يحكمهم الزعيم الصدفة !!! نعم نحن نعيش مرحلة الأنظمة الصدفة !!

علي صالح قفز بدون حتى شهادة إبتدائية ليحكم دولة !! تسلل إلى الحكم في زمن الصدفة ليعبث بوطن....ساهم صمتنا في تحويل الشاويش إلى غول..بلد لا يمتلك قوت يومه ويقبع في أسفل كل جداول العالم ويحل في المراتب الأولى فقط في شراء الموت والسلاح...!!! إنها قيادة الصدفة...

علي صالح تعني له اليمن الكثير..فهي البلد التي قبلت أن يحكمها شاويش ويمحي جزء من أميته أثناء الحكم, أما الجزء الآخر من أميته فيبدو أن قوانين الأرض غير قادرة عليه !!!

على صالح لا ينظر لليمن كوطن أو بلد..إنه ينظر لليمن كغنيمة وبيت مالٍ ,محال التفريط به.. ما نراه اليوم من تشبث صالح المستميت بالسلطة خير دليل على هذا..وصالح نسخ نفسه في جيل أبنائه وهنا تكمن الطامة..

شاهدت المجزرة المروعة اليوم في صنعاء, وكانت خير جواب لصديقي البريطاني الذي يريد أن يفهم مايريده صالح من اليمنيين..شاهدت كيف يستهدف نظام الشاويش رؤوس وقلوب المواطنين السلميين عله يقتل الثورة !!

الثورة يا صالح لا يمكن التخلص منها بعبوة ناسفة, أو حادث سيارة غامض, أو بأي أسلوب من أساليبك المعهودة..

صالح لا يرى أحداً الآن سوى من يعتقد أنه سينفرد بالغنيمة بعده !!

 بات العالم كله يدرك أن الشعب اليمني العظيم قد تخلص من صالح ومن الخوف إلى الأبد.. هي مسألة أيام ليس إلا ويرحل صالح, وبشكل مخزي..

الوطن الآن يمر بمرحلة التطهر من أدران صالح والثورة الحقيقة ستبدأ بعد اختفاء صالح من المشهد السياسي.. هناك نحن على موعد مع التاريخ..اليمن بحاجة كل أبنائه المخلصين بكل توجهاتهم.

ليس من المعقول أو المقبول أن نرى اليمن بعد صالح خالية من قادة جدد أثبتوا علو كعبهم في ساحات الثورة ..

على اللقاء المشترك أن يوظف طاقات الشباب بشكل صحيح وأن يفسح المجال لهم في المساهمة بقيادة البلد في قادم الأيام ..ليس من المعقول أن نرى شبابنا يكرمهم العالم, ثم يجدوا التهميش في وطنهم.. تحية إكبار للثائرة توكل كرمان التي أفاخر بها العالم..هنا في اسكتلنده تلقيت التهاني من الجميع لفوز توكل بجائزة نوبل..بنت كرمان كرمت اليمن...

اليمن سيمر بتحديات ليست بالسهلة, إعادة هيكلة الدولة, والجيش, وترتيب أوضاع من ظلمه صالح..وفوق كل ذلك الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة....

كل هذه التحديات يمكن تجاوزها وحل إشكالياتها فقط من خلال تأسيس دولة مدنية , دولة عدل, مساواة, ديمقراطية, ومؤسسات تابعة للوطن وليس لعائلات وأفراد.

يجب أن نتخلص من عهد صالح الذي يعين قائد معسكر رئيسا لهيئة استثمار, وشيخاً وزيراً للتخطيط !!!! هذا العهد يجب التخلص منه للأبد..

على كل الأطراف الثورية أن تعي أن اليمن بحاجة الجميع, عليهم أن يعززوا الثقة ببعضهم البعض ..لا كبير في الوطن إلا اليمن والشعب..

اللقاء المشترك فيه الكثير من الحكماء, وعليهم أن يفّعِلوا المجلس الوطني الوطني بشكل أفضل ..هذا المجلس نعول عليه الكثير لضمان طريق آمن نحو اليمن الجديد الذي يتطلع إليه الجميع..على اللقاء المشترك أن يدعم المجلس الوطني ليمارس مهامه ..سيكون من العار أن ينفرد المشترك بحوارات عبثية مع النظام باسم الثورة في هذا الوقت..

هناك أصوات حول الإنفصال والتمزق من جديد..أقول للجميع الوحدة لم نجربها بعد تحت مظلة دولة النظام والقانون والمؤسسات..لماذا يحلو للبعض أن يكرموا علي صالح بدعوتهم للإنفصال, وكأن الوحدة كانت مشروع صالح وترحل برحيله !! هؤلاء هم أصحاب مشاريع صغيرة كما قال مفكر اليمن الكبير الدكتور ياسين سعيد نعمان..

مازلت أراهن على الأستاذ علي سالم البيض ..فهو رجل وحدوي وضحى بمنصبه من أجل الوحدة, لكنه كان ضحية أنانية وتسلط صالح, أتمنى أن ألتقي به في أروبا وأقنعه بالعودة للمساهمة في بناء الوطن..يجب رد الإعتبار للأستاذ البيض وكذلك لرجل الدولة الرائع حيدر العطاس, والأستاذ علي ناصر محمد, ود. مسدوس وكل قيادات الجنوب....

ثورتنا أوجدها الله لتنتصر..رحم الله شهداءنا الأبطال, وأتمنى الشفاء لأسودنا الجرحى, الذين مهدوا طريق الحرية والمستقبل المشرق بدمائهم الزكية..