تفاصيل قرار السيسي بشأن الإخوان المسلمين… أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي قرارات مصرية مهمة وجديدة تخص رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهاب تفاصيل 350 صاروخا يهز إسرائيل.. حزب الله يفرغ مستودعاته الحربية قبل الاتفاق الحكومة اليمنية توقع اتفاقية مع جامعة الدول العربية لتنظيم نقل البضائع برا قرارات في القبض على مساعدي اللواء شلال شايع بأوامر قهرية من الينابة العامة في عدن قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة
ثمة ظاهرة واضحة وهي ان الكثير من العرب الداعمين لايران شرعوا بنقد موقفها تجاه العراق واعتباره خاطئا ومطالبتها بتصحيحه ، بايقاف التعاون مع امريكا في العراق ودعم المقاومة العراقية ! هذا الموقف ، اذا استثنينا بعض الافراد ، هو نتاج توجيه ايراني تم تعميمه بطرق مموهة على من يدعم ايران غالبا ، يقضي بضرورة نقد سياسة ايران في العراق بشرط ان يتم في اطار تأكيد ان ايران مناهضة لامريكا واسرائيل في خطها العام ، وان موقفها في العراق استثناء من القاعدة ! ومن الواضح ان هذا التوجيه الايراني يهدف الى المحافظة على نفوذها على بعض العرب الذين اكتشفوا ، بالادلة التي لا تدحض ، ان ايران شريك اساسي لامريكا في غزو وتدمير العراق ، فضعف دعمهم لايران وقلت قدرتهم على الدفاع عن سياسة لا يمكن الدفاع عنها بالنسبة لمن يحترم نفسه ووطنيته وعروبته . كما ان البعض الاخر انقلب على ايران واصبح مناهضا لها بعد ان اكتشف ان السياسة الايرانية تحركها مصالحها القومية وليس الاسلام او مناهضة الاستعمار والصهيونية .
من هنا فان نقد ايران المنضبط ضرورة اساسية لمنع مناصريها من التعرض للعزلة التامة في اوساطهم ، من جهة ، ووسيلة للمحافظة على من تبقى داعما لها من جهة ثانية . ومن المفارقات اللافتة للنظر ان هذا التوجيه الايراني يشبه كثيرا التوجيه الامريكي لعملاءها العرب الذين وجدوا انفسهم معزولين تماما عن الراي العام العربي ويواجهون الاحتقار والتحقير ، اينما اتجهوا ، بسبب دعمهم للسياسة الامريكية في العراق وفلسطين وغيرهما ، فطلبت منهم مهاجمتها بشرط ان يقترن ذلك بمهاجمة البعث والمقاومة العراقية !
الموقف العراقي المبدأي
للتذكير بان عراق البعث كان يمارس اقصى حالات الشعور بالمسؤولية تجاه وحدة المسلمين ، مهما كانت خلافاتهم عميقة ومدمرة ، يحب ان نشير الى حادثة لها دلالات عميقة تعبر عن موقف العراق الحر . فبعد ان قصفت ايران ، اثناء الحرب العراقية – الايرانية ، بصاروخ متوسط المدى مدرسة بلاط الشهداء ، في حي الدورة المجاهد ، وذهب ضحية ذلك اكثر من 30 طفل شهيد (هناك تشابه لافت للنظر وهو ان نفس الحي يتعرض منذ الغزو الامريكي للعراق لحملات ايرانية منظمة ، يشنها فيلقي بدر والصدر بدعم امريكي ، يذهب ضحيتها اسبوعيا عشرات العراقيين من ابناءه ) ، قام الرئيس الشهيد صدام حسين بزيارة لحضانة اطفال وسأل طفل : من هو عدونا ؟ فاجاب الطفل بعفوية : انها ايران التي قتلت اطفالنا ، فرد الرئيس مصححا : كلا يا بني ، ايران ليست عدونا بل اسرائيل هي العدو . هذه الحادثة معروفة للعراقيين وربما يعرفها بعض العرب ، وهي تلخص مأساة جيرتنا الابدية لايران ، لانها تقدم صورة بالغة الوضوح لحراجة وازدواجية وتعقيد علاقتنا بايران . فالعاطفة الجياشة بسبب قتل الاف العراقيين اثناء حرب فرضها خميني على العراق وايران فرضا تدفع العراقيين للنظر الى ايران كعدو واقعي ، وقاعدة دعم هذه العاطفة هو السؤال المنطقي التالي : وهل يقتل الصديق صديقه ؟ ولكن العقل والواقعية والخبرة تقول كلا ان العدو الحقيقي هو اسرائيل ، لان ايران بلد فرضته الجغرافية بمجاورته لنا ، وزرع التاريخ في ارحامنا صلات الجيرة والتعامل والتفاعل ، وجاء الاسلام ليعزز كل ذلك ، فاصبحنا نتعامل مع جار كبير يمثل في ان واحد مصدر تحديات متكررة ، لان الاسلام لم يجتث جذور الصراعات السابقة له بين بلاد فارس وبلاد الرافدين والتي تعود لالاف السنين ، ومصدر ثراء حضاري وانساني حينما تتغلب نزعة التعايش بيننا .
ولكن ما حصل منذ غزو العراق لم يعد يحتمل اي تفسير تساومي ترقيعي للموقف الايراني الخطير في العراق وتجاه الامة العربية ، فما توفر من ادلة ومؤشرات واقعية اكبر من ان يقنع بان ايران صديقة للعرب . وابتداءا يجب ان نوضح باننا حينما نقول ايران فنحن نشير الى النخبة الفارسية الشوفينية المتحكمة فيها منذ الاف السنين وليس الى الشعب الايراني . علينا ان نجيب على الاسئلة التالية بمنتهى الدقة والموضوعية لتجنب نتيجيتين : نتيجة ان نقع في خطأ منع حل مشاكلنا مع ايران بالتفاوض والحوار اذا ابدت الاستعداد لذلك ، ونتيجة ان نهمل دلالات سياسات ايران العدائية تجاه العراق ، بشكل خاص ، فنقع في فخ تقسيم ايران لوطننا العربي انطلاقا من العراق والخليج العربي ، وعندها ستصبح كارثة فلسطين هي الاقل مأساوية في وطننا العربي .
ان اهم الاسئلة هي التالية : هل ايران دولة معادية ؟ ما معنى العداء ؟ وماهي تعبيراته ؟ ومن هو العدو ؟ وماهي درجة العداء الايراني للامة العربية ؟ هل هو بمستوى العداء الاسرائيلي والامريكي ؟ وما هي مقاييس العداء والصداقة ؟ وهل لايران مطامح امبراطورية مهما كانت تسميتها ( اسلامية او فارسية ) تجعل من الوطن العربي جزء خاضعا لها ؟ وماهي الاعمال الايرانية التي تضعها في موقع العداء للامة العربية ؟ وهل ايران تتبع سياسة مناهضة لامريكا واسرائيل ؟ واذا افترضنا ولاغراض النقاش ان الجواب هو نعم ، هل يسمح هذا لنا بان نسكت على تدميرها لهويتنا ووطننا لمجرد ان لها صراعا مع امريكا واسرائيل لمصلحتها هي وليس لمصلحة فلسطين او العرب ؟ ما الذي فعلته ايران في العراق والخليج العربي وبقية اقطار الوطن العربي ؟ وهل ما قامت به يختلف من حيث الجوهر عما فعلته وتفعله اسرائيل وامريكا بالعرب ؟ وما الذي فعلته اسرائيل وامريكا ولم تفعله ايران بنا ؟ واذا ثبت ان ايران تقوم بارتكاب جرائم لاتقل بشاعة عن جرائم امريكا واسرائيل ماذا يجب ان نطلق عليها من وصف يحدد صلتها بنا كعرب ؟ وهل نحن ضد اسرائيل لانها يهودية ؟ ام لانها قامت على اساس استعمار فلسطين وطرد الفلسطينيين من وطنهم ؟ هذه هي الاسئلة الاساسية ، ومنها ستتفرع الكثير من الاسئلة في سياق عرض وتحليل الموقف الايراني وطبيعة السياسة الايراني .
حتى لو كانت ايران دولة ملائكة
لنبدأ من أصل الوهم وهو الاعتقاد بان ايران تعادي امريكا واسرائيل ، وهو منطق من يدافعون عنها وحجتهم الاساسية ، والذي سنثبت انه غير صحيح ، لذلك لا يجوز معاداتها او مهاجمتها او وضعها في صف واحد مع امريكا واسرائيل . قبل ان نمزق هذا المنطق الساذج او المتساذج أربا أربا ، يجب ان نبدا من الحد الاعلى للصواب والقداسة وهو افتراض ان ايران تحكمها جماعة من الملائكة وليس من رعاع الملالي المتعطشين للدماء كما اثبتت تجربة العراق ، وان هؤلاء الملائكة ، ورغم انهم ملائكة ، يحاولون غزو وطني وجعلي مواطن من الدرجة الثانية او على الاقل تابع لملاك اجنبي ، فهل ساقبل بالعبودية لملاك ؟ وما الفرق بين العبودية لملاك والعبودية لشيطان ؟ بالتاكيد لا ، لان الاسلام هو دين الحرية والمساواة ، الم يقل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ) ؟ ألم يقل سبحانه وتعالى ( وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان افضلكم عند الله اتقاكم ) ؟ ان الاسلام لم يخلق الملائكة لتغزو ولا لتعتدي او تقسم وتظلم بل خلقها لعمل الخير ، واول عمل الخير هو احترام الاخرين وعدم الطمع في ارضهم ومياههم وثرواتهم ، ناهيك عن تحليل قتلهم واستعبادهم . لذلك فان الملاك اذا اعتدى واحتل يعامل في السياسة الدفاعية ، وهي سياسة مشروعة دينيا ومنطقيا وشرعيا واخلاقيا ، مثلما يعامل الشيطان .
لو كانت ايران تحكم من قبل الملائكة وحاربت امريكا واسرائيل الف مرة ، ثم حاولت غزو العراق واي قطر عربي ، او شاركت في ذلك ، لحملت السلاح ضد دولة الملائكة وقاتلتها حتى تحرير أي قطر عربي او منع احتلاله . اذن دعونا من الاسطوانة التي اصبحت مشروخة بعد احتلال العراق وهي (ان ايران معادية لامريكا واسرائيل ولذلك لايجوز ان نعاملها كعدو خطير ، وان نحاول نصحها للتوقف عن اعمالها الخاطئة ) ! كما يقول من يدافع عن ايران من العرب . من حقنا كعرب ان ندافع عن هويتنا العربية ووطننا ومصالحنا ، وأذا اعتدت علي ايران ، او دولة ملائكة ستهبط من السماء ، فانني لن اقف مكتوف اليدين بل سادافع عن نفسي مستخدما اول حق لاي حيوان خلق على وجه الارض وحلله الله والقانون والمنطق وهو حق الدفاع عن النفس . وحق الدفاع عن النفس مشروع مادام هدفه دفاعي لحماية الوجود من العدوان . فاذا كنا نحارب دولة ملائكة تعتدي علينا فهل نتسامح ونتساهل مع دولة ، هي ايران ، خاضت معنا عشرات الحروب وغزتنا مرارا، عبر اكثر من خمسة الاف عام ، ولها مطامع توسعية في ارضنا واحتلت بعضها ومازالت تحتلها ، ولها معنا ثأرات جديدة ، ثأر هزيمة مشروعها التوسعي وهو غزو الوطن العربي والعالم الاسلامي تحت شعار مضلل هو (نشر الثورة الاسلامية ) ، ايام خميني ، بفضل بطولات العراقيين وتضحياتهم العظيمة ، وثأرات قديمة ابرزها الفتح الاسلامي الذي دمر دولة المجوس ، فاقسموا على الانتقام من العرب ومن الاسلام الذي اطفأ نار المجوس ؟
ولو ان ايران خاضت الف حرب مع اسرائيل وامريكا ، وكانت كل هذه الحروب جدية وحقيقية ، فانا كانسان عربي سادافع عن نفسي وعن وطني وعن هويتي العربية حينما يأتيني ايراني ويريد ان يحتل وطني تحت أي شعار . وفي هذه الحالة الافتراضية ( أي افتراض ان ايران تحكمها الملائكة ) سيكون غباء مفرطا ان لا أسأل نفسي بصوت عال : ايران التي تقتلني في العراق وتريد تقسيم العراق هل تختلف مع امريكا واسرائيل لمصلحة العرب في فلسطين ام لمصلحتها القومية هي ؟ وما هي المصلحة الايرانية في قتل العراقيين وتقسيم وطنهم أذا كان ادعاءها بانها تدافع عن فلسطين صحيحا ؟ هذه بديهية يجب الانتهاء منها قبل أي كلام ، لان الدم يتدفق من افواهنا ونحن نتحدث عن ايران وجرائم ايران في العراق ، والجرائم الاخطر لايران التي تنتظر بقية العرب اذا لم يفيقوا قبل فوات الاوان .
هنا يجب ان نزيل الاوهام بالالتصاق بالواقع المعاش وليس بالفرضيات الساذجة المبنية على الجهل ، او الاوهام المصدرة قصدا والتي يروجها اشخاص ارتبطوا مصلحيا بالمشروع الايراني التوسعي . ولتسهيل الامر سنطرح الموضوع بصيغة الاسئلة والاجوبة لانها تسهل تصنيف المواضيع وترتيبها وتوضيحها ، كما اننا سنطرح بعض الاسئلة ونترك الجواب عليها للقارئ .
هل النظام الايراني اسلامي
لو كان نظام ايران اسلاميا حقا لتفهمنا ( وليس قبلنا ) دعم بعض العرب لايران ، ولكن النظام يتميز بالعنصرية والطائفية السياسية ، وحتمية تبعية من يوالي ايران لمرجعيتها الدينية . وهنا سنناقش ماورد في الدستور الايراني لاثبات ان ايران تعمل وفقا لمصالحها القومية وليس وفقا لمذهب او دين . كما سنتناول الممارسات الفعلية لايران لنصل الى استنتاج حاسم وهو انها دولة قومية صرفة تستخدم الدين والطائفة لخدمة الهدف القومي .
في مقدمة الدستور الايراني وفي فقرة (اسلوب الحكم في الاسلام) ترد العبارة التالية : ( ومع الالتفات لمحتوي الثورة الاسلامية في ايران - التي كانت حركة تستهدف النصر لجميع المستضعفين علي المستكبرين - فإن الدستور يعدّ الظروف لاستمراريّة هذه الثورة داخل البلاد و خارجها، خصوصاً بالنسبه لتوسيع العلائق الدولية مع سائر الحركات الاسلاميّة و الشعبيّة حيث يسعي الي بناء الامة الواحدة في العالم «إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون» و يعمل علي مواصلة الجهاد لانقاذ الشعوب المحرومة و الضطهدة في جميع أنحاء العالم.) ,في هذه الفقرة الدستور الايراني دستور توسعي يسعى رسميا لاستمرار ( الثورة وتوسعها في الخارج لاجل بناء الامة الواحدة في العالم ) ! فهو مشروع امبراطورية كونية . وفي فقرة الجيش العقائدي يقول الدستور ( في مجال بناء القوات المسلحة للبلاد و تجهيزها، يتركز الاهتمام علي جعل الايمان و العقيدة اساساً و قاعدة لذلك ، و هكذا يصار الي جعل بنية جيش الجمهورية الاسلامية و قوات حرس الثورة علي أساس الهدف المذكور ولا تلتزم هذه القوات المسلحة بمسؤولية الحماية و حراسة الحدود فحسب، بل تحمل أيضاً اعباء رسالتها الالهية، و هي الجهاد في سبيل الله، و النضال من أجل بسط حاكمية القانون الالهي في العالم ) . أذن ايران تعد جيشها لبسط حاكمية القانون الالهي في العالم ، والحاكمية طبعا تمثلها النخب الايرانية الفارسية . وفي فقرة النواب ترد الفقرة التالية (علي امل ان يكون هذا القرن قرن تحقق الحكومة العالمية للمستضعفين و هزيمة المستكبرين كافة( . حينما وضع الدستور في القرن الماضي كان توقع ملالي ايران هو ان تكتسح جيوشهم ودعوتهم العالم كله فتقوم الحكومة العالمية ! وفي المادة 3 نفسها الفقرة 16 تقول : (تنظيم السياسة الخارجية للبلاد علي اساس المعايير الاسلامية و الالتزامات الاخوية تجاه جميع المسلمين و الحماية الكاملة لمستضعفي العالم ) . هنا تلتزم ايران بحماية جميع مستضعفي العالم ، بمعنى انها تتدخل في كل دولة تعتقد هي ان هناك من يتعرض للاضطهاد ! والسؤال هنا هو ما هو المعيار الذي يجعل من ايران تقرر وقوع الاضطهاد على هذا او ذاك ؟ وكيف تتدخل ؟ عسكريا ؟ ام قانونيا ؟ وباي حق تتدخل والعالم عالم سيادات تتمسك هي فيه بسيادتها كما يعبر الدستور الايراني مرارا ؟
في الفقرات السابقة تاكيد على عالمية اهداف ايران وبناء حكومة عالمية باستخدام الجيش الايراني والوسائل الاخرى ، لكن في المادة 3 الفقرة 11 تبدأ الاصول القومية بالظهور فتقول (تقوية بنية الدفاع الوطني بصورة كاملة، عن طريق التدريب العسكري لجميع الافراد، من أجل حفظ الاستقلال ووحدة أراضي البلاد و الحفاظ علي النظام الاسلامي للبلاد.( اذن هناك وطنية وهناك استقلال وهناك وحدة ارضي البلاد ! والسؤال هنا هو : كيف تريد ايران بجيشها وقيادتها اقامة امبراطورية عالمية وحكومة عالمية مع انها تتمسك بالوطنية والاستقلال ووحدة الاراضي الايرانية ؟ اليس للدول الاخرى نفس الحقوق ؟ الا يتعارض ذلك مع تساوي حقوق الامم وهو ابرز مظاهر العدالة ؟ وتقول (المادة التاسعة) :
(في جمهورية ايران الإسلامية، تعتبر الحرية والاستقلال ووحدة أراضي البلاد و سلامتها اموراً غير قابلة للتجزئة، و تكون المحافظة عليها من مسؤولية الحكومة و جميع أفراد الشعب، ولا يحق لاي فرد او مجموعة او أي مسؤول أن يلحق أدني ضرر بالاستقلال السياسي او الثقافي او الاقتصادي او العسكري لايران او ينال من وحدة أراضي البلاد باستغلال الحرية الممنوحة) . مرة اخرى تبرز الروح القومية الثابتة في الدستور . وتتحدد الطبيعة الطائفية للنظام الايراني في المادة 12 التي تقول (الدين الرسمي لايران هو الاسلام و المذهب الجعفري الاثني عشري، و هذه المادة تبقي الي الابد غير قابلة للتغيير.( هذه المادة تؤسس لفتنة طائفية بين المسلمين ، فاذا كان هدف ايران اقامة حكومة عالمية فان مذهبها الابدي يجب ان يكون مذهب الحكومة العالمية الاسلامية ، مع ان الاغلبية في العالم الاسلامي سنية ! فكيف سيحل هذا الاشكال ؟ هل باستخدام القوة كما نلاحظ في العراق ؟ ام بحرمان الطوائف الاسلامية الاخرى من حقوقها كما تؤكد تجربة ايران التي تمنع السنة من اقامة المساجد رغم النص في هذه المادة على العكس ؟ وتزداد النزعة القومية وضوحا في (المادة السادسة و العشرون) حيث تقول بصراحة تامة : (الاحزاب، و الجمعيات، و الهيئات السياسية، و الاتحادات المهنية، و الهيئات الاسلامية، والا قليات الدينية المعترف بها، تتمتع بالحرية بشرط أن لا تناقض اسس الاستقلال ، و الحرية ، و الوحدة الوطنية ، و القيم الاسلامية ، و أساس الجمهورية الاسلامية ، كما أنه لا يمكن منع أي شخص من الاشتراك فيها، او إجباره علي الاشتراك في إحداها) . هذه المادة تنطوي على معنى واضح وهو ان من يؤسس حزبا او هيئة او اتحاد لا يجوز له التعامل مع اجنبي بما يهدد الاستقلال والوحدة الوطنية ، ومن البديهي انها تتناقض مع اصرار الدستور الايراني على نشر ( الثورة الايرانية) ومنح ايران حق التدخل ، فكيف تعطي لنفسها حق التدخل في كل مكان بانشاء تنظيمات تابعة لها وتمنع مواطنيها من تهديد الاستقلال والوحدة الوطنية عن طريق واضح وهو التعاون مع الاجنبي ؟
وفي المادة الثامنة والسبعون تتعزز النزعة القومية حيث تقول : (يحظر إدخال أي تغيير في الخطوط الحدودية سوي التغييرات الجزئية مع مراعاة مصالح البلاد و بشرط أن تتم التغييرات بصورة متقابلة، و ان لا تضر باستقلال و وحدة أراضي البلاد، و أن يصادق عليها أربعة أخماس عدد النواب في مجلس الشوري الاسلامي. ( من المفيد ملاحظة ان حدود ايران كلها مع دول اسلامية ، ولذلك فان المعيار الوطني في هذه الفقرة يتغلب على المعيار الاسلامي . وتضيق الحلقة في الدستور باشتراط ان كل القوانين والتشريعات التي يتبناها مجلس الشورى يجب ان لا تتعارض مع المذهب الرسمي ، أي المذهب الاثنا عشري كما ورد في المادة الخامسة والثمانون ! وفي (المادة التاسعة بعد المئة ) تحدد (الشروط اللازم
توفرها في القائد و صفاته هي :
1. الكفاءة العلمية اللازمة للافتاء في مختلف ابواب الفقه.
2. العدالة و التقوي اللازمتان لقيادة الامة الاسلامية.
الرؤية السيايسة الصحيحة، و الكفاءة الاجتماعية و الادارية، و التدبير و الشجاعة، و القدرة الكافية للقيادة. و عند تعدد من تتوفر فيهم الشروط المذكورة يفضل من كان منهم حائزا علي رؤية فقهية و سياسية اقوي من غيره) . وطبقا لهذه المادة فان القائد او المرشد هو قائد كل الامة الاسلامية وليس ايران فقط ، ومن ثم على الجميع اتباعه داخل وخارج ايران . وعند تحديد شروط رئيس الجمهورية تتضح الطبيعة القومية المتعصبة : تقول المادة الخامس عشرة بعد المئة :
(ينتخب رئيس الجمهورية من بين الرجال المتدينين السياسين الذين تتوفر فيهم الشروط التالية :
3. ان يكون ايراني الاصل و يحمل الجنسية الايرانية.
4. قديراً في مجالس الادارة و التدبير.
5. ذا ماض جيد.
6. تتوفر فيه الامانة و التقوي.
7. مؤمناً و معتقداً بمباديء جمهورية ايران الاسلامية و المذهب الرسمي للبلاد ) .
الفقرة 3 تنص على ان يكون ايراني الاصل وليس ايرانيا اكتسب الجنسية فقط ، وهذه الفقرة تميز بين ايراني من اصل ايراني واخر من اصل غير ايراني . بمعنى اخر ان الايراني من اصل عراقي مثلا لا يحق له ان يرشح لرئاسة الجمهورية ، وهذا الامر كان اول ضحية له بعد سقوط الشاه وانتخاب رئيس جمهورية هو جلال الدين فارسي ، وكان من اقرب الناس لخميني وهو الذي اراد ترشيحه للرئاسة ولم ينافسه احد على هذا الترشيح ، وكان فوزه مضمونا لهذا السبب ، ولكن حينما أخبر خميني بانه من اصل اذربيجاني أي تركي طلب منه خميني الانسحاب من الترشيح ورشح محله ابو الحسن بني صدر ! وهذه الحادثة مهمة جدا لانها تكشف التعصب القومي لدى الملالي .
وفي قسم رئيس الجمهورية تتكرر ظاهرة النوعة القومية والدفاع عن المذهب والتمسك به فتقول المادة الحادية و العشرون بعد المئة :
يؤدي رئيس الجمهورية اليمين التالية، و توقع علي ورقة القسم، في مجلس الشوري الاسلامي في جلسة يحضرها رئيس السلطة القضائية و اعضاء مجلس صيانة الدستور:
بسم الله الرحمن الرحيم
(انني باعتباري رئيساً للجمهورية اقسم بالله القادر المتعال في حضرة القرآن الكريم، و امام الشعب الايراني ان اكون حامياً للمذهب الرسمي، و لنظام الجمهورية الاسلامية، و للدستور، و ان استخدم مواهبي و امكانياتي كافة في سبيل اداء المسؤوليات التي في عهدتي،و وان اجعل نفسي وقفاً علي خدمةالشعب و رفعة البلاد، و نشر الدين و الاخلاق، و مساندة الحق و بسط العدالة، و ان احترز عن أي شكل من اشكال الديكتاتورية، و ان ادافع عن حرية الاشخاص و حرماتهم،و الحقوق التي ضمنها الدستور للشعب، ولا اقصر في بذل أي جهد في سبيل حراسة الحدود ، و الاستقلال السياسي و الاقتصادي و الثقافي للبلاد، و ان اعمل كالأمين المضحي علي صيانة السلطةالتي اودعها الشعب عندي وديعة مقدسة مستعيناً بالله ومتبعاً لنبي الاسلام و الائمة الاطهار (ع) وان اسلمها لمن ينتخبه الشعب من بعدي(. . يلاحظ في هذا القسم ان اول ما يلزم به هو حماية المذهب حتى قبل حماية البلاد ! وبعد حماية المذهب تاتي وظيفة حماية الحدود والاستقلال ! كم هي واضحة غلبة المذهب على ما عداه ؟
وتتكرر ثنائية الحرص على استقلالية ايران وحقها في التدخل في شؤون الدول الاخرى ، في الفصل العاشر السياسة الخارجية ، تقول المادة الثانية و الخمسون بعد المئة
(تقوم السياسة الخارجية لجمهورية ايران الاسلامية علي اساس الامتناع عن أي نوع من انواع التسلط او الخضوع له، والمحافظة علي الاستقلال الكامل، و وحدة اراضي البلاد، و الدفاع عن حقوق جميع المسلمين، و عدم الانحياز مقابل القوي المتسلطة، و تبادل العلائق السلمية مع الدول غير المحاربة.( كيف ينسجم منطق المحافظة على الاستقلال الكامل للبلاد مع الدفاع عن جميع المسلمين في العالم ؟ ويتكرر الامر ذاته في المادة الرابعة و الخمسون بعد المئة التي تقول :
(تعتبر جمهورية ايران الاسلامية سعادة الانسان في المجتمع البشري كله قضية مقدسة لها ، وتعتبر الاستقلال، والحرية، و اقامة حكومةالحق و العدل حقاً لجميع الناس في ارجاءالعالم كافة، و عليه فان جمهورية ايران الاسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في اية نقطة من العالم، و في الوقت نفسه لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الاخري) .
هذه الفقرات المأخوذة من الدستور الايراني تؤكد قبل كل شيء اربعة حقائق :
1 – حقيقة ان ايران رغم اطلاق وصف الاسلامية عليها هي جمهورية قومية وليس اسلامية .
2 – ان هذه الجمهورية تقزم الاسلام باختصاره في المذهب الجعفري وتعد هذه المادة من المواد التي لاتقبل التغيير ولا يتم تبني قانون اذ تعارض مع المذهب .
3 – ان من حق ايران رغم انها جمهورية قومية ان تتدخل في شؤون كل الدول في العالم بكافة الوسائل العسكرية وغيرها بحجة الدفاع عن المستضعفين لكنها لا تسمح لاحد بالتدخل في شؤونها الداخلية هي . 4 – تسعى جمهورية ايران الى اقامة حكومة عالمية بزعامتها وعلى شاكلة نظامها الحالي .
ولكن هل ماورد في الدستور هو حبر على ورق فقط ام انه انعكاس لقناعات وسلوك عملي ؟
مظاهر اخرى لقومية النظام الايراني والخمينية
لئن كان الدستور الايراني الحالي يقدم صورة كافية للطابع القومي للدولة الايرانية ، وللنظام الايراني ، فان الادلة الاخرى الموجودة في ممارسات ايران في ظل نظام الملالي تثبت انه نظام قومي ويستخدم الدين والطائفة غطاء للتمويه والخداع . ولعل اهم نقطة في هذا السياق هي ان العامل المشترك بين نظام الشاه القومي ونظام الملالي المتستر بالدين هو انهما كلاهما غزيا اراض عربية ورفضا اعادتها للعرب ، وانهما كلاهما يعمل لتوسيع حدود ايران على حساب العرب اولا . عندما حضرته الوفاة اوصى الشاه رضا ابنه محمدا قائلا ( لقد استعدت السيطرة على الضفة الشرقية للخليج - يقصد الاحواز العربية - وعليك ان تستعيد الضفة الغربية ) ، والضفة الغربية هي دول الخليج العربي . وبالفعل احتل الشاه الجزر العربية الثلاثة التابعة لدولة الامارات العربية ورفض اعادتها ، وكان مشروعه القومي المعلن هو الاستيلاء على الضفة الغربية للخليج العربي . وطالب بالبحرين سلميا ، اولا ، تمهيدا لغزوها. وقبل الشاه رضا شرعت ايران الصفوية وبشكل منظم بتهجير مواطنيها للخليج العربي تدريجيا ليصبحوا بمرور الزمن مواطنين في دوله ، تمهيدا للسيطرة عليه ديموغرافيا وديموقراطيا . وكل سكان الخليج العربي من ذوي الاصول الايرانية هم ثمرة هذا التهجير المنظم من قبل ايران في مختلف العهود .
وهناك سؤال يتناساه كثير من الوطنيين العرب وهو : هل من المنطق القومي والقانوني والاخلاقي الحديث عن ايجابية موقف ايران من القضية الفلسطينية وهي تحتل الاحواز التي تضم ثمانية ملايين عربي ، اي اكثر من الشعب الفلسطيني ، وهي اكبر جغرافيا من فلسطين وفيها ثروات ، مثل النفط والماء ، هي اهم الثروات التي تقوم عليها ايران حاليا ؟
نحن نعتقد بان من يحتل الاحواز هو كمن يحتل فلسطين ، لان الاحتلال هو احتلال مهما كانت هوية الدولة التي تقوم به ، ولا يوجد انسان سليم العقل والتفكير يميز بين احتلال واحتلال من حيث الجوهر ، وبغض النظر عن تسميته سواء كانت دينية او قوميته . ومن يساهم في احتلال العراق وتدميره هو مستعمر معتد سواء كانت جنسيته بريطانية او امريكية او ايرانية ، فالاحتلال هو احتلال في نهاية المطاف . ولكن الغريب ان من يصر على تسمية ما حدث للكويت ب( الاحتلال العراقي ) هو نفسه من يرفض الاعتراف بان ايران دولة محتلة وتوسعية ، وتفرض ارادتها الاستعمارية على اجزاء من الوطن العربي وتريد علنا ورسميا فرض ارادتها واستعمارها على الوطن العربي والعالم الاسلامي بل والعالم اجمع !
وأستنادا لما تقدم ولاجل تحفيز الذهن على التفكير بصواب وبعد التحرر من انماط التفكير الذي ساد وخيل للكثيرين ان سيادته تعني مشروعيته وصوابه ، علينا ان نطرح مجموعة اسئلة أخرى منها : هل الانسان الفلسطيني اغلى من الانسان العربي في الاحواز والعراق مع اننا قوميين واسلاميين نساوي قيمة كل العربي مع العربي الاخر والمسلم مع المسلم الاخر ؟ وهل ارض فلسطين اغلى من ارض العراق مع اننا كقوميين وكاسلاميين نساوي في قيمة الارض العربية والاسلامية أينما كانت جغرافيتها ؟ وهل عروبة فلسطين تختلف عن عروبة البحرين والامارات كي ندافع عن فلسطين ونغض النظر عن تفريس البحرين والامارات والعراق ؟ وهل الصهينة اقل خطرا من التفريس الذي يتعرض له الاحوازيون منذ ضمهم بقوة بريطانيا الى ايران في العشرينيات من القرن العشرين ، أي قبل ان تحتل فلسطين ؟ ان تغيير الهوية القومية والدينية لاي بشر بالقوة هو عمل مدان بغض النظر عمن يقوم به ، فلماذا نلعن اسرائيل نتيجة الصهينة ونصفق لايران رغم انها تفرس اجزاء من وطننا ، على نحو منهجي مشابة بل ويطابق الصهينة ؟ وهل العنصرية الصهيونية اكثر ايذاء من العنصرية الفارسية التي دمرت الدولة العربية الاسلامية ، في العهدين الاموي والعباسي ، وتحاول الان تفريس الوطن العربي تحت غطاء نشر التشيع الصفوي ، مع ان العنصرية مذمومة ملعونة كائن من كان مروجها ؟ لماذا يصفق البعض لايران عندما تشتم اسرائيل لكنهم يضعون السنتهم في علب خصصت للنظارات الطبية عندما يأتي ذكر الجزر العربية الثلاثة والاحواز التي تحتلها ايران والغزو الايراني الحالي للعراق ؟
واذا اردنا ان نعود لاصل تفجير المشاكل بين العرب وايران في زمن الملالي علينا ان نطرح ايضا الاسئلة التالية : ما معنى ونتائج شعار خميني الاول وهو المسمى ( تصدير الثورة الاسلامية ) الى اقطار هي بالاصل والواقع اسلامية ؟ ان معناه الاساسي هو السيطرة عليها لصالح الامة الايرانية باسم الاسلام وهذا ما اكده الدستور الايراني . وما معنى اصرار خميني على اسقاط النظام الوطني في العراق تحت شعار ( ان تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد ) ؟ ولماذا قال خميني ان اسقاط صدام حسين بعد اسقاط الشاه واجب ديني ، مع ان العراق لم يكن قد بادر بالعداء لايران الجديدة بل كان اول المعترفين بنظامها واول المهنئين بنجاح التغيير فيها ؟ ولسوء حظ نظام الملالي فان هذا الشعار قد كشفت حقيقته حينما قال كيسنجر علنا ب(ان حل مشكلة القدس يمر عبر اسقاط صدام حسين ) ! وهكذا تطابقت حتى شعارات ايران الملالي مع شعارات اسرائيل وحماتها !
هل نسينا ان خميني المسلم هو من اصر على فرض الحرب مع العراق بسبب تمسكه التام بان شط العرب ومناطق حدودية هي جزء من ايران ؟ هل نسينا ان ايران لم تتخلى عن مطالبتها بالتعويض بعد الغزو ، رغم انها كانت تقول ان خلافها هو مع البعث وصدام حسين وليس مع شعب العراق المسلم ، ولكن بعد اسقاط النظام الوطني تمسكت ايران بدفع العراق (الجديد) التعويضات التي تظن انها تستحقها ؟ هل نسيتم ان الحكيم ، وهو ايراني الا صل ، قد طالب بدفع العراق تعويضات تبلغ اكثر من مائة مليار دولار لايران ؟ اذا كانت ايران اسلامية لم تتمسك بالحدود والمسائل المالية مع المسلمين الاخرين ، خصوصا وانها ليست حقوقا ايرانية ثابتة بل هي موضوع خلافات عميقة وقديمة ، ابدى الشاه محمد رضا بهلوي القومي الفارسي المتعصب ، مرونة فيها ادت الى توقيع اتفاقية الجزائر مع العراق ، والتي رفضها خميني حينما وصل للسلطة بحجة انها من صنع الشاه ، كما قال ؟ لو كانت ايران دولة دينية اسلامية حقا اليس اول مظاهر ذلك ، واهم اثباتاته ، هو عدم اصرارها على خلق مشاكل مع العرب المسلمين حول الحدود والاراضي والمياه والاقاليم ؟
لماذا تظن ايران خميني كايران الشاه بان لها الحق في فرض خياراتها علينا ، الاولى باسم الاسلام الطائفي والثانية باسم التوسع الفارسي القومي ؟ اليس من حق العرب ان يختاروا انظمتهم دون وصاية ايرانية ايا كان غطاءها ؟
من لدية سياسات عدوانية توسعية العرب ام ايران ؟
وهناك مسالة مهمة جدا توضح مسالك الدرب الي لغمته ايران عمدا : وهي من بدأ ويبدأ المشاكل بين العرب والايرانيين ؟ العرب ام الفرس ؟ ان اهم اسباب الخلافات العربية الايرانية هي الجاليات الايرانية في الوطن العربي والحدود والمياة والطائفية والتدخل في الشئون العربية من قبل ايران ، وفي كل هذه القضايا ايران هي المهاجمة والعرب هم المدافعون ، فايران وليس العرب هي التي تصدر العمالة الايرانية للخليج العربي والعراق منذ قرون ، خصوصا بعد ظهور النفط ، وتؤسس لها مواطأ قدم وتحولهم الى مواطنين فظهرت مشاكل البحرين وغيرها . وايران هي التي تطالب بالحدود والمياه وليس العرب . وايران هي التي تخلق المشاكل الطائفية وليس العرب ، والعرب ليس لديهم مشروع توسعي في ايران ، بينما ايران لها هكذا مشروع وهو معلن ورسمي وتبنته كافة الحكومات الايرانية ، ويقوم على نشر التشيع الصفوي واعتبار الحكم العربي منذ 1400 عام حكما اغتصب منهم لذلك عليهم اعادته بنشر الصفوية
وهناك مسالة جوهرية وهي التي تتلخص في السؤال : من يرفض التصالح والتفاهم العرب ام ايران ؟ من المستحيل العثور على دليل واحد يثبت بان العرب كلهم كانوا البادئين باي مشكلة مع ايران او باستفزازها ، فهي دائما كانت المبادر بالعمل ضد المصالح العربية ، فالاحواز احتلتها في زمن رضا بهلوي بمساعدة الاستعمار البريطاني ، وهي التي تطالب بالبحرين ، وهي التي احتلت الجزر العربية الثلاث ، وهي التي تزرع مواطنيها في الخليج وتعمل على تفريسه ، وهي التي لديها حركة تبشيرية صفوية علنية ورسمية ترصد لها مليارات الدولارات وليس العرب ، وهي التي تصر على التمسك بما تعده حقها في الحدود ، وهي التي تتحدث باستمرار عن عائدية عرب الخليج والعراق لها !
ربما يقول البعض هذا ماكان يفعله الشاه ، وهذا القول اما يدل على الجهل او التجاهل ، فنظام خميني اشد تمسكا بالارض والحدود والمصالح الايرانية من نظام الشاه ، ومشاكله مع العرب هي عبارة عن وراثة كاملة لمشاكل الشاه مع العرب ، واغلب مصادر الخلافات مع العرب متوارثة من زمن الشاه وما قبله ، والفرق الجوهري بين التوسع الشاهنشاهي والخميني هو ان الثاني اشد تطرفا واوسع جغرافية لانه باسم الاسلام يريد حكم العالم برمته وليس العالم الاسلامي كما يعلن الدستور الايراني . لم لا تتراجع ايران خميني وخامنئي عن احتلال الجزر الثلاث التي احتلها الشاه اذا كانت اسلامية حقا وليس قومية ؟ ولم تستمر في نفس سياسة الشاه في رفض الاعتراف بالقومية العربية في الاحواز ، وبالقوميات الاخرى مثل الاذرية والبلوشية والكردية ، وتصر على تذويبها بالقومية الفارسية عبر فرض اللغة الفارسية عليها ، وتنظم مجازر دورية ضد المطالبين بحقوقهم القومية هناك؟ هل شاهد احد اي تراجع في زمن خميني عن السياسات التوسعية الايرانية الشاهنشاهية ؟ بالطبع كلا ، فان التوسعية الايرانية في زمن خميني اصبحت اشد واوسع وانشط واخطر مما كانت عليه في زمن الشاه . الا يناقض ذلك المرونة والتسامح بين المسلمين ؟
اسألوا الاحياء من الوسطاء العرب الذين ارادوا تخفيف التوتر بين العراق وايران قبل الحرب ومن اراد ايقاف الحرب بعد وقوعها : من كان متشددا ويرفض الحوار والتفاوض وحل المشاكل بالتفاوض العراق ام ايران ؟ اسألوا حسن الترابي وهو حي يرزق واسألوا توفيق مدني وهو حي رزق واسألوا ليث شبيلات وهو حي رزق عمن كان متشددا ويرفض الصلح والتفاهم . اسألوهم عن وعود ايران الكثيرة والتي تراجعت عن تنفيذها ، ولم تراجعت عنها ؟
لم هذا العداء الايراني للفكر القومي العربي حيث تثقف ايران انصارها العرب على كره القومية العربية والتنظيمات القومية والفكر القومي العربي ، واعتبارها مناقضة للاسلام لكنها بنفس الوقت تتمسك بالقومية الفارسية ؟ ان العداء المطلق للبعث لا يمثل الا راس جبل الجليد الطافي ، وتعزيز الكراهية للعروبة وعدها عنصرية هو الوجه الامامي في راس جانوس الايراني اما الوجه الخلفي فهو التمسك بالقومية الفارسية ، وهذ
ه بعض الامثلة :
1 – حينما رشح خميني جلال الدين الفارسي كاول رئيس ل(جمهورية ايران الاسلامية ) لم يرشح احد ضده لانه مرشح الامام ! وكان فوزه مضمونا ، ولكن في الفترة القليلة السابقة للانتخابات اخبر خميني بان جلال ليس فارسيا بل اذريا ( تركيا ) فامر بانسحابه ورشح بني صدر بدلا عنه ! ألا يدل ذلك على ان امام الامة يميز على اساس عرقي ؟
2 – قابل محمد حسنين هيكل خميني بعد استيلاءه على السلطة لاجراء مقابلة صحفية معه ، وكان هيكل يعلم ان خميني يتقن العربية كالفارسية ، لانه كان يدرس بها في النجف ، لكنه فوجئ حينما وجه اليه الاسئلة بالعربية لغة القران برد خميني بالفارسية وقيام مترجم بالترجمة الى العربية ! يقول هيكل حينما خرجت من اللقاء كانت الفكرة التي استحوذت علي هي ان خميني قومي فارسي .
3 – وتتكرر القصة مع الكاتب والسفير الفرنسي الذي يتقن العربية اريك رولو ، والذي ذهب في نفس الفترة لمقابلة خميني وظن ان من الافضل ان يوجه الاسئلة بالعربية ، ففوجئ بان خميني يحيب عليه بالفارسية ، فيخرج بنفس استنتاج هيكل مع انهما لم يتحدثا الى بعضهما : خميني قومي فارسي متعصب ! لم هذا العداء للعروبة والذي جعل خميني يقول بعد وصوله الى ايران : بعد الشاه جاء دور صدام حسين ؟ ثم اعقب ذلك باهانة المرحوم احمد حسن البكر وكان رئيسا لجمهورية العراق رغم انه كان اول رئيس دولة يبعث له ببرقية تهنئة بالانتصار ، فيكون رده ( والسلام على من اتبع الهدى ) ؟ اليس من اخلاق الاسلام احترام الاقوام كلها خصوصا الاسلامية وعدم التمييز بينها ؟ نعم يبدا الحط من شان القومية والعروبة باسم الاسلام بافتعال تعارض معها لكنه ينتهي بتجريد العربي من اهم عوامل قوة حصانته وهو هويته القومية .
وأخيرا وليس اخرا فان الموقف الايراني في زمن الملالي من قضية الشيشان في روسيا وهو الوقوف ضد الشيشان مع انهم مسلمين ، ومن قضية الصراع بين اذربيجان المسلمة الشيعية وارمينيا المسيحية ، هو الوقوف مع ارمينيا ضد اذربيجان ، ان ذلك كله يؤكد الطبيعة القومية للمشروع الايراني التوسعي ويسقط بحسم الغطاء الديني والطائفي التي يتبرقع به .
salah_almukhtar@gawab.com
المصدر / الوطن