العين السحرية...قراءة في ملاحم ابي الحروف اليماني
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 18 يوماً
الإثنين 08 أكتوبر-تشرين الأول 2007 03:24 ص

مأرب برس - خاص

أقوى من الشدة ، أطول من المدة ، أحد من السين ، وأسرع من لمح العين . هذا هو ابو الحروف الأردني الذي عرفناه من خلال برنامج ( المناهل ) التعليمي وهو يطير من مكان الى اخر ليصلح ما أفسده (خربوط) حين يعبث بالحروف فيحول البطل الى بصل والحمل الى جمل والليل الى سيل ... اما ابو الحروف اليماني فهو ليس شخصية خياليه بل هو حرف هجائي ، حرف له سحره الخاص و تاريخه الخاص وتأثيره الفريد انه حرف العين ( ع ) ، الحرف الذي يستحق ان ان نطلق عليها مسمى ( ابو الحروف ) اليماني .

وكما بدأ الفراهيدي معجمه الذي اسماه ( العين ) بهذا الحرف ، بدأ سفر اليمن الحديث به مع اول ظهور جدي لابي الحروف اليماني في ( ع ) المشير عبد الله السلال اول رئيس للجمهورية العربية اليمنية ..ثم تلاه الرئيس القاضي عبد الرحمن الارياني ..

وبعد فترة انقطاع عن مقعد الرئاسة في وجود ابراهيم الحمدي لم يتخلى ابو الحروف عن وجوده اللصيق بهذا المقعد في (ع ) مساعد رئيس مجلس قيادة الثورة ونائب الرئيس فيما بعد عبد الكريم العرشي .. وفي عين القبيله الاقوى عبد الله بن حسين الاحمر وفي عين عبده المخلافي احد ابرز مؤسسي العمل الاصلاحي في اليمن ... وبمتقل احمد الغشمي يتربع ابو الحروف ثانية ولاقل من شهر ونصف على كرسي الرئاسة في شخصية المرحوم -عبد الكريم العرشي ايضا... ثم تبدأ صفحة جديدة تماما في تاريخ ابي الحروف اليماني عندما يتولى ابو عيون جريئة رئاسة الجمهورية ويدشن مرحلة جديدة من سيطرة حمران العيون والعيون الحمر على مقاليد الحكم .. ولكنه سرعان ما يخوض صراع يكسبه ضد خصومه من العيون القومية عيسى احمد سيف وعبدالله عبد العالم وعبد الرقيب القرشي ..

وفي الشطر الجنوبي كانت ( ع ) عبد الفتاح اسماعيل الذي كانت لتنظيراته ولعيونه التي ترقب الشرق اثرا في صناعة تاريخ حافل من صراع العيون ... كان هذا الصراع يمتد حينا حتى يصل الى الشطر الشمالي بين العينين علي عبدالله صالح و عبد الفتاح اسماعيل ... و يتراجع ليبقى محصورا في عيون الرفاق في الشطر الجنوبي .

هذا الصراع قذف ب ( ع ) عبد الفتاح الى موسكو واوصل (ع ) علي ناصر الي رئاسة الجمهورية ثم اعاد عبدالفتاح مرة اخرى ليثور صراع اشد تكون نتيجته ان تغمض ثلاثة من اهم عيون الرفاق وهم عبد الفتاح و علي عنتر و علي شائع وخروج علي ناصر من السلطة ومن البلد كلها ويتربع علي سالم البيض على كرسي الرئاسه ..

اما ابو عيون جريئة فقد فطن الى اهمية ابي الحروف اليماني ( حرف العين ) وساحريته فاحاط نفسه بالعيون من كل جانب فرؤساء وزراءه الاكثر بقاء هم عبد الكريم الارياني وعبد العزيز عبد الغني و عبد القادر باجمال واخيرا علي محمد مجور ...

ناهيك عن من سواهم من المقربين من العيون ( علي علي الانسي مدير مكتبه الى عبده بورجي الى علي الشاطر الى عبدالله البشيري واذرعه العسكرية من العيون الحمر علي محسن الاحمر وعلي صالح الاحمر وعيونه على المال علي مقصع وعزيز الاكوع وعلوي السلامي .. حتى تحويلة الرئيس اسندها الي ( ع ) علي معوضه كما انه لا ينسى ان يستشير عين صاحب رداع العوبلي ...

لم تؤثر الوحدة علي هيمنة ابي الحروف بل اكدتها حيث احتلت اربع عيون مواقع مجلس الرئاسة من اصل خمسة أعضاء..علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض وعبد العزيز عبد الغني وعبد المجيد الزنداني ..

وطبعا لأن المثل يقول اذا كثرت العيون فسدت السياسة فقد دار صراع جديد وتفجرت على أثره حرب ضروس لتذهب كل عيون مجلس الرئاسة وتبقى العين الأقوى واما الآخرون فيغادرون الى غير رجعه ، وخلال هذا الصراع تبرز العيون سواء في شخصيات اعضاء مجلس الرئاسة او غيرهم فمن عبد الرحمن الجفري الى عبد الوهاب الديلمي الى عبدالله ابن حسين الاحمر الى علي محسن الي عبد الوهاب الانسي ...

انتهت المعركة..وتولى فؤاد بن غانم رئاسة الوزراء وغادرها سريعا فالرئيس يريد بجواره من يمتلك العين السحرية ليعود عبد الكريم الارياني وعبد العزيز ثانية..ثم جاء عبد القادر باجمال صاحب العيون النرجسيه التي افتتن بها الرئيس سنوات وسنوات ، ومع ذلك لم ينسى الرئيس ان يكون نائبه عين من محافظات الجنوب هو عبده ربه ...

الصراع مع الحوثيين دار حتى استقر الى صراع بين العيون يمثل فيها عبد الملك الحوثي طرفا.

كان هذا رصدا سريعا وموجزا لتأثير ابي الحروف في الحياة السياسية اليمنية قد يكون لدى القراء الكثير من الاضافات عليه بما يؤكد ما ذهبنا اليه ولعل ادراك صاحب التعديلات الدستورية الأخيرة لهذا الدور هو ما دفعه الى اقتراح ان يصبح البرلمان عبارة عن مجلسين احدهما مجلس للنواب والأخر مجلس للأعيان .