اليمن والإتجار بالجنس
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 5 أيام
الثلاثاء 17 فبراير-شباط 2009 07:16 م

تعمل مها (وهذا ليس اسمها الحقيقي) في تجارة الجنس منذ كان عمرها 17 عاما إلى أن بلغت الآن 22 عاما، وتقول أنها وشقيقتها أُجبرتا على العمل في تجارة الجنس لتوفير الطعام والعلاج لوالدتهما المريضة. حيث شرحت وضعها لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: "توفى والدي عندما كنا لا نزال صغيرات فاضطرت والدتي للعمل كخادمة في المنازل. لم يسمح لنا فقرنا من مواصلة تعليمنا. وعندما أصيبت أمي بالسرطان قررت وشقيقتي العمل في الشارع... لتصبح تجارة الجنس مصدر دخلنا، خصوصا وأننا لا نملك أي تعليم أو مهارات تمكننا من العثور على فرص عمل مناسبة".

وعندما سُئِلَت عما إذا كانت قد تعرضت لخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري قالت مها أنها لم تقم أبداء بإجراء اختبار الكشف عن الفيروس، وأضافت: "نحن نسمع عن الإيدز وكل ما نعرف عنه أنه مميت. أعتقد أن اليمن آمن لأنه بلد مسلم. والإيدز يأتي من الأوربيين ونحن لا نمارس الجنس معهم".

ويرى الخبراء أن اليمنيين عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز بسبب ارتفاع معدلات الفقر وتدني مستوى التعليم. حيث قال عبد الحافظ الورد، السكرتير العام لجمعية الرعاية المتكاملة للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري، لشبكة الأنباء الإنسانية إيرين أن "الفقر وفيروس نقص المناعة البشري متلازمان، فحيثما تواجد الأول تواجد الثاني"، مضيفا أن معظم حالات فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز توجد بين الفقراء.

ويأتي اليمن في المرتبة 153 من بين 177 دولة على مؤشر التنمية البشرية لعام 2007-2008، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما أفاد تقرير تقييم الفقر لعام 2007، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي والحكومة اليمنية، أن نسبة الفقراء بين سكان اليمن، الذين يصل عددهم إلى 21 مليون نسمة، بلغت 34.8 بالمائة. كما ذكر مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أن 15.7 بالمائة من السكان يعيشون بأقل من دولار أمريكي واحد في اليوم وأن 45.2 بالمائة منهم يعيشون بأقل من دولارين في اليوم.

وفي هذا السياق، أفاد خالد عبد المجيد، مسئول برامج بمكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في صنعاء، أن مؤسسات الدولة تفتقر إلى القدرة على التصدي لفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، مضيفا أن "عدم وجود وظائف كافية يصيب الشباب بالإحباط ويفقدهم ثقتهم في المستقبل، ويدفع بالبعض منهم إلى العمل في تجارة الجنس". كما أشار عبد المجيد إلى أن الهجرة الداخلية والخارجية لعبت وتلعب دورا في نشر الفيروس.

ارتفاع نسبة العمل في تجارة الجنس

قالت سعاد القداسي رئيسة منتدى المرأة للبحوث والتدريب، وهي منظمة غير حكومية محلية، أن العمل في تجارة الجنس شهد ارتفاعا سريعا في السنوات الثلاثة الأخيرة. وعزت ذلك إلى كون "اليمن مجتمعا محافظا لا يعترف بتلك الظاهرة، مما يعتبر مشكلا في حد ذاته... فالتوعية تقوم على الاعتراف بوجود الظاهرة ". وأشارت إلى أن منتدى المرأة للبحوث والتدريب كان قد أجرى مؤخرا دراسة حول العمل في تجارة الجنس ولكنه اصطدم بعدم استعداد الناس للاعتراف بوجود هذه الظاهرة. وحذرت القداسي من أن استمرار الموقف الحالي سيؤدي إلى زيادة انتشار فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز.

من جهته، أشار تقرير الخارجية الأمريكية للاتجار في البشر لعام 2006 إلى أن الأطفال اليمينيين هم عرضة للاتجار بهم بهدف الاستغلال الجنسي، وإلى أن اليمن شكل وجهة للاتجار في النساء العراقيات.

الجهل

انتقد خالد عبد المجيد من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الجهل المحيط بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وعدم الإلمام بطرق الوقاية منه وارتباط وصمة العار بالمصابين به، مشيرا إلى انتشار سوء الفهم والخوف من فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، إذ "أن أطباء الأسنان، مثلا، غالبا ما يرفضون علاج الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة البشري، مما يجعل من الصعب على مثل هؤلاء الناس الاعتراف بإصابتهم بالفيروس".

وأوضح عبد المجيد أن الجهل يتضاعف بسبب ارتفاع معدلات الأمية، مطالبا "الإذاعات المحلية بضرورة تخصيص ساعة يوميا لتثقيف الناس بشأن هذا الفيروس".

وتجدر الإشارة إلى أن البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز سجل 2493 حالة إصابة بالفيروس في اليمن حتى سبتمبر 2008.

* شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)