جاكرتا الخائفة
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 15 سنة و 3 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 12 أغسطس-آب 2009 05:48 م

من الأعلى (جاكرتا) تنبسط أمامنا خضراء ، ساكنة بمحاذاة البحر.

هبطت طائرتنا ظهر 6-11-2007

تسمرت عند مدخل بوابة المطار الدولي للعاصمة الإندونيسية.

العسكر متحفزين لقدوم الوافدين؛ كأن لتقرأ على وجوههم انفعالات تقلّدها.

وجوههم امتصصت طباع هذه الأرض، قاسية.. حارة، لأهبه.

كان على قناعاتي أن تتشكل ، بحرية مطلقة؛

المدن التي لا تحسن استقبال زائريها لا تدقن توديعهم !

مرةً جديدة يشير الجندي إلى حقيبتي الصغيرة، ينتزعها مني .

ومرةً جديدة أقول تحتوي على " جهاز محمول وبعض أوراق الجامعة

"لقد عبرت ألآت الفحص" تحدثت إلية هكذا من أسفل الحلق

حيث غيضي، ولم يلقي استحسان لديه.

الوقت الفعلي للتفتيش يطول،كل هذا الطابور الممتد ، لم يحرّك فيه شئ

ربما يفكر بما لا يعجز عن ردمه من حفر وأخاديد قد تجوّفها

الانفجارات في البشر والأرض ؛ كتلك التي وقعت في جزيرة (بالي) بفعل إرهابي،

بالي الممتعة..ألأمنه، جذابة بما يكفي، قسى عليها الأشرار ،

مزقها الأغبياء ثلاث مرات.اخارها والاجدد؛ بالنسبة لوصف الإعلامي وقعت منتصف الشهر الفائت وخلفت 6 قتلا وأكثر من 50جريح هذه المرة كان الضربة عنيفة أيضا ؛لا تختلف عن سابقتها وجاءت على مرحلتين مؤلمتان فندق "ريتز كارلتون"، كان الهدف الأول والذي كان من المفترض أن يستضيف نجوم فريق "مانشستر يونايتد" الإنجليزي السبت، في حين هز الانفجار الثاني فندق "ماريوت"، الذي لا يبعد عنه أكثر من 50 متراً، كما أفادت وسائل الإعلام المحلية أن سلسلة الهجمات تواصلت مع انفجار سيارة مفخخة شمالي المدينة، وقامت قوات الأمن بتطويق المنطقة بأكملها لبدء التحقيق.

فعثرت الشرطة على قنبلة جاهزة للتفجير في الطابق 18كما قل المتحدث باسم الرئيس أن رجال الأمن استطاعوا تفكيكها؛لقد خضعت جاكرتا لحزنها مجدداُ؛ بعد أن كانت تجاوزته لقليل سنوات كان أولها وأعنفها ذلك الذي حدث في 12 أكتوبر2002خلفت همجيتهم.

202 قتيل، و في 1 أكتوبر2005أوقعت 120 مابين قتيل وجريح.

لقد غادر سكّانها الثائرون على الحرّ والضجيج والدم والدموع.

لحظات عصيبة، قال لي صديقي؛ كأنها الحرب عندما تشتدّ المعارك،

"توجهنا إلى مناطق أكثر أمنا ولم يفارقنا الذعر"

عذابات غير ممكن نسيانها إلي حينِ!

عاصفة دروس الإرهابين الإضافية ، مثمرة ؛ جعلت هذا البلد خائفا على الدوم.

ومنذ ذلك الوقت وأمواج البحر تهرق حنقها.

يواصل الشرطي الممتلئ داخل بزتّه الكاكية مهمته.

يقاطعه زميلي الاندونيسي وهو يطل برأسه من الخلف" إننا طلبه "

وتحرك سوزان رأسها مبتسمة " يس يس طلبه "

أحرجهم تصرف امن المطار؛

كانوا يحاولون تنظيف مشهد بدء ملطخ ؛

ولكن متى تحسن الشرطة معاملة المدنيين!

لا يتكلم، شرطي متجهم عنيد لا يأبه لإحد.

يشعرك لا.. طمأنينة؛ أنتم الغرباء لستم أكثر أمنا؛ كاد يقول.

لا استثناء في بلدا كإندونيسيا سكانها (235) مليون.

أنهكتها تيمور الشرقية ،تقلقها(بالي الجزيرة السياحية)ويربكها الزوار الجدد.

حسنا هل عليها التأقلم معهم أم لفظهم. كل ما يدور في راسي وقتذاك.

ينهر الشرطي زميلنا " لا فرق شوووششش " ويطأطئ(محمد)رأسه، بحذر :

"اخطأ تسونا مي الهدف " قال. كأنه يحاول الاقتصاص من رجال الأمن.

يلتزم محمد السكوت طويلا،وسوزان صديقته، وأنا أيضا،

بعد أن نكون قد اجتزنا أروقة المطار الرمادية الأشبه بمدرسة رسمية،

التصقت على جدرانها صور سوكارنو وصور سوهارتو

ظهرنا حيارى بما يكفي لا نعلم أي شعورا يليق بيوم طال تفتيشه.

رحلت مصادفة عن جاكرتا والغيم الأبرش مايزال يتكدس

فوق المدينة ينذرها بألم حارق .