آخر الاخبار

بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟

ماذا شاهدنا؟ وماذا تعلمنا من الزلزال؟.. الحلقة الثانية
بقلم/ يحي عبد الرقيب الجبيحي
نشر منذ: سنة و 8 أشهر و 28 يوماً
الأحد 05 مارس - آذار 2023 10:29 ص

إن أعظم مصيبة حسب فهمي، هي التي حدثت أثناء وبعد وقوع الزلزال كما قرأتُ ذلك بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي والتي جاءت من البعض ممن ادّعوا أن حدوث (الزلزال) جاء بمثابة (عقوبة) من الله!! لقد كان بعض الضحايا صالحون حسب المشاهد التي رأيناها والتي من ذلك سماعنا لإحدى الناجيات وهي تتساءل مع مَن أخرجها من بين الركام.. (كم يوماً مرت عليَّ دون أن أصلي!) ومشاهدة من يحتضن سجادة الصلاة وغير ذلك من المشاهد.. كما أن بعض الضحايا أطفالاً.. وحتى المساجد لم يسلم بعضها من الزلازل.. ثم لماذا لم يقع الزلزال بمناطق ومدن عربية وغير عربية هي أشد فجوراً وَبُعداً عن جوهر الإسلام؟!!؟. إن من يدعي ما أدعاه.. إنما هو بذلك ومن خلال جوهر ما أدعاه.. يُدمر العقل والمنطق والتفكير الحق.. كونه يتجاهل فهم القرآن وآيات الله.. بقدر جهله وتجاهله للجوانب العلمية الجيولوجية.. كون الزلازل حقيقة علمية معروفة!! والله عز وجل هو الأرحم بعباده.. ولا أحد أرحم منه سبحانه وتعالى!. ولذا.. فإن بعضاً مما تعلمناه من الزلزال.. بكونه كشف عن الصراع بين العلم والجهل، بين الإيمان والضلال، بين حُسن التدبر لآيات الله وفهمها فهماً صحيحاً.. وبين بعض من يفهم على هواه ويتسرع في الحكم!. تعلمنا ولا بد أن نظل نتعلم.. أن الزلزال هو بِمَثَابة يقظة.. لنتدبر مدى قوة الله عز وجل.. بقدر تدبرنا لمدى صغر حجمنا وَضعفنا يستوي بذلك مَن يمتلك القوة الدنيوية والمال وَمن لا يمتلك شيئاً.. وان كل شيء إلى زوال!.. تعلمنا.. كيف يتحول الغنى إلى فقر والصحة إلى ضعف والجمال إلى تشوه.. وتواجد أفراد الأُسرة إلى وحدة! وكل ذلك يحدث أحياناً كلمح البصر؟!!. ثم.. رغم زيارة بعض كبار المسؤولين الغربيين إلى تركيا بعد وقوع الزلزال.. وتقديم بعض الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات نقدية.. إلا أن ذلك لا يرقى إلى مستوى العلاقة التركية – الغربية وتواجدا الجميع في إطار تحالف: (الناتو).. ولذا.. يمكن القول.. أن الزلزال.. كشف النفاق الغربي نحو القيم الإنسانية التي ظل ولا يزال يتشدق بها! بما في ذلك المنظمات والمؤسسات والهيئات الإغاثية والحقوقية والإنسانية الغربية.. بينما أظهر الزلزال تعاطف عربي وإسلامي – رسمي وشعبي تجاه تركيا بالذات! حيث الجسر السعودي والتبرعات الرسمية النقدية وقيام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالقيام ببناء مشاريع سعودية لمتضرري الزلزال بتركيا وسوريا معاً إضافة إلى التبرعات السعودية الشعبية التي تجاوزت الملايين.. وهو ما ينطبق على دولتي قطر والكويت ثم الإمارات.. حتى ليبيا قدمت مساعدات نقدية رغم أنها لا تزال تعاني الأمرّين!!. وهو ما جسده روح العقيدة والأُخوة الإسلامية بحق.. ولذا.. لا غرابة أيضاً أن يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. في كلمة مسجلة له يوم الثلاثاء 14 فبراير الماضي، والموجهة للقمة العالمية للحكومات التي عُقدت بدبي.. حيث قال بالنص: "في تركيا نحنُ دائماً نقول.. أن استقرارنا وأمننا مرتبطان بشكل وثيق باستقرار وأمن منطقة الخليج!".. ولسان الحال يردد قول الشاعر: (( فنحنُ إن بَعُدت دارٌ وإن قرُبت جاران في "الضاد" أو في البيت والحرم)) كم يتمنى أمثالي خلق المزيد من التقارب والتنسيق بين الدول العربية عامة والخليجية خاصة وبين تركيا.. وتوحيد المواقف تجاه بعض أهم القضايا العربية والإسلامية في الهيئات والمنظمات الدولية الفاعلة!. ولأن الشيء بالشيء يذكر.. فإن ما يجب التساؤل فيه هنا! هو.. أين هي إيران (الفارسية) ومساعداتها بعد حدوث (الزلزال) فنحن لا نطلب منها مساعدة السوريين المنكوبين والتي كان لها دور كبير في قتل بعضهم وتهجير البعض الآخر! وإنما مساعدة الشعب التركي الذي تزعم بوجود علاقة سياسية وغيرها مع النظام التركي القائم!! شخصياً لم اقرأ ولم أُشاهد وصول مساعدات إيرانية إلى الأشقاء الأتراك المتضررون من الزلزال! رغم أن أمثالي يعرف جيداً أن النظام الإيراني الفارسي لا يحضر إلا لنشر الخراب والدمار والفتن وممارسة القتل والتهجير وليس للجوانب الإنسانية التي لا علاقة للنظام الإيراني بها منذ نكبة الإيرانيين عام 1979م وحتى اليوم.. ولعل كشف وتعرية المزيد من حقيقة النظام الإيراني خلال وبعد وقوع: (الزلزال) يُعتبر من أهم ما يجب ان نتعلمه من نكبة: (الزلزال) رغم معرفة ذلك مُسبقاً لمعظم العرب والأتراك معاً! تماماً كما تعلمنا المزيد عن فِرق الإنقاذ (الإسرائيلية) التي شاركت.. وعثرت على مخطوطات تركية.. ربما تخص كتاب يهودي مقدس من العهد القديم.. والذي لم يسلم من السرقة! لولا يقظة وزارة الثقافة والسياحة التركية! ولا غرابة بذلك فقدت سرقت أراضي وثروات عربية وغيرها.. فهذا ديدنها منذ نكبة فلسطين ولاتزال.. ولا عزاء (للمطبعين) العَرَب!! إنه على الرغم من حجم كارثة (الزلزال) في الولايات العشر التركية جنوب وشرق البلاد.. وحجم القتلى والجرحى والمعاقين وهدم أكثر من (120) ألف مبنى إضافة إلى آلاف المنازل التي تضررت أجزاء منها فلم تُعد صالحة للسكن، بجانب هدم عشرات الجسور والطرق وغيرها.. وقرابة (80) مليار دولار خسائر مادية وتضرر أكثر من 13 مليون تركي وأكثر من مليونيّ نازح.. وغير ذلك من كارثة مادية ونفسية ومعنوية إلا أن تركيا وشعبها سينهضان وسيتجاوزان هذه المحنة بعون الله! فـ 98 % من المباني التي دمرها زلزال عام 1999م بمدينة (مرمرة) عاد بناؤها كاملة كما أكد ذلك الرئيس التركي نفسه رغم الوضع السياسي غير المستقر حينها.. والذي أكد أيضاً على إعادة إعمار كل ما هدمه الزلزال خلال عام واحد.. ومن يعرف أُردوغان منذ أن كان رئيساً لبلدية: (إسطنبول) مروراً بوعوده أثناء الانتخابات وتحقيق معظمها وما تحقق لتركيا خلال العشرين سنة الماضية من حكمه لا بد أن يصدق ما بات يوعد به اليوم!! ورغم أن كارثة (الزلزال) عمقت الاستقطاب السياسي، حيث قيام المعارضة التي يقودها: (حزب الشعب الجمهوري) باتهام أُردوغان وحكومته بالفشل والتقاعس عن اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الكارثة وغير ذلك من الحملات العديدة مما أثرت سلباً على الجو الديمقراطي، خاصة مع قرب انتخابات 14 مايو القادم.. إلا أن الناخب التركي بات أكثر وعياً من ذي قبل وهو ما قد يعطي أُردوغان فرصة أخيرة في الفوز.. خاصة وأن المعارضة قد لا تكون قادرة على إعادة البناء! هذا إن لم تتأجل الانتخابات.. لأن تركيا بحاجة إلى التفرغ لإعادة الإعمار بدلاً من ضغوط الانتخابات! وحتى ولو حدثت الانتخابات بوقتها وفازت المعارضة، فإن ذلك لن يُقلل من نهوض وتجاوزات الشعب التركي بوجه عام من: (نكبة الزلزال). فرغم بعض التنافس الحزبي والسياسي والذي بات يظهر عَلَناً حالياً.. إلا أن الكل أظهر جوانب إيجابية.. وتضامُن حزبي ورسمي وشعبي من الشعب التركي بمختلف فئاته وبصورة ربما غير مسبوقة تجاه نكبة: (الزلزال) فكل أنظارهم تحولت ولا تزال تتحول حالياً إلى إعادة الإعمار وإغاثة الملهوف والاهتمام بالناجين ممن خسروا بعض أفراد من عوائلهم وخسروا منازلهم! ويكفي أن حملة تبرعات باسم: (تركيا قلب واحد) شارك فيها ممثلون ومشاهير ورجال أعمال وسياسيين وشعبيين وشركات وَغيرها وكلها تركية.. وهي الحملة التي روجت لها عشرات القنوات التليفزيونية والإذاعية والمواقع الإخبارية.. هذه الحملة التي حدثت يوم الخميس 16 فبراير وخلال سبع ساعات فقط جمعت أكثر من (115) مليار.. و146 مليون ليرة تركية – وهو مبلغ يعادل: (6,1) مليار دولار أمريكي. وهناك مطربة هولندية من أصل تركي اسمها: (كارسو) فقدت عشرة من أقاربها في الزلزال.. جمعت تبرعات يوم الأربعاء 15 فبراير بقيمة: (88) مليون يورو.. لصالح منكوبي الزلزال. وشابة فرنسية من أصل تركي ومن مواليد – شرق تركيا – قطعت أكثر من أربعة آلاف كيلو متر بشاحنتها الخاصة وهي محملة بمساعدات جُمعت بواسطة إحدى الجمعيات.. وأوصلتها إلى: (كهرمان ماراش) وبالطبع لا بد أن هناك تبرعات وأعمال خيرية أخرى لم نعرف عنها.. ولعل هذا التضامن يُعد من أهم الدروس التي يجب تعلمها من: (الزلزال) فتركيا وشعبها بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية وغيرها وطالما وأنهم وَجدوا القُدوة في قياداتهم وكبارهم فإنهما سينهضان وسيتجاوزان محنة: (الزلزال) بعون الله. ولذا.. فإن قصر: (يلدزا) الذي بناه السلطان العثماني سليم الثالث عام 1790م وكان مقراً للسلطان عبدالحميد الثاني وحكومته.. والذي رثاه شوقي ببعض تلك الأبيات المحزنة التي تصدرت هذه (الدردشة) بسبب ما آل إليه بعد انتهاء الدولة العثمانية حيث أصبح مقراً للعب القمار.. لكن رجب طيب أُردوغان أعاد تجديده وترميمه وأصبح مقراً لرئاسة الجمهورية التركية في: (إسطنبول). ويمكن القول أيضاً.. لتلك السيدة التركية التي اعتبرت مدينة: (أنطاكيا) الجميلة قد انتهت.. يمكن القول لها بكل ثقة أن: (أنطاكيا) التي ظلت تنبض بالحياة منذ إعمارها قبل الميلاد بأكثر من (300) عام.. لا بد أن تعود كما كانت إن لم تَعُد أفضل وأجمل.. طالما والشعب التركي بمجمله على قلب رجل واحد.. ورغم هدم الزلزال لبعض منازلها ومعالمها التاريخية.. إلا أن ذلك سوف لم ولن يُفقدها تاريخها وَعَرَاقتها المعروفة لدى الخاص !!. حتى مدينة: (كهرمان ماراش) أو: (قهرمان) التركية.. التي قاومت الاحتلال الفرنسي بعد الحرب العالمية الأُولى والتي ظلت تحتفل بالنصر بنفس شهر فبراير من كل عام.. عدى هذا الشهر بسبب كارثة: (الزلزال). لا بد أن تعود إلى مجدها وإلى إحياء احتفالات النصر كما كانت قبلاً!. إن الخشية ليست على حاضر ومُستقبل تركيا بعد كارثة: (الزلزال) رغم حجم النكبة التي مُنيت بها قيادة وحكومة وشعبا.. طالما وأن الكل على قلب واحد ويد واحدة.. وإنما الخشية والقهر والألم على بعض السوريين ممن نكبوا بكارثة (الزلزال) خاصة الشمال الغربي من سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة!. فماذا يمكن القول عن أُولئك الأشقاء السوريين ممن باتوا يعانون من وضع إنساني مُؤلم.. بعد استمرار معاناتهم من حرب مدمرة منذ اثنتي عشرة سنة وتهجير قسري غير معهود!! فها هي عشرات آلاف الأُسر.. بعضها هربت من موت نظام: (بشار) لتواجه الموت من خلال الزلزال! وبعضها باتت تعيش في العراء!!. أكثر من 85 % من شمال سوريا تضررت من الزلزال.. وَمن فقد منهم بعض أحبابهم ومنازلهم من السوريين لم يجدوا أحداً يُعاونهم في مواجهة كارثة: (الزلزال) إلا النذر اليسير! وبدلاً مما كان عشرون ألف منهم يعيشون في (ملاجئ) أصبحوا بعد الزلزال أكثر من خمسة وخمسون ألفاً.. ولأن ريفيّ حلب وإدلب شمال سوريا وهي المناطق التي تعرضت للزلزال أكثر من غيرها ليست خاضعة للنظام السوري، فإن النكرة (بشار) غير مُبالٍ بما حدث لهؤلاء! مع أن الكارثة إنسانية وليس سياسية! فقرابة تسعة مليون سوري تضرروا من الزلزال وباتوا اليوم يواجهون الجوع والبرد – خاصة الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة حيث العدد الأكبر من القتلى والجرحى، والجهات الإغاثية للمنكوبين منهم تواجه تحديات كبيرة.. فإذا كانت المساعدات من داخل تركيا ومن خارجها ظلت ولا تزال تتدفق على تركيا.. فإن المساعدات الإنسانية للشمال السوري تصطدم بتسيسها حتى من قبل بعض وكالات الأُمم المتحدة حسب اتهام مدير الدفاع المدني بشمال سوريا.. بجانب نقص التمويل بوجه عام! فرغم أن الزلزال أصاب مناطق تابعة لنظام (بشار) في حلب وحماه واللاذقية.. وتدفق بعض المساعدات العربية وَغيرها إلا أن الشمال السوري لم يحصل على أكثر من 30 % من تلك المساعدات.. وهكذا.. ففي الوقت الذي ظل بعض السوريين يفقدون حياتهم موتاً بالزلزال أو بالجوع أو بالبرد.. ظل (بشار) متمسك بالسيادة السورية على كل أراضي سوريا ثم يوافق بعد جهد جهيد على فتح معبرين حدوديين من جهة تركيا! رغم أن المناطق التي يسيطر عليها هذا (المسخ) مستباحة من روسيا ومن إيران الفارسية وبرضاه!! ومن غيرهما برضاه ودون رضاه! ولذا.. يمكن التأكيد على أن دخول المساعدات من خلال النظام غير مجدي.. كون النظام كما هو معروف للخاص والعام وطيلة اثنتي عشر عاماً وليس فقط من يوم وقوع الزلزال بمناطق المعارضة ظل ولا يزال يستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح سياسي. ثم وهو الأهم، فإن حجم الألم والمعاناة بشمال سوريا كشف المزيد من مواقف وسياسات النظام السوري العفن، حيث استغل ولا يزال مأساة شعبه في كسر الحصار عليه. وهو ما يؤكد عدم قدرته على تغيير سلوكه وتوجهاته نحو مُواطنيه بالذات! إنه.. لولا العبث الأمريكي والغربي وبعض الأنظمة العربية وخذلانهم للمعارضة السورية، خاصة في الوقت الذي كانت قد أوشكت تنهي النظام العلوي وإلى الأبد.. لما وَجَدَ بعض السوريين أنفسهم يعيشون تحت الأنفاق.. وصولاً إلى معاناتهم من كارثة (الزلزال) الذي جاء من ناحية ليحرك بعض الجُمود تجاه اللاجئين السوريين بالذات بعد أن باتت سوريا، خاصة أمكنة المعارضة شبه منسية منذ بداية الحرب على: (أوكرانيا)! مع أنه تحرك بطيء تجاه المتضررين من الزلزال بسبب السياسات المُعقدة بما يخص فتح معابر حدودية من تركيا إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري واستمرار النظام في المتاجرة بقضاياهم الإنسانية مما أثر كثيراً على تقديم المساعدات الإنسانية لهؤلاء المتضررين كماً وكيفاً!! لقد ظل السوريون اللاجئُون يقتاتون اللقمة وشربة الماء بعد تهجيرهم من نظامهم.. وكلما طلبوا بعض مقومات العيش الممكنة.. وشربة ماء نظيفة.. أمطرت عليهم الدنيا المزيد من المصائب والمحن وصولاً إلى الزلزال المُدمر ولسان حالهم يردد: (( أظمتني الدنيا فلما جِئتُها مُسْتَسْقِياً مطرت عليَّ مَصَائِبا)) وإذا كان عدد ضئيل من السوريين اللاجئين ببعض المناطق التركية قد فضلوا العودة إلى وَطنهم طَوعياً!! رغم بعض المخاطر عليهم.. فإن البعض الآخر منهم وهم الأكثرية.. والذين لا يزالون وسيظلون يتذكرون ظلم وَذُل النظام السوري يفضلون الحياة بخيم بعد كارثة (الزلزال) أيا كانت!! بل يفضلون الموت.. فذلك أفضل لهم من الموت وهم أذلاء في ظل نظام "فاشي" متمسكون وهم بوضع مُؤلم بالصبر وبعيدون عن وطنهم ومنازلهم وعن بعض أقاربهم كما يظلون يتحملون مختلف المحن وأكبرها محنة: (الزلزال) فذلك عندهم أفضل وأجل من البقاء في ظل نظام قمعي وحياة ذل وخوف.. بل وجوع أيضاً فهم يعرفون كغيرهم أن قرابة 90 % من السوريين العائشين في مناطق سيطرة النظام باتوا يعيشون بفقر مدقع إضافة إلى حياة الذل والخوف والخُنُوع!!. ((فالموت أعذر لي والصبر أجمل بي والبر أوســع والدنيــا لمن غَلَبَا)) إن السوريين المتضررين من الزلزال أصبحوا يريدون قبل توفير الخيمة واللقمة.. شعور الآخرين بهم وبإنسانيتهم وكرامتهم وبكونهم بشراً أولاً وأخيراً.. فها هم باتوا يذوقون الأمرّين وتحديداً العائشُون بالمناطق التركية التي لجأوا إليها خوفاً من النظام والتي كان لها نصيب الأسد من كارثة: (الزلزال)!! فلقد تحولوا إلى ملف مساومات بين الأحزاب السياسية التركية خاصة مع اقتراب الانتخابات التركية.. حيث رغبة بعض أحزاب المعارضة إعادتهم إلى وطنهم، وبين استمرار مراعاة الجوانب الإنسانية والتريث بعودتهم دون رغبتهم من قبل حزب: (العدالة والتنمية) الحاكم بالذات!! ولعل هذه الجوانب من أهم دوافع عشرين ألف سوري العودة إلى وَطنهم طوعياً.. رغم المخاطر عليهم كما قدر أشرتُ إلى ذلك آنفاً!! بل لم يسلم السوريون بمناطق الشمال السوري من اتهامات بعض أحزاب المعارضة التركية بقيامهم بأعمال السلب والنهب في المناطق المنكوبة من الزلزال وعبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي!! ورغم عدم صحة تلك الاتهامات واعتذار بعض من اتهمهم علناً.. إلا أن ذلك أثر عليهم نفسياً ومعنوياً.. ليضاف ذلك إلى كارثة: (الزلزال) الذي تسبب عليهم بأضرار بشرية ومادية جسيمة بل وبأضرار نفسية أُخرى.. وليجدوا أنفسهم بين معارضة تركية غير مُقَدِرة لوضعهم الحالي وبين نظام: (بشار) غير الإنساني وغير المبالي، ولا معترف بهم كمواطنين.. وكأني بهم يرددون:- (( وسوى الروم خلف ظهرك رُومٌ فعلـى أي جَـانبيك تَميــلُ؟!)) ولعلهم لم يجدوا الراحة (المؤقتة) مع الأتراك إلا عند مشاركة المتضررين منهم من الزلزال.. حيث تَوحُّد المعاناة في الآلام والأحزان.. وصولاً إلى المشاركة بالخيم أيضاً!! كم هو مؤلم سماع إحدى السوريات.. من إحدى "الفضائيات" بإحدى مناطق ريف اللاذقية وهي تقول: "لا أريد شيء.. لا مساعدة ولا غيرها.. أريد فقط أبقى في خيمة مع ابني!". هكذا وجد السوريون أنفسهم في المناطق المنكوبة من (الزلزال) جائعين تائهين بسبب النقصان الكبير في المواد الأساسية.. خاصة مع استمرار تقييد جهود المساعدات وإيصالها إليهم.. رغم وصول بعضها بشق الأنفس.. إضافة إلى معاناتهم من الصقيع ودون وجود وسائل تدفئة!! مضافاً إلى ذلك كله معاناة بعض مناطقهم من مرض: (الكوليرا).. إنها محنة غير مسبوقة.. ومن الصعوبة بمكان تخيل أمثالي مدى حجم معاناة هؤلاء الأشقاء السوريين بل كيف يتخيل أمثالي لمنزل وقد تحول إلى قبر بعد أن ظل ملاذاً؟!! وإن كنتُ شخصياً لا أخال اليأس يدخل نفوس بعضهم رغم حجم وقوعهم بِمُعَاناة غير معهودة.. ورغم كثرة المصائب والمحن التي ابتلاها الله بهم.. وهذا لعمري من أهم ما يجب أن نتعلمه من الزلزال!! إنني وأنا أروي بعضاً من أوجاع وآلام الأشقاء السوريين دون القدرة على مد يد العون.. فإنني من جهة أكتفي بالتعبير عن بعض مشاعري الأَخوية وأحاسيسي الإنسانية عبر "الكلمة" تجاههم وإن لم أنفرد بهذا!.. ومن جهة أُخرى وهي الأهم.. هو حجم الخوف والخشية على حاضر ومستقبل الأشقاء السوريين خاصة من بعد كارثة: (الزلزال) عند المقارنة بالأشقاء الأتراك الذين هم مُوحَدُون تجاه الكارثة وعلى قلب رجل واحد كما قد أشرت لذلك.. بينما السوريون ظلوا ولا يزالون يُعانون من ظلم ذوي القُربى والبُعدى.. قبل كارثة: (الزلزال) وبعدها!!.. فها هو النظام السوري المُتاجر بقضايا ومعاناة مُوَاطنيه.. بات هو الوحيد المُستفيد من كارثة: (الزلزال) مِصداقاً لقول "المتنبي" (( بِذَا قَضَت الأيام ما بين أهلها مَصَائبُ قَومٍ عن قَومٍ فَوَائدُ)) فبعد زيارة بعض الأنظمة العربية لـ"بشار" وزيارته لبعضها.. وبعد بدأ العد التنازلي لانتهاء الحصار عليه.. ها هو ما يُسمى بـ: (الإتحاد البرلماني العربي) الذي عُقد في بغداد.. يطالب يوم السبت 25 فبراير المنصرم بعودة: (بشار) إلى: (محيطه العربي).. رغم استمرار معاناة الأشقاء السوريين منه.. وعدم قدرة بعضهم من اللاجئين بتركيا وبغيرها العودة إلى وطنهم دون ضمانات ملزمة إضافة إلى عودة (المعارضة) وتنفيذ القرارات العربية والدولية ذات العلاقة بهذا الجانب! ثم وهو الأهم والأخطر.. مطالبة بعض العرب بعودة "بشار" إليهم رغم التواجد العسكري والأمني الإيراني المكثف.. مع تواجد مستشارين عسكريين وأمنيين وسياسيين ومفكرين إيرانيين بمناطق سلطة "بشار" ومدى خطورة هذا التواجد (الفارسي) على الأمن القومي العربي وعلى حاضر ومستقبل العرب عامة والدول الخليجية خاصة، والتي قد تجد نفسها بين فكيّ (كُمّاشة) كما يُقَال !!.. فهل عودة نظام "بشار" بجانب ضمان عودة الأشقاء السوريين بما فيهم المعارضة إلى وطنهم.. إضافة إلى ضمان استعداد "بشار" التخلص من التواجد العسكري والأمني الإيراني او على الأقل تقليصه؟! شخصياً.. استبعد ذلك!! و"على نفسها جنت بَرَاقش"؟!. إن كل ما رأيتُ تسطيره بهذه "الدردشة" بحلقتيها الاثنتين.. والتي أحسب أنني أطنبت دون رغبة مسبقة بذلك وإن كنتُ ربما لم آتِ بجديد.. ولذلك أسميتها "دردشة" إنما أردتُ التأكيد للجميع أن (الزلزال) المُدمر.. لم يُقهر ويُؤلم المناطق المنكوبة بجنوب تركيا وشمال سوريا فقط.. وإنما تعدى القهر والألم إلى معظم النفوس والقلوب الإنسانية.. الشاعرة بذلك.. وفي مختلف الدول والشعوب ما عدى.. نفوس وعقول النظامين السوري والإيراني دون الغرابة بذلك، أقول هذا ولو على مسؤوليتي.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

يحيى عبدالرقيب الجُبيحي

تعز . في 28 فبراير 2023م

توفيق السامعيزيارة التقارب !
توفيق السامعي
مشاهدة المزيد