بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟
أعلن الأسبوع الماضي 51 عضوا من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل من ممثلي المحافظات الشرقية حضرموت وشبوة والمهرة بالإضافة إلى أرخبيل سقطرى والذي يتبع حاليا محافظة حضرموت عن تشكيل "الإقليم الشرقي" الذي يضم المحافظات الثلاث وأرخبيل سقطرى. ويرسل هذا الإعلان إشارات واضحة إلى حد ما حول التوجهات المستقبلية ورؤية أعضاء الحوار لشكل الدولة المستقبلية والذي يتجه نحو الفيدرالية من أقاليم عدة.
هناك أيضا مساعي وترتيبات حثيثة لإعلان إقليم تهامة بحيث يضم محافظات الحديدة وريمة وحجة، وبالمثل هناك نزوع لأبناء مأرب لإعلان إقليم خاص بهم على أن يحددوا بأنفسهم من ينضم إلى إقليمهم وكذا أن تكون مأرب عاصمة للإقليم في كل الأحوال وفقا للرؤية التي تم تسليمها لمؤتمر الحوار الوطني.
لربما كان بقاء اليمن كما هو حاليا صعب في ظل الوضع الحالي وأغلب الظن بأن الأمور تتجه نحو الفيدرالية، حيث وأنه لا يوجد أحدا في موفنبيك اليوم ليدافع عن بقاء اليمن بصيغته الحالية – من خلال الإبقاء على دولة مركزية قوية مع ضرورة التحول إلى حكم محلي كامل الصلاحيات قبل الإنتقال المدروس إلى الدولة الفيدرالية.
لا مشكلة في الفيدرالية، لكن الفيدرالية التي تطبخ على عجل سيكون مصيرها الفشل بالتأكيد، فالمشكلة قطعا ليست في شكل الدولة حيث وهناك إختلالات هيكلية كبيرة وعميقة وقيادات عقيمة على المستويين المركزي والمحلي بالإضافة إلى دولة ضعيفة وإقتصاد مهترىء وإدارة فاشلة وفساد بلا حدود.
أعتادت قيادات هذا البلد على الهروب للأمام في مواجهة إستحقاقات المرحلة، ما راكم من حجم المشاكل. التعامل بسطحية وخفة وإهمال المشاكل الحقيقية سوف يؤدي قطعا إلى إستفحال المشاكل وعدم القدرة على حلها مستقبلا، فالمشكلة ليست في الدولة المركزية والحل السحري ليس في الفيدرالية. القفز إلى سفينة الفيدرالية يعني فيما يعنيه عجز القيادات الحالية عن مواجهة المشاكل الفعلية. وبدلا من معالجة المشاكل الفعلية التي أعاقت وجود دولة حقيقية وفاعلة تراهم يهرولون نحو حلول ليس لها علاقة بطبيعة وأس وأساس المشاكل التي تواجه وواجهت البلد خلال العقود الماضية، وبذا فإن الأمور كلها تدور في ذات الحلقة المفرغة.
المشاكل فعلا شيء والحلول المقترحة شيء أخر تماما ولا تمت بصلة لطبيعة هذه المشاكل، ولعل أفضل توصيف لما يحصل هو ما جاء في رائعة الكاتب الإيرلندي الشهير والحائز على جائرة نوبل "في إنتظار جودو" حيث يقول فيها أن الخلل في الأرجل ويلقى اللوم على الحذاء. الأمر أيضا يشبه إلى حد كبير ما يقوم به طبيب أسنان غبي طلب منه المريض خلع سن معطوب فقام الطبيب إياه بخلع السن السليم وإبقاء السن المعطوب، فلا المريض إستراح من الألم ولا سلم خلع سنه السليم، وهنا أضحت الخسارة مضاعفة.
إقامة دولة فيدرالية من عدة أقاليم بعد دراستها والتخطيط لها بشكل سليم من كافة الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والثقافية سوف يسهم في تنافس هذه الأقاليم وتكاملها في آن، في حين أن الدولة المركزية تركز خدماتها وكذا الأنشطة الإقتصادية والخدمية على العاصمة وبعض المدن الرئيسية الكبرى.
وجود الدولة الفيدرالية سيؤدي إلى إحداث تنمية أكبر ويعمل على توزيع الأنشطة الإقتصادية على الأقاليم المختلفة، كما يمكنها خلق نوع من التوازن بين الأقاليم المختلفة بحيث تختفى الفروق الكبيرة التي نراها بين المركز والأطراف، كما تسمح الفيدرالية عادة بتوزيع الثروة والسلطة وعدم حصرها على المركز وينطبق بذلك بشكل كبير على السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) التي تمارسها الدولة التقليدية، بحيث يشترك فيها المركز والأقاليم.
كما أن الفيدرالية تسمح بل وتتيح مجال أكبر لترسيخ وممارسة الديمقراطية، وتتيح أيضا الفرصة لبروز قيادات وقدرات إدارية من كل الأقاليم. تتيح الفيدرالية أيضا للجهات الرسمية أن تكون قريبة من المهام المناطة بهم وأن تكون على إتصال مباشر بهموم الموطنين وتلمسها بشكل دائم ما يجعل هذه الجهات تركز العمل بشكل أكبر على المواطن.
في المقابل، تتمثل سلبيات الدولة الفيدرالية في إنعدام التجانس وإرتفاع مستوى التعقيد من زاوية التطبيق، كما أنها تؤدي إلى إستهلاك الوقت وبالذات في مجال المعاملات التي تتطلب موافقة سلطات الإقليم والسلطات المركزية.
التحول للفيدرالية مكلف من زواية التطبيق حيث يتطلب الأمر وجود الحكومات المحلية والبرلمانات وغيرها من المجالس، بالإضافة إلى جيش من الموظفين الحكوميين وهذا يزيد من المصروفات بشكل دراماتيكي .
الطامة الكبرى أن يتم فدرلة البلد وفقا لأهواء البعض وضغوط البعض الأخر والتي لن تؤدي سوى إلى مزيد من التشظي ولن تحل مشاكل البلد بالتأكيد. أعتقد بأنه من الضروري العمل على مراحل والتحول بشكل مدروس إلى الفيدرالية كون الموضوع بحاجة إلى دراسة عملية دقيقة، كما أن الأقاليم بحاجة إلى تأهيل وكذا القيادات والكوادر التي ستتولى قيادة هذه الأقاليم.
مرة أخرى، التحول السريع للفيدرالية بدون الدراسة والبحث والتمحيص ليس سوى قفزة في الظلام. الموضوع بحاجة إلى دراسات علمية معمقة والإستعانة بخبرات في هذا الجانب وبالذات من دول لها باع طويل في الفيدرالية ولا مركزية الحكم، بحيث يتم تقسيم الأقاليم وفقا لرؤية إقتصادية وإستراتيجية وجيوسياسية متكاملة.
moneer.alomari@gmail.com