ثورة الشطرنج
بقلم/ ابراهيم الشليلي
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 13 يوماً
الجمعة 12 إبريل-نيسان 2013 06:05 م

في أوقات كثيرة ومن خلال نقاشي مع كثير ممن التقيتهم يستغربون مني إصراري على أن ثورة اليمن ستكون من أنجح الثورات التي قامت مع مطلع العام 2011 م

ولعلي من خلال عنوان المقال استطيع أن أقرب وجهة نظري لهم وللقارئ الكريم، ولكن قبل أن أبدأ في كتابة مقالي دارت بخلدي بعض التساؤلات ومنها:

هل حسمت الثورة اليمنية؟ ولصالح من؟

إذا حسمت فلماذا بقاء بعض الأطراف التي قامت من أجلها الثورة في أماكنها؟

وإذا لم تحسم فكم تحتاج من الوقت لذلك؟

أقرب ما يمكنني تصويره لحالة الثورة اليمنية هي لعبة الشطرنج الشهيرة التي تعتمد على التفكير والذكاء، وينتصر فيها الطرف الذي يلعب وفق خطه محكمة ونفس طويل.

ظهرت الحنكة السياسية لخصوم النظام السابق في اتحادهم تحت قيادة واحدة (اللقاء المشترك) بالرغم من الخلافات الإيدلوجية التي لاتخفى على أحد، من أجل أن يفقدوا خصمهم ورقة مهمة لطالما استخدمها وهي التفريق والوقيعة.

مع انطلاق الربيع العربي انطلق المكون الرئيسي والتقليدي للعبة وهم شباب الثورة (الجنود) في 11 فبراير 20111 م إلى ميادين الحرية والكرامة ومع انطلاقهم فقد الخصم تفكيره واتزانه بقتله كثير من عناصر هذا المكون، استخدم في ذلك العديد من أحجاره (خيوله وظباطه وقلاعه) في تهور واضح جعله يفقد وزيره (القائد علي محسن الأحمر) في 21 / مارس 2011 عقب أحداث مجزرة جمعة الكرامة الدامية

وبدأ الكش ملك الأول ...

تسارعت الأحداث في المشهد اليمني عندما بدأ النظام يفقد كثيرا من عناصر القوة التي يملكها بفضل غروره وطيشه ودخل الجميع في وقت مستقطع للعبه بعد وصول الملك الأسود إلى الرياض للعلاج من آثار حادثة النهدين والتي يبدوا أنها حدثت أثناء تغيير موقعي الملك والقلعة، وبعد عدة أشهر عاد الملك الأسود إلى صنعاء في جنح الليل ليستأنف معركته مع خصومه.

بات جليا أن مكونات الثورة تحرك أحجار الشطرنج وفق خطة واضحة ومعرفة دقيقة لتفكير الخصم وعلى الجانب الآخر من رقعة الشطرنج كان الخصم يتحرك لينتقم أو ليقتل دون خطة أو تفكير لقواعد الربح والخساره التي يتقنها الماهرون في هذه اللعبة، مما أتاح الفرصة للمعارضة اليمنية أن تستغل الثغرات الواضحة في خطوط دفاعة ليفقدوه عناصر القوة الإقليمية والدولية (والتي تحافظ على النظام السوري إلى اليوم كي لا يسقط) فموافقة المعارضة اليمنية على المبادرة الخليجية كانت بمثابة المفاجأة للرئيس الأسبق الذي حاول أن يتهرب منها مرارا وتكرارا ولكنه رضخ لكثرة الضغوط ووقع على المبادرة الخليجية وكان (كش ملك ) آخر.

حاول النظام السابق أن يستخدم بعض الأوراق لتشيت الخصم كورقة القاعدة والحوثيين والانفصال ولكنهم كانوا على قدر كبير من الفطنة والدهاء حيث جمعوا أغلب هذه الأوراق تحت مظلة الحوار حتى يتسنى لهم كسبهم لصالح الثورة وحتى لا ينشغلوا بصراعهم عن تحقيق أهداف ثورتهم مع عدوهم الحقيقي (النظام السابق) ، ومن هنا يتجلى عمق التفكير ودهاء التحرك، فالمعركة قامت بين طرفين وليس من الحكمة أن يضيع الوقت في مقارعة الخصوم الآخرين. ولا يفوتني أن أوكد على هذا المفهوم في أن توحدنا هو سر قوتنا وأننا لابد أن نتناسا خصومتنا فيما بيننا لنبني يمن يتسع للجميع.

وفي مشهد دراما تيكي تم حصار (الملك الأسود) في الزاوية البعيدة من كل الاتجاهات حيث تم إقصاءه إلى الرياض بدعوى العلاج (كش ملك ثالث)

وفي 10 / إبريل / 2013 م وجهت قوى الثورة بقيادة الرئيس اليمني (عبدربه منصور هادي) ضربة قاصفة لبقية أحجار النظام السابق جعلتها تطير بعيدة عن رقعة اللعب وذلك باتخاذه للقرارت القوية التي أزاحت أبناء النظام السابق وأعوانه وثبتت أنصار الثورة وحماتها في خطوة جريئة تروي بداية الفصل الأخير من الرواية.

إن المحترفين في لعبة الشطرنج والذين يلعبون وفق المنطق والعقل يعلنون استسلامهم لخصومهم حين يدركون أنه لا سبيل لنجاة ملكهم وفق قواعد اللعبة فوقتهم أثمن من أن يقضوه في تحركات لاجدوى منها.

المضحك في الأمر أن النظام السياسي الخاسر في اليمن يريد أن ينهي اللعبة وفق قواعده هو والتي كان طيلة الثلاثة والثلاثين عاما يفرض على خصومه أن يلعبوا معه على أساسها، فهو يريد أن يكسب بالرغم من خسارته، وعندما لا يتأتى له ذلك فهو يضيع الوقت لأنه لايدرك أهميته بالنسبه لليمن ولليمنيين.

أتمنى أن أكون قربت الصورة للمتشائمين من بطأ التحرك في أحداث ومعطيات الثورة اليمنية فهناك فرق بين أن تدرك أنك المنتصر على عدوك المكابر الذي لايملك إلا التأخير والمماطلة في الاعتراف بنصرك وبين أن تكون غير قادر على هزيمته، وأختم مقالي بما استهللت به مقالي بأن لدي قناعة تامة أن الثورة اليمنية من أنجح الثورات في ربيعنا العربي وفق قواعد المنطق التي تؤكد بأننا سننتصر مادام يومنا خير من أمسنا وغدنا خير من يومنا بإذن الله.