و رحل الشيخ الأحمر و في الليلة الظلماء يفتقد البدر
بقلم/ يحيى الثلايا
نشر منذ: 16 سنة و 10 أشهر و 26 يوماً
الأحد 30 ديسمبر-كانون الأول 2007 08:04 ص

مأرب برس – خاص

كنت قبل إجازة العيد الماضي قد كتبت لمأرب برس موضوعا بعنوان "عن وفاة الشيخ الأحمر " تناولت فيه شائعة وفاة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر التي انتشرت حينها و فوجئت اليوم بكثرة الزيارات لهذه الخاطرة التي كتبتها آنذاك حيث بلغت قريبا من ألف و خمسمائة قارئ و هذا يشعرني بالامتنان لكل من اطلع عليها خاصة و أني مازلت جديدا على دنيا الكتابة و النشر فشكرا لكل من زار و من علق مهما كانت و جهة نظره أو حدة تعليقه .

و اليوم أكتب هذه الأحرف و قد أضحى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في ذمة الله و غادر دنيانا مفضيا إلى ربه أعماله في الدنيا ليحاسب عليها كغيره من البشر و نسأل الله له الرحمة و المغفرة فالترحم و الاستغفار لموتي المسلمين من الآداب التي تعارف عليها المسلمون .

كتابتي عن الشيخ الأحمر رحمه الله إن حياً أو ميتاً لم تكن تملقا أو من باب المديح كما ظن بعض الكرام ممن علقوا على موضوعي المذكور حيث أظن نفسي أو أتمناها أن لا تكون من أهل المدح و التزلف الكاذب .و أنا على ثقة بان الذين خالفوني الوجهة حينها ليسوا كذلك الآن و بعد خبر رحيل الشيخ الذي لم يوارى الثرى حتى ساعة كتابة هذه الأحرف المتواضعة .

الشيخ عبد الله الأحمر تغمده الله بواسع رحمته بشر كغيره له أعمال يكون الناس أمامها بين قابل ومتحفظ لكنه و الكل يشهد أن له من الأدوار الوطنية و التاريخية ما يدفعنا للترحم عليه و الدعاء له فهو الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينفعه الآن بعد رحيله .

مر الأحمر بظروف و منعطفات هامة لا شك أن من الكتّاب و وسائل الإعلام من هم اقدر مني على الحديث عنها لكنني أود التعريج لبعض نقاط هامة في حياة الشيخ الأحمر رحمه الله.

سلالة النضال و التاريخ التي ينتمي إليها الشيخ الراحل لاشك أنها تركت في تكوينه بعض صفاته القوية و النبيلة كما أنها أكسبته التواضع و البساطة و الصراحة التي لا يحملها من علية الناس إلا من ألفوا المجد و عايشوه خلافا لمن كانت الصدفة و المغامرة سببا في علوهم و شهرتهم .

و من سمات الشيخ الراحل التي عرفها الناس عنه التسامح الذي ميزه خلال حياته فليس بخافٍ ما دار من صراع بين أسرته و أئمة الشطر الشمالي ومنها ذبح والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر و أخيه الشهيد حميد بن حسين الأحمر بسيف سفاح حجة الظالم فضلا عن اقتياده إلى سجن المحابشة شابا لم تحرره إلا أنوار الثورة المباركة و مع ذلك لم نسمع منه كلمة واحدة تسيء إلى آل حميد الدين أو غيرهم من خصومه و سافحي دماء أهله و تلك مزية نادرة في الرجال بل كان يحتفظ مع من تبقى منهم بعلاقات طيبة تدل على معدنه الأصيل.

و إن كان له من الأدوار الناصعة ما يلزم الإشارة إليه فلا يجوز تجاهل علاقته برجال الإصلاح المعاصرين و خيار عقلاء اليمن و في مقدمتهم أبو الأحرار الزبيري و النعمان و القاضي الإرياني رحمهم الله جميعا و التي كانت بداية لانخراطه في صفوف الحركة الإسلامية المعاصرة مبكرا كدليل وعي و وطنية فريدة .

يظن كثيرون إن علاقة الراحل بحزب تجمع الإصلاح و من قبله تيار الحركة الإسلامية الذي كانت تمثله جماعة الإخوان المسلمين كان مجرد تحالف أو نصرة أو بحثا عن دور ريادي غير أن الحقيقة غير تلك فلقد جمعه بهم منذ زمن مبكر الانضمام الفعلي و العهد كما كان يؤكده هو رحمه الله و منذ أيام الزبيري و برط و حزب الله كان الأحمر قد وجد نفسه و بحكم فطرته النقية ملزما بمسايرتهم و الانضمام إليهم و هذا ما أثبته هو في مواضع متعددة من مذكراته التي نشرت مؤخرا .

و ترجمة لهذا الانتماء كنا نعرفه رجل المبادئ والهوية الوطنية و الإسلامية و القومية حين يستدعي الأمر ذلك و خاصة في قضية فلسطين الغالية و لن ننسى تصريحه الصوتي الذي لم يقطعه سوى البكاء قبل عام من اليوم لقناة الجزيرة عند تنفيذ الجريمة البشعة في العراق يوم ذبح الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين يوم عيد الأضحى على يد العملاء من أبناء الأمة و كان الشيخ يجهش بالبكاء و هو يقول "يا للعار.... يا للعار " .

لمثل هذه القيم أحببناه و نترحم عليه اليوم و يبقى اليوم أن نتذكر أن الموعد الذي أختاره الله لقبض روحه فيه كان متزامنا مع الذكرى الخامسة لجريمة الاغتيال البشعة التي طالت شهيد اليمن الخالد جار الله عمر رحمه الله و التي ما زلنا إلي اليوم لم نستطيع تجاوزها و سد الفراغ الشاغر بغيابه لتزيدنا الأحداث حزنا .

رحمه الله و الهم أهله الصبر و اخلف علينا فيه بخبر و رحم الله جار الله عمر و كل شهداء الأمة الخالدين

إنا لله و غنا إليه راجعون