مؤسسة الإذاعة والتلفزيون... إلى حين ميسرة
بقلم/ نواف سالم
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الأربعاء 25 مارس - آذار 2009 06:29 ص

مأرب برس – خاص

لا يتفق اثنان من منتسبيها على الدور الذي من المفترض أن تلعبه مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في خدمة الإعلام والإعلاميين، وتوفير العيش الكريم للكوادر الإعلامية المناط بها الإبداع وتقديم الممتع والمفيد للمتلقي وتقديم الرسالة الإعلامية المتوخاة منها، والتي تخدم الغرض والفائدة التي من أجلها قامت هذه المؤسسة.

وفي المقابل لا يختلف اثنان من منتسبيها بأن هذه المؤسسة أضحت حملاً ثقيلاً يطحن تحته الإعلاميين المنتسبين إليها طحناً، ويثقل كاهل الإعلام والميزانية العامة للدولة.

فهذه المؤسسة اليوم هي السبب الأول في أبرز معاناة موظفي قطاعاتها المختلفة تلفزيونية وإذاعية بسبب مماطلتها في تعزيز هذه القطاعات بمستحقات موظفيها الذين يعانون الامرين خصوصاً منذ بداية هذا العام.

وإذا ما اشتدت المطالبات بالحقوق فشماعة الخمسين بالمائة التي أعلنت عنها الحكومة جاهزة للعرض، وبالتالي سيف تطبيقها مصلت على الرقاب.

لكن عندما تشرع في التحقق من الأمر توخياً للدقة والحقيقة تجد أن هذا السبب عرضي مقابل الأسباب الخفية الأخرى مثل:

1- البحث عن أصول سندية وفواتير لمبالغ تقترب من نصف مليار ريال أو 400 مليون ريال لم يعثر لها على فواتير لتبرير صرفها .

2- تأخر تسليم الحسابات الختامية للمؤسسة للعامين الماليين 2007 ، 2008 م .

3- التطاول من قبل رئيس قطاعها المالي على شخص وزير المالية حضورياً والذي كانت ردة فعله بأن قام بطرده ومطالبة المؤسسة بحسابات الاعوام السابقة .

4- السير في ركب (آخر صرعة للوزراء ومدراء العموم حتى يبقوا في مناصبهم ) بأن يتم توفير مبالغ كبيرة هي في الأصل من حق الموظفين ومن عروقهم ودمائهم عند نهاية العام وإعادتها إلى المالية وعمل زوبعة إعلامية حولها حتى يقال عنهم بأنهم جاءوا بعد من استبعدوا لأنهم فاسدون فجاءوا هم لأنهم نزيهون فهاهم يوفرون ، وهاهم يحاربون الفساد بينما هم في الأصل يحاربون الموظف المسكين .

وطبعاً بالرغم من أن هذه المؤسسة من ذوات الحساب الجاري ومن المفترض أن لا ترجع أية مبالغ الا اذا كانت هذه المؤسسة ايرادية ، وهي بذلك تكون قد استقطعتها من حقوق الموظفين الذين يطالبونها بتحسين لائحة الأجور البرامجية منذ عقود لكنها عوضاً عن ذلك حسنت أجور من استقطعوا لها من الشؤون المالية والادارية بأن رفعت أجورهم بنسبة 100 بالمائة اضافة الى كونهم في القطاعات المختلفة يتقاضون اضعاف اضعاف ما يتقاضاه الاعلامي لقاء اعتصار ذهنه ومجهوده الابداعي .

يقول لي صديق من هذا الوسط: يعلم الله أني لست من خبرة أولئك وكنت أكرههم ولكن رحم الله اولئك السلف الذين جاء هؤلاء على اثرهم ، فقد كانوا على الاقل لا يرضون بأن تتأخر حقوق الموظفين ولو لخمسة في المائة من كل هذه الفترة ، وحتى إن كانت المؤسسة خاوية على عروشها من المبالغ المالية ، فإن كانت المطالب مشروعة للموظفين حتى وان كانت صعبة فإنها لابد وأن تتحقق بصرف النظر عن تحسين الاجور وتغيير اللائحة لانها موضوع آخر وانا هنا أحدثك عن مطالب شخصية للموظفين ، ويضيف : لابد وأن تتحقق هذا الأمور وهذه المطالب إما بطريقة (الحمية القبلية) لمدير عام المؤسسة مع اقتداره ، أو باقتدار وحنكة رئيس القطاع المالي الذي كان يوجد من العدم تلك الحقوق وإن على سبيل الاقتراض الشخصي من مؤسسات تجارية اهلية بحكم علاقاته الشخصية حتى تصل الميزانية فيسددها بعد ذلك بدون فوائد .

يضيف بحرقة : فإذا كان اولئك هم الفاسدون وقليلو الخبرة او حتى عديموها فماذا نسمي هؤلاء الذين وفروا قرابة المليار ريال وردوها العام الماضي الى المالية ، ثم استغربوا عندما تم استقطاعها من ميزانية المؤسسة للعام التالي ؟! وماذا نقول اذا كانت نظافتهم استوجبت وصول رصيد مكافآت أحدهم الى أكثر من 40 مليون ريال في العام الواحد ، وهو ما يغطي ميزانية أكثر من عشر إذاعات محلية لأكثر من ثلاثة شهور .

يقول هذا الصديق وقد بدا على وجهه الحزن والمرارة والاسى : أحد زملائي مثلاً وخلال شهر فقط مثل أمام دائنيه في أقسام الشرطة أكثر من عشر مرات ، كون المؤسسة الموقرة لم تخبره هل سيعمل بـ50 بالمائة من استحقاقه ، أم إنه سيعمل فقط براتبه الشهري ؟ وانما تركت ذلك غامضاً مبهماً وفي صمت رهيب أضطر هذا الزميل لأن يفترض التفاؤل ثم يقترض ويؤخر سداد الديون على وعود كاذبه وإشاعات هنا وهناك تفترض ما افترضه من التفاؤل ، وبسبب ظروف صعبة تواترت وتضافرت عليه ، تجمعت الإيجارات لثلاثة اشهر وهي في حدود المائة الف ريال ، وحق البقالة تجاوزت الثلاثين الاربعين الف ، وفواتير الماء والكهرباء ومدارس الاولاد والجزار والخضري ... الى آخر القائمة .

يستطرد : وهو الان يبحث عمن يسلفه او يضمنه او من يأخذ له اولاده لنقلهم الى مدينة ثانية لدى أقرباء لهم حتى تنفرج الازمة وكما قال : ( وطز في المدارس عمرهم لا كملوا الدراسة ولا عمرهم درسوا ) . وهو يطلب الان ممن يستطيع الوصول الى مدير عام المؤسسة بأن يتكرم بالتوجيه بتحرير مذكرات ضمان للأقسام بعدما طال الانتظار وكثرت المواعيد النهائية له يخبرهم فيها بأن حقوقه لديهم ويعطونهم هم بدلاً عنه المواعيد .

يقول هذا الصاحب بأن هذه أبسط المواقف والأمثلة لتردي أوضاع الموظفين الذين من المفترض أن يمثلوا فعلياً السلطة الرابعة وأن يكونوا في عيش كريم .

فإذا كان مدير عام المؤسسة ورئيس قطاعها المالي يستحيل أن يمروا بمثل هذه الظروف لأن جميع احتياجات الموظفين مجتمعة بالكاد تمثل لهم بدل سفر احدى الرحلات المكوكية لمدير عام المؤسسة الذي سموه موظفو المؤسسة بالسبع المدهش ، او بالكاد هي ( جعالة جهال ) رئيس القطاع المالي بالمؤسسة .

فإذا كانوا لا يعبئون بكل معاناة الموظفين والتي ما خفي منها كان أعظم فليتذكروا قدرة الله عليهم . وهل ستنفع أو تشفع لهم صلواتهم وان صلوها في اوقاتها وفي المساجد ؟

اذا كانوا لا يعيرون اهتماماً لآلاف الموظفين من تحتهم الذين نطق وصاح بعضهم وصمت أغلبهم وأحال البعض أمرهم الى الجبار المنتقم ، فليتقي هؤلاء دعوات المظلومين ، فبدلاً من أن تحل هذه المؤسسة مشكلة السكن والرعاية الصحية الكاملة لموظفيها ومشكلة الأجور المتهرئة منذ أكثر من عقد ونصف أو عقدين أن لم يكن أكثر من عقدين من الزمن هاهي تتفرج عليهم ولا تحرك ساكنا بل تزيد الملح على الجرح وتذر الرماد في العيون بوعود كاذبة في أحسن أحوال نداءات ضميرها ، والأدهى والأمر إقامتها لاحتفالات تكريم واحتفاء بأيام لم يرى الموظفون خيرها .

فليتقي الله مسئولو هذه المؤسسة ولا تأخذهم العزة بالإثم أكثر وليتقوا دعوات المظلومين وما يتبعها من معاناة ودعوات أهاليهم وذويهم إذ أنه وبدلاً من أن تقرض هذه المؤسسة موظفيها من أجورهم أو مرتباتهم مبالغ يستطيعوا بها مواجهة ظروفهم الخانقة وعجوزاتهم المالية وديون الايام الخوالي والسنون العجاف ، وعوضاً عن رفع الأجور الحقيرة للإنتاج البرامجي تقوم بكل ما قامت به وكأنها تقصد الاستفزاز ولا يهمها أمر كل ذلك الجيش الكبير من الموظفين والعاملين في انحاء الجمهورية في تلفزيوناتها واذاعاتها وقطاعاتها الفنية المختلفة .وصحيح اذا لم تستحي فافعل ما شئت ، فهاهم موظفوها هم من يقرضونها الى حين ميسرة . هذا والله من وراء القصد .