آخر الاخبار

بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟

علوم الكهانة في ظل سلطة الكهنوت
بقلم/ عادل الاحمدي
نشر منذ: 4 سنوات و 4 أشهر و 9 أيام
الخميس 23 يوليو-تموز 2020 01:02 ص
 

من الجائر القول إن السلطة الإمامية في اليمن طيلة تجسُّدها على أرض الحكم في فترات متباعدة، لم تحفل بأية حياة علمية، لكن الصائب أن حراكاً علمياً كان يحدث في ظل هذه السلطة، ولكنه غالباً ما يكون محصوراً من الناحيتين المنهجية والتوسعية.

والحالة الأولى تتمثل في كون أن ما يتم إثراؤه وخدمته من العلوم يظل في نطاق ضيّق يقتصر على علوم تبجيل "آل البيت"، وإثباتية حقهم في الحكم وأولويتهم في التوقير. مضافاً إلى ذلك بعض الأحاجي والألغاز اللغوية من باب "ما هو الثاني الذي لا ثالث له، والرابع الذي لا خامس له والسادس الذي لا..".

أما من ناحية الانتشار فإن التعليم النظامي يكاد يكون محصوراً في الأسر العلوية والفائض منه ينقل إلى رجال الطبقة الثانية في سُلّم المجتمع وهي طبقة القضاة التي تم السماح لها بالتزود العلمي بهدف جعلها المسوغ العلمي –يمنياً– لطروحات آل البيت ولاعب الاحتياط لسد العجز الإداري المتوقع حدوثه جراء التخلص من المنافسين على السلطة من الآل أو القرابة.

ويقال بأن الفضل في تثقيف طبقة القضاة يعود للأتراك وليس للإمامة، حتى لا ينحصر حق التعلم في سلالة بعينها.

وعطفاً على ماسبق، تجدر الإشارة إلى أن مبدأ (الأفضلية) أو المفاضلة العلمية المعول عليه في ترجيح أحقية الإمامة بين الداعين إليها من الأسر الهادوية، هذا المبدأ ذاته جعل الحراك العلمي الحادث في الدائرة الهادوية مُقَوْلباً في أشكال التعجيز والإبهار والإدهاش والمباهاة الكمّيّة في الحفظ بغير ضابط منهجي يترجَّحُ من خلاله مبدأ المفهومية.

مثال ذلك ما كان يقوم به الإمام أحمد أيام كان ولياً للعهد، حيث يعلم بانعقاد مجلس علم عند أبيه فيقوم بحفظ مجموعة من المسائل والأحكام المنظومة، ثم يدخل على القوم، فيبدأ بالتعجيز في مسألة تلو أخرى، وينتهي إلى الإجابة، فيبدو بذلك وكأنه أعلم القوم!

أما على الناحية الأدبية، فعادة ما تزدهر في ظل العقلية الإمامية أشعار التضمين والتثليث والتخميس والمعارضات، مضافاً إليها الأرجوزات التي تصف كرامات الإمام وتؤرخ لانتصاراته وتسفّه أعداءه، كما يتم سرقة إبداعات القبائل وتحويرها لتجسيم حالة النرجسية لدى البيت الرسي.

ذات الشيء ينطبق على الناحية النثرية حيث الإيغال في المحسنات البديعية والنسج الفسيفسائي الذي لا يكاد يخلو من التقعُّر، وتتم المفاضلة بين نص وآخر على قدر الازدحام الحاصل في هذه المحسّنات.

أما فيما يتعلق بمضمون النصوص فهو لا يختلف عن المضمون الشعري المادح والممجّد للإمام ولنصرة الإمام "وكرامات مولانا وخوارقه، ثُرَيّا السلالة العلوية، ونجم آل الرسول، واسطة عقد آل البيت، شمس الأيام، رفيع المقام، جم الإهاب، حميد الجناب، فريد عصره، ووحيد دهره، الراضع لِبان العلوم من أعلامها، والمستقي عيون الفنون من أكمامها، الغضنفر المغوار، والبحر الزخار، ليس على فضله زيادة، ولا لأعدائه سيادة، حامي بيضة الدين، وحارس خيمة المسلمين، العلم المنيف، والشهم الشريف، قبح الله من قلاه، وأنكل ذرية من عصاه، وأقمأ خلقه، وأمحل رزقه، ولينصر الله مولانا الإمام، المؤيد من سيد الأنام، زاد الله من إلهامه، وأسبغ عليه من إنعامه، فهو الطود المجتبى، والحوض المرتجى، وطاعته سفينة الفوز والنجا..."... إلخ.

يقول الزبيري:
يتشدقون فتسخر الفصحى بهم
ويحررون فتضحكُ الأقلامُ

ومن الواجب التأكيد على أن هذا النمط من الكتابة المعتمِد على فن المقامة كان شائعاً إبان عصور الانحطاط في اليمن وغير اليمن. لكن ما يميزه في كنف السلطة الإمامية أنه لم يكن وسيلة عامة لتدوين مختلف العلوم الإنسانية والطبيعية، وإنما كان هو العلم، كلَّه بكلِّه، إذ لم يكن ثمة طبٌّ ولا منطق ولا كيمياء ولا رياضيات. وكان يستعاض عن الأخيرة بحساب "الجُّمَّل" الجامع ما بين الحساب والتنجيم، وكان اليهود يستعملونه، ولا يزالون.

وفيما يخص حركة التأليف فلم يصلنا منها سوى الأرقام العجائبية، حيث لم يعد من المستغرب الآن أن تسمع من أحد متعصبي تلك العهود يقول إن الإمام العلامة الفهامة فلان "لديه 1073 مؤلفاً" ما بين كتاب وتحقيق ورسالة، لم يصلنا منها حتى ثلاثة كتب!

كذلك يزدهر في ظل الدولة الإمامية تلخيص التلخيص، وتهذيب التهذيب، وغير ذلك مما لا طائل منه.

أما الأهم من كل ذلك، فهو أن نظام السلالة العنصري، مثّل حرباً على كل العلوم التي أنتجتها عقول اليمنيين على مر الحقب، شنوا حربا ضروسا على العلماء والمفكرين، وأحرقوا الكتب والمكتبات، وأخفوا جانبا كبيرا منها كما حدث لمؤلفات أبي الحسن محمد الهمداني ونشوان بن سعيد الحميري، والمظفر الرسولي، وعلماء وعالمات فرقة المطرفية، وغيرهم الكثير.

والحق يقال إن جُلّ ما وصل إلينا من أثر علمي معتبرٍ خلال الدويلات الإمامية هو مصنفات ابن الوزير وابن الأمير والشوكاني والمقبلي والجلال وزبارة.. وهي روائع ذاع صيتها في كافة الأقطار الإسلامية. والمؤسف، أن جميعهم حوربوا في عصورهم من قبل تيار الكهانة، ذلك لأنهم لم يجاروه في رؤاه السياسية العنصرية، وإن كانوا جاروه في بعض الاصطلاحات التبجيلية.

ولذا نجد اليوم كهنة العصابة الحوثية، يسفهون تلك المآثر ويقللون من شأنها، ويتهمون أصحابها بأنهم كانوا نسقاً من أنساق الوهابية!


https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2168743943250902&id=234264290032220