دردشة الموبايل.. فساد أخلاقي
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 24 مارس - آذار 2009 06:03 م

المصدر :سبأنت: غمدان الدقيمي

انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية "دردشة عبر الموبايل" وهي خدمة رسائل تقدمها شركات الهاتف النقال في اليمن بأسعار مخفضة، وتمكّنك من التواصل مع المشتركين عبر الدردشة بدون أن يظهر رقمك عند المرسل إليه، وهذا ما أتاح للكثير من المشتركين فرصة إرسال رسائل لا تليق بعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف؛ كونها خرجت عن هدفها، حيث يقومون بإرسال رسائل "سفيهة" للمشتركين عن الفتيات أو العكس، فما هي أسباب اندفاع الشباب لمثل هذه السلوكيات؟ وما هي الحلول المناسبة؟ وما حكمها في الشرع؟ (السياسية) طرحت هذه التساؤلات أمام المعنيين والمشتركين في الدردشة، وخرجت بالتالي:

ضياع الوقت والمال دون فائدة

في البداية يقول بليغ شرف (شاب) أنه من الممكن عبر دردشة الموبايل، تكوين صداقات يستفيد منها الشخص في عدة مجالات في الحياة إلى جانب التسلية والبحث عن فتيات للدردشة معهن، والتي غالبا ما يقع فيها المشترك في فخ، حيث يصوّر له شاب أنه فتاة، وهو ليس كذلك.

ويعتبر شرف أن البحث عن فتيات إحدى سلبيات الدردشة التي تؤدي إلى ضياع الوقت والمال دون فائدة، ويرى أن الكثير من المشتركين، خصوصا الشباب، يشغلون أنفسهم بهذا؛ نظرا لمعاناتهم اليومية، وفي مقدمتها البطالة. ونصح شرف الشباب بالاستخدام الصحيح لهذه الخدمة وغيرها لكي تعود عليهم بالفائدة دون سواها.

وقاحات وتسهيلات للمشتركين

ولا أخفيكم سرا أعزائي القراء أنني (المحرر) أثناء بروز فكرة هذا الموضوع قمت بالاشتراك في الدردشة للتعرف على ما يدور هناك، وتأكدت حقا أن فيها ما لا يسمح به ديننا الحنيف ولا أخلاقنا السامية كيمنيين محافظين ومتمسكين بالعادات والتقاليد التي تجرم مثل هذه الوقاحات.

والجدير بالذكر أن القائمين على دردشة الموبايل (الشركات المزودة للخدمة) يسهلون للمشترك بخدمة الهاتف النقال كيفية الاشتراك بالخدمة؛ لكنهم في المقابل -وهو إجراء يحسب لهم- يحذفون الكلمات السيئة في الرسائل في أغلب الأحيان ويستبدلونها برموز، وغيرها ولكن الرسالة تبقى مفهومة وواضحة، ويمكن فك شفرتها بشكل سريع وواضح، بحيث تبقى مفهومة لدى المرسل إليه.

نماذج من الرسائل

وفيما يلي نعرض لكم نماذج من بعض الرسائل بالأسماء المستعارة للـ"مدردشين"، والتي تتغير بين الحين والآخر، ونحتفظ بالرسائل التي لا يصح ذكرها:

- واحد2: ممكن أدردش أنا وفتاة #وت أنا أكرم.

- أحلى قمر: هاي للكل ما الفرق بين السبواع والـ#حراء من يجاوب له مفتاح قلبي.

- أ.ع: إذا كنتِ ممن يقدسن الصدق والوفاء ممكن أتعرف عليك بصدق أنا كريم.

- عيس1: مستعد أرد على أي رسالة تأتي من أي بنت أو ولد الآن أن منظر نسهر كثيرا.

- قيس31: ندا عاجل للبنات، قلوبهن ليش قاصية عليّ، أنا أحبهن، نرجو ردهن بسرعة.

- يار: ولا في وحدة بالشات ندردش قليل. بسابع نومة..

- زيااد: سلام اللي سهرانة، وتحب تدردش ممكن.

- أبو فنوس1: مساء الـ#يرهل من بـ### نسهر مع بعض اشمشته أرد بسرعة.

- نوال 128: ممكن تسهرون #* #*.

- أريد زوجة: ممكن بنت حلوة ورشيقة وبنت ناس تحب الزواج علشان عا#*وثري ترد.

- شاحن 11: أريد بنت #نعانيه نسهر سواء، ونتعرف على بعض ونتفهم ونلتقي "مين ترد".

- مها 29: للدموع أسرار وللحب أثار وفرقاك نار ورسالتك تمحي كل شي#ار.

-اليف4: #**** لكل مرتبط يبطل في الشات وإلا دمار للحياة الزوجية ن#يحة.

- زين01: أنتِ تقبلي #داقتي يا شابة ولا ما تبغي صداقة، شاب حلو ردي.

هدفها التعارف وتبادل الآراء

وأثناء زيارتنا لإحدى شركات الهاتف النقال في اليمن، أوضح المسؤول الإعلامي -فضل عدم ذكر اسمه- في إدارة التسويق بالشركة إلى "السياسية" أن الشركة بدأت بخدمات الدردشة عام 2005 بمزود واحد، ووصل عدد مزودي الدردشة خلال عام 2008 أربعة مزودات، وأنه يبلغ عدد المشتركين أكثر من 1100 مشترك. مشيرا إلى أن الهدف منها التعارف وتكوين صداقات وتبادل الآراء والمعرفة عن طريق الرسائل، وبأسعار مخفضة، وأنها تنتشر في كل شركات الاتصالات في العالم.

اعتراف بمشاكل الخدمة

واعترف المسؤول الإعلامي أن الخدمة أصبحت طريقة سهلة للتعبير عمّا في نفوس الشباب من الكلام البذيء والمصطلحات السيئة نتيجة الكبت، وإن استغلال عدم معرفة الرقم يساعد في الفساد.

منوها إلى أن هناك عدّة مشاكل تسببت بها دردشة الموبايل؛ نظرا لعدم استخدامها بشكل ايجابي، منها: انحلال وفساد أخلاقي، وعدم التمييز بين من ستصلهم الرسالة (شباب، فتيات، أطفال، كبار) ونشر الكلام السيئ، ونقل العادات والألفاظ البذيئة بكل ما تعنيه الكلمة، إلى جانب النصب والاحتيال (شحن كروت, جوائز وهمية)، ونشر أرقام الآخرين عن طريق الخدمة، حتى ولم لم يكن مشتركا فيها، والتسبب في إيذائهم خصوصا الفتيات والإزعاج، حيث تصل بعض الرسائل للمشتركين بالخدمة في أوقات غير مناسبة (الفجر و...).

الفراغ وعدم تلبية الحاجات أسباب رئيسية

من جهتها أوضحت أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة صنعاء، الدكتورة عفاف الحيمي، لـ"السياسية" أنه في ظل عدم وجود شيء مهم يشغل الشباب ويملأ فراغهم بالفائدة ويبني عقولهم، لا شك أنهم ينجرون وراء مثل هذه الأمور التي لا تفيدهم ولا تنفعهم بقدر تأثيرها السلبي عليهم، وأن التكنولوجيا الحديثة بشتى أنوعها (دردشة الموبايل على سبيل المثال) هي الملجأ الوحيد أمام الكثير من الشباب الذين لا يوجد لديهم هدفا في الحياة، ولا مضمونا، ويلبون عبرها رغباتهم، وهذا ينطبق على الجنسين (ذكور وإناث).

وعادت لتؤكد أن الفراغ وعدم تلبية حاجات المجتمع الضرورية وبالذات حاجات الشباب سبب رئيسي لهذه الظاهرة (دردشة الموبايل)، والتي لا يمكن إلغاؤها بل بالإمكان أن تتطور وتأخذ شكلا مرضيا أكبر يواجه الشباب في المستقبل، ولا يمكن حلها دون حل المشاكل الأساسية، حد قولها.

ضرورة معالجة مشاكل الشباب

وطالبت الحيمي بضرورة معالجة مشاكل الشباب وأسباب هذه الظاهرة الخطيرة، وأن توفّر لهم الجهات المختصة وظائف مناسبة وتأمينا صحيا وسكنا ووسائل ترفيهية جميلة ومشجعة، وأن تقوم الجامعات بدورها ومهمتها على أكمل وجه، والتي لا تنحصر في التلقين فقط، بل تتعدى ذلك إلى التوعية والتنشئة ورفع وعي وثقافة المجتمع وتحقيق وظيفة اقتصادية للشاب الخريج.

وبرغم انتقادها لمن يقومون بمثل هذه السلبيات اعترفت وصادقت على المثل القائل "يد الفارغ في النار".

فتوى تحرّم الدردشة

وفي هذا الجانب، أكد مفتي دبي، الدكتور أحمد الحداد، أن الدردشة عبر الإنترنت وخدمة الهاتف المرئي من المحرمات؛ لكونها تعتبر بمثابة "خلوة غير شريعة" تقود إلى الفتنة والزنا، وشرح الحداد لـ"العربية نت" -قبل عدة أشهر- أساس فتواه، مشيرا إلى أن "غرف الدردشة أشبه بمجالس الخلوة المحرمة من حيث الأنس والاطمئنان"، واستخدامها يضيع الوقت، ويأتي بسفه القول، ثم خسة العمل، وتابع: "هذه الغرف وكر الباطلين الذين يجرون المسلم إلى الرذيلة؛ لأن المرء أسير من جالسه أو صادقه، وتسري إليه طباعه وعاداته ويصبح معروفا به كأنه نسخة منه".

ويضيف: "الإسلام يحثنا على عدم العبث بأنفسنا ولا بوقتنا، بل يتعين على المسلم أن يكون حريصا على وقته، الذي هو عُمره، وعلى دينه الذي هو رأس ماله وأسس سعادته في الدنيا والآخرة، فإذا أضاع عمره في البطالة واللهو فقد خسر خسرانا مبينا". موضحا أن "المسلم مسؤول عن شبابه فيما أفناه، وعن عمره فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه".

إلغاء الخدمة حل مناسب

في المقابل اقترح عدد من المهتمين والأكاديميين والمختصين بشركات الهاتف النقال في اليمن التشديد على مزودي هذه الخدمات بفرض رقابة صارمة على مشتركيهم، وحث خطباء المساجد على توعية أبنائهم من مثل هكذا استخدام للوسائل التقنية، كالهاتف النقال والإنترنت وغيرها، كحلول مناسبة. ولفتوا إلى أنه في حال عدم السيطرة على استمرار الفساد الأخلاقي يجب إلغاء هذه الخدمة كفائدة للصالح العام للمجتمع؛ لأن شرّها أكبر من نفعها.