الأول بالتاريخ... فوز ترمب يساعد ماسك على تحقيق ثروة تتخطى 400 مليار دولار دعوات دولية لتعزيز الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تصاعد الأزمة قرار بغالبية ساحقة.. الجمعية العامة تدعو لوقف فوري للنار بغزة بوتين يعلن إطلاق تحالف دولي في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع دول مجموعة بريكس إسرائيل تضرب مواقع عسكرية سورية في اللاذقية وطرطوس لليوم الرابع على التوالي من مرسى نيوم إلى حديقة الملك سلمان... مناطق مشجعين خيالية إردوغان يعلن عن اتفاق تاريخي بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات عاجل: المبعوث الأممي إلى اليمن يكشف أمام مجلس الأمن عن أبرز بنود خارطة الطريق اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم امريكي .. البنك المركزي اليمني يعلن البدء بنظام جديد ضمن خطة استراتيجية يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه
لم اكن مقتنعا في يوم من الايام ان الكاتب محمد حسنين هيكل قد دخل مرحلة الخرف في السن الا بعد حلقاته الثلاث الاخيرة في قناة الجزيرة، وفي الحقيقة انني تابعت اكثر حلقات برنامجه السابق (مع هيكل) وتوصلت حينها الى نتيجة ان الرجل في تحليله للاحداث المصرية ينطلق من انتمائه الناصري وخصوصا عندما حلل الوضع السياسي في مصر قبل قيام الثورة المصرية عام 1952ليعطي مبررا كافيا ان هذه الثورة عندما قامت كان من الضروري ان تلغي كافة الاحزاب السياسية وتنهي مرحلة الديمقراطية في بلد كانت فيها المعارضة السياسية ضد الملك والانجليز من اطراف كثيرة قد وصلت إلى مرحلة الانفجار، وما كان للعسكر ان يقوموا بثورتهم لولاء ان الساحة المصرية كانت قد هيئت من قبل المعارضة المصرية لصالح الثورة، بل ان تنظيم الضباط الاحرار انما ولد من رحم هذه المعارضة فهي التي قامت بمساعدة التنظيم وتهيئة الارضية الصالحة لحركته.
وفي تحليله لعلاقة الاخوان المسلمين بالضباط الاحرار وهي كبرى الحركات الاسلامية في الوطن العربي والتي كان سبب قيامها هو انفراط عقد الامة الاسلامية بسقوط الخلافة الاسلامية في تركيا، تعمد هيكل الهروب من النقاط الحساسة في الموضوع وذهب الى بحث نقاط الخلاف بين الجانبين حتى لايوضح الحقائق التي كشفها اللواء أركان حرب جمال حماد كاتب البيان الأول لثورة يوليو/تموز 1952 وأحد كبار قيادات الضباط الأحرار في شهادته على العصر عن دور الاخوان المسلمين في الثورة المصرية والتي كشف فيها بوضوح ان الاخوان المسلمين هم الذين نظموا خلية الضباط الاحرار منذ بدايتها من خلال الصاغ محمود لبيب الذي كان عضو في تنظيم الاخوان وضابط في الجيش المصري وعينه الامام حسن البناء ليكون هو نقطة الاتصال بين الحركة والضباط ، وقال اللواء حماد ان نواة الضباط الاحرار كانوا منظمين الى حركة الاخوان المسلمين وان عبدالناصر ورفاقه تم استقطابهم الى حركة الضباط الاحرار وقد تم اخفاء انتمائها لحركة لاخوان حتى تحافظ على سريتها، وهذه المعلومات الخطيرة اوردها كثير من الكتاب مثل احمد حمروش في كتابه ثورة يوليو وهو كاتب ومؤرخ واحد الضباط الاحرار وغيره، ولكن هيكل هرب تماما عن الموضوع وهو يعلم الكثير من اسرار تلك الثورة وهذا اسميه عدم تجرد، لان هذه الصفة يجب ان تكون اول صفات المؤرخ اي ان لا يقحم ارائه وتوجهاته السياسية او الشخصية حتى لايشوه الموضوع وحتى تظهر الامور على حقيقتها، ومع الاسف ان هيكل شوه الحقائق التي اجمع عليها الكثير ممن عاصروا ثورة يوليو من الكتاب والمثقفين والعسكريين لانه يعلم ان اعترافه بهذه الحقائق سوف يدينه لانه كان جزء من النظام المصري الذي انقلب على الديمقراطية في مصر وكان سببا في عسكرة السياسة العربية واوصلنا الى ما نحن فيه من المصائب.
لقد توسعت في هذه المقدمة لاصل الى سبب لخبطة هيكل وعدم تركيزه في الحلقات الثلاث التي ظهر فيها بقناة الجزيرة، حيث كان ينتقل من موضوع الى موضوع قبل ان ينهي اي معلومة بحيث افقد المشاهد القدرة على التركيز والحصول على معلومة مفيدة، وقد تعمد الهروب من استحقاقات المرحلة القادمة في السياسة المصرية بعد ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011على النظام الفاسد في مصر لانه يعلم تماما ان صناديق الاقتراع سوف تكون نتيجتها نفس نتيجة الانتخابات التونسية وهي بروز التيار الاسلامي في هذه الثورة وهو الامر الذي لايعجب هيكل، ولهذا لم يستطع مقدم البرنامج محمد كريشان ان يصل معه الى رؤية حقيقية للمشهد السياسي المصري بعد الانتخابات حتى ان هيكل قال بكل وضوح انه متشائم من المستقبل وان الرؤية غير واضحة ولمح من طرف خفي الى ان بقاء العسكر افضل من اي وضع قادم ، وهو وان لم يقلها بصراحة ولكن المتابع لحديثه عن الثورة المصرية يصل الى هذه النتيجة لانه لم يعجبه شيء في هذه الثورة وهذه مع احترامي هي العقلية التي سيرت السياسة العربية منذ انطلاق الثورة المصرية في يوليو عام 1952م فالفساد الذي نخر المجتمع المصري والمجتمع العربي بسبب هذه الانظمة لم يكن كافيا لهيكل حتى ينتصر لهذه الثورات.
اما بالنسبة للثورة اليمنية فقد اختصرها بكلمات وهو ان مايحدث في اليمن ليس ثورة بل انتقال من القبيلة الى الدولة المدنية، ويبدو لي ان الرجل لم يواكب اي احداث في الثورة اليمنية فلا يعلم عن اعتصامات الشباب المثقف في كل المحافظات ولا يعلم عن سلمية الثورة التي فرضها الشباب على الجميع واولهم القبائل التي تم منعها من حمل السلاح في الساحات واستجابة هذه القبائل لهذا الشرط بالرغم انه يتنافى مع قيم القبيلة باخذ الثار بسبب كثرة الدماء التي سفكها الرئيس وجيشه من ابناء هذه القبائل، كما انه لا يعلم عن الفعاليات الثقافية والسياسية في ساحات الثوار ولم يشاهد هذه القامات الثقافية الرائعة على الفضائيات العربية وهي من افرازات الثورة اليمنية الجديدة، ومع الاسف ان هيكل قد وجه اهانات لاتغتفر للثورة المصرية واليمنية فهو يعتقد ان شهرته تسمح له ان يقول مايريد قوله وان الناس سوف يوافقونه على ذلك ولايعلم ان هذه الثورات قد حررت الفكر العربي من الزيف والكذب وعبادة الاسماء التي كانت جزء من المشهد السياسي العربي المتعفن والذي جثم على صدورنا وكان هيكل وغيره شهود زور على هذا المشهد ولم نسمع منهم كلمة حق عند سلطان جائر بل ن اللهجة التي كانوا ينتقدون فيها النظام اقرب الى العتب منها الى المعارضة.
ان المثقفين هم مشاعل النور التي تسير بها الامم ، وهم وقود ثورات التغيير عبر التاريخ ، ولكنني لا ابالغ اذا قلت انه لم تنكب امة بمثقفيها مثلما نكبت امتنا، فاغلب هؤلاء المثقفين متغربين لا يؤمنون بثقافة ولاحضارة لامتهم حتى يدافعوا عنها، بل ان اغلبهم يدعوا الى الانسلاخ من هذه الحضارة والتبعية للغرب بكل ما فيه وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه (عن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عمر الصنعاني من اليمن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم.
قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ؟ ويبدو لي ان هيكل فقد ذاكرته ودخل مرحلة الخرف لان عمره الآن في الثمانينات ولا الومه على ذلك ولكني الوم الجزيرة التي تفتح ابوابها لهذه الاسماء التي فقدت مصداقيتها وفقدت انتمائها لهذه الامة .