بين‮ ‬صالح‮ ‬وبن‮ ‬شملان‮..‬من‮ ‬نختار؟.. مقاربة‮ ‬شرعية‮ ‬في‮ ‬ضوء‮ ‬فقه‮ ‬المقاصد
بقلم/ نصر طه مصطفى
نشر منذ: 18 سنة و شهرين و 6 أيام
الإثنين 18 سبتمبر-أيلول 2006 12:23 م

بعد غدٍ الأربعاء إن شاءالله سيتجه الملايين من الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والمحلية الثانية التي تجرى في بلادنا، وكل آمالنا تنحصر بأن تجري الانتخابات بهدوء وطمأنينة دون توتر خاصة أنها ليست التجربة الأولى فهي سابع عملية اقتراع تجرى منذ قيام الجمهورية اليمنية في 22مايو 1990م.. فكل العمليات الانتخابية السابقة كانت تنافسية جادة عدا رئاسيات 1999م التي تأتي رئاسيات هذا العام لتنقلها نقلة جادة لنجد أنفسنا أمام أول عملية تنافس حقيقية على منصب الرئاسة، وهذا ما يضعنا أمام مسئولية حقيقية تجاه شعبنا وقبل ذلك أمانة الاختيار أمام الله سبحانه وتعالى التي تحقق لشعبنا مصلحته الأكيدة.. وسأضع في السطور القادمة - بين يدي القراء الكرام - قراءة شرعية تأصيلية ببعدها الوطني الصرف، وهو الأمر الذي سيساعدنا على الاختيار الأصح والأفضل بين المرشحين الرئيسيين وهما علي عبدالله صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام وفيصل بن شملان مرشح أحزاب اللقاء المشترك وبدون إلقاء أي ظلال ترهيبية باسم الدين لأن ذلك لا يجوز بحال من الأحوال.. وقبل ذلك يجدر بي التأكيد على ثلاث معاني مهمة:

الأول.. أن حديثي لا ينطلق بحال من الأحوال من مفهوم »طاعة ولي الأمر« أو مفهوم »عدم جواز الخروج عليه« فهذه قضايا لها مكان آخر وهي لاتزال على إطلاقها محل خلاف بين التيارات الإسلامية.. وفي تصوري فإن نظام اختيار ولي الأمر أو الحاكم أو الرئيس بالانتخاب المباشر هو أحد وجوه التطبيق المعاصر لمبدأ الشورى الإسلامي، وهذا سيقتضي وجود معارضة راشدة مؤهلة لتولي الحكم، ومن ثم يكون التنافس أمرا طبيعيا وحيث يجري الاختيار عادة لمن يرى فيه أغلبية الناس الأفضلية والكفاءة.

الثاني.. أن حديثي ليس فتوى، فليست الفتوى اختصاصي، ولا أظن أن من الصحيح إقحام الفتاوى في مثل هذه الأمور إلا إن كانت بغرض إخراج الناس من فتنة محققة فحين ذاك يجب على أهل الفتوى التدخل والإعلان عن رأيهم.

الثالث.. أن حديثي لن يتمحور حول الصفات الشخصية للمرشحين الإثنين - إلا بقدر ما يحتاجه المقال - فلكل واحد منهما الكثير من الصفات الإنسانية الإيجابية، رغم أهمية الصفات الإنسانية عادة بالنسبة للقادة والزعماء نظرا لانعكاسها المباشر على أدائهم السياسي مهما كان دور المؤسسات وتأثيرها في اتخاذ القرار.. ولذلك فسأكرس مقالتي للبحث في معايير الاختيار للمرشح الأنسب والأفضل لمصلحة البلاد والعباد وفق المنهج الأصولي.. وحتى لا يتنطع المتنطعون فيجدر بي التوضيح هنا بأن تعبير »الأصولي« هنا يقصد به المنهج المعروف المرتبط بعلم »أصول الفقه « وليس » الأصولي « بالمعنى السياسي المتداول هذه الأيام والذي يقصد به عادة الأبعاد السلبية والإرهابية أحيانا كثيرة .

ففي أمر عظيم مثل انتخاب رئيس الجمهورية في عملية تنافسية جادة يبدو لي أن المسئولية التي تقع على الناخب عظيمة بقدر عظم المهمة، وهنا لابد من التوقف عند مسألة مهمة.. هل نذهب لنعطي أصواتنا لمرشح ما طاعة للتنظيم حتى لو لم نكن مقتنعين به أم نعطي أصواتنا للمرشح الذي ندين أمام الله سبحانه وتعالى بأنه الأصلح وفق معايير محددة نقتنع بها فرديا باعتبار أننا سنسأل فرديا بين يدي الله عز وجل، وباعتبار أننا متعبدون أمام الله سبحانه وتعالى باتباع منهجه لا بالانتماء لتنظيم محدد لأن دخول الجنة ليس مرتبطا بمثل هذا الانتماء، ومن سيقول ذلك فقد جعل من التنظيم صنما يعبد من دون الله عز وجل، فالصنمية في عصرنا ليست صنمية فردية وحسب بل إن الصنمية الحزبية كثيرا ما تكون أسوأ وأخطر ولها من الانعكاسات السلبية على المجتمعات ما يمكن أن يؤدي بها إلى الدمار!

إننا اليوم - وبوضوح وصراحة - عندما نذهب صبيحة العشرين من سبتمبر لاختيار رئيس للبلاد يجب أن يكون واضحا لدى كل واحد منا ما هي المعايير التي سيختار بموجبها.. فنحن أمامنا مرشحان رئيسيان لن تخرج الأصوات عن أحدهما إلا القليل منها فمن سنختار وبموجب ماذا؟! إن أمامنا منهجية واضحة نابعة من الأسلوب العلمي الصحيح الذي ابتكره علماء أصول الفقه، وهو العلم الذي أسهم في ترتيب العقلية الإسلامية وصنع لها منهجية علمية عززت صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.. وهي ليست منهجية عاطفية بل هي منهجية عقلانية إلى أقصى الحدود، فالحديث عن الأصلح بين المرشحين علي عبدالله صالح وفيصل بن شملان لن يتمحور حول الجانب الشخصي لهما بل حول الأمور المرتبطة بالحكم ولن يأتي البعد الشخصي إلا بقدر ما يرتبط بقضايا الحكم.. كما أن القياس على المبادئ التأصيلية في إحسان الاختيار ليس نوعا من الضغط النفسي باسم الدين على الناخب ولكنه تنوير للناخب ومساعدة له في ضبط معايير الاختيار لمصلحة دنيوية بحته، فالمصلحة الدنيوية الأكيدة التي لا يترتب عليها ضرر بأحد آخر هي مصلحة دينية أكيدة، والقائد أو الحاكم الأكفأ هو الأقدر على حفظ الضروريات الخمس التي أقرها علماء الإسلام بالإجماع وهي »الدين - النفس - النسل - المال - العقل« والتي يمكن أن نضيف إليها الآن عددا من المقاصد الأخرى »كالوطن والوحدة الوطنية«.. واليوم نجد أمامنا عددا من القواعد التي تساعدنا على الترجيح بين المصالح والمفاسد المتعارضة في اختيار أي من الرجلين وتقربنا من معرفة مقاصد الشريعة الأساسية التي يمكن لها أن تساعدنا على الاختيار الصحيح ..

* الضرر لا يزال بمثله ..

* تفويت أدنى المصلحتين لحفظ أعلاهما ..

* الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ..

* يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ..

* بحسب عظم المفسدة يكون الاتساع والتشدد في سد ذريعتها ..

* اجتناب النواهي آكد وأبلغ في القصد الشرعي من فعل الأوامر، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح ..

* المصلحة إذا كانت هي الغالبة - عند مناظرتها بالمفسدة في حكم الاعتياد - فهي المقصودة شرعا ولتحصيلها وقع الطلب على العباد ..

وفي مجال » فقه الأولويات « يقول الباحث محمد الوكيلي في كتابه » فقه الأولويات دراسة في الضوابط «..»» إن تقدير حكم على آخر يكون بناء على :

أ - فقه بأحكام الشرع وبمراتبها وبالأهم منها من المهم، وبالقطعي منها من الظني، وبالأصل منها من الجزء، وبالكبير منها من الصغير .. وبعبارة موجزة بالخريطة الشرعية للأحكام .

ب - فقه بالضوابط التي يتم بناء عليها ترجيح حكم على آخر في حالة التزاحم أو في غير حالة التزاحم .

ج - فقه بالواقع والظروف التي يتحرك فيها المسلم الداعية ..

فالفقه بهذه الأمور كلها يخول للمسلم معرفة الحكم الأولى بالتقديم على غيره، وهذا كله يشكل »فقه الأولويات« الذي يمكن إعطاؤه التعريف التالي: فقه الأولويات هو العلم بالأحكام الشرعية التي لها حق التقديم على غيرها بناء على العلم بمراتبها وبالواقع الذي يتطلبها ««.

وقبل الدخول في قراءة النصوص السابقة وتنزيلها على واقعنا.. أؤكد أنه لا يساورني أي شك في أن الرئيس علي عبدالله صالح سيحقق فوزا أكيدا وكبيرا في الانتخابات الرئاسية، وهو فوز جدير به بالتأكيد فالناس البسطاء الذين أحبوه بفطرتهم النقية سيعطوه أصواتهم بتلقائية كبيرة وهم الغالبية.. لكني هنا أخاطب النخب وبالذات أولئك الذين سيصوتون لبن شملان إما اتباعا لأوامر تنظيمية أو احتجاجا على ما يرونه من سلبيات في الحياة العامة أو تجاوبا مع فكرة التغيير في حد ذاتها دون وعي بأن للتغيير السليم والصحيح قواعد شرعية ووطنية تكفل حدوث التغيير دون مفاسد أكبر وأخطر.. صحيح أن التغيير عبر صندوق الاقتراع هو أفضل وأرقى أنواع التغيير وأكثرها حضارية وأمنا وسلامة، لكن السؤال عندئذ يتركز في مدى صلاحية البديل أو البدائل، وهنا يأتي دور القواعد الأصولية التي تعين المرء على ترجيح الأفضل واختيار الأصلح .

إذن فبين علي عبدالله صالح وفيصل بن شملان من نختار؟.. من الأفضل والأصلح بمعايير وقواعد المصالح والمفاسد المتعارف عليها والتي أشرنا إليها قبل قليل؟ لنقف قليلا مع هذه القراءة الهادفة للخروج برؤية واضحة في هذا الأمر منطلقين من معيار محدد في عملية قياس المصالح والمفاسد وهو الحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن والاستقرار أولا فبدون هذه الأمور لا تقوم للدولة - أي دولة - قائمة، وثانيا تحسين الأوضاع المعيشية بكل ما يعنيه ذلك من محاربة للفقر والبطالة والفساد وتشجيع للاستثمار وما يتطلبه من أمن واستقرار وعدالة، وثالثا محافظة على مصالح اليمن في الداخل والخارج وهذا في النهاية يرتبط بالأمرين السابقين له فكلها قضايا متكاملة في ما بينها.. وهنا سأكون واضحا ومباشرا منذ البداية وأقول إن قواعد المصلحة والمفسدة ترجح بلا جدال أن اختيار وانتخاب المرشح علي عبدالله صالح هو الأنسب والأصلح والأفضل لمصالح البلاد والعباد، وذلك لا يعني قدحا في شخص المرشح الآخر فيصل بن شملان الذي يحظى على الصعيد الشخصي بصفات طيبة - وإن كانت لا ترقى لمستوى الصفات الإنسانية لصالح بحكم التجربة الطويلة التي أبرزتها - إلا أن كل ما حول بن شملان من ظروف وأطراف سياسية لن تؤدي إلى فشله في إدارة الدولة فحسب - إن كتب له النجاح - لكنها ستدخل البلاد والعباد في نفق مظلم بالفعل من الفتن والأزمات المفضية إلى تدمير أمن واستقرار الوطن !

لنكن صرحاء ونقول أن الإصلاح لو كان جادا في خوض انتخابات الرئاسة بهدف الفوز بها لفعل شيئين اثنين.. الأول دخوله المعركة الانتخابية لوحده دون بقية أحزاب اللقاء المشترك لأنه يعلم أنها تتكئ عليه في كل الحملة الانتخابية ولأنه يعلم أن رئاسة البلاد لا يصح أن تتوزع على خمسة شركاء أعباؤهم أكثر بكثير من فائدتهم.. والثاني أنه كان سيقدم مرشحا من صفوفه وبالتحديد من أعضائه الملتزمين والملتزمين جدا بأوامر التنظيم.. ولأن عينه على نيابيات 2009م أولا ورئاسيات 2013م ثانيا فإنه قرر دخول هذه الانتخابات لتوصيل ما أمكن من الرسائل وبالذات عن طريق المرشح الإخواني الأصيل الصديق الدكتور فتحي العزب.. ومن هنا أقول أن فوز بن شملان مفسدة راجحة بكل تأكيد لنفس الأسباب التي أشرت إليها قبل قليل، إذ أن فوزه سيعني نهاية وحدة القرار السياسي الذي سينقسم بين خمسة رؤوس ما يفرقهم أكثر مما يجمعهم بكثير، فالقاسم المشترك الوحيد بين الأحزاب الخمسة هو خصومة الرئيس علي عبدالله صالح عدا ذلك فإنهم مختلفون جذريا في معظم الرؤى لمختلف القضايا ابتداء من القضايا الداخلية كالوحدة الوطنية والسياسات الاقتصادية والمسائل الثقافية والتراثية والتعليمية وقضايا المرأة والفنون وغيرها وانتهاء بالعلاقات الخارجية وقضايا المنطقة المختلفة.. وهذا معناه أن اللقاء المشترك ليس أكثر من ائتلاف معارضة لا يمكنه أن يعيش كائتلاف حال وصوله إلى الحكم حتى لو حدثونا عن برنامج الإصلاح الوطني والسياسي الذي توصلوا إليه كدليل على متانة التحالف فما نعرفه عن هشاشة هذا التحالف - رغم احترامي وتقديري الشخصي له - مما لا يعلن ولا يقال الكثير والكثير، والقضايا التي أشرت إليها كعوامل خلاف فكري وسياسي بينهم تكفي كإشارة يعرفها العالمون ببواطن الأمور كما نعرفها.. أما بن شملان نفسه فلن يمكنه الاتفاق بحال من الأحوال مع الآلية التنظيمية للأحزاب الخمسة وبالذات مع الإصلاح الذي جاء به مرشحا، وفي نفس الوقت لن يتمكن من التحالف مع المؤتمر الذي يمتلك أغلبية برلمانية، وهو الأمر الذي جعله يقول في أحد حواراته الأسبوع الماضي أنه سيحل البرلمان إذا فاز وهذا يعني الفتنة والأزمة السياسية بعينها، ولا أريد أن أزيد من الحديث عن المخاطر الداخلية لوصول ائتلاف مكون من مجموعة من النقائض إلى الحكم.. أما على الصعيد الخارجي فالراجح أن مستقبل اليمن سيكون عرضة لمخاطر كبيرة سواء من حيث علاقاته بمحيطه الإقليمي أو العربي أو الدولي فالائتلاف الذي يمثله بن شملان ائتلاف مثير للقلق لدى كل ذلك المحيط سواء من حيث التزامه بمحاربة الإرهاب أو استمرار الإصلاحات الاقتصادية أو الالتزام بالمبادرات العربية الخاصة بقضايا السلام ناهيك عن أن كل الجهود الخاصة بتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في الاقتصاد الخليجي تمهيدا للانضمام إليه ستنتهي كلها وكلنا يعرف حساسية دول الخليج تجاه طبيعة الائتلاف المكون للقاء المشترك.. والحقيقة أني أركز في حديثي على الأحزاب وليس على مرشحها الذي لن يكون أكثر من رئيس بروتوكولي في وضع تحكمه أغلبية أخرى ومن ثم فإن البلد سيكون بالفعل على كف عفريت، وهذا ما يجعلني أخاطب كل العناصر الواعية حزبية كانت أم غير حزبية بأن أصواتها أمانة حقيقية بالفعل يجب أن تعرف أين تضعها بغض النظر عما تكنه في نفوسها للنظام الحالي.. فبالمقاييس الشرعية التأصيلية يمكنني القول بكل صدق أن مفسدة وصول المشترك إلى رأس السلطة في هذا الظرف أكبر بكثير من مفسدة بقاء النظام الحالي على افتراض أن هناك مفسدة أو بحسب علماء الأصول إن كل مصلحة لا تخلو من مفسدة وكل مفسدة لا تخلو من مصلحة، فلا توجد مصلحة خالصة ولا مفسدة خالصة في أي فعل من الأفعال لذا كان الحكم للجهة الراجحة »فقه الأولويات دراسة في الضوابط «.

قد تتضح الصورة أكثر عند الحديث عن المصالح المحققة التي حدثت في عهد الرئيس صالح والمصالح المحققة في حال انتخابه لدورة جديدة.. فالرجل بالمقاييس الشرعية حافظ على الشريعة الإسلامية مصدرا لكل التشريعات وانتصر لقضايا الإسلام في كل مكان، والرجل حقق وحدة البلاد وحافظ عليها وهي مقصد من مقاصد الدين، والرجل حقق للبلاد حالة أمن واستقرار لم تعرفها منذ عقود طويلة جدا، والرجل رعى الحركة الإسلامية وأتاح لها من الأجواء ما ليس موجودا في أي بلد عربي آخر، والرجل فتح أبواب الحرية والتعددية ورعاها ودفع بها إلى مرحلة منافسته بجدية على منصب الرئاسة، والرجل قاد حراكا تنمويا غير مسبوق، والرجل جعل من علاقات اليمن بكل محيطها الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي في أفضل حالاتها ويحظى بثقة واحترام المجتمع الدولي، والرجل يعالج بتسامحه ومرونته وسعة صدره كل المشاكل السياسية الطارئة على الساحة.. وبالمقاييس الشرعية كذلك فإن وحدة القرار التي يمثلها مع حزبه الذي يحظى بالأغلبية ستمكنه حال فوزه من إنجاز الكثير من الإصلاحات المطلوبة، وسيقول قائل كيف تثق في ذلك؟ سأقول له: لأنها الدورة الرئاسية الأخيرة له وهو لن يكون لديه خلالها سوى خيار واحد لا ثاني له يتمثل في إنجاز برنامجه الانتخابي الذي تضمن الكثير من الإصلاحات السياسية والاقتصادية خاصة أني لم أعهده يعد بشيء إلا ويفي به.. أثق تماما بأن الأمور ستكون أفضل بكثير خلال السنوات السبع القادمة وأن مظاهر الفساد ستتراجع وأن فرص الاستثمار ستكون أوفر وأن مظاهر الفقر والبطالة ستتراجع، لأن الوعود التي طرحها الرئيس في حملته الانتخابية لم تكن للمزايدة السياسية وكسب الأصوات بل كانت في منتهى الجدية لأنه يعرف أنه يخوض تنافسا جادا، وهو يعلم أنه إن أراد أن يكون النجاح والفوز حليف المؤتمر في برلمانيات 2009م وأن يكون النجاح والفوز حليف مرشح المؤتمر في الرئاسيات القادمة سواء كانت في 2011 أو 2013م فلابد أن يفي بما وعد فعجلة الديمقراطية الجادة قد دارت هذه المرة ولن تتراجع أبدا.. ومن هنا أعود لقواعد المقاصد الشرعية فأقول إن مصلحة انتخاب علي عبدالله صالح ترجح على مصلحة انتخاب فيصل بن شملان، وبالمثل فإن مفسدة انتخاب بن شملان ترجح على مفسدة انتخاب صالح لكل ما ذكرنا من قبل وما لم نذكره مما يعرفه ويفهمه أولو الألباب.. وأستشهد هنا بفقرة من كتاب فقيه الإسلام العز بن عبدالسلام »قواعد الأحكام في مصالح الأنام«: »»واعلم أن تقديم الأصلح فالأصلح ودرء الأفسد فالأفسد مركوز في طبائع العباد، نظرا لهم من رب الأرباب، كما ذكرنا في هذا الكتاب، فلو خيرت الصبي الصغير بين اللذيذ والألذ لاختار الألذ، ولو خير بين الحسن والأحسن لاختار الأحسن، ولو خير بين فلس ودرهم لاختار الدرهم، ولو خير بين درهم ودينار لاختار الدينار. ولا يقدم الصالح على الأصلح إلا جاهل بفضل الأصلح أو شقي متجاهل لا ينظر إلى ما بين المرتبتين من التفاوت««.. هذا رأي العز بن عبدالسلام، كما أن للدكتور يوسف القرضاوي نظرية معتبرة في مجال السياسة الشرعية في التوفيق بين أنواع الفقه الخمسة المتمثلة في فقه النصوص في ضوء المقاصد، وفقه الواقع، وفقه الموازنات، وفقه الأولويات، وفقه التغيير وبتمثلها جميعا سنعلم تماما أن المصلحة الأرجح للشعب اليمني تنحصر في انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح لاعتبارات كثيرة منها ما يتعلق بصفاته الإنسانية المتميزة ومنها ما يتعلق برصيده وخبرته وتاريخه السياسي، ومنها ما يتعلق بكفاءته وقوة شخصيته وقدرته على صنع المستقبل الآمن والأفضل، وبمراجعة بسيطة لكل المعطيات التي أشرت إليها في هذه المقاربة والمقايسة الشرعية للمقاصد سندرك ذلك ونتيقن منه تماما.. والله من وراء القصد.