طائرة الإسعاف!
بقلم/ نشوان السميري
نشر منذ: 16 سنة و 3 أسابيع و 4 أيام
الجمعة 31 أكتوبر-تشرين الأول 2008 11:51 م

عُرف الشعب المصري الشقيق بروح النكتة والدعابة، وكم تكون الشعوب عظيمة عندما تتحلى بهذه الروح، لأنها تعّبر بكل بساطة عن عمق التحضر بكل معانية المادية والثقافية والاجتماعية، لكن يوجد حسب اعتقادنا خيط فاصل ودقيق بين التحضر القائم على احترام الآخر وبين السخرية عبر استخدامٍ قد يكون خاطئاً لروح النكتة، مما يفقدها معانيها ومراميها وحب الناس لها، وهذا ما يحدث حاليا في مطار القاهرة الدولي من سخرية مبطنة من طيران اليمنية وركابها، فحالما تحط الطائرة يصيح الموظفون بأن "طائرة الإسعاف" قد وصلت في إشارة إلى الأعداد الكثيرة من المرضى الذين تقلّهم "اليمنية" عادة.

وبالطبع نتمنى أن يرافق هذا الوصف على سلبيته كمٌ من الخدمات الخاصة في المطار التي تليق بشعب مضياف ومرضى ضيوف، لكننا لا نجد عادة أي فرق في المعاملة بين مرضانا وأصحائنا الوافدين إلى القاهرة في سياحة علاجية تعود بملايين الدولارات سنويا على الخزينة المصرية، وما جنيناه من توجهنا كيمنيين إلى المشافي هناك في نهاية المطاف لم يكن سوى صورة ساخرة لدى موظفي المطار تصدم الوافد اليمني - المريض خاصة - وتشعره بالحرج والأذى النفسي البالغ.

قد لا نملك عادة أي حول أو قوة في تغيير أي صورة شعبية نمطية عنا لدى المواطن المصري أو غيره بل نصبح مجبرين على التعايش معها، لكن ما يحدث في مطار القاهرة من سخرية هو مسؤولية إدارة المطار وكل الجهات المسؤولة عن استقبال الوافدين إليه، لأن بإمكانهم بكل بساطة أن يلفتوا انتباه الموظفين والعاملين إلى ضرورة توخي الكياسة واللياقة مع اليمنيين الذين قرروا الثقة بالمشافي المصرية وبالكفاءات المصرية، وتحسين عملية استقبالهم على الأقل أسوة بطائرات سياحة المتعة أو التراث أو الآثار أو الخ...التي ربما تلقى من الاحترام ما افتقدته "اليمنية" وركابها.

وطبعا لن تنتهي القصة هنا عادة، فهي بداية لمعاناة من نوع آخر في العيادات والمشافي المصرية التي قررت أن تُجري تمييزا واضحا في التعامل ضد المرضى اليمنيين ربما والعرب أيضا - لا نعرف موقف القانون المصري منه تحديدا- يُجبر من خلاله المريض اليمني على دفع أضعاف رسوم الكشف الطبي والفحوصات والعمليات وغير ذلك مقارنة بالمريض المصري، كما أن هذه الممارسات - في مجملها - لا تعكس ما وصلت العلاقات اليمنية المصرية من تطور.

ولأن الطب لا احتكار له فإن تراكم التصرفات السلبية خاصة في المطار قد يعمل على إيجاد توجّهٍ بديل نقصده ونروج له في مشافي دول أخرى سنلقى فيها لا شك ما نستحقه من رعاية، ومن احترام أيضا في مطارات هذه الدول الشقيقة والصديقة.

إن كل ما أشرنا إليه سابقا يقودنا قوداً لفتح ملف الرعاية الصحية في بلادنا وأهمية الاستثمار فيها، لنحتفظ على الأقل بملايين الدولارات من العملة الصعبة التي تخسرها البلد في السياحة العلاجية خارجها، وعلى الأقل كي نضمن هنا وصول سيارات سنطلق عليها دون خجل سيارات الإسعاف ودون أن نجرح شعور أحد.

والسؤال الأخير هو موجهة لقيادة "اليمنية" وإدارة العلاقة العامة فيها، فهل لكم دورٌ ما في وقف سيل السخرية اليومي من كل رحلة لليمنية وركابها تصل إلى الميناء الجوي لمصر؟ أم أنكم تعتقدون أن هذا لا يدخل بالضرورة في سياق تحسين صورة الشركة لدى زبائنها والمتعاملين معها والحفاظ عليها، وهل لا تأبهون بأن الصاروخ في شعار" اليمنية" مثلا قد تحول لدى موظفي مطار القاهرة إلى هلالٍ أحمرٍ وقضي الأمر؟.

n.sumairi@gmail.com