المشترك والمتقاعدون : صراع لأجل من ؟
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً و 7 أيام
الثلاثاء 18 ديسمبر-كانون الأول 2007 11:20 م

مأرب برس –خاص

يستطيع الرئيس صالح أن يعدل الدستور كيفما يشاء ليظل حاكما لليمن ل30 سنة قادمة وكذلك له الحق أن يورث نجله السلطة من بعده وإعادة البلاد الى الحكم الأسري الوراثي أما لماذا فلأن الله ابتلى هذا الشعب بمعارضة أقل ما يمكن ان يقال عنها انها دائما كروتا في أيدي الرئيس يجرها الى ملعبه ويوجهها ضد شعبها ثم يحرقها بعد استنفاد الغرض منها .

كل تجارب الماضي ودروسه لم يعيها قادة أحزب المشترك فعلى سبيل المثال ملهاة الحوار المارثونية والتي تنتهي دائما الى صفقات واتفاقات لا تطبق لم تعيها قيادات المشترك وسنراها اليوم أو غدا تكرر نفس الصفقات في موضوع اللجنة العليا للانتخابات مثلا رغم وصول الحور عليها الى طريق مسدود بسبب اصرار الحاكم على التزوير وهي أي أحزاب المشترك لا تفكر اطلاقا بالنزول الى الشارع ولما تسميه ممارسة النضال السلمي في أوساط الناس في قضية جوهرية لا تحتمل مزيد تسويف أوصفقات كاصلاحات المنظومة الانتخابية .

 المشترك والمتقاعدين . . هناك فرق

جمعيات المتقاعدين وهم أحد ضحايا سياسات الاستبداد لم يستطيعوا بالمصادفة أو بضربة حظ أن يقودوا الشارع والثورة الشعبية المشتعلة في الجنوب اليوم ولكن الناس التفوا حولهم وساندوهم ووقفوا الى جانبهم كونهم جزءا من المعاناة ولما لمسوه منهم من جدية واقدام وتوفر ارادة قوية ونية صادقة في النضال السلمي والعمل في أوساط الناس ولأجلهم وفي ذلك الوقت كانت قيادات المشترك وأحزابها تتردد وتتهيب من النزول الى الشارع والى الان لم تتخذ موقف جدي من مسألة المشاركة في هذا الحراك الشعبي خوفا من ردود فعل السلطة واتهاماتها الروتينية لها بالخيانة والعمالة والحقد على الوطنان الشارع يبدو الي وم ملتفا حول جمعيات المتقاعدين وهذا درس ينبغي على قادة المشترك وأحزابه استيعابه جيدا فالمتقاعدين هم اليوم الأقرب للناس والأشد تأثيرا فيهم وهذا لم يأت من فراغ بل لأنهم عملوا من أوساط الناس وعبروا عن معاناتهم فكان طبيعيا أن يكسبوا تعاطفا وقبولا جماهيريا وأن يقودوا أيضا هذا الحراك الشعبي الواسع وهذا ماكان يفترض على المعارضة القيام به لأنه دورهم وواجبهم ، ولذا فان أحزاب  المشترك والقوى الوطنية الأخرى حيث يلاحظ بروز بوادر الاختلاف حاليا وبالتحديد مع جمعيات المتقاعدين التي تقود الأن حركة الاحتجاجات الواسعة وهذا سيؤدي بدوره الى تحقيق أهداف السلطة في تحييد المشترك وهذا ماهو حاصل في الفترة الراهنة على الأقل خاصة بعد انخراط قيادات في المشترك وظهور اتجاهات فيه تتبنى خطاب السلطة الذي يرفع شعارات الوحدة ضد جمعيات المتقاعدين

نسخة معدلة : حرب صيف 94 أخرى

 في حرب صيف 94 اجاد الرئيس توظيف سياسة الكروت واستطاع ضرب الاصلاح والاشتراكي ببعضهما في معركة اتضح فيما بعد انها لم تكن من أجل ( الوحدة أو الموت ) وانما من أجل الاستفراد يالسلطة وتثبيت أركان الحكم الأسري الفردي وقبيل انتخابات 20 سبتمبر 2006 اعترف الرئيس صالح على الملأ من أنه ظل يستخدم الإصلاح كرتا ووقودا لحروبه المستمرة منذ صعوده الحكم ، واليوم نحن نكاد نطوي صفحة العام 2007 الذي شهد حراكا وطنيا نوعيا ضد حكم الاستبداد تمثل في الاحتجاجات الشعبية العارمة والمتواصلة في الجنوب ضد سياسات الفساد والنهب والتدمير الذي تمارسه السلطة المنتصرة في حرب صيف94 هناك منذ 13 سنة والتي تهدف الىالغاء الجنوب نهائيا ومصادرة هويته وتأريخه ونضالا ته وثقافته المدنية وصولا في النهاية الى تعميم التخلف شمالا وجنوبا كبيئة مناسبة حاضنة للاستبداد والحكم الفردي 

ولان الرئيس يدرك أن أحزاب المعارضة لم تستفد من دروس الماضي رغم تصريحه لها بسياسات الكروت المحروقة فيبدو أنه عاقد العزم على تكرار ذات الأساليب والكروت التي استخدمها في حرب صيف 94 ولكن هذه المرة بجعل أحزاب المشترك جزءا من أوراق الصراع الحالي في مواجهة الاحتقانات الشعبية والمد الوطني الرافض لحكم الاستبداد ومن ثم سيلجأ الى احراق كروتهم كالعادة وببساطة أكثر فان اللعبة الراهنة هي مواجهة أحزاب المشترك ( فرادى وجماعات ) بجمعيات المتقاعدين والتي لها تواجدها المؤثر في أوساط هذا الحراك الشعبي ما يعني دفع المشترك لمواجهة الناس في الجنوب ومطالبهم العادلة في مهمة مساندة للسلطة التي تقمع المطالب الشعبية بالقوة والجيش والاعتقالات وأساليب التخدير والترقيع وتوزيع الملايين والسيارات وبث الفتن والصراعات ويبدو ان تجربة حرب صيف 94 سوف تتكرر هذه المرة ولكن بشكل أكثر مأساوية وبشاعة فمثلما قامت حرب صيف 94 مرتدية زورا ثوب الدفاع عن الوحدة وتحت شعار ( الوحدة أو الموت ) بنفس الطريقة تقوم السلطة حاليا بتوظيف ذات الوحدة في مواجهة المطالب الشعبية والكارثة ستكون اذا ما انخدعت احزاب المشترك هذه المرة بخدعة ( الوحدة ) كأحد أساليب السلطة المكرورة في مواجهة القوى الوطنية والمصداقية تقتضي أن نقول بأن الرئيس بحكم خبراته وتجاربه مع المعارضة استطاع أن يحيل حقيقة الصراع والغضب الشعبي على حكم الاستبداد وسياساته التدميرية التي أوصلت الوطن الى مصاف الدول الفاشلة الى أن يحرفه عن مساره ويشوه جوهره الى صراع على الوحدة أو صراع بين الوحدة وقطاعات واسعة من الشعب متضررة من حكم الاستبداد والفساد واستطاع أن يدخل المعارضة الى هذه الملهاة ليجعلها تتبنى خطابه ( المدافع عن الوحدة ) في وقت ان الوحدة بريئة وليست لها علاقة في الخلاف والصراع القائم بين سلطة فاسدة مستبدة وشعب ضحية ، والشئ المفزع أن نجد قادة أحزاب المشترك يتسابقون على اثبات وحدويتهم للسلطة بتصريحات توحي للناس وكأن المطالبة بالحقوق هو الانفصال وان السكوت عن الظلم والرضا بالفساد هو الوحدة وبتميز ونجاح منقطع النظير استطاعت السلطة أن تحشر موضوع الوحدة غصبا في وسط المواجهة المتأججة في الجنوب وتقدم نفسها بأنها المدافعة عن الوحدة في مقام ليس مقام الوحدة أصلا واستطاعت بهذا الخطاب ارهاب المعارضة وتحييدها على الأقل عن النزول والمشاركة في أبجديات النضال السلمي الذي دشنته جمعيات المتقاعدين بل ان الأقسى من هذا كله أن الرئيس استطاع أن يوجه المعارضة ضد نفسها وشعبها وبكفاءة استطاع أيضا أن يجرها الى ملعبه ليستخدمها وان بصورة غير مباشرة حتى الان كروتا وأداوت في مواجهة الاحتجاجات الجنوبية تحت يافطة ( الوحدة ) التي لاناقة لها ولا جمل غير أن السلطة ظلت تستخدمها طيلة 13 سنة ماضية في الفساد والنهب والالغاء والتدمير واليوم توظفها مرة أخرى للدفاع عما اقترفته في حق هذا الشعب شمالا وجنوبا ، وحقيقة لا نعلم سببا منطقيا يجعل المعارضة تنجر الى ملعب السلطة وتجاريها في خطابها الذي يتدثر بالوحدة وهي في الحقيقة تستخدمه من أجل الهروب و التنصل من دفع استحقاقات سياساتها التدميرية للوطن ولماذا يقبل قادة المشترك ان يجعلوا أنفسهم وأحزابهم دوما كروتا وأدوات في أيدي السلطة ضد شعبها لمجرد أن السلطة فقط رفعت خطاب الوحدة ووظفته ضد الاحتجاجات الشعبية المطالبة برفع الظلم والتحرر من الاستبداد ووضع حدا لسياسات الفساد والنهب والالغاء التي تدمر الوحدة وتخلق الانفصال قسرا في قلوب الناس وفي واقع حياتهم ، ومع ذلك سنوضح لقادة المشترك أن الصرع القائم اليوم ليس على الوحدة أبدا والوحدة ليس لها علاقة به من قريب ولا من بعيد وانما جوهر الصراع وجذره هو بين شعب يطلب حريته وحقوقه الانسانية كاملة في مواجهة حكم فردي مستبد وسياساته التدميرية التي تجر البلد الى الهاوية وانما تستخدم سلطة الفساد ورقة الوحدة زورا وبهتانا من أجل التنصل من نتائج مأساوية تسببت بها لهذا الشعب فلا تنخدعوا يا قادة المشترك وتنجروا الى تمترسات غير واعية ويكفي دروس حرب صيف 94 لتتعلموا منها

الجنوب أملنا

لـ 13 سنة مضت يتعرض الجنوب ومنذ نهاية حرب صيف 94 لسياسات تدمير منهجية تهدف في الأساس الى استئصال قيم الحرية والنضال والوعي المدني والتطور الإنساني واستبدال الجوانب الايجابية في حياة الناس بتعميم ثقافة التخلف وفرض منظومة الجهل على حياة الناس وهذا كله من اجل خلق البيئة الحاضنة للاستبداد كالوضع القائم في الشمال ولكن هذه السياسات التدميرية فشلت ولم تؤت ثمارها والحراك الشعبي المشتعل في الجنوب كان هو الرد .

ان الثورة الشعبية المتأججة في الجنوب اليوم ضد حكم الفساد والاستبداد هي بمثابة نافذة الأمل التي انفتحت أمام شعبنا للخلاص من نير استبداد الحكم الفردي القابع في اتونه منذ عقود والمفترض في أحزاب المعارضة وجميع الفعاليات الوطنية أن تدعم وتقف الى جانب هذا الحراك الوطني من أجل ان يتأسس في وطننا شمالا وجنوبا الوعي بمبادئ النضال السلمي حتى نصل الى مرحلة يترسخ الايمان به في وجدان الناس ومن ثم يتم الانتقال به الى واقع الممارسة العملية في حياة الشعب وحينئذ لابد ان يعطي نتائج ايجابية لصالح البلد أما ان تظل أحزاب المعارضة مجرد أحجار شطرنج في ملعب السلطة تنشغل بترهاتها وتتبنى بالنيابة عنها شعاراتها الزائفة بدلا عن العمل الجاد المخلص والدوؤب لصالح شعبها الذي يعتصم ويحتج ويناضل سلميا ضد عدوه الأوحد وهو حكم الفساد فهذا لايعني الا انها واقفة ضد شعبها ولن تكون غير مجرد كروت ستحرق عندما تستنفذ أغراضها

لوجه الله

على احزاب المشترك ان تثوب لرشدها وعلى قادتها ان يكفوا عن التنظيرات الغير واقعية وعلى جميع الفعاليات الوطنية ان تعتمد المنهج العلمي الموضوعي في التعامل مع الأزمة الوطنية الذي يقتضي أولا تحديد مظاهر وأبعاد الأزمة وثم تشخيص أسبابها الحقيقية التي اوصلت وطننا الى ماهو عليه اليوم حتى نستطيع أن نمسك بجذورها و الوقوف على حقيقتها ثم يمكن تكوين رؤية وطنية مدركة وواعية بالقضية الوطنية تمكن من طرح معالجات ناجعة تسهم في انقاذ الوطن ، والأزمة الوطنية بكل تفاعلاتها ومظاهرها هي نتاجا طبيعيا للحكم الفردي الذي ينتج الفساد ويعتمد سياساته التي تقود وطننا اليوم الى الهاوية وبالتالي فان الجهود الوطنية ينبغي ان أن تتوحد حول هذه الرؤية وتتجه المعالجات نحو هذا الداء المستفحل في جسد الوطن أما غير ذلك فلا يعد الا من قبيل مشاركة السلطة في تزييف وعي الناس وخداعهم وتكرار أخطاء الماضي ولعل تنظيرات قادة المشترك واقتراب خطابهم من خطاب السلطة انما تعبر عن تجاهل او عدم فهم لابعاد القضية الوطنية وفي النهاية فانها تصب في خانة السلطة وتؤدي خدمة مجانية لاجندتها في وأد القضية الجنوبية ومن وثم ينسحب الأمر على القضية الوطنية برمتها .

حتى لايظل الاصلاح كرتا للأبد

الاستاذ محمد اليدومي صرح بأن : الإصلاح سيقاتل لأجل الوحدة وسيقف ضد الطغيان ، ولا ندري هل الأستاذ يريد إثبات وحدويته وحزبه للسلطة لأن مثل هذا الحديث هو انخراط في خطاب السلطة الذي يمارس التجهيل وتزييف وعي الناس وهو يصور لهم ان هناك خطرا على الوحدة بسبب الإعتصامات والاحتجاجات والمطالبة بالحقوق ونحن هنا نسأل الأستاذ اليدومي ونقول له :

 من هم أعداء الوحدة الذين ستقاتلونهم ؟

 وهل عرفتم أعداء الشعب والوحدة الانفصاليين قبل أن تعلنوا عليهم شن الحرب ؟

 وهل الانفصاليون برأيكم هم الذين يقتلون الوحدة في قلوب الناس وفي واقع حياتهم بممارسات الفساد والنهب والاقصاء وسياسات العبث والتدمير التي أوصلت بلدنا الى مصاف الدول الفاشلة ام أنه يوجد انفصاليون غيرهم يتوجب عليكم قتالهم ؟

استاذ محمد صراحة لم نفهم التناقض في خطابكم بالربط بين القتال لأجل الوحدة ومقاومة الطغيان اذ لا يجدر بكم مشاركة السلطة في ممارسة الدجل على الشعب وتزييف وعيه فيكفينا الذين ينهبون لقمة عيشنا ويسلبون حقوقنا ويمسخون انسانيتنا ويريدون توريثنا لابنائهم وأسرهم وكأننا تركة وأشياء تورث ويكفي مايتعرض له أبناء لجنوب من نهب لأرضهم وثرواتهم وطمس لهويتهم ومصادرة لتأريخهم ونضالاتهم ويكفي وطننا كل هذا الفساد العظيم الذي تمارسه السلطة باسم الوحدة ثم تقدم ذات الوحدة أيضا كحائط صد لمواجهة غضب الشعب الذي يعرف أن هذا الطغيان والفساد والاستبداد هو عدوه الأوحد الذي يمزق عرى الوحدة الوطنية وقيم الاخوة الدينية ومبادئ السلوك الانساني القويم ويخلق الانفصال قسرا في حياة الناس فيكون الواجب الديني والانساني يحتم التصدي للطغيان ومقاومته وقتاله بدلا عن رمي الكلام على عواهنه والمشاركة في التضليل والتجهيل من اجل اثبات الوطنية والوحدوية للسلطة ، وعليه فان مهام الاصلاح العاجلة وأحزاب المشترك مجتمعة تدشين مرحلة النضال السلمي في أوساط الشعب شمالا وجنوبا ضد الاستبداد والطغيان الذي يهدد الوجود الانساني برمته على أرض هذه البلاد

وفي هذه المرحلة من حياة وطننا والتي تشهد حراكا شعبيا واسعا رافضا لاستمرارية حكم الاستبداد فينبغي على الاصلاح بما يمثله من ثقل و تواجد جماهيري على مستوى الساحة الوطنية أن يكون في صف الناس والى جانب مطالبهم ومعبرا عن معاناتهم لا أن يضيع المزيد من الوقت ويقف يصارع طواحين الهواء لأجل قضية لا وجود لها الا في أجندة السلطة وسياسات اللعب بالكروت التي تجيدها وبالتالي سيكون على الاصلاح حينها لعب نفس الدور الذي قام به في حرب صيف 94 ولكن هذه المرة سيكون عليه مواجهة الشعب وقمع مطالبه وترسيخ الحكم الفردي للأبد وحينها ستكون النتائج كارثية على نحو أبشع مما انتجته حرب صيف 94 وعندها لن ينفع الندم .

استاذ محمد يبدو انه علينا لزاما أن نذكر بأن الوحدة لا أحد وصيا عليها وانها وجدت لأجل الشعب والشعب هو حاملها و هو المعني بها ولايجوز المزايدة باسمها وباسم الدفاع عنها مثلما تم و يتم ارتكاب الأخطاء باسمها واحالة حياة الشعب الى جهنم تحت جناحها ظلما ويجب ان نذكر بان حماية الوحدة وترسيخها انما يكون بتحقيق أهدافها التي قامت لأجلها والمتمثلة في مشروع دستور دولة الوحدة الذي أسس لدولة مؤسسات مدنية ونظام ديمقراطي تعددي ومواطنة متساوية وضمان الحقوق والحريات أما التغاضي وتجاهل جوهر الأزمة التي تعصف بالبلاد ومستقبل الأجيال ومسبباته الحقيقية والركون الى الاصطفاف الأعمى والغير منطقي كما حدث في حرب صيف94 فنتائجه كراثية على الوطن والوحدة و الحياة .