المشروع الفيدرالي اليهودي.. والمشروع الفيدرالي الهادوي
بقلم/ حارث الشوكاني
نشر منذ: 14 سنة و شهرين
السبت 02 أكتوبر-تشرين الأول 2010 04:07 م

من بعد سقوط الإتحاد السوفيتي وإنتهاء الحرب الباردة تبدلت الإستراتيجية السياسية الدولية إزاء منطقة الشرق الأوسط تبدلاً كاملاً وأصبح عنوان هذه السياسة الدولية هو ما يعرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد وهو مشروع يهودي تبنته الإدارة الأمريكية وبموجبه سيتم تقسيم المقسم وتجزأة العراق وسوريا ومصر والسعودية والسودان إلى دويلات طائفية وعرقية ومذهبية بحيث يتم تفكيك الدولة القطرية إلى دويلات والشعوب إلى كتل طائفية ومذهبية متحاربة متصارعة .

وهذا المشروع الشرق أوسطي هو الذي أطلقت عليه وزيرة الخارجية الأمريكية تسمية (الفوضى الخلاقة) ولتنفيذ هذا المشروع لتجزأة المنطقة العربية وضعت العقليات الإستراتيجية اليهودية والصهيونية سياسة وآلية أطلقت عليها (سياسة شد الأطراف) أو ما يمكن تسميته تطويق الدول العربية بدول الجوار حتى وإن كان بعضها إسلامي عبر مثلث (إيران – تركيا – أثيوبيا) بحيث ينفذ المشروع اليهودي الشرق أوسطي بوسيلتين رئيسيتين :

أ‌-  الصراع المذهبي والقبلي والعرقي .

ب‌-  حرب المياه .

مضافاً إلى ذلك التدخل العسكري الدولي المباشر لرسم خارطه سياسية وإقتصادية في المنطقة تؤدي إلى قيام إسرائيل الكبرى التي تمتد خارطتها من الفرات إلى النيل شرقاً وغرباً وإلى المملكة العربية السعودية في العمق جنوباً بحيث تتحول إسرائيل إلى قوة إقليمية في الشرق الأوسط تهيمن على كل الموارد الإستراتيجية فيه وتبسط نفوذها السياسي على الدويلات الطائفية والمذهبية والعرقية التي سيُخلّفها المشروع الشرق أوسطي وراءه (حالة الفوضى العربية الخلاقة والمفيدة لإسرائيل).

وقد أنجزت الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين بالتعاون مع إيران المرحلة الأولى من هذا المشروع عبر إسقاط النظام السياسي في العراق وتمزيق خارطته الإجتماعية بما يمهد لقيام ثلاث دويلات في العراق (دويلة سنية في بغداد – ودويلة شيعية في البصرة – ودويلة كردية في الشمال) وبقية المخطط لتجزأة دول الطوق والسعودية سيتم على النحو التالي :

1-  تجزأة سوريا عبر مشروع فيدرالي إلى ثلاثة أقاليم أو دويلات (إقليم سني – إقليم علوي – إقليم درزي) عبر حرب مياه على نهر الفرات بين تركيا وسوريا ، حيث قامت تركيا بتمويل دولي ببناء سد أتاتورك بتكلفة (20) مليار دولار تقريباً بهدف إشعال فتيل الحرب بينهما وتم توقيع إتفاقية أمنية دفاعية بين تركيا وإسرائيل وأمريكا ويبدو أن حزب العدالة في تركيا قد أربك هذا المخطط لكن تظل المؤسسة العسكرية التركية العلمانية الأتاتوركية قوة خطيرة لها صلاحيات دستورية ليست موجودة في أي دستور في العالم ، وهذا يقتضي دعم عربي لحزب العدالة لحفظ التوازن بين الحزب والمؤسسة العسكرية ، ولخطورة حرب المياه هذه وردت أحاديث نبوية صحيحة تحذر منها (لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات ....) صحيح البخاري ومسلم .

2-  تجزأة مصر عبر مشروع فيدرالي إلى ثلاثة أقاليم أو دويلات (دويلة سنية – ودويلة قبطية – ودويلة نوبية) تكون مقدماتها حرب مياه لحجب نهر النيل على مصر بإعتبار أن مصر هي هبة النيل ، وتقوم أثيوبيا حالياً ببناء سدود على منابع النيل لتحقيق هذا الهدف ، وهذا خطر تدركه مصر حالياً حيث هددت بإستخدام سلاحها الجوي إذا تم إستكمال هذه السدود فكان الرد الدولي هو تزويد أثيوبيا بطائرات عسكرية حديثة .

3-  تجزأة السودان عبر مشروع فيدرالي إلى ثلاثة أقاليم أو دويلات (دويلة نوبية مكملة للدويلة النوبية في مصر – دويلة عربية – دويلة أفريقية في جنوب السودان ).

4-  تجزأة السعودية عبر مشروع فيدرالي إلى ثلاثة أقاليم أو دويلات (إقليم في الأحساء – وإقليم في نجد – وإقليم في الحجاز) على أن يتم تدويل الحرم والأماكن المقدسة ، وقد ورد في الحديث الصحيح ما يحذر من هذا الخطر (عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة ... الخ) وتنفيذ هذه التجزأة عبر إيران .

هذه هي الملامح العامة للمشروع الشرق أوسطي لتجزأة المنطقة العربية وكلها ستنفذ عبر مشاريع فيدرالية كالحاصل الآن في العراق، ولذلك نجد سنة العراق يرفضون الدستور الفيدرالي وتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم (إقليم كردي – وإقليم سني – وإقليم شيعي) للمحافظة على وحدة العراق السياسية والوطنية .

وفي هذا السياق نلحظ أن اليمن سلمت من الآثار السلبية للمشروع الشرق أوسطي اليهودي، لكنها مع الأسف لم تسلم من المشروع اليمن أوسطي الهادوي .

ومن هذه الزاوية أنبه القيادات السياسية الوطنية في اليمن على رأسهم الأخ الرئيس إلى أهمية إدراك أن اليمن خارجة عن خارطة المشروع الشرق أوسطي التي تنتهي في السعودية بحسب الخريطة المرفقة، وستعمد بعض القيادات الإمامية لتمرير مشروعها للإيحاء للرئيس عبر عناصر من بطانته بأن مشروعهم للتجزأة هو مشروع دولي أمريكي وأن الحكمة تقتضي الإنحناء للعاصفة، وهذا كلام غير صحيح .

كما أرجو من الإدارة الأمريكية إرسال رسائل طمأنة للقيادة اليمنية بأن اليمن ليست مستهدفة وأن الإدارة الأمريكية مع وحدة اليمن وأمنها وإستقرارها، وطلبي هذا من الإدارة الأمريكية يأتي في سياق المصالح المشتركة بعد أن أثبت بطريقة موضوعية أهمية اليمن الجيوسياسية لأمن الولايات المتحدة .

أما بالنسبة لخطر المشروع الشرق أوسطي على المنطقة العربية فأنبه إلى ما يلي :-

أ‌-  أهمية وضع إستراتيجية سياسية عربية وإسلامية لمواجهة المشروع الشرق أوسطي لأنه زلزال سيعصف بالأنظمة والشعوب والحدود عبر تضامن عربي إسلامي وتنسيق سياسي ولو في حده الأدنى وعبر سوق عربية مشتركة وعبر إتفاقات أمنية دفاعية عربية مشتركة وعبر مبادرة سياسية شاملة تضم الأنظمة والتنظيمات والأمة العربية والإسلامية بمختلف إتجاهاتها في حلف فضول إذا دعينا إليه وجب علينا تلبيته .

ب‌-  أود تنبيه العقليات السياسية الإستراتيجية التي تضع السياسات الدولية في داخل الإدارة الأمريكية إلى خطر المشروع الشرق أوسطي ليس على المصالح العربية فحسب وإنما على المصالح الأمريكية بل على الأمن والإستقرار العالمي باعتبار أن منطقة الشرق الأوسط لا سيما الجزيرة العربية المصدر الرئيسي للثروة النفطية وهي المتحكمة بالممرات المائية التي تسهل حركة التجارة العالمية .

فأقول لهم بلغة المصالح السياسية لا بلغة المبادئ أنتم بحاجة ماسة إلى إعادة النظرة التحليلية للمشروع الشرق أوسطي وتأثيره في المنطقة من زاوية مصالحكم لا سيما بعدما جرى في العراق حيث قمتم بتسليم العراق كلقمة سائغة لإيران ، وإيران لها ثروتها النفطية الذاتية فإذا سيطرت على العراق وثروتها النفطية ازدادت قوة سياسية وعسكرية وإقتصادية ، وإيران لها أجندتها الخاصة وأحلامها الخاصة أهمها قيام إمبراطورية شيعية تسيطر على المنطقة العربية والعالم الإسلامي والآن خطتكم القادمة هي تجزأة السعودية عبر إستخدام الورقة الشيعية السنّية أي عبر إيران فإذا أعطيتم الضوء الأخضر لإيران بالانقضاض على السعودية لتجزأتها فإن إيران ستكون قد سيطرت على أهم منابع النفط في المنطقة وإذا تم تجزأة اليمن عبر التنظيم الشيعي (إتحاد القوى الشعبية) إمتد نفوذ الشيعة إلى باب المندب وبهذه الصورة يصبح من المؤكد أن المشروع الشرق أوسطي لن يؤدي إلى قيام إسرائيل الكبرى بل إلى قيام إمبراطورية شيعية مجوسية كبرى تمتد من إيران إلى العراق إلى السعودية إلى اليمن ... فتسيطر على منابع الثروة النفطية والممرات المائية .

هذه هي أخطر نتائج المشروع الشرق أوسطي ليس على الأمن القومي العربي والإسلامي بل على المصالح الدولية والأمن العالمي .

وعلى هذا الأساس أنبه الإدارة الأمريكية التي إرتكبت حماقة تسليم العراق لإيران أنه سيكون بمثابة الخطوة الجنونية لا الغبية فحسب إذا ما سمحتم بتجزأة السعودية أغنى منطقة بالنفط في العالم وقمتم بتسليمها إلى إيران كالعراق لأن أمن المملكة العربية السعودية لا يرتبط به الأمن القومي العربي والإسلامي فحسب بل الأمن القومي العالمي .

وقد إزددت قلقاً عندما رأيت خارطة المشروع الشرق أوسطي المرفقة بهذا المقال وفيها تجزأة السعودية ، وأقول لكم صحيح أنه من مصلحتكم إستخدام الورقة الشيعية السنية لتنفيذ أهدافكم السياسية لكن ليس من مصلحتكم إستخدام هذه الورقة بطريقة غير متوازنة إلى درجة تحويل إيران إلى إمبراطورية شيعية تهيمن على منابع النفط والممرات المائية بما يؤدي إلى الإضرار بمصالحنا ومصالحكم وعلى هذا الأساس ينبغي أن تدركوا أن تجزأة السعودية عبر الشيعة وتجزأة اليمن عبر التنظيم الشيعي خط أحمر على مصالحكم قبل مصالحنا، وهذا ما دعاني لتنبيهكم لإعادة النظر في المشروع الشرق أوسطي وأنا لا أمارس الحذلقة السياسية عليكم فأنا أعلم أني أخاطب عقليات سياسية إستراتيجية على مستوى عالي من الخبرة ولكن أحدثكم عن مخاطر حقيقية تشعرون بها وربما تغفلون عن تداعيتها الخطيرة بسبب إهتماماتكم السياسية الإستراتيجية المتعلقة بمختلف دول العالم ، وعلى هذا الأساس ينبغي عليكم إعادة النظر في المشروع الشرق أوسطي من زاوية طرح هذا السؤال الكبير داخل الإدارة الأمريكية :

هل الفوضى الخلاقة والمشروع الشرق أوسطي سيؤدي إلى قيام إسرائيل الكبرى؟ أم إلى قيام الدولة الشيعية المجوسية الكبرى كما هي مؤشرات الوضع الحالي؟

وقد يقول قائل أيضاً لماذا هذا التخوف من إيران على أهل السنّة وإيران هي من وقفت في وجه إسرائيل؟ فأقول لاشك أن موقف إيران ضد إسرائيل قد أثار عواطفنا معها ولكن اتضح أن عداء إيران لأهل السنّة لا يقل عن عدائها لإسرائيل بدليل ما فعلته في العراق حيث قامت بعملية إبادة جماعية لأهل السنة ووصل عدد الضحايا إلى أكثر من مليون سنّي في عدة سنوات قليلة ، كما أن إيران أدركت أنها غير قادرة على التأثير على أهل السنّة وتحويلهم إلى شيعة عبر عقائدها المشوهة التي تطعن في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية والتي تكفر طبقة الصحابة وتطعن في نساء النبي (ص) وتفسر الدين تفسيراً عنصرياً مشوهاً ، وبسبب عدم إمكانية الإنتشار الشيعي داخل السنّة عبر هذه العقائد أدرك الإيرانيون أن المدخل لأهل السنّة عبر السياسة وعبر قضيتهم المركزية القضية الفلسطينية فهي التي ستجلب تعاطفاً سياسياً يمهد للتغلغل العقائدي في أوساط السنّة كما أن المشروع الشيعي لتجزأة اليمن يدل دلالة واضحة على مخالفة شيعة اليمن لثابت من ثوابت الدين وهي الوحدة .

...

  بعد أن أوضحت مخاطر المشروع الشرق أوسطي على المنطقة العربية وعلى أمن الجزيرة العربية أود إجراء مقارنة بين هذا المشروع اليهودي لتجزأة المنطقة والمشروع الهادوي وكلاهما يرفعان شعار اللامركزية والفيدرالية لنكتشف أيهما أكثر خبثاً وتمزيقاً .

فالمشروع اليهودي (المشروع الشرق أوسطي) يريد تجزأة المنطقة العربية في مرحلته الأولى (العراق – سوريا – السعودية – مصر - السودان) إلى (15) ولاية مستقلة ودويلة رغم إتساع مساحة هذه الدول .

والمشروع الهادوي الشيعي (المشروع اليمن أوسطي) يريد تجزأة اليمن على صغر مساحتها إلى (855) ولاية مستقلة وإلى (171) جمهورية على حد تعبير القيادي الشيعي زيد بن علي الوزير (إتحاد القوى الشعبية) ولنقرأ خطة تجزأة اليمن من كتاب زيد الوزير (نحو وحدة يمنية لامركزية) ليعترف هو بنفسه على أن مشروعه اللامركزي الفيدرالي هدفه التآمر على الوحدة اليمنية وتجزأة اليمن وإثارة مختلف النعرات الشطرية والطائفية والقبلية حيث يقول في كتابه في ص14 من مقدمة الطبعة الثانية: (وقد حظي الكتاب بترحيب فاق تصوري له حتى يمكن القول بأنني لم أجد اعتراضاً على مطلبه على أن البعض قد أشفق على هذه اللامركزية من جهة التطبيق وقدم حججه في أمرين :

الأول: صغر حجم القطر اليمني وعجزه عن استيعاب هذا النظام المتطور .

الثاني: عدم التأهل اليمني المتخلف لهذا الدور الحضاري المتطور لأنه سابق لأوانه .

  وكلا الرأيين لا يرفضان اللامركزية من حيث المبدأ ولا يعترضان عليها لكنهما يشفقان من عدم القدرة عند تطبيقها ..

  إلى أن يقول في نفس الصفحة: (لكننا بالعكس من ذلك لا نرى ذلك التخوف والإشفاق يحول دون تطبيقها بل إنهما يدعوان إلى الإسراع في العمل من أجلها، إن حجة صغر القطر تنقضها الحقائق التالية: إن اصغر ولاية في أميركا هي «رودايلاند» وهي أول جمهورية أميركية هذه الجمهورية لا تتجاوز مساحتها «1212» ميلاً مربعاً وعدد سكانها «22364» وعلى هذه الرقعة الصغيرة قامت خمسة كانتونات أي خمس محافظات، معنى ذلك أن كل محافظة قامت على مساحة قدرها «242» ميلاً مربعاً فإذا كانت مساحة الجمهورية اليمنية حوالي «207.286» ميلاً مربعاً ثم قسمناها على «1212» ميلاً وهي مساحة جمهورية «رودايلاند» يكون عندنا «171» ولاية مستقلة أي «171» جمهورية مستقلة. في حجم ولاية «رودايلاند» وعلى أساس أن كل ولاية بها خمس محافظات فسيكون عندنا «855» محافظة لا مركزية مستقلة وبالتالي «855» رئيسا منتخباً وأظن أن في ذلك إشباعا لنهم السياسيين وإذا ما قمنا بعملية توزيع على حسب السكان وقسمنا الثلاث عشرة مليون نفس في اليمن على «855» محافظة، يكون الحاصل «15.204» نفساً لكل محافظة، وأظن أن ذلك الحجم مناسب وكافي، وتوجد إمارات في أوروبا مستقلة اقل من هذا العدد ، إن الكم لم يعد ذا أهمية بالنسبة للكيف ..

وهنا قد يستهول من لا يعرف هذا النوع من الحكم هذا العدد الهائل من الحكام، وسوف يضعون أيديهم على قلوبهم خشية إشفاق مما سيلاقون من شقاء وعذاب نتيجة تجاربهم المريرة في التعامل مع فرد واحد فكيف بهم مع مئات الأفراد؟!!. إنهم سوف يجعلون من شقائهم بالفرد الواحد مقياساً للتعاسة وسوف يتصورن بفزع ما سيلاقونه من العذاب على أيدي هؤلاء «855» حاكماً إذا كانوا قد نالوا على يد حاكم فرد واحد ما نالوه من العذاب، ولكن علينا أن لا نستهول هذا الرقم ولا نخاف من تلك النتيجة ففي الولايات المتحدة «83» حكومة محلية مستقلة...الخ )

وبعد إعترافات زيد الوزير القيادي الشيعي في التنظيم الشيعي اليمني (إتحاد القوى الشعبية) (الجناح السياسي) بأنه يريد تقسيم اليمن وتجزأتها إلى (171) جمهورية وإلى (855) ولاية مستقلة ولكل ولاية رئيس منتخب .. نقول إذا قارنا بين هذا المشروع الهادوي الشيعي والمشروع اليهودي الذي يريد تقسيم المنطقة العربية إلى (15) ولاية ودويلة مستقلة سيبرز أمامنا تساؤل كبير (من الأكثر يهودة وخبثاً وتمزيقاً؟) المشروع اليهودي أم المشروع الهادوي ؟ أترك الإجابة للقارئ .

والأغرب من هذا المشروع هو مقدرة قيادات التنظيم الإمامي الشيعي على تمرير هذا المخطط الإنفصالي الخطير على الأحزاب الجمهورية باتجاه هذا المشروع التآمري على الوحدة اليمنية والوحدة الوطنية (الفيدرالية – اللامركزية – القائمة النسبية) وكلها أفكار وردت في كتاب زيد الوزير من خلال إستثارة المشاعر الطائفية لقيادات هذه الأحزاب وإقناعهم بأن هذا المشروع سيؤدي إلى المواطنة المتساوية والشراكة العادلة في السلطة والثروة وإلى بناء الدولة اليمنية الحديثة مع أن هدفهم الحقيقي هو إلغاء سلطة الدولة اليمنية المركزية إلى دويلات وإحياء سلطة العصبيات القبلية المتحاربة المتقاتلة بدليل قول زيد الوزير في الطبعة الأولى لكتابه في ص 39 بقوله : (وجاء البريطانيون وشجعوا الفردية المحلية في شكل المشيخات القائمة ودعموها وتعاملوا معها فظن السذج أنهم أحرار فأخلصوا ولاءهم للمستعمرين وبهذه الطريقة العجيبة تمكن البريطانيون عن طريق إستخدام اللامركزية لتثبيت الفردية المشيخية من جر كل تلك القوى بخطام من حرير زائف ، وهكذا نجد أن اللامركزية البريطانية دعمت وعن عمد فردية المشيخة من أجل صفقة مأساوية دفعت الوحدة اليمنية ثمنها الباهظ )

وقول زيد أيضاً في نفس الكتاب في ص68 : (والملاحظ أن أكثر الدول التي حظيت بحكم موحد بإستثناء الصليحيين هم من خارج اليمن كالأيوبيين والرسوليين والطاهريين والهاشميين في حين ظلت الزعامات اليمنية تتحكم في أجزاء محدودة من اليمن وسط معارك حامية) .

فما أشار إليه زيد في الفقرة السالفة من أن البريطانيين عبر اللامركزية ثبّتوا الفردية المشيخية يدل على أنه يريد باللامركزية إلغاء سلطة الدولة وإحياء سلطة القبيلة من دون دولة وما أشار إليه في الفقرة الثانية من أن (الزعامات اليمنية ظلت تتحكم في أجزاء محدودة وسط معارك حامية) فالمعارك الحامية إشارة إلى الحرب القبلية التي أشعلها الأئمة .

ولست ضد القبيلة فأنا مع القبيلة في وجود الدولة لتحقيق الأمن والإستقرار للقبيلة، ولكنني ضد القبيلة في غياب الدولة المركزية لأن هذا يعني الحرب القبلية الدائمة الذي كان مشهداً تاريخياً لليمن كلما تنفذ الإماميون فيها وهي حرب يجيدون إشعال فتيلها لأن الإماميين عندهم قناعة أنهم لا يستطيعون حكم اليمن إلا بسياسة فرق تسد وضرب القبائل بعضها ببعض على حد تعبير أحد الأئمة (الإمام صلاح الدين) عندما قال :

ولأضربن قبيلة بقبيلة

ولأتركن بيوتهن نياحا

فالسياسة الثابتة للتنظيم الإمامي الشيعي في حكم اليمن ترتكز على هذه المحاور :

1-  إحتكار السلطة السياسية وحرمان اليمنيين من حقوقهم السياسية بدعوى حصر الولاية العامة في البطنين .

2-  التقسيم الطبقي البشع للمجتمع اليمني إلى طبقة السادة وطبقة العبيد ، الطبقة الأولى لهم السلطة والعلم والثروة، واليمنيون لا حقوق سياسية ولا إجتماعية .

3-  سياسة الفقر والجهل والمرض .

4-  تقسيم المجتمع اليمني إلى عصبيات شطرية وطائفية ومذهبية وقبلية .

5-  إذكاء الحروب الأهلية بين هذه العصبيات المختلفة .

فكيف إنطلى هذا الدجل السياسي الإمامي الشيعي على قيادات الأحزاب الجمهورية حتى يصل الأمر بهم للتفريط بالوحدة اليمنية جرياً وراء شعارات برّاقة كاذبة ووعود إمامية شيطانية مخادعة {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }النساء120 {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }الأنعام112

وإلقاء شياطين الإمامة لم يجد مكاناً إلا عند ذوي القلوب المريضة المصابة بالعصبية الطائفية والشطرية وصدق الله العظيم {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}الحج53.

*مسئول التخطيط السياسي سابقاً في التجمع اليمني للإصلاح