كارثة حضرموت الفرصة التاريخية للحزب الحاكم...ولكن ..
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 16 سنة و 3 أسابيع و يومين
الأحد 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 11:51 م

في البدء سلام عليك حبيبة القلب حضرموت ،لا بأس ، وألف طهور إنشاء الله ، رحمة الله على كل من قضى، وكتب الله الأجر لكل مكروب ومصاب ، وعوضه الله الكريم واخلف عليه بما هو خير.

والتحية والشكر لفخامة الأخ الرئيس على موقفه النبيل والمسئول ، والذي كنت أتمنى أن يبقى الموقف هكذا يعبر عن نفسه تلقائيا وبسجية هادئة صامتة يجدده أداء الأبنية الرسمية في مستوياتها ومحلها ، لا أن تستغل زيارة الأخ الرئيس كفرصة هبت على من يسمونهم حملة المباخر – من الصحفي والمسئول - وهم فريق التهريج والطبل والسطحية ، من السياسيين والإعلاميين والكتاب جرت حياتهم على أن يعيشوا على ماء وجوههم نفاقا وتزلفا دون التفكير في القيمة والمحتوى والأثر ، على غرار شعراء القصر والبلاط أيام القصر والسرايا ، كان الواحد يلقي قصيدته ثم يفرش رداءه ، فإن قضى الله بالموت على مولانا السلطان انتقلوا إلى الذي يليه كحال تلك الأشياء التي تنتقل وتورث ، وقبح الله الحاجة .

والقوم هنا إن تراجع سوقهم عند الطارئ والأزمة ، والجو المعكّر بين الفرقاء ، ضمرت بطونهم ، وانخفض رصيدهم ، فما أن يسعفهم حدث أو أزمة أو مناسبة إلا وهبوا عليها ولو بما تبقى من رصيد الإباء من الأجداد ،مسعّرين تلعق ألسنتهم القاع والعقب ، ولا ثمة هنا البتة مقدار من ذرة لمقالة تموت الحرة ولا تأكل بثدييها .

موقف الرئيس المبادر والعاجل بشأن حضرموت واجب في الأصل ويشكر عليه وقد حفظه الناس ، ولا داعي أن يُدل عليه بتلك الاسطوانة التي قتلناها حفظا وهدّتنا تكرار ، هذا الموقف الطيب والجميل للأخ الرئيس ، لو بقي بتلك الصورة والتلقائية والعفوية لكان واحدة من الروائع ، لكن شوهه إن لم يكن قد قتله اللاعقون للقاع والعقب إذ فرغوه من مضمونه ومحتواه الإنساني العفوي السهل والسلس إلى المشوّه والهزيل ، بنقله من القضية الكارثة قضية الواجب والضمير والمضمون العام إلى التعبوي الشعبوي ، والاختزال في الأشخاص بأسلوب ركيك وهزيل وفاضح تجاه شخص نعده كبيرا بحجمه حفظناه منذ ثلث قرن ونيف ، فالحال هنا – بخصوص الزيارة- أشبه بتلك القصيدة الرائعة التي تكفي نفسها ، فيأتي حسيرا أشرم ، ركيك الثغ ليشرحها ، فيحطها من ثم إلى شيء آخر يبتعد عن متنها كثيرا ، لتبقى في الصورة بمقدار المستوى الهزيل والمنفر للشارح نفسه وطرحه في الشرح.

هذا الإعلامي أو الكاتب أو المسئول الرثة أعافه حد الغثيان وهو يخطو ولسانه بلزوجة يتدلى ويسبقه ، واعتبر هذا الصنف عاهة لنا وسبب ، ومصيبة على الحاكم قبل غيره .

(الرئيس بين المطر ، الرئيس وفن إدارة الأزمات ، الرئيس فوق العاصفة ..... )، إلى آخر هذه الهذرمة التي ليس الآن مكانها إن كان ولابد ففي الموسم الانتخابي وبتحفظ شديد .

فالقضية اكبر ، وهذا واجب الأخ الرئيس الذي أحياه بفعالية ، فعلى الآخرين إن يسدوا كلا تبعا لدوره ، ثم ماذا في الأمر إن خرج الأخ الرئيس بين المطر ، أمر عادي فليست خارقة أو أنه أتى بما لم يأت به الأوائل .

لكن الأهم أن الكرة الآن هي في ملعب الحزب الحاكم وحده ، وهي فرصة ذهبية أمامه ، عليه إن صح في تفكيره أن لا تفوت منه ، فإنما هي فرصة والفرص لا تعود ، لها مواعيد محددة على غرار الخطوط الجوية التي تغادر في وقتها دون أن تأبه بمتأخر على فراشه من كان، كي يستطيع الحزب الحاكم أن يعيد الاعتبار لنفسه داخليا وخارجيا من بعدما تنازعه الفساد وغمغم عليه في كل المواطن ،فعرف به ، حتى أصبح لا يذكر في مقام ما إلا وهو إلى جانبه ، وقد أقر هو على نفسه بتلك التوأمة في أكثر من فعل ومناسبة ، وشهد عليه الجميع بذلك عيهم وفصيحهم ، قريبهم وبعيدهم ، صغيرهم وكبيرهم ، في مفارقة مضحكة جراء هذا الاتفاق الذي لم يحصل إلا هنا ..

يحسن بالقيادات الرسمية والتنفيذية للحزب الحاكم أن تفي بتوجيهات الأخ الرئيس ، وان تتحول من كونهم كلامجية على حد الرئيس إلى عملية تنفيذية تقرأ على الواقع.

وإنا لفي المقام العدل إنشاء الله وليس المتربص الذي ندعو لها فيه بالتوفيق والسداد ، ولن نتمنى لها من عند أنفسنا كبوة ، وعلى استعداد أن نغض الطرف ونتجاوز عن ما نسبته الـ 3. أو الـ 4.  % لها تحت حساب الهبر أو اللف والكلفتة من معونات ومخصصات واعتماد إعادة تعمير حضرموت المهرة ، لكنا سنبحلق ونصيح بل وسنؤذن بـ ياأيتها العير... إن ظلت النسبة عند منسوبها في السابق ،أو حتى عند نصف مستوى المنسوب السابق .

أنصح الأخوة العقلاء في الحزب الحاكم أن ينظروا إلى بعيد ولو لخمسة أشهر وأن يستغلوها فرصة ونحن لا زلنا الآن في المفتتح ، وعلى العاقل أن لا تغره هذه الأهازيج والأنغام والتنغيم ، فان الروائح ستظهر بعد أيام قريبة ، والبعض منها قد تبدى .

إن هناك أشخاص لا يعيشون إلا في مثل هذا الأتون والأزمات ، وهذه المناسبة هي لهم ، فلابد من الالتفات إليهم ، ولنتذكر إعادة تعمير ذمار ، فكم من صغير أثرى يومها ، بل إن بعضهم دخل سوق المال والأعمال جراء تفيد الخيم والبطانيات فقط.

كنت أتمنى لو كانت هناك رقابة شديدة ومتابعة مركزة من أكثر من جهة ، ولو أسند الأمر لبعض القيادات العسكرية التي لازال الكثير منها مشهودا له بالوطنية والواجب والضمير ، بحكم أننا في أزمة وقد يؤذن دستوريا بذلك.

نثق بتوجهات وتوجيهات الأخ الرئيس ، لكننا جميعا وبمكبرات الصوت لا نثق بالبرامكة من حوله ، كيف ومسجد الصالح نفسه لم يسلم من غول الفساد الذي احتو شه من كل جهاته على حد الشموع وأكثر من جهة .

وكم كنا نتمنى أن تنحى المؤسسة الاقتصادية جانبا ولو هذه المرة ، تلك التي عليها أكثر من قول ، والتي لا تصح لها شهادة بحسب مشائخ مجلس النواب والجمهور العام من الشعب ، وإنها الآن لعلى خطى نفسها في الأمس ولا ينبئك مثل من قيل له ، أو أسمعه معاين .

وبقدر ما نحيي إعلامنا الفضائي والرسمي الذي غطى وأبدع إلا أنا نتمنى عليه أيضا أن يتوازن ويتئد ، في الطرح والتغطية ، فيغطي على كل ما فوق السجادة باعتباره عام ورسمي ، ثم لينقل إلى الناس حميمي ه وبراءة هذا الحراك الشعبي العام التلقائي من ابن تعز والقفر وتهامة - وغيرهم في المحافظات الشمالية - مع أخيه في حضرموت ودموعه تسبقه .

إنه – الإعلام الرسمي - إن فعل يكون قد ساهم في تعميق الوحدة الوطنية ببلسم الأخوة والحب ، وعلى ركائز التكامل والتعاضد والتفاهم والنصرة ، لا أن يستغل الحدث في استفزاز مشاعرنا وذاكرتنا بخطاب متآكل في السياق الموظًف للمتغير الآحاد ، ثم ليتوازن الإعلام الرسمي مرة أخرى فلا يجعلها سافرة وهو يصور اليمن كابنها المسئول تماما والذي تعودناه  وهو يمد يديه دائما في الداخل والخارج ، بتلك الصورة التي تفتقد للأنفة إلى حد الابتذال ، نعم نحن فقراء وبحاجة إلى المساعدات ، لكن هذه الأخيرة أبدعت فيها حكوماتنا المتلاحقة من حيث التصميم والإخراج والتفنن في أداء الدور إلى أن وصلنا عند من بعض إلى مسمى المتسولين فيمنعونا عنهم كي لا نلوث بيئتهم وصفوهم ولو كان البروفيسور أو الأفندم منا يخطو وبيده جواز دبلوماسي .

قهرونا وأذلونا ، لكن ليس الجار هو السبب بمفرده فقبله وهذا الأساس هذا المسئول الفاجر في دوحتنا.

حتى عند بني الأصفر تبرموا ونفروا ، ولا زالوا في هروب منا ، ولو جئنا إليهم بأكوام من ملفات الإرهاب ، والسبب أنهم رأونا قد امتهنا المواقف واحترفنا السياسات في مجال التسول وليس المساعدات التي تسد في التنمية ..

فالفرق عندهم بين المصطلحين جلي وواضح ، فالمساعدات تخص التنمية وتتبلور على السطح، ، أما التسول فمآله الجيوب ولا ملمح له على الواقع ويتبلور إلى أرصدة وشركات عندهم وعلى ظهورنا هنا .

هذه الأزمة التي نسال الله أن يخرج بلادنا منها معافاة وسالمة هي الفرصة الأخيرة للسلطة والحزب ، فإما الرفع وإعادة الثقة والاعتبار وتسكين حمى النسيج الاجتماعي ، وإما الوضع الذي ليس بعده داخليا وإقليميا ، فان الحوادث هي من تصنع التحولات ، والزمن لا يُفرمل ، والسنن لا تتحول .

وحتى الآن فان السير مقبولا إلى حد ما، لكن منشأ القلق يعود إلى خبط مرتجل تعايشنا معه منذ وعينا الخطو فشب حتى تمأسس إلى ثقافة وسلوك حتى قالوا عنه أحد أهم مستلزمات التنمية.

ما هو أخطر...

هناك عدة مسارات توشك أن تلتقي في ظل غياب الرؤية :

ــ الأزمة الاقتصادية العالمية ، وأثرها علينا ، في بلد جُل عوائده من مورد بعينه وهو شحيح ، وبطبيعة الحال ستجف المساعدات الخارجية ، فضلا عن بنوك يمنية مرصودة الآن هي في طريقها لإشهار الإفلاس وإعلان الانهيار ، وآثار ذلك جد وخيمة .

ألآثار الاقتصادية لحرب صعدة لم تتجل بعد ، ولم تحسن المؤسسة الرسمية حتى الآن قراءتها وتقدير ذلك سواء أثناء العمليات ، أو التداعي اللاحق الذي سيظهر تباعا والذي سيجر فيه كل متغير معه غيره ، تبعا للوفورات السلبية .

- كارثة حضرموت من المؤكد رغم كل هذه المساعدات والاعتماد أنها ستأتي بفاجعة على الاقتصاد بسبب الفساد وسوء الإدارة للموارد المرصودة الآن ،رغم أنها ستكفي وتفيض لكنها شنشنة نعرفها من اخزم .

الانتخابات القادمة إن حضرها المشترك ، فان الحزب الحاكم سيضخ بأموال غير معهودة للحفاظ على وضعه الحالي.

بين هذا الأتون سيخرج المسئولين التجار والثعابين الأخرى من التجار إلى سوق المضاربة تحت فرص الأرباح المهولة التي تهبها الأوضاع المتردية عادة كما هو مشاهد في كثير من البلدان ، والنتيجة أثقال أخرى فوق بعضها .

يبقى القول أن الآثار للأزمة الاقتصادية إن هي تجمعت و تبلورت فإنها أخطر بكثير ولا تقارن بتداعيات الأزمة السياسية ، ذلك أن الوضع الاقتصادي ينهار سريعا إن احتدم ولا يوقفه شي ، وهو الذي قوّض الاتحاد السوفيتي ، وهو الآن على خناق الولايات المتحدة كأخطر مصيبة مرت بها ، وآخر الأخبار بهذا الشأن أن حاكما لواحدة من أهم الولايات الأمريكية يطلب المدد من الاتحاد الفيدرالي لأن ولايته عاجزة عن دفع مرتبات الموظفين هذا الشهر.

وعندنا وبفضل الله لازال في الأمر متسع والفرص كثيرة ، فهل يعقلها الحزب الحاكم وينتهي بنفسه إلى الانضباط وروح المسئولية ، نسال الله أن يعافي حزبنا الحاكم ، وان يهديه ، وان يوفقه ويأخذ على يديه ، حتى لا يفجعنا بالبلد .

العربية السعودية

كلما تمر الحوادث والأزمات على العالمين العربي والإسلامي ، أثبتت لنا أكثر المملكة العربية السعودية أنها الأم والأخت الكبيرة ، الحانية والعطوف ..

وستبقى السعودية بوزنها ومكانتها هي المحورية ذات الحب والقبول

حفظها الله أمنا وإيمانا وأرضا وإنسانا ، فهي عندنا في الوجدان لم تكن إلا واليمن سواء.

alhager@gawab.com