إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار مؤسسة وطن توزع الملابس الشتوية لمرابطي الجيش والأمن في مأرب هكذا تغلغلت إيران في سوريا ثقافيا واجتماعيا.. تركة تنتظر التصفية إيران تترنح بعد خسارة سوريا ... قراءة نيويورك تايمز للمشهد السياسي والعسكري لطهران إحباط تهريب شحنة أسلحة هائلة وقوات دفاع شبوة تتكتم عن الجهة المصدرة و المستفيدة من تلك الشحنة الحوثيون يجبرون رجال القبائل جنوب اليمن على توقيع وثيقه ترغمهم على قتال أقاربهم والبراءة منهم وتُشرعن لتصفية معارضي المسيرة القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟ أميركا تتسلم مواطنها الذي كان معتقلاً في سجون الأسد بسوريا عاجل : قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع : دخلنا مدننا وليس طهران وما حصل في سوريا هو انتصار على المشروع الإيراني
لعل مقالنا هذا لن ينشر إلا بعد أن نكون قد عرفنا الأسماء المكونة لقوام مؤتمر الحوار الوطني الممثِلين لجميع مكونات المؤتمر، ذلك أن الأربعاء المنصرم قد حُدد كآخر موعد لاستلام قوائم المشاركين من الأطراف المختلفة. ويعرف الجميع بأن القضية الجنوبية تعد القضية المحورية التي ستطرح على طاولة ذلك الحوار، ونتيجة الحوار بخصوصها – بدرجة أساسية - هي من ستقرر مستقبل الدولة اليمنية، والذي لن يخرج عن واحد من ثلاثة سيناريوهات مطروحة، وهو ما سنتناوله في ثنايا المقال:
السيناريو الأول: بقاء دولة الوحدة
يمكننا تسمية هذا السيناريو بصوت العقل، لأن جميع المكونات المتحاورة الجنوبية منها والشمالية تدرك بأن بقاء الدولة اليمنية الموحدة يمثل مصلحة مشتركة لكل اليمنيين من المهرة إلى صعدة، شريطة أن تعترف الأطراف التي أساءت لدولة الوحدة اليمنية بخطئها، وتؤمن بأن الوحدة تعني العدالة والمساواة الكاملة، والمشاركة الوطنية الحقيقية في السلطة والثروة، وليست مجرد أراضٍ وثروات جديدة تضاف لخزائن قوى الفيد والتسلط بجميع انتماءاتها السياسية والمناطقية.
بحيث تسعى تلك الأطراف صادقة لتصحيح جميع الاختلالات التي نتجت عن ذلك المفهوم الأخرق للوحدة، ولا مانع من أجل جبر نفوس وخواطر أبناء الجنوب وإعادة ثقتهم بالوحدة اليمنية التي كانوا من أوائل دعاتها أن نحصر وبنص دستوري انتقالي تولي أهم المناصب المفصلية والعلياء لدولة الوحدة اليمنية خلال العشر السنوات القادمة في أبناء الجنوب اليمني؛ سواء التي تتم عن طريق التعيين أو عن طريق الانتخاب، بحيث تتقدم التيارات المختلفة بمرشحين من أبناء الجنوب، ويكون في مقدمة تلك المناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان.
ويستدعي صوت العقل الذي جعلناه عنواناً لهذا السيناريو من أبناء الجنوب أن يتذكروا تاريخهم النضالي المجيد من أجل تحقيق الوحدة اليمنية، حيث يشهد الجميع بأن الوحدة كانت في المقام الأول مطلباً جنوبياً أكثر منه شمالياً، ونعرف جميعاً بأن الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية لم تنشأ عن رفض للوحدة اليمنية لكنها نشأت اعتراضاً على الممارسات المسيئة إليها؛ خصوصاً من بعد حرب صيف 94م.
فإذا كان بإمكاننا إزالة تلك الممارسات وتصحيح الاختلالات الناتجة عنها، فلماذا نرفض الوحدة ونُحمّلها أوزاراً لم تكن هي سبب فيها؟ ولا نريد للتاريخ أن يسجل بأن العالم من حولنا يسعى للتكتل في كيانات موحدة رغم الاختلافات الدينية والقومية واللغوية والجغرافية بين مكوناتها (الاتحاد الأوروبي مثلاً)، بينما نعمم نحن دعوات الكراهية والبغضاء، ونسعى لتكريس الفرقة والتمزق والشتات، ونحن الذين ننتمي لديانة واحدة وقومية واحدة ونتكلم لغة مشتركة.
السيناريو الثاني: العودة إلى شطرين
إذا كان السيناريو الأول يمثل صوت العقل فإن هذا السيناريو يمثل صوت العاطفة بامتياز (مثله مثل دعوات بقاء الدولة اليمنية المركزية بشكلها الحالي)، حيث نجد أن النخب الجنوبية تتسابق في معظمها على تبنيه رغبة في كسب تأييد عامة أبناء الجنوب، سواء نتج ذلك عن قناعة لدى بعضهم، أو رغبة في ركوب موجة الشارع بحثاً عن الزعامة لدى البعض الآخر، بينما يتجه إليه آخرون رغبة منهم في تجنب مزايدات البعض على مواقفهم رغم عدم قناعتهم به كخيار واقعي.
والغريب في الأمر أن أكثر الأطراف المؤيدة للوحدة في الجنوب ، وعلى الرغم من عدم تأييدها لخيار الانفصال بشكل معلن ، إلا أنها أصبحت لا تجرؤ على تأييد خيار الوحدة بشكل واضح، رغم دفاعها عنها في الغرف المغلقة، وتأتي في مقدمة هذه الأطراف قطاع كبير من أعضاء المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي، وكذلك المنتمين للتنظيم الناصري والتجمع الوحدوي، وصار لافتاً أن أعضاء تجمع الإصلاح في الجنوب هم وحدهم من يجاهرون بالدفاع عن الوحدة، الأمر الذي جعل الوحدة اليمنية تبدو وكأنها قد صارت ماركة مسجلة باسم الإصلاحين وحدهم، وهو أمر نعتقد أنه صار يتطلب تفسير من القوى المشار إليها.
وسبق لنا أن تحدثنا عن المحاذير الإقليمية التي تقف أمام سيناريو الانفصال في دراسة منشورة بعنوان (انفصال الجنوب اليمني من منظور خليجي وعربي)، وقلنا فيها بأن الوصاية الإقليمية والدولية المعلنة على اليمن بموجب المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن تجعلنا نأخذ المحاذير الخارجية بعين الاعتبار ونحن نقرر مصير وحدة الدولة اليمنية، لأننا نعرف جميعاً بأن قرار بقاء دولة الوحدة أو إعادة تشطيرها لن يكون قراراً يمنياً فقط، لكنه سيكون بدرجة أساسية قراراً إقليمياً ودولياً.
ولا يخفي على المحللين بل وأي متابع حصيف أن خيار الفدرالية بإقليمين سيصب في نهاية المطاف لصالح سيناريو التشطير؛ خصوصاً إن جعلناه كخيار مؤقت ينتهي باستفتاء شعبي للجنوبيين بعد فترة انتقالية كما يطالب المنادون بهذا الخيار، ويعرف الجميع أن دعاة الانفصال لن يسمحوا للأوضاع أن تستقر ليأتي التصويت في نهاية الفترة مؤيداً لفك الارتباط.. ولكن بعد تعطيل مسار التنمية والاستثمار في إقليمي الدولة الفدرالية خلال الفترة الانتقالية تحسباً وترقباً لنتائج الاستفتاء.
السيناريو الثالث: التفكك إلى دويلات
نعرف بأن خيار استعادة الدولة الجنوبية يمثل حلماً منتظراً لبعض زعامات الجنوب السابقة أو الناشئة الباحثة عن أدوار قيادية، وهو كذلك يمثل حلماً يراود شباب الجنوب الذين لم يعرفوا ما كانت عليه الأوضاع في الدولة الجنوبية قبل الوحدة، ويعتقدون بأن استعادتهم للدولة الجنوبية هو اليوم الموعود الذي سيحقق لهم كل ما يصبون إليه؛ و ذلك بعد أن زرعت بعض النخب الجنوبية في أذهانهم أن كل مصائبهم ومشاكلهم إنما كانت بسبب الوحدة اليمنية.. ونعلم أنه إن تحقق الانفصال سيدركون عدم صحة ذلك ولكن بعد فوات الأوان.
وربما لا نجافي الحقيقة إن قلنا بأن معظم القوى الدولية والإقليمية لا تعارض انفصال الجنوب كمبدأ بقدر تخوفها من تداعياته، التي قد تؤدي إلى انهيار الدولة اليمنية وتفككها إلى دويلات وكيانات عديدة ومتصارعة، وهو ما تخشاه القوى الإقليمية والدولية للتبعات التي سيسببها ذلك على الدول الخليجية ذات الثروات النفطية الكبيرة، وعلى منطقة القرن الأفريقي المضطربة، وعلى الطرق البحرية المهمة في غرب المحيط الهندي ومضيق باب المندب والبحر الأحمر التي يطل عليها اليمن.
وها هي بوادر الانشقاق قد بدأت في الجنوب متمثلة بالدعوات المطالبة بقيام دولة حضرموت المستقلة عن الشمال والجنوب، بحيث تشمل محافظة حضرموت ومعها محافظة المهرة وقسم من محافظة شبوة.
وإذا تذكرنا الصراعات الدموية التي كانت بين أبناء لحج وأبين في عصر التشطير سنعرف أنها سرعان ما ستستعيد أوارها من جديد بعد الانفصال وخروج حضرموت عن الدولة الجنوبية، وهو ما سيُصعب على الطرفين البقاء في دولة واحدة، ما سيعني قيام دولة في لحج ودولة أخرى في أبين مع القسم المتبقي من شبوة.
أما عدن التي تقع في مكان وسط بين لحج وأبين فسيصعب عليها الانضمام إلى إحدى الدولتين، وغالباً ستفضل – وبدعم بريطاني – تأسيس دولة مستقلة على غرار دولة سنغافورة، وقد بدأت تلك الدعوات تظهر من الآن، ولن يكون بمقدور الآخرين إسكاتها والقضاء عليها حتى إن وصفوا أصحابها بأنهم مجرد شماليين.
وإذا انطلق سيناريو التفكك هذا فهو لن يقتصر على الجنوب لكنه سيمتد إلى الشمال، حيث سيحزم الحوثي أمره لإقامة دولة مذهبية في شمال الشمال؛ أو في صعدة وما جاورها كحد أدنى.
وستقام دولة أخرى فيما تبقى من شمال الشمال.. هذا إن توافقت النخب القبلية لحاشد وبكيل عليها، وإلا فالأمر سيفضي إلى قيام دولتين يهيمن على كل منهما أحد التحالفين القبليين.
أما جنوب الشمال وغربه فسيجدها فرصة للتخلص من نير التمييز التاريخي الذي مورس ضده ليعلن دولة مستقلة تخصه؛ وربما تؤدي الكثافة السكانية في هذه المناطق (تحوي قرابة نصف سكان اليمن) إلى نشوء دولتين فيها: إحداهما في تعز وإب، والأخرى في تهامة وما جاورها من مناطق الجبال.
خلاصة القول
إذا كان السيناريو الأول هو صوت العقل والسيناريو الثاني صوت العاطفة؛ فالسيناريو الثالث هو سيناريو الهلاك باتفاق الجميع، وهو سيناريو يجب أن لا تجعلنا المكابرة نستبعد وصولنا إليه، خصوصاً إن أطلقنا لعواطفنا العنان وقدمنا مصالحنا الآنية والأنانية على مصالح الوطن وروابط المصير التاريخي والجغرافي المشترك، حيث سينقسم الجنوب إلى عدة دويلات تتراوح بين الاثنتين والأربع، وسينقسم الشمال إلى عدة دويلات أخرى تتراوح بين الثلاث والخمس.
والسؤال المطروح: لماذا لا نجعل من تلك الدويلات - التي سيقود ظهورها الوطن اليمني إلى صراع مدمر – أقاليم لدولة يمنية اتحادية؛ نضبط معايير نجاحها من خلال دستور اليمن الجديد الذي سينبثق عن مؤتمر الحوار؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن مساحة اليمن وعدد سكانها يمّكنها من جعل محافظاتها الحالية أيضاً ولايات اتحادية (فدرالية)؛ خصوصاً إذا ما عرفنا أن دول أقل منها مساحة وسكاناً تنقسم إلى عشرات الولايات الاتحادية، ونكتفي بضرب مثالاً على ذلك بدولة سويسرا الفدرالية التي تنقسم إلى (26) إقليماً فدرالياً (كانتونات) رغم أن مساحتها أربعين ألف كيلومتر مربع، وسكانها قرابة ثمانية مليون نسمة.
أخيراً: نحن لا ننجم هنا ولا نقول كلاماً رجماً بالغيب، لكننا نتحدث عن شواهد واضحة تتبدى أمامنا ويدركها كل ذي لُب، وهو ما جعلنا نفكر هنا بصوت مسموع مع جميع أبناء شعبنا اليمني علنا نتوافق على حياة جديدة في مؤتمر الحوار القادم، تتمثل ملامحها بدولة يمنية مدنية ديمقراطية عادلة وموحدة، كما هو الحال في معظم بلاد الدنيا.
ونختتم مقالنا بسؤال نطرحه على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي: ترى هل سيسجل التاريخ عنك بأنك كنت لينكولن اليمن، أسوة بإبراهام لينكولن الذي دافع عن وحدة الدولة الأمريكية دفاعاً مستميتاً بكل السبل الممكنة، وهو ما جعله في نظر شعبه بمثابة المؤسس الثاني للولايات المتحدة؟ أم أن التاريخ سيحدثنا في يوم ما بأنك كنت غورباتشوف اليمن؟ بحيث تصبح آخر رئيس للدولة اليمنية الموحدة، أسوة بميخائيل غورباتشوف الذي اختفت في عهد رئاسته لها دولة كان اسمها الاتحاد السوفيتي وتفتت إلى عدة دول؟ وأحسب أننا لن ننتظر كثيراً لمعرفة إجابة هذا السؤال.. وإنا لمنتظرون.