المفتاح السحري للتنمية الفعالة
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و يوم واحد
الخميس 25 سبتمبر-أيلول 2008 02:15 ص

لنتفق مبدئيا على أن التنمية منظومة متكاملة متداخلة متزامنة ولا تقبل التقديم والتأخير لعنصر دون آخر، أو الاستثناء لأي شان من شؤون الحياة، غير أننا هنا نتطرق إلى مفتاح سحري للتنمية نعتقد أن أي خطة تنموية دون الالتفات الجاد إليه ستتعثر كثير من المشروعات التنموية خاصة في ضوء إعلان الحكومة عن إعداد تصورها للخطة الخمسية القادمة 2011- 2015

ولمناقشة الموضوع ينبغي استحضار أهمية الطرقات كمفتاح رئيس للتنمية الشاملة ( أولا) ثم التطرق إلى الشبكة التي ينبغي أن تستحدث( ثانيا )

أولا: أهمية الطرقات كمفتاح رئيس للتنمية الشاملة

الأهمية الأولى : القدرة على الفعل التنموي: لا نتخيل التوسع في التنمية الشاملة على مستوى جغرافية الوطن بدون استحداث واستكمال شبكة الطرقات الحديثة ، فلنتصور أن منطقة معينة نريد أن نقدم لها خدمات ضرورية في مجالات التعليم والكهرباء والماء والصحة والزراعة والصناعة كيف يمكن أن ننجح في ذلك بغياب الطريق المعبد والآمن والمهيأ سواء لتنقل المواطنين وإيصال احتياجاتهم أو في استكمال بقية الخدمات الأخرى.

الأهمية الثانية : التوزيع المتقارب للسكان: يترتب على إرساء شبكة الطرقات الحديثة إعادة توزيع تلقائي للسكان بما يخدم متطلبات التمنية ، سواء بتشكل ونشوء مدن جديدة تبدأ على شكل أسواق ثم تتسع ، وكذلك الحد من ترييف المدينة، وتوسع الحضر أوتحضير الريف وتوقف سيل الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة بحثا عن الخدمات التي تصبح بفضل الطرقات المعبدة قريبة منه.

الأهمية الثالثة: التقسيم الإداري والانتخابي الناجع: إن أي تقسيم إداري لليمن قبل إرساء الشبكة الحديثة للطرقات سواء فيما يخص الدوائر الانتخابية أو المحافظات والمديريات فإنه سيظل تقسيم فاشل ومؤقت ولن يكن ناجحا إلا بعد استكمال شبكة الطرقات الحديثة التي تسهم في إعادة توزيع السكان توزيعا صحيحا تحدده نشوء المدن والأسواق ومقتضيات الحاجة والعمل وكثافة الأنشطة الاقتصادية.

ثانيا : شبكة الطرقات الحديثة المطلوب انجازها

ماذا نقصد بشبكة الطرقات الحديثة ؟ سنوضح في هذا الحيز أهمية إرساء شبكة حديثة من الطرقات وهي على ثلاثة أشكال ( برية ، بحرية ، جوية): غير أننا سنكتفي في هذا الحيز باستعراض شبكة الطرقات البرية فقط إلى حين.

لا نستطيع أن نزعم اليوم بوجود شبكة طرق برية حديثة في اليمن بدون أن يكون ضمن هذه الشبكة مايلي: ( طرق معبدة ، وطرق سريعة دولية ، وسكك حديدية ، والميترو الكهربائي).

1- الطرق المعبدة ( الإسفلتية): ينبغي أن تربط عاصمة المحافظة بكل عواصم المديريات ، وتربط هذه الأخيرة بالقرى والعزل والتجمعات السكانية، ثم ربط خطوط التماس للخطوط القريبة بين المحافظات أو المديريات باستغلال مفاصل القرب.

إن غياب هذه النوع من الطرقات يؤدي إلى رفع معدل الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة ومعها تهاجر العادات والتقاليد والبقر والدجاج والأغنام وتتسع المدينة الريفية على حساب المدينة الحديثة.

إن أهمية هذا النوع من الطرقات يكمن في تحقيق معدل أعلى من الخدمات الشاملة ، ناهيك عن تحضير الريف ، وما يتبعها من تسهيل خدمات أخرى مثل : توفير الماء للزراعة والاستعمال المنزلي، وتوفير الكهرباء ، وتأسيس مؤسسات العليم العالي المتخصص في الريف على شكل معاهد مهنية وكليات مجتمع، وما تبقى من خدمات سيتحقق بشكل فردي واستثماري خاص أو حكومي وبشكل ألي .

2- الطرق السريعة الدولية : ينبغي أن ننتبه إلى أن هذا النوع من الطرقات لا يزال غائبا ، وبلادنا بحاجة إلى أكثر من طريق سريع : الأول يربط السواحل اليمنية من حرض غربا إلى المهرة شرقا. الثاني : يربط المهرة شرقا بسيؤون شبوة الجوف مارب صنعاء صعدة . الثالث طرق سريعة مجزأة تربط المحافظات الأكثر سكانا بالعاصمة صنعاء ، وهي جميعا للأسف ليست موجودة ، ولا نزال نضيع وقتنا في السفر بين المدن مع قرب المسافة بينها، فبالنظر إلى المسافة بين الحديدة وصنعاء 209 كيلوا تقريبا لا نستطيع أن نقطعها بأقل من ثلاث ساعات ونصف في حالة عدم الازدحام، بينما هذه المسافة يمكن قطعها على الطريق السريع بساعة ونصف فقط.

3- السكك الحديدية: هذا النوع من خطوط المواصلات يخدم أساسا الصناعة والزراعة والتجارة وفي الأخير الإنسان، ولن نستطيع الحديث عن استثمار وتأسيس صناعة يمنية وتوسع زراعي وحسن تسويق للمنتج اليمني داخليا وخارجيا دون سكة الحديد. وهذا النوع من الطرقات غائبة نهائيا عن الخارطة اليمنية ، ونحن بحاجة إلى شبكة سكة حديد توازي شبكة الطرقات السريعة الدولية للسيارات المشار إليها آنفا ( المهرة – حرض. والمهرة سيؤون شبوة الجوف مارب صنعاء صعدة. وشبكات مجزأة بين المدن الكبرى)

4- شبكة الميترو الكهربائي : وهو عربات تشبه القطار ولكنها تعمل على الكهرباء وهي معدة أساسا لتنقل الإنسان فقط ، ومخصصة للنقل داخل المدن الكبرى، وهنا فإن اتساع العمران للعاصمتين صنعاء وعدن لم يعد الاكتفاء والاتكاء على خدمة الباصات الخاصة مجديا من حيث: نظافة البيئة والسرعة والكلفة المنخفضة والتخفيف من الازدحام. إذ لا بد من التفكير الجدي بوضع خطة لاستحداث الميترو الكهربائي للنقل الداخلي في المدينتين.

نرجو من الحكومة اليمنية وهي تعد العدة للخطة الخمسية القادمة 2011-2015 أن تضع في الاعتبار تطوير شبكة الطرقات الحديثة المشار إليها أعلاه كتوجه جاد للتنمية الشاملة وإلا فإننا سنراوح المكان ، وستبقى الطرقات الإسفلتية الأكثر حيوية صنعاء- تعز . صنعاء الحديدة. تعز الحديدة. هي مشروعات تم التخطيط لها وانجازها قبل الثورة ، وهذا يفقد مصداقية الخطاب الحكومي في تضخيم المنجزات التي نراها سرابا في مقياس التطور الحضاري والتسابق بين الأمم ، لكننا قد نجدها منجزات عملاقة بمقياس المقارنة مع الماضي ، وهي مقارنة غير صائبة.

( خواتم مباركة وعيد مبارك سلفا وكل عام والجميع بخير)

hodaifah@yahoo.com