يهود صعده ...وإيران مخططاتها في اليمن ..
بقلم/ سمير عبيد
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 20 مارس - آذار 2007 08:01 م

مأرب برس  -بروكسل – خاص

منذ سنوات ونحن نكتب ونوثق بأن هناك مخططا إيرانيا يحمل في جوفه نيات مختلفة ،ووجهته الدول والمجتمعات العربية، ولكن لا أحد يسمع بل أن قسما من العرب اتهمونا بالهذيان والمبالغة ،إذ يريد الإيرانيون من خلال هذا التغلغل إحداث الإنقلابات في بعض الدول العربية، وإشعال الفتنة في بلدان عربية أخرى، أما في دول أخرى تريد إستنزافها والوصول الى البورصة والمجتمعات المخمليّة التي تضم السياسيين والعسكريين والإعلاميين وصفوة المجتمع فيها، وأن الهدف واحد هو بسط المشروع الإيراني ،ونهب خيرات الدول العربية وثرواتها لصالح إيران ومشروعها الإمبراطوري، مثلما هو حاصل في العراق،ومنذ سقوط النظام العراقي السابق ولحد الآن، حيث أصبح النفط العراقي هو الذي يمول الصناعات الإيرانية ،وصناعات وخطط وتنمية حلفاء إيران في المنطقة، إذ يتم تهريبه عن طريق شط العرب الى الموانىء الإيرانية والأماراتي
ة وبعلم بعض النخب السياسية الحاكمة في العراق، ومن هناك الى الداخل الإيراني وعبر الموانىء الإيرانية، والى السوق السوداء حيث يباع لتمويل الخلايا الإيرانية النائمة في أوربا والوطن العربي، ويُهرّب قسما منه الى حلفاء إيران في المنطقة على شكل هدايا وهبات ورشاوى، أما التهريب الآخر فهو عبر أنانبيب سرية وعبر شاحنات (سيارات) حوضية وأن قسم من النفط العراقي والمشتقات النفطية تهرب الى إيران ثم تعاد وبحيلة إيرانية عراقية ليتم بيعها من قبل إيران للعراق عل شكل مشتقات نفطية، وكل هذا يحدث أمام أنظار القوات البريطانية والأميركية.

فمن هنا نستطيع القول بشكل علني بأن الأردن يقف على كف عفريت الآن، حيث التغلغل الإيراني الذي وصل الى أعلى المستويات ،حيث البورصة، والمجتمع المخملي، وخصوصا طبقة التجار ورجال الأعمال، وأن الإستثمارات الضخمة في الأردن تحمل في جوفها مخططات الفتنة الداخلية في الأردن، والإستيلاء على عصب الدولة الأردنية والمجتمع الأردني ، ومن ثم التخطيط لقلب النظام في الأردن ،وأن الإستثمارات الكويتية التي وصلت الى حدود 6 مليار دولار تصب في هذا الإتجاه ، إذ أنها الكف الأيمن من اللعبة والتي كفها الايسر المستثمرين العراقيين ( تجار الحروب) ،إذ انها تتلاقى مع المخطط الإيراني، وتتحرك بإشارات من المايسترو الإيراني لأن الأموال الكويتية التي تم إستثمارها في الأردن أغلبها عائدة الى رجال أعمال كويتيين وخليجيين من أصول إيرانية، ولهم علاقاتهم القوية مع إيران ،وليس بالضرورة أن ورائهم الكويت الرسمية أو البحرين الرسمية أو أي نظام خليجي آخر، ولقد صدق الباحث السوري الدكتور محمد سعيد شلح عندما قال ( الحوثي يتلقى مساعدات مالية كبيرة من أغنياء الشيعة في الكويت والبحرين) ولكنه أخطأ عندما لم يوضح ، فلابد أن يقول ( من أغنياء الذين يوالون إيران ومذهبها السياسي في الكويت والبحرين) كي تتوضح الصورة وكي لا يسري الإتهام نحو الشيعة العرب الذين هم هدفا إيرانيا مثلما هو حاصل في العراق، حيث تحصد بهم خلايا الموت والمليشيات التابعة لبعض الحركات والأحزاب و التي توالي إيران،و لأنهم يرفضون التبعية الى إيران، ويرفضون القادة السياسيين الذين يمثلون إيران في الحكم العراقي، ويعملون لصالح المخطط الإيراني في العراق ونحو السعودية ودول أخرى، ويُجبرون الناس على تعلّم اللغة الفارسية ونشر الثقافة الفارسية عبر الصحف والمواقع الإلكترونية والإذاعات و الفضائيات الطائفية التي تمولها إيران، والتي أصبحت كالفطر في العراق، وتعمل على مدار 24 ساعة مقابل غياب وموت إعلامي وثقافي عربي بل حرص عربي على إنتشار مبرمج لفضائيات العري والطرب الرخيص وصور الفنانات العاريات، وأخبار طلق وتزوج وعنّست وأصيب بالعقم، وأخبار تكبير الصدور ونفخ الشفاه والفضائح، والحرص على عرض البرامج التي تدرب على التوهان والإنحدار وقتل الحميّة الوطنية والغريزية عند المواطن العربي، وطبعا لا يجوز التعميم فهناك محاولات جادة ولكنها لا تكفي و كمن يعطي الموعظة في حفلة عرس أو في مرقص.

ولو عدنا الى صلب الموضوع، فنحذر الشعب الأردني والسلطات الأردنية بأن هناك مخططا مبرمجا و بشكل دقيق ووراءه إيران وهدفه بسط الهيمنة على الإقتصاد الأردني، ومن خلال السيطرة على البورصة الأردنية و البنوك الأردنية عن طريق إيداع الحسابات الضخمة جدا، والقادمة من بعض دول الخليج بإيعاز إيراني، وكذلك القادمة من العراق والتي حملها ويحملها رجال العراق الجديد والديموقراطي جدا، وهي بالملايين والمليارات، ولكنها جاءت بإيعاز إيراني وبحجة الهرب من العراق أو إصطناع الخلاف السياسي والتجاري، ولكنها هدفا إستراتيجيا لإيران والى الذين يوالونها في العراق من أجل بسط السيطرة على الأردن وتحويله الى لبنان جديدة .

وأن الإختراق الإيراني وصل للنخب الأكاديمية والثقافية والسياسية في الأردن، وحتى للجبهة الإسلامية نفسها والتي تعتبر نفسها على خلاف إيديولوجي ومذهبي مع إيران، فلهذا يجب أن تكون الإجراءات الأردنية ضد الحيتان والقطط السمان، وضد رجال الأعمال الذين في جيوبهم الغدارات وفي الجيوب الأخرى الدولارات، وليس ضد المواطنين العراقيين البسطاء و الهاربين من الجحيم وخلايا الموت ،ومن التصفية المذهبية والإثنية، علما أن هؤلاء ومعهم الطبقات الفقيرة في الأردن هم أول الضحايا حيث أرتفعت الأسعار وحصل التخلخل في تركيبة المجتمع الأردني، وأنتشرالحسد وتوسعت الفجوات، وهذا ما يريده أصحاب المخطط الإيراني، والذين نجحوا بإختراق أراضي السلطة الفلسطينية أيضا ، وأصبح المال الإيراني يلعب لعبته في تكوين الخلايا ونشر الشقاق والخطف والمخدرات كي يستمر الوضع الفلسطيني من سيء الى أسوأ، ولكي تبقى إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية و لمصالح داخلية.

 علما أنها تلعب اللعبة نفسها في سوريا حيث تعطل إجراء تحريك المباحثات السورية الإسرائيلية حول إحلال السلام، وبنفس الوقت تعمل سرا لجر سوريا نحو الصدام مع إسرائيل نيابة عن إيران، ولخلط الأوراق في المنطقة، ولكن وعلى مايبدو أن القيادة السورية واعية ومستوعبة لذلك، ويجب أن يقف معها العرب وسريعا، وأولهم المملكة العربية السعودية والأردن ، فايران تريد أن تحاصر الأردن وتندفع نحوه رويدا رويدا من جهة الأراضي الفلسطينية كي تلهيه عن العراق، وكي تتمكن من عزله عن العراق من خلال إنكفاءه نحو الفوضى الداخلية، وبنفس الطريقة ايضا في البحرين حيث أصبحت إيران قادرة على فعل أي شيء وحسب مزاجها في البحرين وبالتاريخ الذي تحدده هي، لأن رجالها وصلوا الى البرلمان والحكومة في البحرين ،وبالتالي أصبحت تحاصر البحرين سياسيا ودستوريا وإجتماعيا ومذهبيا وتريد الأمر نفسه في بلدان خليجية أخرى وحتى عربية وخصوصا في المغرب العربي.

أما في اليمن فأن إيران ذاهبه نحو نشر الفوضى فيه كي تضرب العصافير كلها بحجر واحد ، فهي تظن بأنها ستنجح وعبر الأموال وغسيل الأدمغة بما يلي :

أولا:

 تظن بأنها ستنجح بإرهاق الولايات المتحدة نحو تشتيت قواتها وتفكيرها وخططها عندما يلتهب الوضع الداخلي في اليمن ،ويتبعه ألتهاب الوضع في الأردن والبحرين والكويت والصومال وغيرها من الدول مقابل نجاحها ببسط هيمنتها في العراق ولبنان ،وأخذ زمام الأمور لتعود وتبسط مشروعها السياسي والإقتصادي والمذهبي التعجيمي وصولا لتنفيذ خط الحرير الإيراني الجديد والذي سيوصلها نحو أوربا.

ثانيا:

نظن أنها ستدخل اليمن في متاهات الحرب المذهبية والقبلية والمناطقية والجهوية، وحينها لن يُحدد المخرب الأصلي والعدو الأصلي ،ولقد نجحت إيران بإختراق بعض الإعلاميين والصحفيين والمثقفين في اليمن، وأصبحت هناك إتهامات ضد ليبيا ،وأحيانا ضد دول عربية أخرى بحجة أن بعض السفن القادمة منها كانت تضم الأسلحة والذخائر، والهدف هو تشتيت الأنظار عن إيران ورجال وعيون إيران داخل اليمن.

ثالثا:

تظن أنها ستنجح بنقل الفوضى المكتبية في السعودية من خلال اليمن ،أي ستكون هناك فوضى في مكاتب أصحاب القرار في السعودية كخطوة أولى، ثم يبدأ مشروع الإستنزاف السعودي من خلال اليمن والبحرين والعراق، فإيران لديها هدف إستراتيجي وهو محاصرة المملكة العربية السعودية وإضعافها لأنها البلد العربي الوحيد الذي لا زال يتمتع بالقوة والهيبة والوزن الدولي والعربي والإقليمي بعد أن نجحوا بتحطيم العراق، وبعد أن صُدّوا من المصريين بشكل قوي ،ويحاولون محاصرة ليبيا القوية، وبث الرعب الداخلي في الجزائر لأنها من البلدان التي لا زالت تتمتع بقوة عسكرية وسياسية .

رابعا:

 تظن أنها ستنجح في محاولة الضغط على إسرائيل سياسيا ولوجستيا من خلال العائلات اليهودية التي تسكن محافظة صعدة اليمنية، أي العائلات التي تقطن قرب مسرح الأحداث الجارية بين الحكومة اليمنية من جهة وبين أنصار الحوثي من جهة أخرى، فتريد إيران مسك إسرائيل واللوبيات اليهودية في الولايات المتحدة وأوربا من اليد اليمنى والمؤلمة من خلال حصار اليهود الأبرياء في صعدة،والذين هم من المواطنين اليمنيين، ولقد نجح الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بإفشال هذا المخطط وبدرجة معقولة عندما أمر بنقل اليهود في صعدة نحو العاصمة اليمنية صنعاء، ومنحهم مرتبات شهرية، وهناك جهود حثيثة لتوفير المساكن لهم، إذ تم نقل 45 شخصا من منطقة آل سالم في محافظة صعدة شمال اليمن وجميعهم من المواطنين اليهود في اليمن، لهذا فهو واجب أخلاقي وديني ووطني بأن تتكاتف الجهود السياسية والحكومية والنقابية والقبلية والدينية من أجل مساعدة هؤلاء الناس، والذين لا ذنب لهم بل وضعتهم الظروف في جغرافية ساخنة، ومساومات سياسية رخيصة من بعض الخلايا المتمردة التي تحركها دول وسفارات وفي مقدمتها إيران، علما أن هؤلاء الناس ليس لهم علاقة بشارون ولا ببيريز بل أن رئيسهم علي عبد الله صالح،وأن علمهم هو العلم اليمني ووطنهم هو اليمن، وهكذا اليهود في المغرب وتونس والبحرين وغيرها من الدول العربية.

خامسا:

 تظن و فمن خلال التغلغل الإيراني في اليمن ستفرض نفسها شريكا على الولايات المتحدة مثلما فرضتها في أفغانستان والعراق،حيث كانت الولايات المتحدة مضطرة في حينها لمغازلة إيران، ومن أجل إسقاط نظام طالبان والنظام العراقي السابق، ومن ثم تحييد إيران، أما السبب الآخر إستغلال إيران كي تفرض نفوذها على الفصائل الأفغانية الشيعية والفصائل الأخرى التي تواليها من أجل إنجاح التركيبة السياسية في أفغانستان، ولقد نجحت الولايات المتحدة بهذا حيث إستدرجت إيران هناك وكانت سببا بإنجاح مؤتمر روما الخاص بالقضية الأفغانية ،ولقد قال حينها وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول ( لولا المواقف الإيرانية ودعم إيران الإيجابي لما نجح مؤتمر روما الخاص بأفغانستان) وهكذا الحال في العراق حيث قال نائب الرئيس الإيراني السابق محمد علي أبطحي وبمؤتمر صحفي عندما كان يحضر مؤتمر الإستراتيجيات في أبو ظبي قبل أكثر من ثلاث سنوات ما يلي ( لولا إيران لما إستطاعت الولايات المتحدة من إسقاط نظام طالبان ونظام صدام، فلقد كان لإيران دورا كبيرا بهذا).

سادسا:

 هناك خطوط داخل التركيبة السياسية الإيرانية وحتى داخل التركيبة العسكرية الإيرانية تبحث عن الثأر من الجيش اليمني، ومن قائده الرئيس علي عبد الله صالح لأن الأخير أعطى أوامره بإرسال الوحدات العسكرية اليمنية للإشتراك في الحرب العراقية الإيرانية (1980 ــ 1988) ولجانب الجيش العراقي، فمثلما نجحت إيران بمحاصرة وتهجير وأعتقال وتسميم وأغتيال أعداد كبيرة من القادة العراقيين من العسكريين والضباط الكبار والطيارين والمهندسين وضباط الصواريخ من العراقيين إنتقاما منهم كونهم كانوا في الجيش العراقي الذي وقف بوجه إيران ومشروعها المخيف الذي نراه الآن، فيريدون الإنتقام وبنفس الطريقة من النخب السياسية والعسكرية اليمنية التي كانت بموقع القرار والمسؤولية أبان الحرب العراقية الإيرانية، وطبعا هناك طرفا خليجيا يشترك معهم بنفس الهدف، ولهذا دعم ويدعم وبصورة غير مباشرة جميع هذه التحركات بغضا بالرئيس صالح الذي وقف مع العراق طيلة الحصار، وما بعد الحصار والحرب وتداعياتها.

ربما يتعجب البعض من طرحنا هذا، فنحن لا نقف عند الخلافات الشخصية والإيديولوجية عندما نشعر بأن هناك تهديدا للأمن القومي العربي، وحتى وأن كان هذا التهديد بإتجاه الدولة التي لا نميل نحو نظامها وننتقده بإستمرار، وتحت مبدأ أن النظام يمثل نفسه وتركيبته ولا يمثلنا ولا نمثله قطعا ،ولكن ما يهمنا شعب تلك الدولة، وحدود تلك الدولة والذي هو جزء من الشعب العربي، وهي جزء من الوطن العربي جغرافيا وسياسيا وإجتماعيا وتاريخيا، لهذا نحذر السلطات الأردنية ومن مبدأ الحريص والناصح ودون المرور على الخلافات بوجهات النظر أن تنتبه لجبهتها الداخلية وأن لا تظلم المظلومين أساسا وهم الجالية العراقية الهاربة من الجحيم،وكذلك نحذر اليمن والبحرين وغيرها .

 وحتى بالنسبة لإيران فنحن ضد طبول الحرب والإعتداء عليها لأن أمنها وإستقرارها مهمان للعراق وللمنطقة، ولكن عندما تكون إيران خطرا علينا وعلى شعوبنا ومستقبل أجيالنا وثقافتنا ولغتنا ومجتمعاتنا فنقف ضدها وبكل شيء،نعم بكل شيء، وضمن حدود جغرافياتنا العربية، وأولها العراق، فإيران عبثت ولا زالت تعبث في العراق، وهذا غير جائز لها إطلاقا ،ويجب أن تخرج هي وجميع المجموعات التي دعمتها في العراق، والتي سمحت لها بالتسلل في العراق لأن المستقبل ليس بصالحها ومن مصلحتها كسب الشعب العراقي وبجميع أطيافه.

أما اليهود الذي يعيشون في بلداننا العربية فهم مواطنين من الدرجة الأولى،ويجب حمايتهم وحماية حقوقهم ومستقبل أجيالهم، وبنفس الوقت يجب محاسبة المسيء منهم مثلما يُحاسب المسلم والمسيحي في هذه البلدان، وضمن القانون الذي يسري على الجميع، ومحاسبة أي شخص أو طرف سواء كان حكوميا أو سياسيا أو نقابيا أو ثقافيا عندما يصدر منه نشازا أو إعتداءا على المواطن اليهودي، أو عندما يمارس العنصرية ضدهم عند المخالطة والبيع والشراء والتعيين والمنافسة المشروعة، ويجب معاملتهم المعاملة التي نصت عليها مبادىء الدين الإسلامي والأخلاق الإسلامية والعربية ، ولهذا نحن ضد الأطراف التي أساءات ليهود صعدة في اليمن، ومع قرار الرئيس صالح بنقلهم نحو مكان آمن...... فيجب أن تعاملوا الناس مثلما تحبوا الناس أن يعاملونكم.

كاتب ومحلل سياسي

مركز الشرق للبحوث والمعلومات


amir.obeid@gmail.com