تخيل يا طارق
بقلم/ سام عبدالله الغباري
نشر منذ: 6 سنوات و 10 أشهر و 8 أيام
الإثنين 15 يناير-كانون الثاني 2018 09:31 م

تخيل :

.. أن يدخل صالح إلى العالم الآخر فيجد الشدادي والقشيبي ، وبتلك الطريقة التي يتحدث بها ، يرفع ذراعة اليمنى إلى الأمام ويصيح فيهما : يا خونة ! ، فيندهشا ويسألانه : أنت عفاش ! ، وبذلك الصوت المبحوح يجيب : نعم عفاش يا شدادي ، عفاش يا قشيبي ! ، تكبُر الدهشة ويسألانه مرة أخرى : من قتلك ؟! ، يقول : الحوثيون ! ، يضحك القشيبي والشدادي : قتلك الذين قتلونا وهم اليوم ينعتونا جميعًا بالخونة !

 

تخيل :

أننا قُتلنا بصاروخ من ذلك التي دعوت لإرسال المزيد منه إلى مأرب أو الرياض ! ، هل كُنا سنموت أوفياءً كما فعل "الزوكا" ، بالطبع لا ، سيكون مصيرنا في إحدى تغريداتك "خونة" ، وما كان في يدنا شيء لنخونه ! . حقق "علي سالم البيض" الوحدة مع الزعيم رحمه الله ، وفي صباح غاضب ظهر الرجل خائنًا !، في تلك الليلة كان عبدربه منصور هادي يسيطر بقوات الشرعية على معسكر العند الإستراتيجي وبعد عشرين عامًا هرب "هادي" وصار خائنًا ، وأُلقي القبض على "محمود الصبيحي" لأنه خائن أيضًا ، وأما الدكتور الإرياني الذي كان رئيس وزراء اليمن طيلة عمره فـ "ساقط" كما وصفته اليمن اليوم! ، صار أبعد من الخيانة ، هكذا كما يُراد لعتاة المشركين أن يُعذّبوا في وصف إلهي أًطلق عليه "الدرك الأسفل" شيء ما أبعد من الخيانة ، جحيم ملتهب أعده الله لقتلة الأنبياء ، بعد عامين من تلك الأوصاف ، صار مانح ألقاب الخيانة خائنًا ، ولما قُتل برصاص المجرمين الحقيقيين ، نفذت بجلدك وعاد أصحابك بعد أسابيع من الصمت والخشية إلى إنكار تضحيات اليمنيين الذين قاتلوا الهاشميين الحوثيين ، ظهرت أمامهم فعادت أرواحهم التي اختنقت في مواقع التواصل الاجتماعي ، عادوا ليُشعرونا بشيء من التقزز والسخرية أننا ما زلنا نراوح مكاننا في نهم ! ، ولم يعترفوا أننا اقتربنا بما فيه الكفاية من صنعاء ، حررنا مارب والجوف وشبوة وعدن ولحج والضالع ومدن الساحل ، ومنعنا تقدم الحوثيين الهاشميين من بلوغ حضرموت وسحقنا بقايا عناصر تنظيم القاعدة فيها ، لاحقناهم بطائرات الدرونز إلى مخابئهم وقراهم ، وأطلقنا آلاف الصواريخ لدك ترسانة الهاشميين الجدد ، أولئك الذين "خانوكم" بعد عناق طويل .

- مازلتم تتذكرون عصيان فتية الربيع العربي ، وغضب قادة الأحزاب من هراء النظام السابق وعياله الأثرياء ، تنحون باللائمة على الجميع ، وتتقمصون دور البراءة ، كأنكم لم تفعلوا شيئًا في حقنا ! ، ألسنا بشر مثلكم ، ولدينا عيال كعيالكم ، وحياة ينبغي أن نعيشها جيدًا ، وأطفال يستحقون منا تلك الرعاية الباذخة التي تولون بها أطفالكم . "كنعان" اليوم في حرس السلطان ، و"صخر" مواطن عماني وعيال عمومته في أبوظبي ، وعلي صالح الأحمر في نارسيس – أجمل فنادق الرياض – وأما عوض الزوكا ففي شبوة مكلوم على والده ، يصحو على عبارات الإكبار لموقف أبيه ، وفي المساء لا يجد أحدًا يضمه بحنان الأب ، تنازعه حالات الحزن والفرح . مشاعر الفقد والفخر ، منحتموه لقبًا نبيلًا ثم ماذا ؟ ، ما يزال هناك ولم يدرك بعد أنه فقد أعظم شيء في عائلته ، خسر والده الذي آثر البقاء مع صديقه حتى لحظاتهما الأخيرة .

- ترأس "الزوكا" وفد المفاوضات لإنقاذ أبوعلي الحاكم الذي أرسل مرتزقته للإجهاز عليه في إحدى المستشفيات القريبة من منزل الزعيم ، وقف أمامنا ساعيًا إيقاف الحرب التي أسعرناها على من قتلوه في الأخير ، أردنا أن نقول له ذلك : سيقتلونك ونحن بك أرحم بك! ، لكنه لم يستجب ! ، لم يكن وفيًا معي ، تركني في السجن لأتعفن وهو صديقي ! ، لن أنسى ذلك ، ولن اسامح أحدًا كان قادرًا على مساعدتي ولم يفعل . وماذا عن أولئك الذين قتلوا في تعز بأيدي الهاشميين المجرمين في ذلك اليوم الذي دعا فيه الزعيم إلى قنصهم ! ، كان يدعي ما ليس في يده ، ومنذ 24 أغسطس من العام الماضي وانتم تتلقون الإهانات تلو الأخرى حتى انفجر الوضع في 2 ديسمبر الفائت ، ولم تصمدوا ثلاثة أيام . هُزمتم يا صديقي . بلى ذلك ما حدث بعيدًا عن العاطفة ، وبعد نصف شهر من الغياب والشائعات عن مصيرك ، ظهرت لتقول أن علينا تنفيذ وصية رجل ميت ! ، لم تدرك أنه مات حقًا ، ولم تلم أولئك الذين تركوا جثمانه مخفيًا وانتخبوا صادق أبوراس رئيسًا لحزبه أنهم خاطئون .

- هل تعرف أبوراس ، سأحكي لك شيئًا عنه ، إنه ممثل إتحاد القوى الشعبية – كما كان يصفه صالح – خاله أحد أبرز الإماميين المتشددين "إبراهيم الوزير" ورث عنه حُب الإمامة والإخلاص إليها ، وبجواره كان طارق الشامي ومحمد المقالح ، أبرز قياديين في هذا الإتحاد الإمامي المناهض للجمهورية والحرية والدستور .. هل سمعت بذلك من قبل ؟ ، ربما أن هناك من يحجب عنك شيئًا من العلم . وقد جئتك به قبل أن يرتد إليك طرفك .

- أولئك الذين تجمعوا من كل حزب ليمارسوا غواياتهم المؤتمرية في بهو فندق تاج سبأ هم الخونة الحقيقيون الذين اشتروا بك وبعمك وأمينك العام ثمنًا قليلًا ، وهم الذين كانوا سيشون بك إلى قوادي خامنئي ويقتلونك وهم يضحكون قبل بلوغك المسار الآمن . هل رأيت "حسين حازب" في مرثاته الأخيرة للزعيم بعد ظهورك بساعات ، هل فكرت لحظة لماذا فعلها وقالها وقد تمنع عن ذلك طيلة أيام الحداد المؤسف ، هل قلت لهم لماذا لم تذكروا عمي في بيانكم وتدينوا قاتليه ! . إن كنت لا تستطيع فعل ذلك فكف أصحابك عن رجالنا ، ومقاومتنا وابطالنا ولا تدع غلمان "تميم" ينتصرون عليك وعلينا بهرائهم وشائعاتهم التي تود ابتلاع كل ابطال اليمن وتبقيهم يغردون في تويتر ويشتمون كالساقطات .

- إذهب إلى "هادي" فإنه الرئيس الذي عُقدت لأجله البيعة وانتهى إليه الأمر والشورى ، اعتذر له خير من إضاعة باقي أمانيكم كعائلة سياسية صار لها رمزية نضالية بعد تصفية عائلها وكبيرها ، فكروا بعيدًا عن نبيل الصوفي وعلي البخيتي ونزيه العماد ، تعرفوا إلى اليمن الآخر الذي لا ترونه ، هناك الملايين دونهم ، أشد بأسًا وأصدق قولًا واصلب عودًا وأرق قلبًا وأبلغ حكمة وأوفى موقفًا . اقرأوا ما يكتبه الآخرون وفكروا في أولئك الذين يكرهونكم ، ما الذي أوصلهم إلى هذا الشعور الطاغي ؟ ، فكروا كمواطنين لم يعد لديهم جنديًا مستعدًا للتضحية من أجل ثأرهم الشخصي ! ، تعلموا ان تكونوا جنودًا يخدمون بلادهم ، احترموا شيئًا من الدستور وقليلًا من الشرعية التي يجب أن تعضوا عليها بالنواجذ ولا يغونكم شياطينكم الذين يعتقدون أنكم ستبلغون حُكم اليمن مرة أخرى دون رضاء الناس في صناديق الإقتراع . أوهام الولاية الحاشدية أو الهاشمية لم تعد مقبولة اليوم وأنت تتمنطق حزام شبوة الفريد وجنبيتهم غليظة الرأس .

- سخرتم من "هادي" الذي ظهر بزي عُماني بعد لسعات موت محقق ومطاردة عنيدة في كل طرقات اليمن حتى أرسل إلى خصومكم وخصومنا الجحيم ، ثم فجأة صرتم عُمانيين بجوازات سفر موثقة ! وبقي هادي يمانيًا أصلعًا وجميلًا ، ولم نسخر ! ثم جئتمونا اليوم بعد ثلاثة أعوام من التضحية والمقاومة والصبر والهجرة ليقول أصحابك في رئيسنا وشرعيتنا قولاً لا يرضينا ، ولا يرضاه ملايين اليمنيين الذين أدركوا أن الشرعية سبيل الجميع للحياة وطوق نجاة للمستقبل مهما ظهر عليها من العجز والفتور والتناقض .

- تحملوا مسؤولية في إطار الشرعية ، ذلك ما نطلبه منك ومن اصحابك الذين يثيرون اشمئزاز اليمنيين ، فقد وقعوا مرة أخرى ضحية خلية "عدن" التي هاجرت صنعاء لتلقن الحمقى مجددًا ما يقولونه ويثيرون به ريبة الناس وسخطهم . لا أطيق أن أراك مهزومًا مرة أخرى ، ولا أتمنى أن أدخل عليك مقيلك ذات يوم لأجد أولئك الذين أخرجوك من صنعاء يُضحِكونك مرة أخرى وأنت تضحك وتضحك ، تستهزئ بنا ونحن نستهزئ بكم كما تستهزءون ونسخر كما تسخرون ، فلا تفرح بـ "جدتك" وتنسى أن اليمن أكبر من هاتف وأوسع من تويتر . اليمن الحقيقي الذي حجبه عنك الحاجبون وقزّموه حتى لم تعد تراه إلا في تغريدة أو وسم ملتهب يحقق أعلى مواقع التراند ثم يختفي ! .