قرارات مصرية مهمة وجديدة تخص رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهاب تفاصيل 350 صاروخا يهز إسرائيل.. حزب الله يفرغ مستودعاته الحربية قبل الاتفاق الحكومة اليمنية توقع اتفاقية مع جامعة الدول العربية لتنظيم نقل البضائع برا قرارات في القبض على مساعدي اللواء شلال شايع بأوامر قهرية من الينابة العامة في عدن قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس
سجل العام 2007 الذي يؤذن بالرحيل جملة من التراجعات الانتخابية للحركات الإسلامية، من بينها فشل الإخوان المسلمين في مصر في انتخابات مجلس الشورى، وعدم تحقيق حزب العدالة والتنمية المغربي للنتائج الكبيرة التي توقعتها استطلاعات الرأي وأكدها بعض المراقبين، وصولاً إلى الخسارة المفاجئة لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن) في انتخابات البرلمان.
قد نضيف هنا نتائج الانتخابات الجزائرية التي أجريت في مايو/ أيار من هذا العام والتي أفضت إلى حصول حركة مجتمع السلم، وا
جهة الإخوان المسلمين على 52 مقعداً (13%). فيما كانت حصتها في البرلمان السابق 38 مقعداً، وهي وإن بدت نتيجة أفضل من سابقتها، فإنها ليست كذلك لو أخذنا في الاعتبار نسبة التصويت.
والأهم لو تذكرنا أن حصة الإسلاميين في البرلمان ممثلين في حركة مجتمع السلم وحزب الشيخ عبد الله جاب الله (النهضة عام 97 ثم الإصلاح الوطني عام 2002) قد تراجعت بشكل مضطرد من 106 مقاعد عام 1997، إلى 81 عام 2003، إلى 52 العام الحالي.
حيث لم تستفد حركة مجتمع السلم من شطب النظام (عن طريق المحكمة بالطبع!!) للشيخ جاب الله ومنح حزبه (الإصلاح الوطني) لبعض معارضيه، وفشل الحزب تبعاً لذلك في الحصول على أكثر من مقعد واحد، لم تنجح في حصد سوى 14 من مقاعده التي كان عددها في البرلمان السابق (43).
والخلاصة فيما يتعلق بالحركتين معاً هو التراجع، مع العلم أن سياستهما ليست واحدة. إذ تتماهى الأولى في لون السلطة، فيما تتبنى الثانية سياسة المعارضة القوية (نذكّر بأننا لم نشر إلى تغييب جبهة الإنقاذ المستمر عن الساحة السياسية).
كان لافتاً بالطبع أن تأتي النتائج المشار إليها بعد نتائج عديدة مهمة سجلتها الحركات الإسلامية في عدد من الجولات الانتخابية خلال العام 2006، من بينها العراق والكويت والبحرين ومصر وفلسطين، وفي هذه الأخيرة حصدت حماس الأغلبية في انتخابات المجلس التشريعي مطلع العام 2006.
وفي حين تبدو نتيجة انتخابات مجلس الشورى المصري واضحة لجهة التزوير الشامل والمعلن الذي مارسته الدولة ضد مرشحي الإخوان، ما يعني عبثية التعامل معها كنتيجة تعكس حجم الشعبية، فإن وقوع التزوير على هذا النحو السافر بعد شهور قليلة من انتخابات مجلس الشعب (حفلت بالكثير من التزوير أيضاً) التي فاز فيها الإخوان بـ 88 مقعداً، يحتاج إلى تفسير.
إضافة بالطبع إلى نتائج الانتخابات الجزائرية والمغربية والأردنية، لاسيما أن الأطراف المناهضة للظاهرة الإسلامية لم تتورع عن استخدامها في سياق التأكيد على اقتراب أفول نجم "الإسلام السياسي" إثر تجارب سيئة، بحسب رأيهم، في عدد من البلدان لاسيما فلسطين والعراق.
يشار هنا إلى أن 12 بلداً من البلدان العربية عادة ما تشهد انتخابات برلمانية يشارك فيها الإسلاميون بهذا القدر أو ذاك، أما الدول الأخرى فتراوح بين من لا تعرف الانتخابات البرلمانية، وبين من تعرفها على نحو مبرمج تغيب عنه التيارات الإسلامية بالكامل، كما هو حال سوريا وتونس.
في سياق تفسير ما جرى خلال الانتخابات التي أشرنا إليها في البداية، سنجد أنفسنا أمام جملة من الأبعاد يتداخل بعضها مع بعض على نحو من الأنحاء.
إذ هناك ما يتعلق بالتدخل الرسمي الحكومي الساعي إلى تحجيم حصة الإسلاميين من البرلمان، وهو تدخل له علاقة بالغطاء الذي منح أميركياً للدول العربية في سياق تحجيم "الأصوليين" بل حتى التخلص منهم إذا أمكن ذلك من دون ضجيج وتداعيات سيئة، وبالطبع بعد اكتشاف عبثية الإصرار على مسار الإصلاح في وقت تمنح فيه الجماهير ثقتها للأكثر عداءً لأميركا.
أما البعد الآخر فيتعلق بالقناعة الشعبية بمجمل العملية الديمقراطية، فضلاً عن القناعة بأداء القوى الإسلامية، ومعها وإلى جانبها الأبعاد الداخلية في تلك الحركات.
مع العلم أن المشهد يختلف بين بلد وآخر، تبعاً للتجارب السابقة ورؤية كل نظام للأسلوب الأفضل للتعامل مع إسلامييه.
البعد الرسمي والغطاء الأميركي
يعود تبني المسار الديمقراطي في العالم العربي إلى سببين رئيسين؛ يتعلق الأول بالموضة الديمقراطية التي سادت في العالم خلال الثمانينيات والتسعينيات، إلى جانب تنفيس بعض ضغوط الإصلاح الدولية التي كانت تظهر بين حين وآخر، وآخرها لوثة الإصلاح الأميركية بعد 11سبتمبر/ أيلول.
بينما يتعلق الثاني بالحراك الشعبي الداخلي الذي لم يعد بوسعه السكوت على احتكار النخب الحاكمة للسلطة والثروة، وصار صوته يعلو بالتدريج في سياق المطالبة بالإصلاح والمشاركة الشعبية.
وفي حين بقي البعد الداخلي حاضراً، وإن في سياق استخدام الديمقراطية (ديمقراطية الديكور) في منح النخب الحاكمة غطاء لاستئثارها بالسلطة والثروة، ومعها مختلف أشكال الممارسات السياسية والاقتصادية المرفوضة شعبياً، فقد جاء البعد الخارجي ليمنحها مزيداً من حرية التصرف بوضعها الداخلي على النحو الذي تريد من دون تحمل ضغوط أو انتقادات، بل ربما حصلت على دعم لسلوكها أيضاً.
بعد سنوات من حديث الإصلاح تأكدت الولايات المتحدة أن الانتخابات الحرة والديمقراطية غالباً ما تفرز الأكثر عداءً لها في الأوساط العربية، كما تأكدت أنها لن تجد ما هو أفضل من النظم القائمة. ولذا أخذت تتجاهل قصة الإصلاح مقابل تنازلات سياسية تقدمها الأنظمة العربية في سياساتها الداخلية (الاقتصادية بشكل خاص) والخارجية، بخاصة في الملفات الأكثر حساسية (فلسطين والعراق، والآن التعاون في ضرب إيران).
والحال أن تزوير إرادة الناس لا يتم فقط عبر تزوير الانتخابات بالطرق التقليدية ومنها البلطجة التي اشتهرت بها الساحة المصرية، بل تتم عبر وسائل أكثر نجاعة يأتي في مقدمتها تفصيل قوانين الانتخابات على نحو يفرز برلمانات باهتة لا معارضة فيها، وإن وجدت فضمن نطاق محدود يشرّع البؤس ولا يغيّره.
نعم، قانون الانتخاب هو كلمة السر التي يمكن لأي نظام عربي أن يحصل من خلالها على برلمان تحت السيطرة. على أن اللافت هذه المرة أن بعض الدول العربية لم تكتف بالقانون الانتخابي الذي لا يسمح لعمر بن الخطاب بالحصول على الأغلبية في حال شكل حزباً سياسياً، بل أضافت إلى ذلك أشكالاً كثيرة من التدخلات التي يصعب التفصيل فيها هاهنا.
مثل السماح لمرشحين أثرياء بشراء الأصوات ونقلها من دائرة إلى أخرى، والتلاعب بحصص الدوائر، والتدخل عند الفرز لصالح مرشحين موالين ضد معارضين، واستخدام عناصر المؤسسة العسكرية. وهدف هذه التدخلات بالطبع هو مزيد من تحجيم القوى الإسلامية بشكل خاص، والمعارضة بشكل عام.
والخلاصة هي أن الدول العربية ما زالت تطور أدواتها في سياق التلاعب بالعملية الانتخابية، فيما تتيح لها التكنولوجيا الجديدة مزيداً من التحكم باللعبة، مع العلم أن الإبداع في التلاعب لا يتم خوفاً من انتقادات الخارج، بل من أجل منح البرلمان المنتخب بعض الشرعية كي تكون له فائدته عندما يؤيد كل ما تتخذه الأنظمة والحكومات من سياسات إشكالية تمس حياة الناس، كما تمس القضايا الجوهرية التي تعنيهم في حاضرهم ومستقبلهم.
العزوف الشعبي وأسبابه
كان لافتاً في الانتخابات المغربية والجزائرية، وربما الأردنية بدرجة أقل، ذلك العزوف الشعبي واسع النطاق عن المشاركة في الاقتراع، ففي الجزائر أعلنت السلطة أن نسبة المشاركة بلغت 35%, لكن الاعتراف بأن 15% من الأصوات كانت فاسدة أكد أن نسبة المشاركة الحقيقية كانت 20%.
أما في المغرب فكانت نسبة المشاركة الحقيقية بعد حسم الأصوات الفاسدة هي (18%) لا أكثر (قالت الحكومة إنها 37%)، ولنتخيل غياب 80% من الناس عن الصناديق وما يعنيه من الناحية السياسية.
في الأردن، وفيما قالت الدولة إن نسبة المشاركة قد وصلت 57%, فإن واقع الحال يقول إن الرقم قد ساهمت فيه أرقام غير مسبوقة ولا مقنعة حصل عليها مرشحون في بعض الدوائر، فيما كان واضحاً أن عزوفاً عن الاقتراع قد شهدته المدن الكبيرة لاسيما مناطق الأردنيين من أصل فلسطيني الذين عادة ما كانوا يصوتون للحركة الإسلامية، بينما باع جزء منهم أصواتهم لمقاولي الحملة الانتخابية من غير أن يشعروا بأنهم يرتكبون خطأ كبيراً تبعاً لهامشية قناعتهم بأهمية اللعبة.
وفي حين كانت نسبة المشاركة كبيرة في المناطق الأخرى، فإن مرد ذلك هو قانون الصوت الواحد لدائرة متعددة المقاعد الذي يفرض على الناخب التصويت لمرشح العشيرة الذي يوفر الخدمات لأبناء عشيرته، وقد أنتجت هذه العملية برلماناً محدود النكهة السياسية يتسيّده المرشحون العشائريون ورجال الأعمال.
وفي العموم تؤكد استطلاعات الرأي سلبية النظرة الشعبية إلى دور مجلس النواب في حياة الناس، الأمر الذي يبدو أكثر وضوحاً بكثير في المغرب والجزائر.
مع العلم أن الأردن لم يشهد دعوات مهمة للمقاطعة، بينما دعا إليها كثيرون في الجزائر من بينهم قادة في جبهة الإنقاذ والشيخ عبد الله جاب الله، كما دعت إليها حركة العدل والإحسان في المغرب وهي الحركة الإسلامية الأولى في البلاد من حيث القوة والزخم الشعبي، وإن غابت عن الأطر الدستورية تبعاً لرفضها المشاركة في العملية السياسية القائمة.
لم يعد الشارع العربي، لاسيما في الدول التي تكررت فيها الانتخابات خلال العقدين الماضيين مقتنعاً بمسار ديمقراطية الديكور القائمة، وهو يعزف عنها شيئاً فشيئاً، كما لم يعد مقتنعاً بقدرة القوى الإسلامية على منح اللعبة بعض الفاعلية، بل ربما اقتنع بمساهمة تلك القوى في منحها المزيد من الشرعية.
فشل تجربة المشاركة الإسلامية
يحيلنا ذلك إلى حقيقة أن تجربة المشاركة الإسلامية في البرلمانات لم تفض إلى نتيجة إيجابية بمنطق الموازنة بين المصالح والمفاسد، وفي حين يبدو السبب الأبرز هو عجز الحركات المشاركة عن الحصول على كتلة مؤثرة في القرار حتى لو صوت الناس لصالحها بكثافة بسبب القانون الانتخابي والإجراءات الأخرى، فإن السبب الآخر يتعلق بسلوكها السياسي في البرلمان وخارجه، وفي مشاركة بعضها الهامشية في الحكومات.
وهنا تؤكد التجارب المتوفرة أن أكثر الحركات التي خاضت التجربة لم تمثل على نحو مقنع ضمير الشعب في حراكها السياسي، بل مالت في كثير من الأحيان إلى صفقات تحافظ على وجودها ودورها على حساب قضايا الجماهير الكبرى.
وحين يقبل رئيس أكبر حركة إسلامية مشاركة في البرلمان الجزائري منصب وزير دولة في الحكومة، فلا معنى لذلك سوى فقدان حركته دورها الرقابي على السلطة بل والتحول إلى شريك لها في المسؤولية عما تراه الجماهير بؤساً على مختلف المستويات.
لقد نجحت السلطات الحاكمة في تدجين الحركات الإسلامية على القبول بالواقع القائم بل وتشريع المزيد من التراجع على قاعدة الأغلبية والأقلية، لكن ذلك لم يكن كافياً. ويبدو أن التوجهات الأميركية الجديدة المنسجمة مع الهواجس الرسمية الداخلية قد أخذت تميل إلى مزيد من تحجيم المساهمة الإسلامية في البرلمان، وبالطبع بعد دورة أو أكثر تمنح خلالها حصة معقولة لا تتعدى 20% في أحسن الأحوال.
وقد تابعنا مسلسل التحجيم في اليمن والجزائر والأردن، كما سنتابعه في دول أخرى خلال المرحلة المقبلة. ولا يحدث ذلك خوفاً من التأثير السياسي (المحدود أصلاً) بل في سياق تجفيف ينابيع الظاهرة الإسلامية برمتها، وإن على نحو تدريجي، وبالطبع قناعة بأنها ظاهرة لا تنتج سوى المتاعب للأنظمة، وكذلك للولايات المتحدة والغرب.
لكن المعطيات التي ذكرناها حول فشل تجربة الحركات الإسلامية في البرلمانات، فضلاً عن بعض خلافاتها الداخلية وسوء إدارة اللعبة الانتخابية من الترشيح إلى الانتخاب، لا تشكل مبرراً كافياً لتراجعها في الانتخابات المشار إليها، ولولا التدخلات الرسمية متعددة الأشكال، لكانت النتيجة مختلفة، بل ربما تحسنت بسبب اتساع موجة التدين في الشارع.
صحيح أن الإسلاميين أنفسهم لم يعودوا متحمسين للعبة، لكن ذلك أيضاً لا يبرر التراجعات على النحو الذي تابعنا، في وقت لا تنافسهم فيه قوىً وشخصيات ذات مصداقية وحضور.
أما الحديث عن فشل تجارب إسلامية وممارسات خاطئة لمحسوبين على الظاهرة، فليس مبرراً أيضاً، لأن الجماهير تفرق بين حركة وأخرى، وتبقى قصة فشل حماس التي يشير إليها البعض، وهي قصة سخيفة لأن من تستهدفه الدولة الصهيونية والولايات المتحدة لا يخسر شعبيته في صفوف جماهير الأمة، بدليل فوز ممثلي أكبر مخيمين في الأردن من جبهة العمل الإسلامي من بين ستة فازوا فقط من الحزب.
وفي العموم فإن أخطاء هذه الحركة أو تلك لا يغير في حقيقة أن القوى الإسلامية ما تزال هي جبهة المقاومة والممانعة في الأمة، أكان في مواجهة طغيان الداخل أم هجمات الخارج.
خلاصة القول هي إن شعبية ظاهرة الإسلام السياسي لم تتراجع كما يقول البعض شماتة أو ترويجاً للتبريرات العربية الرسمية للنتائج المعلنة، بل إنها في تصاعد. وإذا كانت الجماهير قد عزفت عن المشاركة في لعبة معروفة النتائج، فإن مساهمتها في الحياة السياسية ستبقى قائمة بل ستتصاعد، بدليل موجة التدين الواسعة ومعها الوعي بقضايا الدين ومتطلباته، وحين تجد تلك الجماهير مساراً أفضل للفعل السياسي فستبادر إليه من دون شك.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا لو طبق القانون الانتخابي الإسرائيلي على نحو نزيه (يؤسفنا الاعتراف بأنه الأرقى عالمياً) والذي يصوت من خلاله الناس لقوائم انتخابية وليس لأشخاص؟ الأكيد أن الفوز سيكون حليف القوى الإسلامية الصادقة.
كاتب فلسطيني