يحدث في وطني من العجائب والمُدهشات مايجعل المرء يحار في كيفية الاستهداء إلى هذه التمكنّات والانفرادات التي لاتخطر على بال أدهى مفصّلي سياسات الأنظمة الحاكمة ، وخصوصًا فيما يتعلق بشؤون السلطة الرابعة . بالأمس القريب استُنسخت صحيفة الشورى في عملية جديدة من نوعها على المنطقة العربية وربما العالم ، وتبعها إيقاف صحيفة الأيام ثم إيقاف صحيفة المصدر والحكم على رئيس تحريرها وأحد كتّابها بالسجن والتوقف عن الكتابة . واليوم وفي حادثة فريدة لم يسبقنا إليها أحدٌ من العالمين تم نحر موقع (نيوز يمن) الإليكتروني ليلة عيد الأضحى المبارك وتقديمه قربانًا للآلهة . ولعل الموعد الذي اختاره الجزّار لنحر أضحيته يدعو إلى التأمل والاستغراق في الخطة المرسومة لتنفيذ العمليّة في وقتٍ قاتل ؛ حيث كان الناس يتأهبون لاستقبال العيد ، بما فيهم هيئة تحرير الموقع (الأضحية) ، ولأن السوانح لاتأتي دائماً ؛ ضرب الجزار ضربته قبل عملية التحديث التي تجريها الشركة الأميركية المستضيفة للموقع كل 24 ساعة كما جاء على لسان الأخ نبيل الصوفي رئيس تحرير الموقع في المقابلة التي أجرتها معه قناة السعيدة ، وهو مايجعل الشكوك شبه مؤكدة في تورط أكثر من جهة في تنفيذ هذه العملية .

,,

الأضحية كانت جِدّ دسمة وجِدّ مغرية .. ولا يستقيم معها فكرة الانتظار أو التأجيل ، برغم مخالفة الشرع في ذلك ..

,,

الأضحية بلغت خمسة أعوامٍ من النِصاب ..

خمسة أعوامٍ ملأت فيه الدنيا وشغلت الناس ..

خمسة أعوامٍ حاولتْ فيه دحض أسطوريّة (الحياد) الرائجة في المشهد الصحفي والإعلامي ..

خمسة أعوامٍ زخِرتْ بترسانةٍ من الفنون والروائع الصحفية ..

خمسة أعوامٍ كانت كفيلة بصيانة شيئ اسمه (الخبر الصحفي) وتهذيبه وإعادة البريق إليه ، ولم يتاتّى ذلك بالطبع إلا بارتباطه بالسبق الصحفي الذي كان أهم ما انمازت به الأضحية .

أليست (أضحيّةً) دسمة !!؟

,,

لقد صبر الجزارون خمس سنواتٍ بقضّها وقضيضها ، يتحيّنون الفرصة المناسبة للانقضاض على الأضحية وإخراسها كيما يخلو لهم الجو لترويض الإعلام الإليكتروني وتهيئته لممارسة التضليل الإعلامي واعتناق التطبيل ؛ كما يحصل الآن في قِطاع كبير من الإعلام التقليدي . ولن يكون الوضع في تقديري بالسهولة التي يعتقدها أو يتمنّاها هؤلاء ؛ فوجود العديد من المواقع الإليكترونية التي جاهدتْ في سبيل انتهاج الحقيقة والاعتصام بحبل المصداقية ، برغم مايكلفها ذلك من صعوباتٍ ومشّاق ، وفي مقدمتها موقع (مأرب برس) ؛ وجودها سيسهم في تبديد جزء من هذا المُخطط الفاشل والمُخل بسمعة الوطن.

,,

وكلي ثقة أن هذا الحادث سيفجّر براكين الإصرار لدى هيئة تحرير الموقع وسيّولد وميضًا ينتشل الموقع من كبوته ويرقى به إلى محرابه الشاغر في سماء الإعلام الإليكتروني ، مسلحًا بدروسٍ وعِبَر ستكون هي صِمام الأمان له ولجميع المواقع الإليكترونية الأخرى .

,,

الأليْق بالذكر أن من أهم النتائج التي توصلتُ إليها في رسالتي للماجستير - والتي أسعى إلى تعميمها - تموضع موقع (نيوز يمن) على رأس المواقع اليمنية الإخبارية الأكثر مصداقية بعدد 113 تكراراً من مجموع أفراد الصفوة عيّنة الدراسة ، أي مانسبته 59.2% متقدماً على جميع المواقع الإخبارية ، وعزوتُ ذلك إلى سرعته في نقل الخبر وتحقيقه لقصب السبق في العديد من الأحداث، وانفراده بكشف بعض القضايا والملفات بكل حيادية ودون التعصب لجهة معينة، إضافة إلى الحياد واهتمام القائمين عليه بتعدد الرأي ووجهات النظر في مضمونات الموقع .

muwhmd@yahoo.com