الكارثة تقترب
بقلم/ صحفي/محمد الخامري
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 5 أيام
الأربعاء 22 إبريل-نيسان 2009 07:07 م

أحداث الحوثي في صعده.. رمادٌ تحته نار توشك أن تنفجر في أي لحظة، والحراك الجنوبي الذي يشتد أواره يوما بعد يوم ويمكن القول إن عُوده يقوىَ بشكل يومي نظرا لانضمام شخصيات غير عادية إلى صفوفه.

- قبيلة بني ضبيان التي أصبحت أشهر قبيلة على مستوى العالم حتى طغت شهرتها على شهرة اليمن وأصبحت هذه الأخيرة تُعرّف بأنها الدولة التي تقع فيها قبيلة بني ضبيان بفعل اختطافاتها المتكررة لليمنيين والأجانب، وإذا لم يوضع لها حل فسنصحو على اختطافها لرئيس وزراء أو وزير عربي أو أجنبي جاء يزور اليمن تتقطع له في طريق المطار وتختطفه إلى جهة غير معلومة "كما تقول الأخبار الرسمية بداية كل اختطاف" ثم بعد ثلاثة أيام يتم تحديد هذه الجهة وتصبح معلومة..!!

- تنظيم القاعدة وماسببه من قلق بالغ للسلطات الأمنية بسبب سوء التقدير والتدبير، والجهاديين في أبين وقصة تحالفاتهم المتقطعة مع السلطة ثم العودة إلى التمترس خلف معتقداتهم الأيديولوجية بفعل فاعل أيضا؟.

- تصريح وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري بوجود أربعة آلاف مطلوب أمنيا على خلفية ارتكابهم جرائم قتل وقطع طرق واختطافات وجرائم وتقوم أجهزته بالبحث عنهم، وكأننا نعيش في غابة وليس في دولة لديها أكثر من 10 أجهزة أمنية وجيش يسد عين الشمس كما يقال..!

- أحكامٌ قضائية باتّة تؤجل عشرات السنين بفعل متنفذ يرفض التنفيذ لأنها لم تكن على هواه، وقضايا يتم إهمالها وعدم النظر فيها، بل وحبس المظلوم الشاكي ظلما وعدوانا بمكالمة تلفونية لاتزيد عن دقيقتين.

- سرقة المال العام والاستهانة بالقوانين وترقية كل "احمر عين" تعدى على حقوق الشعب واكل أمواله وصادر ثرواته..!

- الأزمة المالية العالمية التي تسببت بانخفاض أسعار النفط الذي كان يُشكل 75% من الميزانية، وأصبحنا في وضع لانُحسد عليه لأننا "بعزقنا" الأموال التي جنيناها من ارتفاع النفط خلال السنتين الأخيرتين مابين السيارات والكماليات والهبات الشخصية والاعتمادات الإضافية للميزانيات، وركنا على ماسيأتي من الدول المانحة التي أصبحت في أزمة اشد من الأزمة التي نمر بها ولن تفي بالتزاماتها إلا بعد أن تتعافى من هذه الأزمة التي يمكن أن تطول "حسب بعض خبراء الاقتصاد" إلى خمس سنوات قادمة..

إصرار حكومي عجيب

- رغم هذه المصائب التي أصبحت من بديهيات الواقع، وأصبح الطفل في الصف الثالث الابتدائي يُدركها إلا أن حكومتنا الموقرة لم تعترف بها إلى اليوم، ولديها إصرار عجيب على التغاضي عن هذه المشاكل، والتهوين من شأنها، فالحراك الجنوبي (شوية مزوبعين) فقدوا مصالحهم، والحوثيين متمردين على الدولة وستضربهم بيدٍ من حديد، والقاعدة سيتم القضاء عليهم بالتعاون مع السعودية رغم التقارير الدولية التي تقول إن أميركا ترى أن الانفلات الأمني في اليمن وخصوصاً في المناطق النائية منها، علاوة على تفاقم مشاكلها السياسية والعسكرية جنوباً وشمالاً يهيئ المناخات الملائمة لتوسع القاعدة وبسط سيطرته على أجزاء من البلاد حيث يسود الفراغ الأمني ولا تصل سلطة الدولة إليها، وهو ما يستدعي (من وجهة نظرهم) ضرورة التدخل المباشر (؟) للحيلولة دون تفاقم خطر القاعدة في اليمن، لاسيما وأنها تعد الحديقة الخلفية لمنطقة الخليج العربي حيث تكمن مصادر الطاقة، هذا إلى جانب ما يمثله تواجد التنظيم (في اليمن ومنطقة القرن الإفريقي) من خطر داهم على واحد من أهم الممرات المائية في العالم (باب المندب) والذي يمثل شريان الحياة بالنسبة لإمدادات الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص من الطاقة.

- أما الجهاديين فمن وجهة النظر الحكومة تم الانتهاء منهم في الوقت الذي مايزالون يُعيدون تنظيم أنفسهم بصورة اكبر من السابق ويمكن أن ينطبق عليهم ماسبق عن تنظيم القاعدة إذ أنهم في المنظور الأميركي سواء، واختطافات بني ضبيان التي شوّهت سمعتنا عمليات فردية يقوم بها بعض الأشخاص يتم إسكاتهم بـ20 مليون و4 سيارات والدنيا عوافي، والأزمة المالية العالمية لم تؤثر على اقتصادنا لا من قريب ولا من بعيد والشاهد تخفيض 50% من الميزانية؟.

- أما الأحكام القضائية فلها حديث خاص إذ لكل بلد خصوصياته التي لايجوز الاقتراب منها، ومن خصوصياتنا في اليمن تدخل "كبراءنا" في كل شيء حتى أحكام القضاء التي يجب أن تكون مضبوطة بضوابط العرف القبلي وراضخة للقول الفصل من قبل الوجيه أو المسؤول أو الشيخ، لاسيما وأن القضاة اليمنيين "عفاريت" إذا أسندت إليهم المسؤولية وأعطوا الفرصة فسيصدرون أحكاما غير المطلوبة منهم وبالتالي ستضيع هيبة "الكبار" ولن يكون لهم احترامهم وتقديرهم لدى العامة، الأمر الذي سينعكس سلبا على الانتخابات القادمة التي يكون لهذا الكبير صولة وجولة في نتائجها مسبقا؟.

- باختصار حكومتنا الموقرة لازالت تعمل وفق المثل اليمني المتداول في المحافظات الشمالية وهو "مابدا بدينا عليه"، ورغم أن رئيس الحكومة القادم من المحافظات الجنوبية لم يكن يعرف هذا المثل من قبل إلا انه أصبح من اشد المتحمسين له بفعل الجليس والتدخلات المستمرة (من الأعلى للأسفل) في جميع القرارات ودون استثناء.

- لن نسهب كثيرا في تناول تفاصيل كل ماورد أعلاه، لان كل نقطة منها تحتاج إلى مقال مستقل، ولكننا سنتناول قضية واحدة وهي الحراك الجنوبي الذي يمثل لي شخصيا قلقا بالغا لاسيما بعد انضمام بعض الشخصيات السياسية والمشائخية إليه، إضافة إلى التحرك الكبير الذي يجري من قبل شخصيات سياسية محسوبة عليه في الخارج والتي يُمكن أن تصادف "لاقدر الله" شخصية طامحة بشهرة دولية في إحدى الدول الغربية أو المنظمات الدولية فيقتنع بالفكرة ويعمل على تدويلها ونفيق في يوم ما على قرار دولي باستفتاء شعبي أو عودة التشطير.

الحراك الجنوبي

المتتبع للحراك الجنوبي الذي يتطور يوميا ويقوى عوده بصورة مضطردة كما قلنا لايملك إلا أن يبدي قلقه ومخاوفه من الدعوات الانفصالية التي برزت هنا أو هناك، لاسيما في بعض الصحف التي تحاول إضرام النار في الهشيم من خلال متابعة هذا الحراك وإذكائه، والعمل على الدفع به قدما نحو التصعيد في سبيل الدفاع عن قضية خاسرة ومطلب أهوج هو الانفصال "لاقدر الله".

طرفا المعادلة في قضية الحراك الجنوبي غير موفق فلا السلطة قامت بما تمليه عليها المصلحة الوطنية العليا في مناقشة أسبابه وتلافي مايمكن تلافيه وتحجيمه والعمل على معالجة الأخطاء وتغليب المصلحة الوطنية العليا على مصلحة الأشخاص الضيقة، وقلع بعض من كانوا سببا في إذكاء هذه النعرة المنتنة "المطالبة بالانفصال" سواءً كانوا ضباطا أو مسئولين أو صحف أو كُتاب أو أيٍ من كان فلا يوجد احد فوق القانون وفوق مصلحة الوطن، ولا الحراك الجنوبي استطاع معالجة الأوضاع التي يُعاني منها وإيصال طلباته إلى الرأي العام بطريقة مقبولة بعيدا عن المطالبة بالانفصال واستعداء الوطن لأن قضيتهم مع أشخاص وليس مع الوطن.

حكومتنا كما قال الدكتور صالح باصرة لا تلتفت إلى المشكلة إلا بعد أن تتصاعد ويصل دخانها عنان السماء وبعدها تبدأ مكانية البيروقراطية والفساد السير بسرعة السلحفاة والتعلق بقشة في بحث عن حلول ترقيعية تزيد الأمور تعقيدا.

15 نافذ في مواجهة الوطن

لايمكن بحال من الأحوال الكتابة حول قضية الحراك الجنوبي التي كانت عبارة عن مطالبات احتجاجية للمتقاعدين في المحافظات الجنوبية، لايمكن التطرق إليها بعيدا عن التقرير الشهير الذي قدمه الدكتور صالح باصرة ووزير الإدارة المحلية "المستقيل" عبد القادر علي هلال حول أسباب تصاعد تلك الاحتجاجات والتي قررا أن أهم أسبابها نهب الأراضي في المحافظات الجنوبية والشرقية من قبل (15) نافذا في الدولة قاموا بعمليات نهب للأراضي والممتلكات العامة في المحافظات الجنوبية منذ حرب 94م، بينها 16 مزرعة للدولة مساحة المزرعة الواحدة نحو خمسة آلاف هكتار، إضافة إلى أراضي الجمعيات السكنية للمدنيين والعسكريين، ومعظم جبال عدن وأراضيها ومنافذها وسواحلها تم نهبها ومصادرتها، مطالبين رئيس الجمهورية إما الانحياز لهؤلاء النافذين، أو الانحياز لـ22 مليون مواطن وللوطن ووحدته وأمنه واستقراره.

الوزيران باصرة وهلال شخّصا مكامن الخلل والتصرفات اللا مسئولة من قبل بعض النافذين وهم قليل (15 نافذ فقط) والتي اعتبروها سببا كافيا ومنطقيا لاندلاع حركة الاحتجاجات في أوساط المتقاعدين الجنوبيين (حينها) الذين شعروا بالظلم والتهميش وانعدام المواطنة المتساوية، ومع ذلك تم إخفاء هذا التقرير الذي قُدم إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ولم يتم مناقشته أو عرضه على البرلمان.

هل معنى هذا أن هؤلاء النافذين فوق الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، هل وصلوا حدا إلى أنهم لايمكن المساس بهم وبمصالحهم غير الشرعية..

إذا وقع الانفصال (لاقدر الله) هل سيستطيع هؤلاء النافذين حمل تلك الأراضي والممتلكات من عدن وحضرموت وبقية المحافظات الجنوبية إلى صنعاء والتمتع بها وتوريثها "حراما" لورثتهم من بعدهم.

يجب أن يشعر الجميع في شرق اليمن وغربه، وجنوبه وشماله، أنهم ينتمون إلى يمن كبير يُشارك الجميع في بنائه وحمايته, يمن ليس مقتصرا على فلان من الناس أو قبيلة أو منطقة أو محافظة أو جهة من الجهات الأربع، يمن موحد من حدود عمان شرقا إلى حدود السعودية شمالا، أي نتوء فيه لشخصية فاسدة أو ورم خبيث لمسؤول يُحاول فرض مناطقية سادية أو سياسة معينة أو لهجة عنجهية، أو إقصاء لمحافظة أو أي ممارسة همجية يجب القضاء عليه قبل أن يستفحل ويتجذر.

يجب أن يشعر الجميع في شرق اليمن وغربه، وجنوبه وشماله أن الوحدة اليمنية التي تحققت في 22 مايو 90م وحدة شعب، وإنجاز أمة، ومشروع وطن ساهم في إنجازه وتحقيقه الجميع بلا استثناء، كل أبناء اليمن قاطبة أحزابا ومنظمات وقوى اجتماعية، جميع أبناء الشعب اليمني هم من حققوا هذه الوحدة ولايُمكن أن نسمح لأي طرف أو فرد أن يدّعي ذلك لنفسه وان يُفكر مجرد التفكير في العودة إلى الانفصال لأنه سيجافي الحقيقة والتاريخ سينكر عليه ذلك وسنقف جميعا ضده.

يجب أن يعلم الجميع ويقتنعوا تماما أن الوحدة قدر ومصير هذا الشعب، بل هي المشروع الإستراتيجي له، ولا رجعة عنه ولا حياد، وبالتالي يجب أن تكون سلوكا نعيشه في معاملاتنا وحياتنا اليومية، ومن خالف ذلك يحاسب ويعاقب.

أخيراً وحتى لا أطيل فالموضوع متشعب وأنا كثير هدره كما قال أحد المتصلين المنتقدين لطول مقالاتي والذي استدرك بأنها "مقالاتي" تأتي على الوجع فأكل بعقلي حلاوة كما يقول إخواننا المصريين..

يجب علينا جميعا كيمنيين لافرق بينهم في الحقوق والواجبات أن نتطلع إلى بناء يمن جديد ومستقبل أفضل كما بشّر بذلك رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي، ولن يكون ذلك إلا بمحاربة الفئوية والنظرة الضيقة للأمور من باب القبيلة المهيمنة أو اللهجة المكتسحة أو المناطقية النزقة وما تنتجه من عفونة في العقول وبكتيريا في القلوب، والخروج إلى آفاق أرحب والعمل وفق نظرة أوسع للعمل كشركاء لبناء الوطن الذي ننتمي إليه جميعا.

كما يجب على الحكومة أن تعمل جاهدة للملمة الأوضاع والتعامل بحزم مع كل من يسيء إلى هذا الوطن سواء كان من السلطة أو المعارضة، نافذا أو مواطنا، رئيسا أو مرؤوسا، فالكل سواسية أمام القانون، والضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه التفكير في العودة إلى الوراء والى ماقبل 22 مايو 90م ولكن بعد ضمان المواطنة المتساوية في الحقوق قبل الواجبات، والالتفات إلى معالجة قوت الشعب الذي يطحنه الفقر ووصل إلى حد الفاقة دون أي معالجات تذكر من قبل الجانب الحكومي، حينها فقط يُمكن استخدام العصا الغليظة في إصلاح الاعوجاج..

Alkhamery10@hotmail.com