المتسلقون على الثورة (اذا بلغ الماء القلتّين لم يحمل الخبث)
بقلم/ عمر الكندي
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الأربعاء 30 مارس - آذار 2011 03:26 م

ما إن تبدأ شرارة الثورة –أي ثورة وبأي بلد- حتى تجد جيوش المنافقين وازلام النظام وابواقه المتعفنة تتصدى لها واصفة ً لها بكل قبيح من المسيات التي اعتدنا عليها , وما ان تنضج وتبدأ ثمارها حتى نرى نفس الوجوه التي نعتت الثورة بالامس تشيد بها اليوم , وهنا لابد من الاشارة الى أن الثورة ملك الشعب وليس من حق احد ان يفرز الناس او يصنّفهم او يقبل هذا او يرفض ذاك من الملتحقين بركب الثورة فالثورة في غالبها صالحة لا يضرها بعض المتسلقين فالماء اذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث كما تقول القاعد الفقهية .

بدت اليمن استثناء في كل شيء حتى في الثورة الشعبية التي هي حدث اسثنائي اصلا, فعادة لصوص الثورات ان يسرقوها بعد نجاحها أما في اليمن فقد بدأ لصوص الثورة باكرا حيث بدأ المتحولون في التسلق على سلّم الثورة قبل ان يسقط النظام , ما جعلني الفت الانتباه الى هذه الزاوية هو ضبابية مواقف بعض من ينّظرون للثورة دون ان يقدموا استقالاتهم من الحزب الحاكم او ممن استقالوا دون ان يلتحقوا بالثورة ولو بالخطابات , حيث نلحظ كثيرا من بيانات الاستقالة خلت من الاشارة الى مشروعية دعوة المعتصمين وحقهم بالتعبير ودعوة الرئيس للاستجابة لمطالبهم , هذا الصنف اراد تسجيل موقف باستقالته دون التحلي بالشجاعة لإعلان موقفه من الرئيس فهو ينتظر ما تؤول اليه الامور ثم يقرر, وهناك من تحلوا بالشجاعة واعلنوا مع استقالتهم انهم مع الثورة ولو كانوا خارج البلد كما هو الحال مع بعض الموجودين داخل اليمن.

لفت انتباهي مقال لسيف العسلي بعنوان " الى شباب الثورة : مطالبكم مشروعة و لن يحققها سواكم " والذي نظّر فيه للثورة وللثوار وكأنه واحد منهم علما بأننا لم نجد له أي بيان يعلن فيه استقالته او دعوته للرئيس للتنحي وقد ذكرني سيف العسلي بموقف شبيه حدث بمصر بعد الثورة لزميلنا الكاتب المصري من أصول يمنية بلال ناصر فرغم خبرته بنفوس البشر وطبائعهم، والتي تتضح من افلامه ومسلسلاته التي يكتبها وقف ذات يوم محتارا ومذهولا من عميد كلية الاعلام بجامعة القاهرة وعضو امانة السياسات بالحزب الوطني، واحد ابرز مصممي حملاته الاعلامية، وكان من اكثر المهاجمين للثورة في عموده اليومي بجريدة 'روز اليوسف'، والســــبب ما سمعه بلال من سامي اثناء لقاء اعضاء من المجلس العسكري بعدد من المثقــــفين، قال بلال وعيناه تتسعان من خلف زجاج نظارته: 'وعندما جاء الدور في الكلمة على الدكتور سامي عبد العزيز عميد كلية الاعلام بجامعة القاهرة واحد قيادات الحزب الوطني الاعلامية البارزة وعضو لجنة السياسات المشبوهة، والذي قام قبل نجاح الثورة بمهاجمة ثــــوارها اصحاب الاجندات الخارجية، لذلك فوجئت عندما امتطى سيادته الميــكروفون والقى خطــــابا حماسيا في هجاء عهد مبارك الذي ساده الفساد والظــــلم والزيف والنفاق، مادحا ثورة 25 يناير التي انقذت البلاد والعباد من مبارك وعهده، وكان حديثــــه مؤثرا لدرجة انني اصبت بفقدان مؤقت للذاكرة، 'وميلت' على الصديق عمرو الشوبكي وسألته 'معليش فكرني.. هو احنا كنا مؤيدين لمبارك ولا معارضين له '.

هذا الموقف تكرر مع كثير من المتحولين بعد الثورة والذين حاولوا ان يمتطوا ظهر الثورة والذي يمكن ان نستسيغه منهم حيث ركبوا الموجه لكن ما لا نستسيغه من سيف العسلي أن يتسلق وهو مازال عضوا في المؤتمر ولم يتحلل من مقولته الشهيرة " شهادة لله وللتاريخ بانني مارايت رئيس ي العالم احرص على وطنه وشعبه مثل علي عبدالله " .

نصيحة من تروتسكي .. للجميـع

في عام 1936 أصدر ليون تروتسكي، أحد أبرز قادة الثورة البلشفية الشيوعية، كتابه الشهير «الثورة المغدورة». لا يهمّ من أمر هذا الكتاب الآن، سوى واحدة من عباراته، التي حملت تحذيراً مدوياً.. قال فيها: “إذا حدث أن انهار الاتحاد السوفياتي في يوم من الأيام، فليعلم أصدقاؤه، بأنهم هم أول من ساهم في تدميره. لماذا ؟ لأنهم لم ينفعوه بأي نصح، عدا أنهم نافقوه وحجبوا عنه أخطاءه، وأوهموه بأنه لا يفعل إلا الحسن والأحسن ”.
كان للنظام في الاتحاد السوفياتي أعداء كثر، لكن انهياره.. الذي حدث في الأخير، لم يحصل على يد أي من أعدائه. لم ينهر لأنه كان يحظى بأعداء كثيرين وخطرين، وإنما انهار، لأنه حظي (بأصدقاء) ومستشارين غير جيدين، وأحياناً غير جديرين بالاحترام؛ لا أحد منهم كان يمحضه نصيحة صادقة، أو يصارحه بكلمة حق.