الإعلام الأمريكي يكشف عن أوجه الاختلاف بين إستراتيجيتي بايدن وترامب الموجهة ضد الحوثيين؟ الإفتراض الخاطئ
الحوثيون يجددون تحديهم للإدارة الأمريكية وترسانتها العسكرية في المنطقة.. عاجل
أول أديب يمني تترجم قصصه للغة الكردية وتشارك في معرض أربيل للكتاب
وكيل قطاع الحج والعمرة ينهي الترتيبات النهائية بخصوص موسم الحج لهذا العام مع نائب وزير الحج السعودي
وزارة الأوقاف اليمنية تعلن صدور أول تأشيرة حج لموسم 1446هـ
منصة إكس الأمريكية تتخذ قرارا بإيقاف حساب ناطق مليشيا الحوثي يحيى سريع
قرابة ألف طيار ومتقاعد إسرائيلي يقودون تمردا بصفوف جيش الاحتلال.. رسالة تثير رعب نتنياهو
سفير جديد لليمن لدى أمريكا بلا قرار جمهوري مُعلَن
موانئ عدن تعلن جاهزيتها الكاملة لاستقبال السفن تزامناً مع القرار الأمريكي بحظر دخول النفط إلى الحديدة
اللجنة الأمنية بحضرموت تتوعد كل من يتعاطى مع التشكيلات العسكرية خارج إطار الدولةوتحذر المساس بأمن المحافظة
تستحق قافلة الحرية التوقف عندها طويلا، لكن الأمر لا يتعلق بالراهن من الأحداث.. إنه أبعد من ذلك بكثير، وأكبر ما أثارته الحادثة هو النقاش المتعلق بتركيا ودورها في المنطقة والذي يتلازم بشكل طبيعي مع ضياع البوصلة العربية، ووجدنا أنفسنا أمام خيارين: إما تركيا المنقذة والعظيمة العثمانية الإسلامية «السنية»، وإما تركيا التي تستثمر فينا سياسيا وتتكسب من قضايانا كما فعلت إيران، لكن بطريقة أكثر لباقة ودبلوماسية!
إن العاقل يمكنه بسهولة إدراك الخطأ الواضح في الاحتمالين، لكن هذه الشريحة تندر في عالمنا العربي هذه الأيام، والتحليلات أكثر عرضة من ذي قبل للتهويمات والتمنيات والتفسيرات غير العقلانية.. فلا تركيا قادرة وراغبة أن تكون دولة بني عثمان ولا الظرف الدولي يسمح بذلك، كما أن السياسة التي تعتمدها في المنطقة العربية سياسة حقيقية وليست «دجلاً» أو خديعة تمارسها لاستغلال ضعفنا واستثماره، لكننا نقرر دائما أن نطلق الأحكام ونصدر المواقف دون أن نقرأ، فالراحة تستهوينا كثيرا، ليس الأفراد فحسب، بل إن المؤسسة الرسمية الحاكمة تفعل هذا أيضا.. سياسة ردود الفعل والتعامل الآني مع الأحداث هي الحاكمة على الدوام.. فهل يمكن لأحد على سبيل المثال أن يعطينا رسما وملمحا دقيقا للسياسة الخارجية في بلد كبير كمصر؟!
علينا إدراك أن ما يجري في تركيا عملية سياسية حقيقية ممنهجة تقوم على أسس واضحة، وليست عبثا أو ضربا من المغامرة واستعراض العضلات المؤقت. وزير الخارجية الحالي الدكتور أحمد داوود أوغلو نشر كتابا قبل عام من تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا يحمل عنوان «العمق الاستراتيجي.. مكانة تركيا في الساحة الدولية» يتضمن رؤية استراتيجية متماسكة لمستقبل تركيا ودورها في العالم.. ما دفع الحزب لتبني هذه النظرية وجعلها بمثابة الدستور للسياسة الخارجية الجديدة، وأهم ما يميز الرؤية انطلاقها من وضعية تركيا الجيوستراتيجية وعمقها التاريخي والثقافي، أي أنها باختصار مصالحة تاريخية بين البلاد وهويتها، رؤية سياسية تنطلق من وقائع الجغرافيا، ولا علاقة للأمر بالعرب والتكسب من ورائهم ولا بالبروباغاندا السياسية التي يريد البعض إلباسها للمواقف التركية اللافتة.. إنهم ببساطة يحققون مصالحهم التي تتقاطع مع المظالم العربية الكبرى.
«إن تركيا لم تعد هي تركيا القديمة التي نعرفها؛ إنها الآن تركيا التي انفكت عن دورها حليفا وفيا للولايات المتحدة، وشرعت تلعب بأوراق السياسة الخارجية على نحو أكثر عقلانية، إنها الآن إحدى القوى المؤسسة لميزان القوى في الشرق الأوسط».. هكذا لخص الباحث في الشؤون التركية غراهام فوللر صورة تركيا العدالة والتنمية في كتابه (الجمهورية التركية الجديدة)، هكذا فهمها الآخرون قبل أن نفعل نحن، ولا غرابة في أن تترجم هذه العقلانية السياسية بالالتفات إلى الوراء، الوراء العربي والعثماني في آن واحد، إنها انطلاقة من وقائع الجغرافيا كما يقول إبراهيم كالين كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي في ورقة خاصة تحت عنوان «تركيا والشرق الأوسط.. الأيديولوجيا أم الجغرافيا السياسية؟»: «إن تركيا ما بعد العصرنة كامنة في ماضيها العثماني»!
وفي مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» مؤخراً للدكتور أوغلو تضمن تأكيدا على الثوابت السياسية التركية الجديدة وفق 3 مبادئ منهجية و5 أخرى عملية، ملخصها الفهم التركي الفريد للشرق الأوسط والميزات الدبلوماسية التي تتمتع بها تركيا، الأمر الذي سهل وفعّل من التدخلات في كثير من الملفات العربية العالقة، ما يعزز من حقيقة وأهمية الدور التركي في المنطقة وضرورة التفاعل معه وفهمه بشكل جيد؛ كيلا يلتبس الأمر على الجمهور العربي وتدخل المسألة في بورصة التداول الإعلامي السطحي والفج والمشوه في كثير من الأحيان.
ما تفعله تركيا يعرّي النظام الرسمي العربي من دون أدنى شك، كما أنه يدفعنا لفهم واقعي ومنطقي لدور إيران أيضا، فما هو مقبول من تركيا يجب أن يكون مقبولا من إيران، بعيدا عن سنيّة دولة وشيعيّة الأخرى، وكلا المشروعين يحمل همّ دولة قومية وطنية لها طموحها المشروع في المنطقة. هذا الطموح –بكل أسف– يحفظ حتى الآن شيئا من حقوقنا العربية في ظل الفراغ العربي المتمثل بسوء وسلبية الدول الرئيسة في المنطقة. وبعيدا عن تنظيرات كتّاب الاعتدال العربي بتدخل مفيد وآخر مضر!
وللمشككين بأثر التدخل التركي وجديته فإن عليهم مراجعة تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتلميحات البيت الأبيض وأخيرا وزراء الخارجية العرب حول حصار غزة بعد الغضبة التركية، وتذكروا ما قاله أردوغان جيدا في هذا الخصوص بعد الحادثة، فيما كتّاب الوهم يطالبونه بقطع العلاقات مع إسرائيل –تحدياً– وهم ينشدون التفاوض والتطبيع معها في الوقت ذاته!