الاخوان المسلمون 80عاما ..( وهل جزاء الاحسان الا الاحسان )(1)
بقلم/ الحاج معروف الوصابي
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و يوم واحد
الأربعاء 26 مارس - آذار 2008 12:53 ص

مأرب برس – خاص

لا اعتقد بوجود جماعة أو حركة سياسية في القرنين العشرين والحالي تم عليها الإقصاء في المجالين المادي والفكري ولا زال ومنهج عليها الظلم ولم يزل كجماعة الإخوان المسلمين ، بحيث انه لو حط ربع معشار ذلك على غيرها لاندثرت تماما في بواكيرها ..

لا ندعي بعصمتها وأنها في فكرها وأشخاصها فوق الآخرين ، أو أنها لحظة الحقيقة ومنطلقها وحبسها دون غيرها ، بل لم تقل هي ذلك كفكرة وجماعة منذ قيد التأسيس وحتى الآن ، إنما هي حركة بشرية لا قداسة لاجتهادها أو ثمة حدية ومطلق بشأن الأخر ..

ومن حق هذا الآخر أيا كان أن يقرأها ويعيد ويقول فلا خط أحمر باستثناء ما كان مقطوعا على انه مرجعية وثابت أو ما يتجاوز أصول الخطاب والنقد.

لكن على هذا الآخرز أن يمتلك أثناء القراءة عينين والى كفتي ميزان ، وبتناولة عميقة وموضوعية ، أما الأعور الأعرج الذي يرجف على نصف فحظه الشق الساقط فأنى له بالحقيقة ..

في الغالب وحتى الآن فان العادل المنصف الموضوعي قليل هو ليس للندرة في البيئة من حيث المنبت أو القابلية إنما لان الحملة الإعلامية ذات التغطية الواسعة الذي يتولى كبرها حكماء المشروع الآخر في المسار المقابل كبست على الساحة في تتالي عملية وتراكم خبرات في مجتمعات الحاكم ما زال فيها بسجية وطباع الأعراب من التوحش والأحادية في التصور والرأي والفعال فلا يسره الا هو، بنيته وذهنيته أن يأتي بالأرض على من عليها إن حس بشيء من حراك نحو عرشه ومن ثم كان الإخوان في مرماه منذ عقود ولم يزالوا ...

2- الحقيقة التي لا ينتطح حولها عقلان في موضوع قراءة حركة أو جماعة في مساراتها تقوم على معايير ثلاثة :

الأول:- واجب تملي البيئتين الاجتماعية والسياسية قبيل وأثناء ميلاد المؤسس والفكرة وكذلك التوقيت والمتغيرات الأخرى الداخلة في هذا السياق ثم الأهداف والوسائل المحققة .

الثاني:- شخصية المؤسس من حيث اعتقاده وتصوراته ومشاعره ومدى التوازن والسواء عنده ، ونموذجه من حيث القدوة والقول وكذلك الشهادات العامة المختلفة عنه ..

الثالث: - التطبيق الغالب والأوسع والسير الزماني والمكاني للفكرة والحركة وليس الاجتزاء لنموذج سلوكي أو فكري لشخص أو عدد يتناقض مع الخط العام والموجهات ..

أما ما عدا ذلك فقول زور وإرجاف مردود على وجه صاحبه ان جاء من معادي أحمق غير موزون يعلن عداءه صباح مساء ، أو جاء من سياسي أو فكري مرتزق يعمل تبعا لأجندات أخرى يمتلك مطاطية ومطاوعه للتبدل أو التمدد حسب الأثر المادي النفعي والوفورات الأخرى ..

من جهة أخرى فشأن الطبيعي الكريم أن يمر على المكارم أولا فيحصيها ثم يوازن بعد ذلك بخلق لعل له ايجابية أخرى وهو يستقصي فان وجد الماء بلغ القلتين أعلن انه لا يحمل الخبث..

أما من كان عنده حول وحاله كا لذباب وهي تحط فما هي ثمرته وعوائده .

إن من الناس من به طباع الخنزير تماما يمر بالطيبات فلا يلتفت أو يعيرها حتى إذا وجد من تقيأ قام إليه سريعا فقمه إليه ، يسمع منك ألف حكمة ويجد مثلها منفعة فلا تشده فإذا وجد سقطة أو بطباعه تأولها هاج وماج واعتلى بالصراخ اللطيمة اللطيمة ليشق ثيابه وليهرش كاشفا سوءتيه كي يلفت انتباه من ملوه ويتأففون منه على الدوام ..

هناك من جند نفسه تبعا لجبلته ومركبه لأن يكون مفتشا في براميل القمامات دون أن يسمح لإحدى عينيه بتملي تلك الكنوز والنفائس ..

ماذا يريد أو يجد من بقي على مشهد الحجاج ، أو آخر جعل من حادثة الحسين رضي الله عنه لطيمة التاريخ وبكائية الدهر والخافقين وارثا لا ينتهي ، أو ثالث يفتش في ارث الأمس القريب كوسواس خناس يناجي ويوسوس ب..لمن كانت الغلبة في بعاث.

سأمر هنا وبعجالة على شيء من قطوف ومواقف لحركة الإخوان على ضابط ما سبق في التناولة والبحث...

الخلفية جاء الإخوان في توقيت دقيق حساس وحتمي عقب كارثة شدهت العالم الإسلامي وقلبت عليه حواسه وحسه فكانت هي القدوة والرافعة والحركة وردة الفعل لإلغاء الخلافة الإسلامية التي بكاها الصغير والكبير والكائن والحجر وناح لأجلها شوقي في رائعته الشهيرة ..

عادت أغاني العرس رجع نواح ....ونعيت بين معالم الأفراح كفنت في يوم الزفاف بثوبه .... ودفنت عند تبلج الإصباح

ضجت عليك منابر ومآذن .... وبكت عليك ممالك ونواح

الهند والهة ومصر حزينة .... تبكي عليك بمدمع سحاح

والشام تسال والعراق وفارس .... أمحا من الأرض الخلافة ماح

عن المؤسس

في نهائي التخرج يذكر الإمام البناء موضوع إنشاء طلبه الأستاذ منه ومن زملائه (ومن الموضوعات التي أتحفنا بها بمناسبة آخر العام الدراسي، وكان بالنسبة لي ولفرقتي، العام النهائي سنة 1927 الميلادية، هذا الموضوع: “ اشرح أعظم آمالك بعد إتمام دراستك، وبين الوسائل التي تعدها لتحقيقها”.

 وقد أجبت عنه بهذا الموضوع: “ أعتقد أن خير النفوس تلك النفس الطيبة- التي ترى سعادتها في إسعاد الناس وإرشادهم، وتستمد سرورها من إدخال السرور عليهم، وذود المكروه عنهم، وتعد التضحية في سبيل الإصلاح العام ربحاً وغنيمة، والجهاد في الحق والهداية - على توعر طريقهما، وما فيه من مصاعب - ومتاعب - راحة ولذة، وتنفذ إلى أعماق القلوب فتشعر بأدوائها، وتتغلغل في مظاهر المجتمع، فتتعرف ما يعكر على الناس صفاء عيشهم ومسرة حياتهم، وما يزيد في هذا الصفاء، ويضاعف تلك المسرة، لا يحدوها إلى ذلك إلا شعور بالرحمة لبني الإنسان، وعطف عليهم، ورغبة شريفة في خيرهم، فتحاول أن تبرىء هذه القلوب المريضة، وتشرح تلك الصدور الحرجة، وتسر هاته النفوس المنقبضة، لا تحسب ساعة أسعد من تلك التي تنقذ فيها مخلوقاً من هوة الشقاء الأبدي أو المادي، وترشده إلى طريق الاستقامة والسعادة !.

وأعتقد أن العمل الذي لا يعدو نفعه صاحبه، ولا تتجاوز فائدته عامله، قاصر ضئيل، وخير الأعمال وأجلها ذلك الذي يتمتع بنتائجه العامل وغيره، من أسرته وأمته وبني جنسه، وبقدر شمول هذا النفع يكون جلاله وخطره، وعلى هذه العقيدة سلكت سبيل المعلمين، لأني أراهم نوراً ساطعاً يستنير به الجمع الكثير ويجري في هذا الجم الغفير، وإن كان كنور الشمعة التي تضيء للناس باحتراقها”

“وأعتقد أن أجل غاية يجب أن يرمي الإنسان إليها، وأعظم ربح يربحه أن يحوز رضا الله عنه، فيدخله حظيرة قدسه، ويخلع عليه جلابيب أنسه، ويزحزحه عن جحيم عذابه، وعذاب غضبه. والذي يقصد إلى هذه الغاية يعترضه مفرق طريقين، لكل خواصه ومميزاته، يسلك أيهما شاء:

أولهما: طريق التصوف الصادق، الذي يتلخص في الإخلاص والعمل، وصرف القلب عن الإشتغال بالخلق خيرهم وشرهم. وهو أقرب وأسلم.

والثاني: طريق التعليم والإرشاد، الذي يجامع الأول في الإخلاص والعمل، ويفارقه في الإختلاط بالناس، ودرس أحوالهم، وغشيان مجامعهم ووصف العلاج الناجع لعللهم. وهذه أشرف عند الله وأعظم، ندب إليه القرآن العظيم، ونادى بفضله الرسول الكريم. وقد رجح الثاني – بعد أن نهجت الأول – لتعدد نفعه، وعظيم فضله، ولأنه أوجب الطريقين على المتعلم، وأجملهما بمن فقه شيئاً”لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون”.

“وأعتقد أن قومي – بحكم الأدوار السياسية التي اجتازوها، والمؤثرات الإجتماعية التي مرت بهم وبتأثير المدنية الغربية، والشبه الأوروبية، والفلسفة المادية، والتقليد الفرنجي - بعدوا عن مقاصد دينهم، ومرامي كتابهم، ونسوا مجد آبائهم، وآثار أسلافهم، والتبس عليهم هذا الدين الصحيح بما نسب إليه ظلماً وجهلاً، وسترت عنهم حقيقته الناصعة البيضاء، وتعاليمه الحقيقية السمحة، بحجب من الأوهام يحسر دونها البصر، وتقف أمامها الفكر، فوقع العوام في ظلمة الجهالة، وتاه الشبان والمتعلمون في بيداء حيرة وشك، أورثا العقيدة فساداً، وبدلا الإيمان إلحاداً... !”.

“وأعتقد كذلك أن النفس الإنسانية محبة بطبعها، وأنه لا بد من جهة تصرف إليها عاطفة حبها، فلم أر أحدا أولى بعاطفة حبي من صديق امتزجت روحه بروحي فأوليته محبتي، وآثرته بصداقتي”

“كل ذلك أعتقده عقيدة تأصلت في نفسي جذوتها، وطالت فروعها، واخضرت أوراقها، وما بقي إلا أن تثمر، فكان أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أملان:

 “خاص”: وهو إسعاد أسرتي وقرابتي، والوفاء لذلك الصديق المحبوب ما استطعت لذلك سبيلاً، وإلى أكبر حد تسمح به حالتي، ويقدرني الله عليه. 

“وعام”: وهو أن أكون مرشداً معلماً، إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار، ومعظم العام قضيت ليلي في تعليم الآباء هدف دينهم، ومنابع سعادتهم، ومسرات حياتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة.

وقد أعددت لتحقيق الأول معرفة بالجميل، وتقديراً للإحسان و” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” ولتحقيق الثاني من الوسائل الخلقية: “ الثبات والتضحية” وهما ألزم للمصلح من ظله، وسر نجاحه كله، وما تخلق بهما مصلح فأخفق إخفاقاً يزري به أو يشينه، ومن الوسائل العملية: درساً طويلاً، سأحاول أن تشهد لي به الأوراق الرسمية، وتعرفاً بالذين يعتنقون هذا المبدأ، ويعطفون على أهله، وجسماً تعود الخشونة على ضآلته، وألف المشقة على نحافته، ونفساً بعتها لله صفقة رابحة، وتجارة بمشيئته منجية، راجياً منه قبولها، سائله إتمامها، ولكليهما عرفاناً بالواجب وعونا من الله سبحانه، أقرؤه في قوله: “ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.

“ذلك عهد بيني وبين ربي، أسجله على نفسي، وأشهد عليه أستاذي، في وحدة لا يؤثر فيها إلا الضمير، وليل لا يطلع عليه إلا اللطيف الخبير” ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرأ عظيما”.

ولقد أعمل الأستاذ أحمد يوسف قلمه في هذا الموضوع ببعض الإصلاحات، وأذكر أنه أعطاني فيه درجة لا بأس بها وهي سبع ونصف من عشرة.

والصديق الذي أشرت إليه في هذا الموضوع هو الأستاذ أحمد السكري الذي كان يبادلني هذا الشعور إلى درجة أنه صفي دكانه وتجارته، والتحق بالوظائف الحكومية بمجلس مديرية البحيرة حتى يتيسر لي أن أكون بالمجلس فنجتمع على أية حال، وقد حقق الله هذه الآمال بعد حين، فوظفت بوزارة المعارف وانتقل هو إليها، وجمعتنا القاهرة بعد طول انتظار.)

موضوع الانشاء هذا يساعد تماما في تجلية المؤسس والحركة

قالوا عن البناء

وساترك الشهادة هنا للاجنبي ولعلي ان ساعفني الظرف ان اعود لشهادات من بني قومه وملته في تناولات لاحقة ..

روبير جاكسون..وآخرون

لقد التقى روبير جاكسون بالأستاذ البنا عام 1946 فقال: (كنت أتوقع أن يجيء اليوم الذي يسيطر فيه هذا الرجل على الزعامة الشعبية لا في مصر وحدها، بل في الشرق كله).د

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيويورك د. كمجيان: وظهور البنا مثال يُجسِّدُ الشخصية الآسرة التي تظهر أوقات الأزمات لتقوم بمهمة الخلاص الاجتماعي الروحي.

ويقول طنطاوي جوهري: حسن البنا في نظري أعظم من الأفغاني ومحمد عبده، إنه مزاج عجيب من التقوى والدهاء السياسي، إنه قلب علي وعقل معاوية، رأيتُ فيه صفات القائد الذي يفتقده العالم الإسلامي.

يقول روبير جاكسون في زعامته: (كان فيه من الساسة دهاؤهم، ومن القادة قوتهم، ومن العلماء حججهم، ومن الصوفية إيمانهم، ومن الرياضيين حماسهم، ومن الفلاسفة مقاييسهم، ومن الخطباء لباقتهم، ومن الكتاب رسالتهم كان كل جانب من هذه الجوانب يبرز كطابع خاص في الوقت المناسب.

لقد كان من سياسية الاستعمار أن يفتن قادة الشعوب عن جهادهم السياسي لتحرير الأوطان ويحولهم إلى عملاء له عن طريق رشوتهم بالمال وإغرائهم بالنساء وإيقاعهم في حبائلهن، وإسقاطهم بتتويجهم حكاماً ومسؤولين لكنهم لا يخرجون عن سياسته. أما حسن البنا رحمه الله فقد أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه. قال روبير جاكسون: وهذه المغريات الثلاث التي سلطها المستعمر على المجاهدين قد فشلت كل المحاولات التي بذلت في سبيل إغرائه.

وقال روبير جاكسون عنه: كان مذهبه السياسي أن يرد مادة الأخلاق إلى صميم السياسة بعد أن نُزعت منها. بعد أن قيل: إن السياسة والأخلاق لا يجتمعان.

من المنطلقات

.في التربية والمسيرة الاخوانية التي وضعها الإمام البناء وعقلتها الجماعة حتى اتخذتها برنامجا وفقها ومسيرة 

مصـــارحة

نحب أن نصارح الناس بغايتنا ، وأن نجلي أمامهم منهجنا ، وأن نوجه إليهم دعوتنا ، في غير لبس ولا غموض ، أضوأ من الشمس وأوضح من فلق الصبح وأبين من غرة النهار.

بـــراءة

ونحب مع هذا أن يعلم قومنا – و كل المسلمين قومنا – أن دعوة الإخوان المسلمين دعوة بريئة نزيهة ، قد تسامت في نزاهتها حتى جاوزت المطامع الشخصية ، واحتقرت المنافع المادية ، وخلفت وراءها الأهواء والأغراض ، ومضت قدما في الطريق التي رسمها الحق تبارك وتعالى للداعين إليه :

 (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).

فلسنا نسأل الناس شيئا ، و لا نقتضيهم مالا ولا نطالبهم بأجر ، ولا نستزيد بهم وجاهة ، ولا نريد منهم جزاء ولا شكورا ، إن أجرنا في ذلك إلا على الذي فطرنا.

عـاطــفة

و نحب أن يعلم قومنا أنهم احب إلينا من أنفسنا ، و أنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء ، و أن تزهق ثمنا لمجدهم و كرامتهم و دينهم و آمالهم إن كان فيها الغناء، و ما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا و ملكت علينا مشاعرنا ، فأقضت مضاجعنا ، و أسالت مدامعنا ، و إنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس ، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب ، و لن نكون عليكم في يوم من الأيام.

لله الفضل و المنة

و لسنا نمتن بشيء ولا نرى لأنفسنا في ذلك فضلا ، و إنما نعتقد قول الله تعالى :

 ( بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17) .

وكم نتمنى – لو تنفع المنى – أن تتفتح هذه القلوب على مرأى و مسمع من أمتنا ، فينظر إخواننا هل يرون فيها إلا حب الخير لهم و الإشفاق عليهم و التفاني في صالحهم ؟

وهل يجدون إلا ألما مضنيا من هذا الحال التي وصلنا إليها ؟ و لكن حسبنا أن الله يعلم ذلك كله ، و هو وحده الكفيل بالتأييد الموفق للتسديد، بيده أزمة القلوب و مفاتيحها ، من يهد الله فلا مضل له و من يضلل الله فلا هادي له و هو حسبنا و نعم الوكيل . أليس الله بكاف عبده؟

أصناف أربعة

و كل الذي نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدا من أربعة :

مؤمـن :

إما شخص آمن بدعوتنا و صدق بقولنا و أعجب بمبادئنا ، و رأى فيها خيرا اطمأنت إليه نفسه ، و سكن له فؤاده ، فهذا ندعوه أن يبادر بالانضمام إلينا و العمل معنا حتى يكثر به عدد المجاهدين و يعلوا بصوته صوت الداعين ، و لا معنى لإيمان لا يتبعه عمل ، و لا فائدة في عقيدة لا تدفع صاحبها إلى تحقيقها و التضحية في سبيلها ، و كذلك كان السابقون الأولون ممن شرح الله صدورهم لهدايته فاتبعوا أنبيائه و آمنوا برسالاته و جاهدوا فيه حق جهاده ، و لهؤلاء من الله أجزل الأجر و أن يكون لهم مثل ثواب من اتبعوهم لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.

متـردد :

وإما شخص لم يستبين وجه الحق ، و لم يتعرف في قولنا معنى الإخلاص و الفائدة ، فهذا نتركه لتردده و نوصيه بأن يتصل بنا عن كثب ، و يقرأ عنا من قريب أو بعيد ، و يطالع كتاباتنا و يزور أنديتنا و يتعرف إلى إخواننا ، فسيطمئن بعد ذلك لنا إن شاء الله ، و كذلك كان شأن المترددين من أتباع الرسل من قبل .

نفـعي : 

وإما شخص لا يريد أن يبذل معونته إلا إذا عرف ما يعود عليه من فائدة و ما يجره هذا البذل له من مغنم فنقول له : حنانيك ليس عندنا من جزاء إلا ثواب الله إن أخلصت ، و الجنة إن علم فيك خيرا ، أما نحن فمغمورون جاها فقراء مالا ، شأننا التضحية بما معنا و بذل ما في أيدينا ، و رجاؤنا رضوان الله سبحانه و تعالى و هو نعم المولى و نعم النصير ، فإن كشف الله الغشاوة عن قلبه و أزاح كابوس الطمع عن فؤاده فسيعلم أن ما عند الله خير و أبقى ، و سينضم إلى كتيبة الله ليجود بما معه من عرض الحياة الدنيا لينال ثواب الله في العقبى ، و ما عندكم ينفد و ما عند الله باق , و إن كانت الأخرى فالله عني عمن لا يرى لله الحق الأول في نفسه و ماله و دنياه و آخرته و موته و حياته , و كذلك كان شأن قوم من أشباهه حين أبوا مبايعة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أن يجعل لهم الأمر من بعده , فما كان جوابه صلى الله عليه و سلم إلا أن أعلمهم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده , و العاقبة للمتقين

متحامـل : 

و إما شخص أساء فينا ظنه و أحاطت بنا شكوكه ، فهو لا يرانا إلا بالمنظار الأسود القاتم ، و لا يتحدث عنا إلا بلسان المتحرج المتشكك ، و يأبى إلا أن يلج في غروره و يسدر في شكوكه و يظل مع أوهامه ، فهذا ندعو الله لنا و له أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه ، و أن يلهمنا و إياه الرشد ، ندعوه إن قبل الدعاء و نناديه إن أجاب النداء و ندعو الله فيه و هو أهل الرجاء ، و لقد أنزل الله على نبيه الكريم في صنف من الناس :

 (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) .

وهذا سنظل نحبه و نرجو فيئه إلينا و اقتناعه بدعوتنا ، و إنما شعارنا معه ما أرشدنا إليه المصطفى صلى الله عليه و سلم من قبل : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

نحب أن يكون الناس معنا واحدا من هؤلاء ، و قد حان الوقت الذي يجب فيه على المسلم أن يدرك غايته و يحدد وجهته ، و يعمل لهذه الوجهة حتى يصل إلى غايته المنشودة ، أما تلك الغفلة السادرة و الخطرات اللاهية و القلوب الساهية و الانصياع الأعمى و اتباع كل ناعق فما هو من سبيل المؤمنين في شيء . 

. إيمانان

والفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا في الإيمان بهذا المبدأ أنه عندهم إيمان مخدر نائم في نفوسهم لا يريدون أن ينزلوا علي حكمه ولا أن يعملون بمقتضاه ، علي حين أنه إيمان ملتهب مشتعل قوي يقظ في نفوس الإخوان المسلمين . ظاهرة نفسية عجيبة نلمسها ويلمسها غيرنا في نفوسنا نحن الشرقيين أن نؤمن بالفكرة إيمانا يخيل للناس حين نتحدث إليهم عنا أنها ستحملنا علي نسف الجبال وبذل النفس والمال واحتمال المصاعب ومقارعة الخطوب حتى ننتصر بها أو تنتصر بنا ، حتى إذا هدأت ثائرة الكلام وانفض نظام الجمع نسي كل إيمانه وغفل عن فكرته ، فهو لا يفكر في العمل لها ولا بحدث نفسه بأن يجاهد أضعف الجهاد في سبيلها ، بل إنه قد يبالغ في هذه الغفلة وهذا النسيان حتى يعمل علي ضدها وهو يشعر أو لا يشعر ؟ أولست تضحك عجباً حين تري رجلاً من رجال الفكر والعمل والثقافة في ساعتين اثنتين متجاورتين من ساعات النهار ملحداً مع الملحدين وعابداً مع العابدين ! .

هذا الخور أو النسيان أو الغفلة أو النوم أو قل ما شئت هو الذي جعلنا نحاول أن نوقظ (مبدأنا) وهو هو المبدأ المسلم به من قومنا في نفوس هؤلاء القوم المحبوبين .

تلك شذرات من أدب وموجهات حركة الإخوان كما جاءت للمؤسس وسارت عليها الجماعة دون التواء أردت منها نقل الصورة من معينها للقارئ الكريم ليستبين حتى لا يطاله بمكره خب يقرأ بلسان فؤاد علام وينظر بعيني صلاح نصر ويتقد بقلب مبارك فلو لم يكونوا في موقع الخصم السافر لكان القبول طبيعي تجاه شهادتهم على التاريخ....

وسنستمر في تتالي طرح نظرا لاهمية الموضوع من حيث السعة والتجربة والتوقيت..

لاجله هو

تالله لو جئت بمثلك ألف ألف ما بلغت لأحدهم مقدارعقلة , وما كنت عندي قط أهلا لان أرد عليك فأرفعك وأبغيك شهرة ، لكن الذكر في كل الأحوال مع فصيلتك لا يرتقي البتة بالمذكور والا لارتقى صاحبك وكم ذكره القران ....ورغم كل فحيح وفاء سلطان وتقعر ولجلجت لسانها فلن يزيد الخلق بالقول سوى تبا وألف تب لوفاء سلطان وجلابيب سلطان ..

Wesabi111@gawab.com