منظمة الصحة العالمية تُعلن عن 280 حالة وفاة بمرض الحصبة في اليمن بعد هدنة لبنان.. القصف الإسرائيلي يدك غزة واعتقالات بالضفة الداخلية تعلن عن ضبط 200 كلغ من المخدرات مخبأة في جذوع الأشجار تقرير يكشف عن بنود سرية تتعلق بإيران في اتفاق وقف النار مع لبنان الريال اليمني يستقر عند مستوى جديد لأول مره في التاريخ مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن اللواء سلطان العرادة يختتم المرحلة 2 من مشروع إنارة شوارع مدينة مأرب .. شاهد بالصور بشرى سارة بشأن تشغيل خدمة 4G في عدن دولة عربية تعلن أنها أكثر البلدان تضررا من هجمات الحوثيين مجموعة الدول السبع تعلن موقفا موحدا بخصوص اعتداءات الحوثيين
يتساءل بعض أخواننا في المحافظات الجنوبية عن سبب صمت أبناء المُحافظات الشمالية إزاء ما يحدث في جنوب اليمن من حراك، أو لماذا لا يتأسون بأبناء تلك المناطق- جنوب اليمن- ويخرجون إلى الشارع مستنكرين الفساد والظلم بتلك الطريقة التي تُرافقها كثير من الأخطاء والسلبيات المقصودة والغير المقصودة..؟
في نفس الوقت يُجيب هؤلاء السائلون أنفسهم على أسئلتهم، عندما يصفون أبناء المُحافظات الشمالية بالخانعين والمذلولين والمنبطحين وغيرها من المُصطلحات التي تعني بأن أبناء شمال اليمن راضون عن فساد المفسدين وظلم الظالمين بالرغم من المُعاناة، وهذا الرضوخ والرضا ما هو-كما يقولون- إلا بسبب الخوف والعجز أو عدم الرغبة في التغيير..!
هذه الإجابات-في رأينا- مُجافية للصواب تماماً، وتعكس مدى سطحية القائل بها، وعمق غباء المُعتمد عليها كتعليل يُفسر عدم وجود تأييد كلي من قِبل المُحافظات الشمالية لحراك المُحافظات الجنوبية بالرغم من أن الفساد والجور واحد.
فالعقلاء في أنحاء اليمن يعلمون جيداً بأن الخروج إلى الشارع بالسلاح، ورفع الشعارات العنصرية والطائفية؛ ليست وسائل حضارية لنكافح بها جاثوم الفساد، كما أنها –في نفس الوقت- وسائل مكروهة، ولا يرضى عنها ديننا الحنيف.. فقد قال خير البشر(ص) "إذا مر أحدكم في مسجدنا هذا أو في سوقنا هذا ومعه نبل، فليقبض بكفه أن يُصيب أحداً من المُسلمين منها بشيء" و قد نهى سيد البشر(ص) عن الدعوة إلى عصبية ووصفها بالمنتنة، كما أنه قال"من حمل علينا السلاح فليس منّا" وقال "سباب المُسلم فسوق، وقتاله كُفر" أو كما قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحراك اليوم في المُحافظات الجنوبية؛ يرفع السلاح ، ويُجاهر بالشعارات العُنصرية والطائفية، كما أنه مبني على أساس قذف أبناء المُحافظات الشمالية –بالجملة- بأقبح الألفاظ.. فكيف يريدون منّا نحن أبناء المُحافظات الشمالية والعُقلاء من أبناء المُحافظات الجنوبية تأييد حراكهم التخريبي؟
يقولون.. لماذا أبناء المُحافظات الشمالية صامتون؟ لماذا لا يثورون على الفساد والمُفسدين كما يحدث في المُحافظات الجنوبية؟ لماذا أبناء شمال اليمن جُبناء؟
نقول لهم.. لسنا صامتين ولا جُبناء، كما أننا لا نُريد أن نكون مُتهورين ولا مُخربين.. نحن نُناضل بحكمة..نُناضل ونخاف الله كي لا نُفسد في الأرض أكثر.. نُناضل ونثور على من بغى بمُساعدة من ظهر صلاحه، لا من كفر بالوطن وأشعل الفتن وفر.. نُناضل لمعاشنا وليس لهلاكنا.. نُناضل لأجل حياةٍ كريمةٍ لليمني البسيط في الداخل، وليس لترف الغني المرتزق في الخارج..
نعم .. نحن نُناضل من أجل الوطن بالوسائل السلمية دون أن نرفع السلاح في وجه الجندي المغلوب على أمره.. دون أن نقطع الطُرقات.. دون أن نستبدل براءة الأطفال بحقد الكبار.. دون ترويع الآمنين وسفك دماء البُسطاء.
نحن نسعى للتغيير تدريجياً، لأننا على يقين بأن الفساد والتخلف قد تجذّر في وطننا على مر سنواتٍ طوال، وبالتالي لن يكون التغير في ليلةٍ وضُحاها.
أبناء المُحافظات الشمالية ليسو جُبناء، وهم تواقون للتغيير أكثر من غيرهم .. وفي يومٍ من الأيام خرجت مسيرات مليونية في محافظة عمران وتعز وإب-الشمالية- هادفة إلى التغيير وهاتفةً باسم (فيصل بن شملان) في حين أننا لم نرَ مثلها في المُحافظات الجنوبية.
عدم تأييدنا للحراك التخريبي اليوم لا ينم عن جُبن كما يقول بعض الجُهلاء.. بل لأننا نُقدِّم درء المفاسد المُتمثلة في انعدام الأمن على جلب المصالح الصغيرة، ولأننا نوقن أن شر البلاد من لا أمن فيها، كما أنه لا رفاه لأي مُجتمع إلا بالأمن والسِلم.. والمُطالبة بالحقوق بهذا الشكل المتهور والمتوسل أساليب وطرق دموية عنصرية سيفرز-بلاشك- أعمالاً لا مسئولة ومرفوضة بداهةً بأي وضع كانت ومهما وضعت لها المُبررات والحيثيات، لأنها تقطع روافد الحياة عن الحاضر المُعاصر والمُستقبل المأمول، وبالتالي لن تخلق الفوضى الذي يصنعاها الحراك اليوم؛ إلا الخراب والنواح والبكاء.
صحيح أننا لا نعيش في رغد، وأن العدل غائب، والأوضاع المعيشية تزداد سوءا يوماً بعد يوم؛ لكننا على الأقل نعيش في أمان وسلِم، فاتقوا الله في هذا الوطن، ولا تكفروا بنعمة الأمن والأمان فيذيقنا الله العذاب الأشد ولنا في "العراق" عبرة، وقد قال عز وجلّ في مُحكم كتابه((وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ))
خلاصة ما سبق .. يرفض أبناء المُحافظات الشمالية والعُقلاء من المُحافظات الجنوبية الخروج إلى الشارع لدعم الحراك؛ ليس لأنهم يخافون السلطة أو المُعارضة.. ولكنهم يجدون الحكمة في ذلك، ويُفضلون أن يأكلوا خبزاً وماءاً وهم في مأمنٍ من الفتن؛ على أن يأكلوا الكعك والعسل والأمان معدوم.
Hamdan_alaly@hotmail.com