بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟
لحظــات الموت التي عشناها في ذلك اليوم .. الدم الزاكي الذي شممنا عبقه .. تلك الأرواح الطاهرة .
نستمع لخطيب جمعة الكرامة , تنتهي الخطبة نقف مصطفين للصلاة .. بجانبي صديقي هادي الشيخ .. تمر من فوق رؤوسنا طائرتان حربيتان .. السماء غائمة ., صديقي يهمس : \\\" الوضع مش مطمن , لكن هل يفعلها هذا المجرم في هذا الوقت ؟ .. مش مستبعد \\\" .
قُضيت الصلاة , رددنا الشعارات .. وانطلقت مع صديقي الى المستشفى الميداني .
أصوات وجلبة .. رصاص .. خرجنا الى الساحة ,, حقاً : رصاص وحريق في شارع الرباط ... الساحة ستحرق , سنتحول كلنا الى جثث محروقة بعد قليل . هكذا أحدث نفسي .شبابنا تلتقطهم أيادي القناصة ، وفوق رؤوسنا وبارتفاع أمتار قليلة تحلق طائرة مروحية .. العملية مدبرة ومخطط لها .
استنفـار شديد بالمستشفى الميداني , أشاهد الدكتور طارق نعمان وهو يصيح في الكادر الطبي , تجهزوا ، والطبيبة بلقيس ترتب المكان وتقوم بالتجهيزات الطبية لإستقبال المصابين .
يدخل أول مصاب إلى المستشفى .. رجل في الأربعينيات من العمر . رصاصتان في فخذه .. أهمس , جرح بسيط .. يـــا إلهي المصاب الثاني جريح في الرأس والدم يغطي وجهه بالكامل ..
يتوالى دخول الجرحى , أول شهيد يصل المشفى , الثاني العاشر .. القلوب تغلي , المستشفى الميداني يمتلئ بالجرحى .. طفل في العاشرة من عمره .. الرصاصة أصابت عينه اليمني ، كسرت جسر أنفه واخترقت العين اليسرى ، لم يتمالك الجميع دموعهم وهم يشاهدون الطفل .. أنا أقف حائراً مــاذا أصنع ؟ بجانبي يقف جراح مشهور , صاح بصوتٍ عال :\\\" مجرم مجرم .. هذا إجرام ووحشية \\\"... صديقي واقف بجانبي .. انهارت قواه , سقط مغشيا عليه .
عدد الشهداء في تزايد .. والمصيبة فوق ما تصورها الجميع . المصورون والصحفيون يملئون المكان .. البكاء والعويل حتى من مراسلي الوكالات الأجنبية . إحدى الصحفيات الغربيات ارتمت على الأرض وتركت مهمتها في التصوير لتسمح للدموع أن تفيض . أروى عثمان بجانبي تحمل كاميرا تصوير , تتنقل بين الجرحى والشهداء ، وتجهش بالبكاء .
أعيد ترتيب ورص الشهداء بشكل مستوٍ أشبه بالصورة الرائعة " كأنهم بنيان مرصوص " ..
وقف مصور الجزيرة سمير النمري بجانبي على الجهة الغربية للشهداء ليبعث الصورة العظيمة -لأولئك الأبطال- الى العالم , كلَّ العالم ، ليشاهد الناس قبح المجرم وكرامة الشهيد . يسقط سمير النمري مغشيا عليه , وتسقط كاميرا الجزيرة على الأرض . يهرع المصورون إلى سمير . ينهض سمير بعد أن رشوه بالماء . يرفع كاميرته , ويسقط مصور آخر لم أعرف من هو .
عدد الجرحى مهول .. لا يستطيع الأطباء الحركة بسهولة ، إذ الجرحى مجنلون في كل نواحي المستشفى .
تجتمع الكاميرات حول الدكتور طارق نعمان .. يخاطب العالم ,, انتهى من حديثه . وبعيدا عن الكاميرات أجهش الرجل بالبكاء ,,, كل من حولي أجهشوا معه .
القنص في الرأس والصدر ، محترفون ، رصاصهم لا يخطئ الهدف . يمارسون هواية الإجرام ، ويقتلون بدمٍ بــارد ، ربما لعلمهم المسبق أن حصانة المجتمع الدولي في انتظارهم .
الســاحة تغرق بالدم ، صوت أحدهم من فوقِ المنصة يردد شعارات ، ويحث الشباب على الثبات .
يصل موفد الجزيرة أحمد زيدان إلى المستشفى الميداني , يجري مقابلة مع بعض الجرحى , ينهي المقابلة , يتصل بالقناة , ينهي حديثه مع الجزيرة , يلتفت إلى مرافقٍِ معه . أسمعه يقول لصاحبه : قمتُ بتغطية الحرب في أفغانستان , لم أرَ في حياتي الصحفية إجراماً كهذا , غلبته الدموع . حاول قهر النحيب ، إذ هو إعلامي ، ومن شأنه الحياد، لكنّه خسر الجولة أمام دموعه وإنسانيته .
أجوب المستشفى الميداني مرةً برفقة الدكتور طارق نعمان ، ومرة مع الدكتور محمد الشيخ ، وأخرى أطوف بالجرحى لأقرأ في عيونهم قصص البطولات ، وعناوين الكرامة والحرية. جرحى في الجهة الخلفية للمستشفى الميداني ، إصابات طفيفة في الساق أو الفخذ ، تلقى أغلبهم المجارحة الطبية ، وتبدوا حالتهم أفضل بكثير من زملائهم . لاحظ أحدهم الزحام الشديد والذي فاق طاقة الكادر الطبي . صاح في رفاقه : قوموا نغادر إلى خيامنا لنفسح المكان لغيرنا من الجرحى . ينهض هو يتكئ على مرافقٍ معه ، ينهض معه ثلاثة جرحى . غادر الأربعة المستشفى رغم إصابتهم وجراحهم .
يدخل شابٌ في الثامنة عشر إلى المستشفى الميداني ، ثلاث رصاصات في فخذه ، أجريت له الإسعافات الأولية في منطقة المواجهة ، يحمله الشباب ، يتمسح هو بدمه ويصيح فيهم : \\\" دمي فدى وطني ، أعيدوني لأستشهد ".
الخامسة والنصف عصراً ، في ساحة المستشفى الميداني كان يقف صديقي أنس الأغبري ، وحوله مجموعة من الشباب ، كـان أنس عائداً من الجامعة القديمة حيث طارد الشبابُ فلولَ البلطجية ورجالَ المجرم صالح ، يتحدث أنس والشباب عن القناصة وكيف أمسك الشباب بهم ، وعن بطولات الشهداء ، وقصص الكرامة في جمعة الكرامة .
الثامنة مساءً ، أحاول الإتـصال بأصدقائي في الساحة ، لا مجيب ، لا أعرف أيهم ما يزال يتنفس الهواء ، وأيهم الذي تنفس الكرامة ، لقد رأيت الموت في ذلك اليوم ينتقي من الشباب الأنبل والأكرم .
يدخل المسعفون إلى المستشفى الميداني ، حملوا جثامين الشهداء ، أعدُّهم ، واحد وعشرين شهيداً لا زالوا في المستشفى الميداني ، بقية الشهداء كانوا قد نقلوا إلى المستشفيات القريبة من الساحة .
الأربــعاء قبل جمعة الكرامة ، و نحن في المستشفى ، قال لي صديقي هادي : \\\" أتوقع أن يقوم صالح بجريمة بشعة تكون بمثابة آخر مسمار في نعشه \\\" ، لم أكن أتصور حقيقةً أن يحدث ذلك ، وقد كان .
لقد كانت جمعة الكرامة ، بشّرت بميلاد الثورة ، ودفع الشعب الكريم فيها بأكرم شبابه إلى ميدان الكرامة .
18/مارس/ آذار / 2011م ، ودّعنــا ما يزيد عن 50 من شهداء ثورتنا المباركة , غرقت ساحة ثورتنا السلمية بالدماء الطاهرة , وعانق الجميع الكرامة في يوم الكرامة